فندق شپرد، كان واحداً من أكبر فنادق القاهرة ومن أشهر فنادق العالم في منتصف القرن التاسع عشر حتى احتراقه عام 1952 أثناء حريق القاهرة. بعد خمس سنوات من تدمير الفندق الأصلي، تم بناء فندقاً جديداً وسمي فندق شپرد

فندق شپرد في العشرينيات.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القصر القديم

 
بحيرة الأزبكية، الموقع الذي بني عليه فندق شپرد القديم.

تبدأ القصة من الأزبكية التي كان يغمرها فيضان النيل فتتكون بركة يستخدمها السكان في التنزه والسقي. وكانت المنطقة المحيطة بها سكنى للأثرياء وعلية القوم ومن بينهم مراد الألفي بك. كان الألفي بك أحد أمراء المماليك وكان يسعى كعادة المماليك في ذلك الوقت، إلى جمع أكبر قدر من الأموال والأراضي وبناء القصور. وبالفعل نجح الألفي بك في مراده وبنى العديد من القصور ومن أشهرها قصر الأزبكية. كان قصر الأزبكية من أفخم القصور في ذلك الوقت وكان مقصد للأثرياء. تميز بمعماره الفريد وعمدانه الرخامية الواردة من خارج مصر. يقول عبدالرحمن الجبرتى : "جلبه بعض التجار إلى مصر في سنة تسع وثمانين مائة وألف فاشتراه أحمد جاويش المعروف بالمجنون فأقام في بيته أياما فلم تعجبه أوضاعه لكونه كان مماجنا سفيها ممازحا فطلب منه ان يبيع نفسه فباعه لسليم اگاالغزاوي المعروف بتمرلنك فأقام عنده شهورا ثم اهداه الى مراد بك فاعطاه نظيره ألف اردب من الغلال فلذلك سمي الألفي وكان جميل الصورة فاحبه مراد بك وجعله جوخداره ثم اعتقه وجعله كاشفا الشرقية وكان له داران الأزبكية إحدهما كانت لرضوان بك بلغيا والأخرى للسيد أحمد بن عبد السلام فبدا له في سنة اثنتي عشرة ومائتين والف أن ينشئ دارا عظيمة خلاف ذلك الأزبكية فشترى قصر إبن السيد سعودي الذي بخطة الساكن فيما بينه وبين قنطرة الدكة من أحمدأگا شويكار وهدمه واوقف في شيادته على العمارة كتخدا ذا الفقار ارسله قبل مجيئه من ناحية الشرقية ورسم له صورة وضعه في كاغد كبير فأقام جدرانه وحيطانه وبدأ الشغل ف القصر فعلا لكن الألفى حضر هو في أثناء ذلك فوجده قد اخطأ الرسم فإغتاظ وهدم غالب ذلك وهندسه على مقتضى عقله واجتهد في بنائه وأوقف أربعة من كبار أمرائه على تلك العمارة كل أمير في جهة من جهاته الأربع يحثون الصناع ومعهم أكثر اتباعهم ومماليكهم وعملوا عدة قمن لحرق الأحجار وعمل النورة وكذلك ركب طواحين الجبس لطحنه وكل ذلك بجانب العمارة وقطعوا الأحجار الكبار ونقلوها في المراكب من طرا الى جنب العمارة الأزبكية ثم نشروها بالمناشير وألواحا كبارا لتبليط الأرض وعمل الدرج والفسحات وأحضروا لها الأخشاب المتنوعة من بولاق و إسكندرية و رشيد و دمياط وأشترى بيت حسن كتخدا الشعراوي المطل على بركة الرطلي من عتقائه وهدمه ونقل أخشابه وأنقاضه إلى العمارة وكذلك نقلوا إليه أنواع الرخام والأعمدة ولم يزل الإجتهاد في العمل تم على المنوال الذي أراده ولم يجعل له خرجات ولا حرمدانات بارزة عن أصل البناء ولا رواشن بل جعل ساذجا حرصا على المتانة وطول البقاء ثم ركبوا على فرجاتة المطلة على البركة والبستان والرجبة والشبابيك الخرط المصنعة وركبوا عليها شرائح الزجاج ووضع به النجف والاشياء والتحف العظيمة التي أهداها إليه الإفرنج وعملوا بقاعة الجلوس السفلى فسقية عظيمة بسلسبيل من الرخام قطعة واحدة ونوفرة كبيرة حولها نوفرات من الصفر يخرج الماء من أفواهما وجعل بها حمامين علويا وسفليا وبنوا بدائر حوشه عدة كبيرة من الطباق السكني للمماليك وجعله دوارا واحدا لما تم البناء والبياض والدهان فرشه بأنواع الفرش والوسائد والمساند والستائر المقصبات وجعل خلفه بستانا عظيما وانشأ به جملونا مستطيلا متسعا به دكك وأعمدة وهو من الجهة البحرية ينتهي أخره إلى الدور المتصلة بقنطرة الدكة وأهدى إليه أيضا الإفرنج فسقية رخام في غاية العظم فيها صورة أسماك مصورة ونجز البناء والعمل وسكن بها هو وعياله وحريمه في أخر شهر شعبان من سنة اثنتي عشرة وأستهل شهر رمضان فأوقدوا فيها الوقدات والأحمال الممتلئة بالقناديل بدائرة الحوش والرحبة الخارجة وكذلك بقاعةالجلوس أحمال النجف والشموع والصحب والفنيارات الزجاج وهنته الشعراء ونظم مولانا الأستاذ الفاضل الشيخ حسن العطار تاريخا لقاعة الجلوس فى بيتين نقشوهما بالازميرعلى أسكفة باب القاعة وموهوهما بالذهب وهما : شموس التهانى قد أضات بقاعة محاسنها للعين تزداد بالألفِ على بابها قال السرور مؤرخا سماء سعاداتى تُجدد بالألفى وأزدحمت خيول الأمراء ببابه فأقام على ذلك إلى منتصف شهر رمضان وبداله السفر إلى الشرقية فأبطلوا الوقدة واطفؤا السرج والشموع فكان ذلك فألا فكانت مدة سكناه به ستة عشر يوما بلياليها "

يقول الجبرتى فى نهاية وصف قصر الألفى بك بالازبكية : "وانماأطنبنا في ذكر ذلك ليعتبر أولو الألباب ولايجتهد العاقل في تعمير الخراب"

أما عن شخصية محمد بك الألفي فيقول الجبرتي: "ترزن عقله وانهضمت نفسه وتعلق قلبه بمطالعة الكتب، والنظر في العلوم، والفلكيات، والهندسيات، وأشكال الرمال، والأحكام النجومية، والتقاويم، ومنازل القمر، ويسأل عمن له إلمام بذلك؛ ليستفيد منه، واقتنى كتبًا في أنواع العلوم والتواريخ، واعتكف بداره ورغب في الانفراد بنفسه، وترك الحالة التي كان عليها قبل ذلك "

بعض المؤرخين يرسم صورة شديدة الدرامية للحظة وفاة محمد بك الألفى يقولون فيها إنه وقف على ربوة ونظر إلى القاهرة وأخذ يناجيها قائلاً:

" ويلك أيتها القاهرة انظرى إلى أولادك وهم حولك ممزقون كل ممزق. انظرى فقد استوطنك أجلاف الترك واليهود وأراذل الأرنؤوط وصاروا يقبضون خراجك ويحاربون أولادك ويقاتلون أبطالك ويقاومون فرسانك ويهدمون دورك ويسكنون قصورك "

ولم يزل يردد هذا الكلام وأمثاله حتى تحرك به خلط دموى وتقيأ فى الحال دماً ونادى بأعلى صوته قائلا : "أواه قد قضى الأمر وخلصت مصر لمحمد على وما ثَم مَن ينازعه ويغالبه عليها " . ثم ماتَ محمد بك الألفي على هذه الحالة وعمره 55 عامًا فى 28 يناير عام 1807 .

في يوم 27 فبراير عام 1797 إنتهى إنشاء أفخم قصورالأزبكية، وأكثرها بهاءً وجمالاً من بين عشرات القصور التى أحاطت بالبركة والتى نُسبت إلى أمراء وبكوات المماليك فى منطقة الأزبكية وضواحيها حينذك ،قصر الأزبكية الذى أنشأه "محمد بك الألفي " كبير المماليك وجعله تحفة معمارية مشيدة على طراز(القسطنطينيّة ) على الجهة الغربية من بركة الأزبكية

احتفلَ الألفي بسكن هذا القصر، فى فبراير عام 1798، ومكثَ فيه 16 يومًا فقط وسافرَ إلى الشرقية لعدة شهور لمُتابعة أعماله، وفي هذه الفترة دخلَ الفرنسيون القاهرة في الأول من شهر يوليو عام 1798، فاحتلوا القصر وإتخذُه بونابرت سكنًا له ومقرًا لقيادة الحملة الفرنسية القاهرة.

استمر قصر محمد بك الألفى مقرًا لقيادة الحملة الفرنسية الى ان تسلق سليمان الحلبي أسواره ليقتل الجنرال كليبر قائد الحملة الذى تولى قيادتها خلفا لنابليون بونابرت فى 14 يونيو عام 1800 وبعد خروج الحملة عاد الالفى بك إلى قصره الى ان مات فى 28 يناير عام 1807 ثم آل القصر إلى "شاهين بك الألفي " أحد أكبر أمراء المماليك فى عام 1808 إلى عام 1811 وكان سكنه فيه متقطعاً حتى قُتِل في مذبحة القلعة فى مارس عام 1811 ثم أتخذه محمد على باشا ولى النعم مخزنا للسلاح منذ ذلك التاريخ حتى عام 1822 ثم أصبح معهداً دينيا فترة وجيزة

انتقلت ملكية القصر فى عام 1822 إلىمحمد بك الدفتردار صهر محمد على وأحد ثقاة الباشا والذى هدمه وشيده على الطراز العثمانى واقام فيه مع زوجتهنظلى هانم الأبنة الكبرى للباشا الكبير ولكنه توفي في نفس العام حتى جاء عام 1835 وأمر محمد على بتخصيص جزء من السراى لتكون أول مخزنا ومتحفا للآثار الفرعونية تحت أشراف رفاعةالطهطاوى ،.ليصبح القصر بعد ذلك مقراً لمدرسة الألسن في عام 1837 وتحول الجزء المتبقى ليكون ديوانا عاما للمدارس

كان موقع مدرسة الألسن عند انشائها سراىمحمد بك الدفتر دار أى قصر محمد بك الألفى بحى الازبكية فى مكان فندق "شبرد" القديم ثم نقلت فى أوائل عصر الوالى "عباس الأول " إلى الناصرية، وقد عادت مدرسة الألسن إلى الحياة فى صورة أخرى حين عين رفاعة الطهطاوى ناظرا ثانيا وكيلا للمدرسة الحربية "بالحوض المرصود" فى حى السيدة زينب بالقاهرة، ثم رئيسا لها بعد أن انتقلت إلى القلعة، ثم مبنى متواصعا بشارع رمسيس مقابل مستشفى الدمرداش شغلته بعدها "مدرسة المعلمات"، ثم شغلت الكلية "فيلا" قليلة الحجرات بجاردن سيتى، ثم "فيلا" طلعت حرب بشارع هارون بالدقى ، ثم مبنى مدرسة المعلمات بشارع مدرسة ولى العهد بجوار مسجد القبة الفداوية بالعباسية، ثم مقر معهد المعلمين الخاص بشارع الأصبغ بحى الزيتون ، وفي 20 ديسمبر 1973 صدر القرار الجمهوري رقم 1952 بضم مدرسة الألسن العليا إلي جامعة عين شمس

جدير بالذكر ان بعد وفاة محمد بك الدقتردار ورثت القصر أرملته نظلي هانم ثم آل إلى أختها الصغرى الأميرة زينب هانم افندى زوجة كامل باشا فى عام 1845 والتى تزوجت بدورها بالقصر فى 18 ديسمبر من نفس العام 1845 " و التى انتقلت بصحبة اختها الكبرى الأميرة نظلى هانم أفنديإلى الآستانة فى 1852 فأكرمت الدولة العثمانية مثوى الجميع، وتقلب كامل باشا في مناصب الدولة حتى صار صدرًا أعظم في فترة حكم السلطان عبد العزيز ،إلى أن " توفيت زينب هانم افندى " فى الاستانة فى عام 1885 " فآل القصر إلىالأمير حليم شقيق الأميرةزينب هانم أفندى عن حفل زفاف الأميرة زينب هانم أفندى فى سراى الألفى بالأزبكية جاء فى كتاب "المرأة الإنجليزية في مصر" بقلم صوفيا بول (1804 - 1891 ) فى وصف حفلة زفاف الأميرة زينب هانم أفندى حيث كانت صوفيا أحدى المدعوات : "فى احتفالات مهيبة استمرت ثمانية أيام متصلة حيث كانت الفصائل العسكرية تملئ البلاد والحراسة أكثر تشددًا في الطريق ما بين قصر القلعة وقصر الأزبكية الذي ستتزوج به الأميرة في اليوم الثامن من مراسم العرس.

موسيقى الجيش انبعثت من كل أرجاء المحروسة، تخترق الحواري والدروب والممرات، سارت مواكب الآلاتية في الشوارع مصدرة ضجيج ضخم، وعُلقت الثريات بطول الطريق الصاعد لقلعة الجبل التي جلست بها العروس، زينب هانم التي ستزف إلى كمال باشا سكرتير محمد عليّ الخاص، تجلس على وسائدة مرتفعة من الساتان ذو اللون الوردي المطرز بخيوط الذهب وهي مثقلة بكم من الجواهر والمصوغات حتى أنها عندما قامت ساعدها على المشي 4 جواري، تقف بجانبها أختها الأكبر نظلة هانم وهي تنثر على الحضور العملات الفضية والذهبية مع الملح والشعير جلبًا للخير ودرءًا لعين الحسود أما ملابس العروس ، فحيكت من الكشمير المخاط بالذهب والمطعم باللؤلؤ وعصبوا رأسها بما يشبه غطاء للرأس امتلئ بالماسات

سارت في الطريق الي القلعة وقد زينت بعدد لا حصر له من الزينات الزجاجية الجديدة المعلقة في فروع الاشجار وكأنها فاكهة. حتي اذا صعدت التل ووصلت الي مدخل القصر: وجدت سائر الحريم الذي لا يتخطاه اي رجل سوي سيد القلعة. واستقبلها جيش من الاغوات والجواري السود، فلما دلفت وجدت سربا من الجواري البيض صحبنها الي الصالون العلوي الكبيرحيث كانت العروس جالسة فوق مجموعة من الوسائد المطرزة بالذهب. وبجوارها اخوها الامير محمد علي اصغر اولاد الباشا وهي في سن الثانية عشرة، وعن يسارها وقفت اختها الأميرة 'نظلة' زوجة محمد بك الدفتردار، واكبر بنات الوالي، وهي تبذر وابلا من العملات الذهبية والفضية المخلوطة بحبات الملح والشعير لدرء عين الحسود. وتزاحم النسوة لالتقاط العملات الذهبية , وبعدها غادرت العروس الصالون مثقلة بما ترتديه من ذهب ومجوهرات. وصاحبتها الجواري بالدفوف وصيحات الزغاريد.

خلال اليوم الثامن من الاحتفالات استعدت الأميرة لتترك كنف والدها الوالي لمعية زوجها، حضر محمد عليّ باشا ليسلم على ابنته التي سارت لمقابلته تسير خلفها ثلاثون جارية لتدخل على والدها دقائق قليلة وبعدها الموكب الذي يقلها لدارها الجديدة وهو ما كان يبدأ بفرقة الباشا العسكرية في المقدمة، يتبعها فوج من حاملي الرماح وفرقة مشاة تحمل الحلوى في الصواني، ثم عربات به جهاز العروس وحليها الفخمة. أضيء الطريق من القلعة إلى الأزبكية وصدرت الأوامر لثلاثمائة من الطهاة بإعداد أجود أصناف الطعام للفقراء، كذلك حاولوا رجال القصر الترفيهية عن الضيوف الغربيين بعروض مسرحية كانت تقام كل ليلة بالقلعة الى اخر ماجاء فى كتاب "المرأة الإنجليزية في مصر" فى وصف عرس زينب هانم بقصر الالفى بك بحى الأزبكية فى عام 1845وبعد فترة قصيرة من بناؤه وصلت الحملة الفرنسية ودخل الفرنسيون القاهرة ووقع اختيارهم على قصر الألفي ليكون مقراً للقيادة العسكرية.[1]

وبعد أن استقر المقام بالفرنسيين داخل قصر الألفي ظهر شاباً سورياً يسمى سليمان الحلبي وقتل الجنرال كليبر عام 1800. في العام التالي رحلت الحملة الفرنسية عن مصر وبقى قصر الألفي خاوياً بعد ثلاث سنوات من احتلال الفرنسيين.

اشتد الصراع بين المماليك والعثمانيين والإنجليز وكان كل منهم يريد السيطرة على أكبر جزء من مصر، ومن ضمنها قصر الألفي.

أما الألفي، صاحب القصر الأصلي، فقد دخل في صراع مع العثمانيين ومن بعدهم محمد علي باشا إلى أن مات الألفي شريداً بعيداً عن قصره المنيف.

 
قصر الألفي عام 1858.

بعد رحيل الفرنسيين وتولي محمد علي باشا حكم مصر تحول قصر الألفي لمخزن سلاح، وتم ردم بركة الأزبكية وانشاء حديقة مكانها. قامت زينب ابنة محمد علي بتحويل قصر الألفي إلى معهد ديني.


فندق شپرد التاريخي

بعد ذلك شهدت منطقة الأزبكية تطوراً تلو الآخر إلى أن جاء الإنگليزي صمويل شپرد الذي رأى في مصر فرصة لجمع الثروة والمكاسب وتحقيق حلمه في بناء فندق ضخم.

عام 1841 اشترى شپرد القصر والأرض المبني عليها بالشراكة مع إنگليزي آخر يسمى هيل. جاء هذا في سياق سياسات محمد علي والتي كانت تهدف إلى استقطاب الأجنب لمصر. بعد خمس سنوات، بدأ الفندق المتواضع في النمو واكتسب شهرة كبيرة في مصر وخارجها.


وبعد زيادة أعداد الأجانب في مصر، أصبح شپرد هو الفندق المفضل لديهم بإدارته الأوروبية التي تختلف كثيراً عن ادارة الشرقيين لخدمة المسافرين. في ذلك الوقت، كانت مصر لا تحتوي على فنادق، وكان المسافرين والرحالة يأتون إلى مصر ويستأجرون وكالة يستخدمونها للمبيت أو يستأجرون بيتاً كاملاً. وفر شپرد المقام الذي اعتاده الأوروبين في الغرب فضلاً عن موقعه في قلب القاهرة. في عام 1857 كتبت عنه مجلة أخبار لندن المصورة الشهيرة قائلة: "ربما لا يمكن لك بأي فندق في العالم أن ترى هذا الخليط من البشر ذوى المكانة المرموقة من مختلف دول العالم كما يرى المرء بشكل يومي لو جلس على منضدة في الصالون الرئيسي بفندق شپرد".

وبعد تولي الخديوي سعيد الحكم، يقال أن فندق شپرد تعرض للحريق، وأنه هدم وأعيد بناءه للتوسعة. لكن من المؤكد أنه في عهد الخديوي إسماعيل أن فندق شپرد أصبح له شأناً آخر.

غير إسماعيل من تخطيط ومعالك ميدان الأزبكية، وأنشأ حديقة الأزبكية الرغداء، كما بنى داراً للأوبرا، وبالطبع نال الحظ فندق شپرد الذي تم تجديده وتجهيزه ليكون في استقبال ضيوف الخديوي في حفل افتتاح قناة السويس.

عام 1888 التحق بالفندق محاسب يسمى بهلر، والذي حاز على إعجاب وتشجيع صمويل شپرد وزوجته، فترقى في المناصب بشكل سريع. وبعد فترة حصل على ثروة في اليانصيب وشارك صمويل شپرد في ملكية الفندق. أقام بهلر العديد من التوسعات في الفندق وقام بشراء العديد من المباني في منطقة وسط القاهرة ويقال أنه كان يملك العمارات الواقعة بين شارع قصر النيل وطلعت حرب في الوقت الحالي، وسمي على اسمه "ممر بهلر" الشهير في وسط البلد.

وبعد فترة أصبح الفندق ملكاً لبهلر بالكامل، وأصبحت علامة شپرد التجارية من العلامات الشهيرة في العالم.

وعلى مدار أعوام عديدة حرصت إدارة الفندق على ان يحتوي الكتاب الذهبي الخاص بالفندق على توقيعات العديد من الضيوف والمشاهير والشخصيات العالمية مثل الملك فيصل ملك العراق الراحل، وأغاخان، ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق السير وينستون شرشل، والرئيس الأمريكي الأسبق تيودور روزڤلت.

لم يقتصر نزلاء الفندق على الشخصيات العالمية ولكنه صار أيضا المكان المفضل للطبقة الأرستقراطية في مصر في مطلع القرن العشرين، وكان تراس الفندق بمثابة الملتقى المفضل لدى كبار العائلات لاحتساء الشاي في فترة بعد الظهيرة، وكان الملك فؤاد الأول ومن بعده ابنه الملك فاروق والزعيمان الوفديان سعد زغلول، وخليفته مصطفى النحاس من بين زوار الفندق الراغبين في الاستمتاع بالجلوس فيه. وظل موقع فندق شپرد يحتل مركز الصدارة في الكثير من الأحداث والمناسبات التي وقعت في القرن الماضي ومن بينها انه اتخذ كأحد مراكز قيادة الحلفاء في الحربين العالميتين الأولى 1914-1918، والثانية 1939-1945. كما استضافت غرفه الوفود العربية التي حضرت الى مصر لإعلان إنشاء جامعة الدول العربية عام 1946.

حريق القاهرة

 
فندق شبرد بعد حريق القاهرة 27 يناير 1952.
 
فندق شبرد بعد حريق القاهرة 27 يناير 1952.

في 26 يناير 1952 شب حريق القاهرة الذي دمر العديد من المباني والمحال المهمة في وسط القاهرة وكان من بينها فندق شپرد، حيث أتى الحريق على المبنى تماماً تاركاً إياه جثة هامدة، والمفارقة الغريبة أنها لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها مبنى الفندق للحريق حيث سبق أن تعرض لحريق هائل دمره بالكامل بعد سنوات من إنشائه، ولكن أعيد بناؤه وقتها من جديد في نفس المكان.[2]


الفندق الحديث

 
قاعة استقبال فندق شپرد.

بعد حريق القاهرة وتدمير الفندق، ظل مبنى فندق شپرد على حاله دون تغيير بعد حريق القاهرة، حتى قامت ثورة 23 يوليو عام 1952، وتولت شركة الفنادق المصرية نقل مبنى الفندق الى أكثر أحياء مصر رقياً في ذلك الوقت وهو حي جاردن سيتي، حيث اختارت الضفة الشرقية لنيل القاهرة بجوار فندق سميراميس، كموقع للفندق وقامت بتشييده من جديد. وهو المكان الذي ظل به حتى الآن.

وإذا كانت شركة الفنادق المصرية قد أعادت اسم شپرد إلى عالم الفنادق في مصر مجدداً، إلا أنها لم تنجح في إدارته بالشكل المناسب، والفشل نفسه تكرر مع بقية الفنادق التي امتلكتها الشركة وهو ما دفع لظهور اتجاه بمنح حق الإدارة لشركات عالمية تملك الخبرة الكافية في هذا المجال الذي أثبت القطاع العام فشله فيه منذ وقت مبكر، وكانت إدارة شپرد من نصيب شركة هلنان العالمية، حيث تسلمته عام 1987، وأخذ شپرد يستعيد جزءاً من ماضيه، ولكن بقاء الحال من المحال فقد وصل الفندق التاريخي خلال حقبة التسعينات إلى حالة من تردي الخدمة نتيجة إهمال شركة هلنان في الإدارة، وازداد الأمر سوءاً بعد أن فقد الفندق إحدى نجومه ليصبح أربع نجوم فقط بناء على قرار من وزارة السياحة المصرية عقاباً على تدني مستوى الخدمة المقدمة، ولم يكن أمام الشركة المصرية القابضة لإدارة الفنادق التي تملك النسبة الأكبر في الفندق سوى إقامة دعوى قضائية ضد شركة هلنان التي تملك حق الإدارة لتحصل على حكم قضائي لاسترداد الحق في الإدارة وذلك عام 2004، ومنذ ذلك التاريخ يحاول الفندق استعادة ماضيه العريق من خلال رفع مستوى الخدمة المقدمة وتحسين الصورة التي تعرضت لهزة خلال الفترة التي تولت فيها شركة هلنان إدارته، حيث زاد من أعداد حجراته لتصل الى 302 غرفة يطل معظمها على نهر النيل في مشهد بديع، إضافة إلى وجود عدد من الأجنحة المميزة التي تجمع بين الفخامة والهدوء الساحر، وهناك أيضا جناح خاص بالشخصيات المهمة التي تتردد على الفندق.


الخدمات

يوفر الفندق كافة وسائل الراحة والترفيه لنزلائه بدرجة تجعل من الصعب على النزيل مغادرته بحثا عن متعته في مكان آخر، حيث يجد بداخله كافة وسائل الاستمتاع، بدءاً بمطاعمه الستة المتنوعة بين الطعام الشرقي والغربي وما توفره لزائريها من منظر رائع لنيل القاهرة في مشهد، قلما يوجد مثله بالنسبة للفنادق المجاورة المطلة على النيل أيضا. ويتميز شپرد أيضا بوجود 8 قاعات بمساحات مختلفة جميعها مجهزة بأحدث أساليب الإضاءة وأجهزة الصوت والمعدات اللازمة لإقامة الحفلات والمؤتمرات، وتعتبر قاعة «نفرتيتي» أكثر قاعات الفندق تميزاً لكونها الوحيدة بين الفنادق المحيطة التي تتمتع بالمنظر الفريد لأجمل بانوراما للنيل الساحر من موقعها بالطابق العاشر بالفندق، خاصة بعد أن تم تجديدها وتجهيزها كليا منذ أشهر قليلة لإقامة الحفلات والمؤتمرات بالمستوى الذي يليق بتاريخ الفندق.


في الثقافة العامة

استضاف الفندق الكثير من المشاهير، سواء في الواقع أو الخيال. من بينهم أغا خان، مهراجا جودپور وونستون تشرشل.[3] ظهر الفندق في فيلم بريطاني عام 1934 باسم الجمال قادمة.[4] وظهرت عدة مشاهد للفندق في فيلم الحالة البريطانية عام 1996 لكنها صورت في الواقع في گراند اوتيل دى بين في ڤينس ليدو، إيطاليا.[5] استخدم الفندق كقاعدة للعمليات في سلسلة سباق الاستعمار إخراج هاري تورتلدوڤ،[6] وكموقع في رواية كروكد هاوس لأگاثا كريستي،[7] وورد ذكره في قصة قصيرة ألفها أنتوني ترولوپ بعنوان فتاة غير محمية في الأهرامات (1861).[8] كما ظهر عدة مرات في روايت أميليا پيبودي لإليزابث پيترز.[9][10][11]

معرض الصور

المصادر

  1. ^ فندق شبرد، احكي يا شهرزاد
  2. ^ "فندق شبرد.. ذاكرة التاريخ المصري وشاهد على العصر". جريدة الشرق الأوسط. 2008-06-25. Retrieved 2018-06-12.
  3. ^ Beattie, Andrew (2005). Cairo: A Cultural and Literary History. Signal Books. ISBN 9781902669779. Retrieved 21 November 2016.
  4. ^ "The Camels Are Coming (1934) Movie on Youtube". Retrieved 21 November 2016.
  5. ^ "The English Patient film locations". Movie Locations. Archived from the original on 18 March 2016. Retrieved 21 November 2016. {{cite web}}: Unknown parameter |deadurl= ignored (|url-status= suggested) (help)
  6. ^ Turtledove, Harry. "Down to Earth - Colonization Book 2". e reading club. Retrieved 21 November 2016.
  7. ^ Christie, Agatha (August 19, 2002). Crooked House. William Morrow Paperbacks. p. 1. ISBN 978-0062073532. Archived from the original on November 21, 2016. {{cite book}}: Unknown parameter |deadurl= ignored (|url-status= suggested) (help)
  8. ^ Trollope, Anthony (1861). An Unprotected Female at the Pyramids. Archived from the original on 21 November 2016. Retrieved 21 November 2016. {{cite book}}: Unknown parameter |deadurl= ignored (|url-status= suggested) (help)
  9. ^ Elizabeth Peters (1 September 2011). Crocodile on the Sandbank. Little, Brown Book Group. ISBN 978-1-78033-446-2.
  10. ^ Elizabeth Peters (17 March 2009). Lion in the Valley: An Amelia Peabody Novel of Suspense. HarperCollins. ISBN 978-0-06-179837-5.
  11. ^ Elizabeth Peters (29 November 2009). Seeing a Large Cat. Grand Central Publishing. ISBN 978-0-446-57119-7.

وصلات خارجية

Coordinates: 30°02′32″N 31°13′54″E / 30.04222°N 31.23167°E / 30.04222; 31.23167