ثقافة الدولة العثمانية

ثقافة الدولة العثمانية تطورت طوال عدة قرون بينما كانت الادارة الحاكمة من الأتراك تمتص وتقتبس من وتعدل ثقافات البلدان والشعوب التي فتحتها. فقد كان هناك تأثر قوي من تقاليد ولغات المجتمعات الإسلامية، وخصوصاً العربية، بينما كان للثقافة الفارسية اسهامات بارزة عبر نظام الحكم المتفرسن للأتراك السلاجقة، أسلاف العثمانيين. وطوال تاريخها، كان بالدولة العثمانية أعداداً معتبرة من الرعايا من اليونانيين البيزنطيين، الأرمن، اليهود والآشوريين، الذين أتيح لهم حداً معيناً من الحكم الذاتي تحت النظم confessional ملت بالحكومة العثمانية، وقد أثرَت الثقافات المتميزة الدولة العثمانية.

Eighteenth century mirror writing in Ottoman calligraphy. Depicts the phrase 'Ali is the vicegerent of God' in both directions.
بلاطات زرقاء تركية

فمع إزاحة الأتراك العثمانيين المبكرين الادارة البيزنطية من الأناضول، ولاحقاً مطاردتهم في اوروبا، فقد رأوا ذلك جزءاً من الجهاد ضد المسيحيين: وقد أطلق الحكام العثمانيون الأوائل على انفسهم لقب غازي. إلا أنه كلما توغل العثمانيون غرباً وازاد الامتزاج مع الشعوب اليونانية والبلقانية، فإن الثقافة التوركية وثقافة قادتها المتأثرة بالثقافات الفارسية-العربية-اليونانية امتصت بعضاً من ثقافات الشعوب المهزومة.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأدب

الشعر

ثالثاً- الآداب والفنون

كانت تهيئة السبل لتحصيل العلوم والمعارف أو نقلهما هي أضعف حلقة في الحضارة العثمانية. وكان التعليم الشعبي مهملاً بصفة عامة. وضآلة العلم والمعرفة أمر خطير. وكان التعليم على الأغلب مقصوراً على الطلاب الذين يقصدون إلى دراسة التربية أو القانون أو الإدارة، وكانت مناهجها طويلة قاسية. وقضى محمد الثاني وسليمان وقتاً طويلاً في إعادة تنظيم المدارس وتحسينها. ونافس الوزراء سادتهم السلاطين في إغداق الهبات على هذه الكليات أو المدارس الملحقة بالمساجد. ونعم المدرسون في هذه المعاهد بمراكز اجتماعية ومالية أعلى من نظرائهم في العالم المسيحي اللاتيني. وكانت محاضراتهم تنصب رسمياً على دراسة القرآن، ولكنهم سعوا كذلك إلى دراسة الآداب والرياضيات والفلسفة، ولكن خريجيهم، ولو أنهم كانوا أكثر تحصيلاً في فروع الدين منهم في العلوم، ساروا جنباً إلى جنب مع الغرب في الهندسة وفن الحكم.

وكانت قلة ضئيلة من السكان فقط تعرف القراءة، ولكن هؤلاء تقريباً كانوا ينظمون الشعر، ولا يستثنى من ذلك السلطان سليمان نفسه، وكان الأتراك- مثل اليابانيين- يعقدون مسابقات عامة يتلو فيها الشعراء ما جادت به قرائحهم، وكان السلطان سليمان يطيب له، مجاملة وكياسة منه- أن يرأس مثل هذه المباريات الشعرية. ولقد كرم الأتراك مائة شاعر في هذا العصر، ولكن انغمارنا في عظمتنا ومصطلحاتنا نحن، تركنا جهلة، لا نعلم شيئاً حتى من أمر شاعرهم الغنائي العظيم محمود عبد الباقي الذي شهد أربعة عهود، لأنه وإن كان في سن الأربعين عندما توفي سليمان، فإنه عمر بعده أربعة وثلاثين عاماً. وقد تخلى عن مهنته القديمة، وهي السراجة ليعيش على شعره. وكان من المحقق أن تعضه الحاجة بأنيابها لو لم يسعفه سليمان بوظيفة لا عمل فيها، وجمع سليمان المدح إلى الكسب، فنظم قصيدة يثنى فيها على تفوق شعر عبد الباقي، ورد عبد الباقي الدين فكتب مرثية قوية يندب فيها موت سليمان، وعلى الرغم من أن الترجمة نفقد رواءها بالتماس المحافظة على تعدد القوافي في الأصل، فقد يتكشف فيها بعض الانفعال والروعة:

أمير فوارس الحظ، يا من لفرسه الجرىء المعد للقتال،

حيثما كر أو فر كان مقيداً، كانت له الأرض كلها ساحة نزال!

أنت يا من لبريق سيفه أحنى المجرى رأسه!

أنت يا من يعرف الفرنجة حق المعرفة وميض شارته المخيف!

مثل ورقة الورد الغضة وضع وجهه برفق في التراب،

فتلقته الأرض، الخازن الأمين، وأودعته كالجوهرة في حرز.

الحق أنه كان إشعاعة المكانة الرفيعة والمجد العظيم،

الشاه، الاسكندر وعليه إكليل دولة دارا المسلحة،

وأمام التراب الذي تحت قدميه أحنى الكون رأسه خفيضاً.

وبمثابة مقام العبادة على الأرض كان باب جناحه الملكي.

لقد جعلت أصغر هباته من أحقر متسول أميراً،

فاق في الندى والجود، وفي الرحمة والرأفة أي ملك......

لقد لاقى من هذا الكون الحزين المتقلب نصباً، فلا تحسبه،

وهو بجوار ربه قد تخلى عن مكانته وعن مجده.

أي عجب إذا لم تر أعيننا شيئاً من الحياة أو من الدنيا بعد ذلك!!

إن جماله البارع، مثل الشمس والقمر، قد أفاض على الأرض نوراَ...

فلتبك الآن سحب الدم قطرة قطرة، ولتنحن خفيضة!!

وبهذا الألم المبرح الحزين فلتمطر عيون النجوم دمعاً سخياً مريراً،

ودخان زفرات القلوب يظهر أن السماء الحالكة السواد تحترق...

إن الطائر، أي روحه، قد طار عالياً إلى السموات مثل الهامة،

ولم يخلف وراءه سوى قليل من العظام على الأرض تحته...

وليكن خالداً مجد خسرو في السموات العلى !!

ولتنزل رحمة الله على نفس الملك وروحه- ووداعاً!!(48).

الفنون البصرية

وكان الأتراك في شغل شاغل بغزو الدول القوية إلى حد أنهم لم يجدوا فسحة من الوقت للفنون الدقيقة التي كان الإسلام حتى الآن قد اشتهر وتميز بها. وقد أنتج الأتراك منمنمات تميزت ببساطة التصميم وسعة التفكير في الأسلوب. أما التصوير التشخيصي أو التمثيلي فقد ترك للمسيحيين المفترين الذين ظلوا في هذا العصر يزينون جدران كنائسهم وأديارهم باللوحات الجصية، فنرى مانويل بانسلينوس- الذي ربما استعار بعض الحوافز من الصور الحائطية الإيطالية في عصر النهضة- قد زين بالجص كنيسة بروتاتون على جبل آثوس (1535-1536)، برسوم أكثر انطلاقاً وجرأة ورشاقة من رسوم العصور البيزنطية. واستقدم السلاطين فنانين من الغرب والشرق- جنتيل باليني من البندقية، وشاه فالي، ووالي جان ، وهما من رسامي المنمنمات في فارس الهرطوقية. وفي التربيعات المطلية لم يكن الأتراك في حاجة إلى مساعدة خارجية، فقد استخدموها إلى درجة تبهر الأبصار، واشتهرت مدينة ازنيق (بآسيا الصغرى) بصناعة الخزف، وتخصصت أشقودرة وبروسة، وهيريك في آسيا الصغرى في المنسوجات، فقد ترك البروكار (المقصبات) والقطيفة- بما فيهما من رسوم الأزهار في اللونين القرمزي والذهبي- التي أخرجتها هذه المدن، أثراً شديداً وانطباعاً قوياً في رسامي البندقية والفلاندرز. وكان السجاد التركي يعوزه البريق الشاعري الذي تميز به السجاد الفارسي، ولكن طرزه الفخمة وألوانه الدافئة أثارت الإعجاب في أوربا. وقد أغرى كلبير ملكيه لويس الرابع عشر بأن يأمر النساجين الفرنسيين بتقليد بعض قطع السجاد في القصر السلطاني في تركيا. ولكن دون جدوى، لأن تفوق المسلمين في هذه الصناعة ظل بعيداً عن متناول المهارة الغربية.

وبلغ الفن التركي ذروته في مساجد القسطنطينية (لم يطلق على المدينة اسم اسطنبول رسمياً إلا في سنة 1930). ففي تاريخ فارس أو التاريخ الإسلامي، لم يضارع عظمة عاصمة سليمان، حتى ولا مدينة مشهد مع فخامة عمائرها المزدحمة، ولا أصفهان في عصر الشاه عباس، ولكن ربما ضارعتها پرسوپوليس على عهد كورش. فإن مساجد الآستانة اقتسمت مع الله غنائم العثمانيين في انتصاراتهم، وهي آثار تعبر، في وقت معاً، عن التقوى والزهو وعن تصميم السلاطين على إرهاب شعبهم بالفن قدر إرهابه بالأسلحة. ونافس سليمان جده محمد الفاتح في تشييد سبعة مساجد تتفق مع جلاله وعظمته، وفاق أحدها، وهو الذي حمل اسمه (1556) كنيسة أيا صوفيا في جمالها، حتى في محاكاته إياها في مجموعة القباب الصغرى المحيطة بالقبة الرئيسية الوسطى، على أن المآذن هنا، تلك التي ارتفعت مقصورات الآذان الثلاث فيها إلى ارتفاع رهيب، كانت بمثابة إضافة متألقة تتطابق مع القاعدة الضخمة. أما الداخل فكان كنزاً مربكاً من الزخرفة: نقوش ذهبية على الرخام أو الخزف وأعمدة من الحجر السماقي، وعقود من الرخام الأبيض أو الأسود، ونوافذ من الزجاج الملون في إطار من حجر مشجر، والمنبر المحفور وكأنه وقف على مدى الحياة. وربما كان بذخاً أكثر مما ينبغي إجلاله، وتألقاً أكثر مما ينبغي لمقام الصلاة. إن الذي وضع تصميم هذا المسجد وسبعين مسجداً أخرى ألباني اسمه سنان، وقيل إنه عاش إلى سن العاشرة بعد المائة.

ثانياً- الأخلاق

إن تباين الطرق والأساليب عند العثمانيين والمسيحيين أوضح بشكل صارخ التنوع الجغرافي والزمني في القوانين الأخلاقية. فقد ساد تعدد الزوجات بهدوء حيثما كانت المسيحية البيزنطية حديثاً جداً قد اقتضت رسمياً أحادية الزواج، واختبأت المرأة في أروقة الحريم أو وراء برقعها أو خمارها، حيثما كانت يوماً قد اعتلت عرش القياصرة. ولبى سليمان في إخلاص وتفان كل حاجيات حريمه دون شيء من وخزات الضمير التي ربما شوشت أو عززت المغامرات الجنسية الطائشة التي كان يقوم بها فرانسوا الأول أو شارل الخامس أو هنري الثامن أو الإسكندر السادس. إن المدنية التركية. مثل المدنية اليونانية، احتفظت بالمرأة بعيداً عن الأنظار والأضواء، وأجازت قدراً كبيراً من حرية الانحراف الجنسي. إن اللواط عند العثمانيين ازدهر حيثما كانت "الصداقة عند اليونان" قد كسبت يوماً المعارك وألهمت الفلاسفة.

أحل القرآن للأتراك الزواج من أربع بالإضافة إلى عدد من الجواري (في النص الإنجليزي خليلات)، ولكن قلة من الناس تحتمل مثل هذا البذخ والتبذير. وكثيراً ما ابتعد العثمانيون المحاربون عن وزوجاتهم اللائي ألفوا معاشرتهن، واتخذوا وزوجات أو خليلات من أرامل وبنات المسيحيين الذين قهروهم أو غزوا بلادهم، ولم تتدخل في سبيل ذلك أية حزازات عنصرية، فكم لقي أحر الترحاب بأذرع مفتوحة نساء يونانيات أو صربيات أو البانيات أو مجريات أو إيطاليات أو روسيات أو مغوليات أو فارسيات أو عربيات، واصبحن أمهات لأطفال كانوا على قدم المساواة يعتبرون أبناء شرعيين عثمانيين. وكاد الزنى أن يكون غير ضروري في مثل هذه الظروف، وإذا حدث كانت عقوبته صارمة، فكانت المرأة الزانية تلزم بشراء حمار تركبه وتطوف به المدينة، وكان الزاني يجلد مائة جلدة، ثم يقبل جلادة ويكافئه. وكان الرجل يستطيع أن يطلق زوجته بمجرد الإعلان أو الإفصاح عن قصده (أو أن يقسم يمين الطلاق)، أما الزوجة فلم تكن تستطيع أن تخلص نفسها إلا برفع دعوى معقدة معوقة.

وظل سليمان أعزب حتى سن الأربعين. فمنذ أسر تيمور زوجة بايزيد الأول- والمزعوم أنه هو وبني عشيرته من التتار آذوها وأساءوا معاملتها- فإن سلاطين آل عثمان، لتفادي أية مهانة أخرى مثل هذه، استنوا قاعدة ألا يتزوجوا، وألا يشاركهم فراشهم إلا الجواري(35). وضم حريم سليمان نحو 300 جارية كلهن مشتريات في السوق أو أسيرات في الحرب وكلهن تقريباً من أصل مسيحي. وإذا توقع النسوة زيارة السلطان ارتدين أجمل ثيابهن ووقفن صفوفاً لتحيته، وكان هو يسلم على أكبر عدد منهن، قدر ما يسمح به وقته، ويضع منديله على كتف من نالت إعجابه منهن بصفة خاصة. حتى إذا قضى وطره وانسحب في ذاك المساء، طلب إلى من تلقت المنديل أن تعيده إليه، وفي صباح اليوم التالي كان يهدي إليها ثوب من قماش من ذهب، وتزداد مخصصاتها. وقد يبقى السلطان في الحريم ليليتين أو ثلاثاً ينثر هباته السخية، ثم يعود إلى قصره ليقضي ليله ونهاره بين الرجال. وقلما ظهر النساء في قصره أو أشتركن في الولائم أو الحفلات الرسمية. ومع ذلك اعتبر الانضمام إلى الحريم شرفاً عظيماً. وإذا بلغت أي من نزيلات الحريم الخامسة والعشرين من عمرها دون أن تحظى يوماً بالمنديل، أعتقت. وكانت في العادة تجد وزجاً ذا مكانة عالية. ولم يؤد هذا النظام في حالة سليمان إلى انحلال جثماني، لأنه كان يتميز في معظم الأمور باعتدال رائع. ولم يكن اختلاط الجنسين سائداً في الحياة الاجتماعية لدى العثمانيين.

ومن ثم كانت تعوزها ما تشيعه فيها فتنة النساء والثرثرة الضاحكة من بهجة. ومع ذلك كان السلوك مهذباً قدر ما كان في المسيحية. وربما كان أكثر تهذيباً من أية بقعة أخرى باستثناء الصين والهند وإيطاليا وفرنسا. وكان عدد الأرقاء المحليين كبيراً، ولكنهم كانوا يعاملون معاملة إنسانية، وكانت ثمة قوانين كثيرة لحمايتهم. وكان إعتاقهم أمراً ميسوراً(36). وعلى الرغم من أن العناية بالصحة العامة كانت قليلة، فإن النظافة الشخصية كانت شائعة. وانتقل إلى تركيا نظام الحمامات العامة الذي يبدو أن الفرس أخذوه عن سوريا الهلينستية. وكانت هذه الحمامات في القسطنطينية وغيرها من المدن الكبرى في الإمبراطورية العثمانية تبنى من الرخام وتزين بزخارف أخاذة. وكان بعض القديسين المسيحيين يفخرون بأنهم تجنبوا استعمال الماء، على حين فرض على المسلمين الوضوء والتطهر قبل الدخول إلى المسجد أو أداء الصلاة. والحق أن النظافة في الإسلام كانت لاحقة للتدين والتقوى. ولم تكن آداب المائدة لديهم أفضل منها في العالم المسيحي، فكان الأكل بالأصابع في أطباق خشبية حيث لم يكن ثمة شوك. ولم تتناول الخمر في المنازل قط،ولكن الكثير منها كان يحتسي في الحانات، ولكن الإدمان عليها كان أقل منه في الغرب(37). واستعمل المسلمون القهوة في القرن الرابع عشر، ولقد سمعنا أول ما سمعنا عنها في الحبشة، ومنها انتقلت إلى شبه الجزيرة العربية، ويقال إن المسلمين استخدموها في الأصل بغية مساعدتهم على دوام اليقظة والتنبه أثناء تعبدهم(38). ولم يرد لها ذكر على لسان أي كاتب أوربي قبل سنة 1592(39).

ومن الناحية الجثمانية كان التركي قوياً متين البنيان، مشهوراً بالجلد وقوة الاحتمال. وكم دهش بوسبك عندما شهد بعض الأتراك يتلقون مائة جلدة على أخمص القدم أو على رسغ القدم، "حتى لتنكسر عليهم أحياناً جملة عصى من خشب القرانيا دون أن تصدر عنهم أية صرخة(40). واحتفظ التركي دوماً بمظهر الوقار، تساعده ملابسة على إخفاء سخافات البدانة الناتجة عن البطنة. وارتدى عامة الشعب الطربوش، ولف المتأنقون حول عمامة، وكان كلا الجنسين يهوى الأزهار. واشتهرت الحدائق التركية بتعدد الألوان فيها، ومن هناك، فيما يبدو، انتقل إلى أوربا الغربية الليلك والتيولب، والسنط، والغار وغيرها. وكان ثمة ناحية جمالية عند الأتراك، كان من العسير أن تكشف عنها حروبهم. وإنا لندهش مما يرويه السياح الأوربيون من أن الأتراك لم يكونوا، فيما عدا زمن الحرب، "قساة بالطبيعة"، ولكن طيعين، وديعين.... مهذبين، أليفين"، و "شفوقين بصفة عامة"(41). وشكا فرانسيس بيكون من أنهم بدوا أشد رفقاً بالحيوان منهم بالإنسان(42). وما كانت القسوة لتنفجر إلا إذا تهددت سلامة العقيدة، وهنا لم يكن التركي يكظم غيظه أو يحد من انفعاله، بل كانت تثور ثائرته.

وكان التشريع التركي صارماً في الحرب بصفة خاصة. فلم يؤخذ أي عدو بأية رحمة أو هوادة، وكانوا يبقون على حياة النساء والأطفال، أما الأعداء القادرون الأشداء فقد يذبحون، ولو لم يكونوا مسلحين أو لم يقاوموا، وحتى دون أن يقترفوا إثماً(43). ومع ذلك فإن كثيراً من المدن التي استولى عليها الأتراك نهضت أكثر مما نهضت المدن التركية التي استولى عليها المسيحيون. من ذلك أن إبراهيم عندما استولى على تبريز وبغداد 1534، حرم على جنوده سلب المدينتين أو إيذاء سكانهما. كذلك، عندما انتزع سليمان تبريز ثانية 1548، حماها من السلب والنهب أو الذبح، ولكن عندما استولى شارل الخامس على تونس 1535 لم يستطع دفع رواتب جنوده إلا بإباحة السلب والنهب.ومهما يكن من شيء فإن القانون التركي نافس القانون المسيحي في العقوبات الوحشية، فقطعت يد السارق حتى تقل قدرته على السرقة(44).

وكانت الأخلاق الرسمية بمثل ما كانت عليه في العالم المسيحي. فكان الأتراك يفخرون بوفائهم لكلمتهم وعهودهم، وحافظوا على بنود الامتيازات التي منحوها لأعدائهم، ولكن رقيب الآداب التركي، مثل نظيره- سانت جون كابسترانو مثلاً- كان يرى أنه ليس ثمة وعد أو عهد يلزم المؤمن بشيء يتعارض مع مصلحة أو واجبات دينه، وأن السلطان يمكنه أن يبطل المعاهدات التي عقدها هو أو أسلافه(45). وذكر السياح المسيحيون أن التركي العادي يتسم "بالأمانة وروح العدل....حب الخير والنزاهة والإحسان"(46). ولكن الأتراك أصحاب الناصب كانوا عادة يرتشون بسهولة، ويضيف مؤرخ مسيحي، أن معظم الموظفين الأتراك كانوا مسيحيين من قبـل(47)، ولكن يجدر بنا أن نضيف شيئاً آخر، وهو أنهم ربوا تربية إسلامية. فالباشا التركي في ولايته، مثل البروقنصل (حاكم الإقليم)، الروماني، كان يبادر إلى جمع الثروة، قبل أن تثور وساوس سيده فيستبدل به شخصاً غيره. إنه كان يتقاضى من رعاياه الثمن الذي كان قد دفعه لتعيينه. وكان بيع المناصب شائعاً في القسطنطينية أو القاهرة، قدر شيوعه في باريس أو روما.

المطبخ التركي العثماني

 
حلوى القهوة في الحرملك

The cuisine of Ottoman Turkey can be divided between that of the Ottoman court itself, which was a highly sophisticated and elaborate fusion of many of the culinary traditions found in the Empire, and the regional cuisines of the peasantry and of the Empire's minorities, which were influenced by the produce of their respective areas. Rice, for example, was a staple of high-status cookery (Imperial cooks were hired according to the skill they displayed in cooking it) but would have been regarded as a luxury item through most of Anatolia, where bread was the staple grain food.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشراب

الطعام

العلوم والتكنولوجيا

خط زمني

معرض صور

المصادر

وصلات خارجية