برزخ السويس

برزخ السويس Isthmus of Suez، هو شريط ضيق من الأرض بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، يصل ما بين قارتي أفريقيا وآسيا. ويقع البرزخ في مصر ويضم قناة السويس الواصلة بين البحرين الأحمر والمتوسط. مثل العديد من البرازخ، لبرزخ السويس أهمية استراتيجية كبيرة.

برزخ مصر
برزخ السويس

كانت القارتان أحد أكبر الكتل القارية.[1] أثناء العصر الپاليوجيني والنيوجيني، منذ حوالي 65 إلى 2.6 مليون سنة مضت، تطورت البنى الصدعية الكبيرة للبحر الأحمر وخليج العقبة.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التقرير النهائي

 
صورة غلاف التقرير النهائي، في ثماني مجلدات.[2]
 
صورة كتاب عن شق برزخ السويس.[3]

احتوى التقرير النهائي للمفوضية الدولية لشق برزخ السويس (Rapport de la Commission Internationale) على 195 صفحة بالإضافة إلى الخطط، الجداول الفنية... إلخ. ونُشر في ديسمبر 1856. يحتوي التقرير على سبب التفكير في الوصل المباشر بين البحرين الأبيض والأحمر، وجميع التفاصيل الفنية المتعلقة بالقناة، وتشمل الموانئ التي يجب بناؤها، خطوط التلغراف التي ستنصب على امتداد القناة، العبارات المقترحة وفي النهاية إضاءة ساحل البحر المتوسط والأحمر اللازمة، والفنار المطلوب بناؤه، العوامات... إلخ. كما سبق ذكره في التقرير الأولي، اسم بورسعيد المقترح لتسمية الميناء الواقع على المدخل الشمالي للقناة.

في التقرير، أوضح أعضاء اللجنة قيامهم بواجبهم وانهائهم جميع الأنشطة المتعلقة بالمهمة. وأعرب الأعضاء عن رغبتهم في بناء القناة في المستقبل القريب، لكنهم لم يعلقوا بأي شكل من الأشكال عن تنفيذ الأعمال المستقبلية وادارتها.


الوضع الحالي

 
قناة السويس
ميرسك (قطر) و"پي آند أو" (دبي العالمية) استأجرتا المدخلين الشمالي والجنوبي للقناة لـ49 عاماً في 2008.

مع بزوغ شرق المتوسط كأحد مراكز انتاج الغاز الكبرى في العالم بعد 2005، كثر الكلام حول محور قناة السويس. لذا قام نظام الفكر الجديد (جمال مبارك) بتأجير مدخلي القناة لأكبر شركتي ادارة موانئ في العالم، پي آند أو P&O البريطانية وميرسك الدنماركية وهما المتنافستان لأكثر من قرن من الزمان. لذلك أتعجب من الصخب المثار منذ 2011 حول مشروع محور قناة السويس، لأن عناصره الأربعة (المحددة من الحكومة) قد تم الاستحواذ عليها منذ فترة، ولا أمل في اعادة طرح أي منها:

  1. المدخل الجنوبي: تم تأجير ميناءه الرئيسي، ميناء السخنة، لمدة 49 سنة، بدءاً من 2008، لشركة پي آند أو (التي غيرت اسمها إلى دبي العالمية للموانئ بسمسرة إماراتية).
  2. المدخل الشمالي: تم تأجير مينائه الرئيسي، ميناء شرق التفريعة، لمدة 49 سنة (بدءا من 2009) لشركة ميرسك الدنماركية بسمسرة قطرية. ومؤخراً أدلى كلاوس لارسن، الرئيس الدنماركي للميناء، بأن الحكومة المصرية لم تنفذ سوى 2% من التزاماتها في المشروع[4]، في تهديد بمقاضاة الدولة المصرية لو استمرت في الحديث عن طرح المدخل الشمالي ضمن مشروعات تطوير إقليم قناة السويس.
  3. منطقة شمال غرب خليج السويس ولدت ميتة بسبب منح مصر قطاعات كبيرة منها لشركات صينية، إلا أن الصين تبدو، ربما لتوازنات استراتيجية، قررت عدم الانخراط بمشاريع في المنطقة الخاصة، على الرغم من اهتمامها الكبير بالموقع. لذا فلا مصر تستطيع أن تسحب الأراضي ولا الصين ستفعل شيئاً فيها. فعلاقاتنا بالصين خارج نطاق هذا المقال. والأراضي الهامشية بالمشروع التي سقعها محظيو لجنة سياسات جمال مبارك، لن تحيي المشروع.
  4. وديان التكنولوجيا: أصبحت مرادفاً للافلاس الفكري بعد أن أعيد طرحها أكثر من عشر مرات من 1985 بدون أي خطوات جادة.

والعمل؟

يتعامل الكثيرون مع قناة السويس بتقديس يشبه عبادة بني إسرائيل لعجل السامري، دون محاولة فهم السبب الذي حُفرت من أجله قناة السويس. وأن القناة كانت وتظل واحدة من سبل عدة مطلوبة، وتؤثر على بعضها البعض، لعبور برزخ مصر. لذلك فالفقرة التالية تشرح كيف تم تحويل الاحتياجات الاقتصادية العالمية لعبور برزخ السويس/مصر إلى عدة مشروعات أكبرها حفر قناة السويس.

 
التقرير النهائي من المفوضية الدولية لشق برزخ السويس، في ثماني مجلدات، 1855.[5] جدير بأن يترجمه المشروع القومي للترجمة.

سبق شق قناة السويس، في 1869، اهتمام اقتصادي واستراتيجي وهندسي عالمي منذ عام 1820 بما أسموه "برزخ السويس" وأحياناً "برزخ مصر". والبرزخ هو الشريط الأرضي الضيق بين بحرين، وبرزخ السويس هو الشريط البري بين كل ساحل مصر على البحر المتوسط وكل ساحلها على البحر الأحمر. فكان الاهتمام منصباً على طرق تذليل المواصلات بين البحرين المتوسط والأحمر عبر برزخ السويس. فسافر پروسپير إنفانتان ومعه عشرون من أتباعه من السان سيمونيين وعدد كبير من المهندسين لمقابلة محمد علي باشا، الذي توجس خيفة من مبادئه الاشتراكية الطوباوية وطلب منه أن يشهر إسلامه. إلا أن إنفانتان نجح في اقناع القنصل الفرنسي، فردينان دلسپس بفكرة قناة بحرية، وأقنع الملحق العسكري البريطاني واگ‌هورن بفكرة سكة حديدية. وأنشأ جمعية دراسة برزخ السويس (1845)، ثم المفوضية الدولية لشق برزخ السويس (1854-1857) التي شاركت فيها ثمان دول اوروبية بعسكرييها ومهندسيها ومصرفييها. وطوال الفترة من 1820 وحتى 1857 كان هناك اجماع على أن شق برزخ السويس لا يكفي أن يكون بقناة مائية (قناة السويس)، بل أن النقل البري له دور هام ويؤثر على حجم الطلب على الممر البحري. كما بحثت المفوضية الدولية الحاجة لعبور كابلات التلغراف البحرية (التي بدأت في الظهور في 1842) لبرزخ السويس. ولذلك قامت إنجلترة منفردة بشق برزخ مصر بسكك حديد مصر (1854) والبوستة الخديوية (1861) قبل حصول المفوضية على موافقة حكام مصر. وبمجرد احتلال بريطانيا لمصر قامت في 1883 بمد كابل اتصالات تلغرافية بحري من أبو تلات، بالإسكندرية إلى العين السخنة. ومنذ ذلك الحين وتلك النقطتين هما نقطتا الإبرار الرئيسيتان لكل الكابلات بمصر.

لذلك فأهم خطوة يجب اتخاذها حالياً هو أن تُمنح هيئة قناة السويس سلطة الاشراف على برزخ السويس وبرزخ مصر كاملاً لعبور أي شيء بين البحرين المتوسط والأحمر.

 
خريطة توضح المسار الشمالي الشرقي بمحاذاة القطب الشمالي، الذي خلقه ذوبان الجليد بسبب الاحترار العالمي.     المصدر: وزارة النقل الروسية.

وفي ذات الوقت نرى اجراءات حكومية مصرية تضيع مليارات الدولارات سنوياً على قناة السويس، وتلك بعض أمثلتها:

  1. السماح للعبارات التركية أن تتحايل على المرور في قناة السويس بأن تُنزل شاحناتها في دمياط وبورسعيد ثم تأخذهم شاحنات تركية أخرى من السويس إلى السعودية.
  2. تمرير كابلات الاتصالات الدولية مجاناً عبر مصر فتحرم مصر من مليارات الدولارات سنوياً.
  3. تسعير المرور في خط أنابيب سوميد يجب أن يتم بإشراف هيئة قناة السويس لتعظيم دخل مصر من المعبرين المارين ببرزخ مصر.

كما نرى مشروعات منافسة لقناة السويس مثل الطريق البحري الشمالي الذي افتتحته روسيا منذ ثلاث سنوات في فصل الصيف مبدئياً، ومشروع سكة حديد إيلات-عسقلان، ومشروع قناة طابا-العريش.


انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ أ ب "Suez Canal." Encyclopædia Britannica. Accessed June 2011.
  2. ^ فردينان ده لسپس (1853). "شق برزخ السويس". هنري پلون.
  3. ^ A. Guillemin (1867). "مصر الحالية وزراعتها وشق برزخ السويس". شالامل.
  4. ^ صديق العيسوي (2013-11-14). "قناة السويس للحاويات تشتكى تكدس الشاحنات بشرق التفريعة بسبب إغلاق كوبرى السلام". صحيفة التحرير المصرية.
  5. ^ فردينان ده لسپس (1853). "شق برزخ السويس". هنري پلون.