فخر الدين الرازي

فخر الدين محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين البكري التيمي القرشي الرازي، المعروف بفخر الدين الرازي أو ابن خطيب الري (544هـ - 606هـ) هو إمام مفسر شافعي، عالم موسوعي امتدت بحوثه ودراساته ومؤلفاته من العلوم الإنسانية اللغوية والعقلية إلى العلوم البحتة في: الفيزياء، الرياضيات، الطب، الفلك. ولد في الريّ. قرشي النسب، أصله من طبرستان. رحل إلى خوارزم وماوراء النهر وخراسان. وأقبل الناس على كتبه يدرسونها، وكان يحسن الفارسية.

فخر الدين الرازي
فخر الدين الرازي.jpg
اللقبإمام المشككين
شخصية
ولد1149 - 1150 م
توفي1209 - 1210 م
الجنسيةفارسي
الملةالفلسفة الإسلامية، علم الكلام، المنطق ، التفسير
أبرز الأعمالتفسير الفخر الرازي
مناصب رفيعة

كان قائما لنصرة أهل السنة والجماعة، ويرد على الفلاسفة والمعتزلة، وكان إذا ركب يمشى حوله ثلاث مئة تلميذ من الفقهاء، ولقب بشيخ الإسلام.

له تصانيف كثيرة ومفيدة في كل فن من أهمها: التفسير الكبير الذى سماه "مفاتيح الغيب"، وقد جمع فيه ما لايوجد في غيره من التفاسير، وله "المحصول" في علم الأصول، و"المطالب العالية" في علم الكلام، "ونهاية الإجاز في دراية الإعجاز" في البلاغة، و"الأربعون في أصول الدين"، وكتاب الهندسة. وقد اتصل الرازى بالسلطان علاء الدين محمد خوارزمشاه ونال الحظوة لديه. توفي الرازي في مدينة هراة سنة 606 هـ.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نسبه

هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن عبد الرحمن بن أبي طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق التيمي القرشي البكري،[1][2][3] الملقب بفخر الدين ويقال له ابن خطيب الري لأن والده الإمام ضياء الدين عمر كان خطيب مسجد الري كما لقب في هراة بشيخ الإسلام، [4][5] يكنى بأبي عبد الله وأبي المعالي وأبي الفضل، [6][7] الرازي نسبة إلي مدينة الري، الطبرستاني الأصل نسبة إلي طبرستان حيث كانت أسرته فيها ثم رحلت إلى الري، [8] القرشي التيمي، البكري نسبة إلي أبي بكر الصديق الشافعي مذهباً والاشعري عقيدة.[3][9]


نشأته

ولد فخر الدين الرازي بمدينة الري عام 543هـ /1148 م، وكان والده الإمام ضياء الدين عمر بن الحسن فقيها اشتغل بعلم الخلاف في الفقه وأصول الفقه، وله تصانيف كثيرة في الأصول والوعظ وغيرهما. وعلى يد والده تعلم فخر الدين العلوم اللغوية والدينية، وتتلمذ العلوم العقلية على يد مجد الدولة الجيلي بمدينة مراغة ( قرية مشهورة بأذربيجان ).

وصار لفخر الدين الرازي تلاميذ صاروا علماء كبارا من بينهم: زين الدين الكشي، والقطب المصري، وشهاب الدين المصري. وقد كان فخر الدين الرازي شديد الدقة في أبحاثه، جيد الفطرة، حاد الذكاء، حسن العبارة، قوي النظر في صناعة الطب ومباحثها، عارفا بالأدب، ويتقن العربية والفارسية، وله شعر باللغتين العربية والفارسية. وكان طلاب العلم يقصدونه من كافة البلدان يعشقون مجلسه والاستماع إليه، وكان يعقد مجالسه العلمية حيثما حل في بلاد فارس، وخراسان، وبلاد ما وراء النهر، وكان يقرب منه في حلقات درسه تلاميذه الكبار، وبقية الطلاب والأمراء والعظماء من مستمعيه في حلقات تتلوها حلقات.

قصة الحمامة

وقد حدث في إحدى هذه المجالس أن حمامة يطاردها صقر رفرفت في دائر صحن جامع هراة وسقيفته، وكانت العيون ترقبها فلم تجد ملاذا لها سوى أن تدخل إيوان الجامع، ومرت بين الصفوف المتحلقة، وفوق الرءوس، واستقرت في حجر فخر الدين الرازي، فراح يربت على رأسها وريشها، ففر الصقر هاربا ونجت الحمامة، وكان الشاعر شرف الدين حاضراً المجلس، فارتجل شعرا في حكاية الحمامة، ومدح فخر الدين الرازي.

أحواله

وقد عانى فخر الدين الرازي في صباه وشبابه الكثير من أخيه الأكبر سنا الملقب بالركن، وكان أخوه الركن يعرف شيئا من علوم الفقه والأصول، لكنه كان أهوج كثير الاختلال، ولذلك كان أبوهما لا يخفي إيثار فخر الدين الرازي على أخيه الأكبر، لذا كان هذا الأخ الأكبر يشعر بالغيرة من أخيه فخر الدين الرازي. فقد كان يتبعه في أسفاره ويسير خلفه يشنع عليه ويسفه المشتغلين بكتبه والناظرين في أقواله محتجا بأنه أكبر منه وأعلم وأكثر معرفة بالفقه وأصوله، متعجبا من الناس كيف يقولون فخر الدين الرازي ولا يقولون ركن الدين، ومع ذلك كان فخر الدين الرازي حينما يبلغه هذا الأمر يشعر بالإشفاق عليه ويسارع بالإحسان إليه. وقد عانى فخر الدين الرازي في شبابه المشقات في أسفاره في طلب العلم، فقد غادر الري قاصدا بخارى ليكتسب جديدا من العلم، ويكسب بعض المال وكانت بخارى ما زالت منارة من منارات العلم والمعرفة، ونزل في الطريق بخوارزم وعقد بها حلقة للعلم تحدث فيها بالفارسية والعربية بآراء لم ترضِ أهل خوارزم فأخرجوه منها، وقصد بخارى فوجد أهلها مثل أهل خوارزم، وعانى من الفقر والجوع، فآوى إلى مسجدها الجامع إلى أن رعاه رجل من أهل بخارى، وجمع له مالا من أموال الصدقات. وعاد فخر الدين الرازي بعد ذلك إلى الري وأمن إلى طبيب حاذق له ثروة وله بنتان تزوج إحداهما، وتوفي هذا الطبيب بعد قليل فورثت ابنته ثروة لا بأس بها.

وتوجه فخر الدين الرازي إلى السلطان شهاب الدين الغوري صاحب غزنة، فبالغ في إكرامه، ثم توجه فخر الدين الرازي إلى خراسان، واتصل بالسلطان خوارزم شاه محمد بن تكين، ويقال إنه قد أرسله رسولا إلى الهند في بعض أموره.

ومن بعد خراسان توجه فخر الدين الرازي إلى هراة (بـأفغانستان)، وقد عزم على الإقامة مع أهله وولديه بها، واستقر فخر الدين الرازي في أواخر حياته بمدينة هراة، وصارت له بها دار فخمة أعطاها له السلطان خوارزم شاه محمد بن تكش الذي كان حريصا دائما على حضور مجالسه العلمية. وقد كان يعقد مجالسه العلمية بمسجد هراة. وقد توفي بهراة، ودفن بظاهر هراة عند جبل قريب منها عام 606هـ /1209 م. وفخر الدين الرازي بمجمل مؤلفاته هو أول مَن ابتكر الترتيب وفق قواعد المنطق في كتبه، من حيث ترتيب المقدمات واستنباط النتائج مراعيا التقسيم إلى أبواب، وتقسيم الأبواب إلى فصول، وتقسيم الفصول إلى مسائل فلا تشذ منه مسألة، حتى انضبطت له القواعد، وانحصرت معه المسائل. وفخر الدين الرازي هو أول مَن قال من العرب: إن علم المنطق علم قائم بذاته وليس جزءا من غيره.

اكتشافاته

وقد اكتشف فخر الدين الرازي الفرق بين قوة الصدمة والقوة الثابتة، فالأولى زمنها قصير، والثانية زمنها طويل. كما اكتشف أن الأجسام كلما كانت أعظم كانت قوتها أقوى، وزمان فعلها أقصر، وأن الأجسام كلما كانت أعظم كان ميلها إلى أحيازها الطبيعية أقوى وكان قبولها للميل القسري أضعف.

وقد ذكر فخر الدين الرازي أن الحركة حركتان: حركة طبيعية سببها موجود في الجسم المتحرك، وحركة قسرية سببها خارج عن الجسم المتحرك. كما عزا فخر التغير الطارئ على سرعة الجسم إلى المعوقات التي يتعرض لها، ولولاها لاحتفظ الجسم بسرعة ثابتة إذ أن تغير السرعة مرهون بتغير هذه المعوقات، داخلية كانت أو خارجية. وكلما كانت المعوقات أقوى كانت السرعة أضعف. وذكر فخر الدين الرازي أن الجسمين إذا اختلفا في قبول الحركة الطبيعية، لم يكن ذلك الاختلاف بسبب المتحرك بل بسبب اختلاف حال القوة المحركة بين الجسمين، فالقوة في الجسم المتحرك الأكبر، أكثر مما في الجسم المتحرك الأصغر. وأن الجسمين المتحركين حركة قسرية تختلف حركتهما لا لاختلاف المحرك بل لاختلاف المتحرك، فالمعاوق في الكبير أكثر منه في الصغير.

وشرح القانون الثالث من قوانين الحركة الذي يقول: لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه. وقد شارك فخر الدين الرازي العالم العربي المسلم ابن ملكا البغدادي في القول بأن الحلقة المتزنة بتأثير قوتين متساويتين تقع تحت تأثير فعل ومقاومة أي أن هناك فعلا ورد فعل متساويين في المقدار ومتضادان في الاتجاه يؤديان إلى حالة الاتزان.

ومن أهم إنجازات فخر الدين الرازي أنه كان من أوائل العلماء الذين قالوا بنظرية الورود في الضوء من المبصرات إلى العين، وفي كيفية الإبصار . وقد فسر فخر الدين الرازي حدوث الصوت في كتابه المباحث الشرقية بسببين: الأول منهما قريب يحدث من صدم ف سكون فصدم فسكون. والثاني منهما بعيد ويحدث من عاملين: القرع . القلع .

كان يجعل الطب والفراسة (أو علم النفس) من العلم الطبيعي، ويؤمن بالصلة الوثيقة بينهما، وأثبت في تفسيره كروية الأرض، وثبات الشمس ودوران الأرض وأكثر آرائه في العلوم الطبيعية نقلها عن كتب ابن سينا، وهي موجودة في كتبه الفلسفية كالمباحث المشرقية والملخص، كما تظهر آثارها ومظاهر الطبيعة والطب في تفسيره الكبير في تحليل ما يتعلق بالأرض والسماء والإنسان، والمعادن والنبات والحيوان والآثار وبيان منافعها.

مؤلفاته

وقد ألف فخر الدين الرازي كتبا كثيرة، وشرح كتبا أقل، في شتى العلوم والفنون في عصره، خلال حياة امتدت أربعة وستين عاما. ومن أهم شروحه شرح الإشارات والتنبيهات للعالم ابن سينا . ومن أهم كتبه في الفيزياء: المباحث الشرقية وهو كتاب موسوعي على غرار كتاب ابن ملكا البغدادي: المعتبر في الحكمة وهو من أشهر كتبه، وقد أودع فيه كافة إنجازاته العلمية. ومن أهم كتبه في الرياضيات: مصادرات إقليدس وهو كتاب في الهندسة. ومن أهم مؤلفاته في الفلك: رسالة في علم الهيئة . ومن أهم كتبه في الطب: مسائل ف ي الطب . كتاب في النبض . كتاب في الأشربة . وكتابان لم يتمهما: الطب الكبير أو الجامع الملكي الكبير . كتاب في التشريح من الرأس إلى القدم . وهو كتاب هام في علم التشريح وله شروح لبعض كتب ابن سينا الطبية وهي: القانون في الطب . الكليات . عيون الحكمة .

للرازي مؤلفات كثيرة متنوعة، في شتى العلوم والمعارف في زمنه، تدل على ثقافته الواسعة، واطلاعه وتبحره في العلوم الكونية ومنها علم الهيئة والنجوم، والعقلية (الفلسفة والمنطق والجدل وعلم الكلام) والعربية (الآداب والبلاغة والنحو) والشرعية (العقيدة والفقه والأصول والتفسير) والرياضية والطبيعية، والطب والفراسة والسحر والتنجيم والرمل، ووضع دائرتي معارف: الأولى حوت أربعين علماً وسماها «جامع العلوم» والثانية اشتملت على ستين علماً وسماها «حدائق الأنوار» وهي كل العلوم التي كانت معروفة في عصره، ومؤلفاته الثابتة تزيد على 86 مصنفاً.

من تصانيفه: «التفسير الكبير مفاتيح الغيب» 8 مجلدات، وفي علم الكلام أو العقيدة كتاب «الأربعين في أصول الدين»،«اعتقادات فرق المسلمين والمشركين»، و«أساس التقديس» (تأسيس التقديس) و«المسائل والقضاء والقدر»، و«الخلق والبعث»، و«عصمة الأنبياء»، ورسالة في النبوات، وشرح قسم الإلهيات من الإشارات لابن سينا، وشرح أسماء الله الحسنى، والرسالة الكمالية في الحقائق الإلهية بالفارسية، وفي المنطق والفلسفة والأخلاق: «الآيات البينات» (صغير وكبير) و«تعجيز الفلاسفة» بالفارسية، و«نهاية العقول»، و«الملخص في الحكمة»، و«البيان والبرهان»، و«تهذيب الدلائل»، و«محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين»، وشرح عيون الحكمة لابن سينا، والمباحث المشرقية، ورسالة في النفس، وفي الفقه والأصول: «المحصول في علم الأصول» 6 مجلدات، و«إبطال القياس»، و«شرح الوجيز في الفقه» للغزالي، «السر المكتوم في مخاطبة النجوم» ورسالة في علم الهيئة وفي الطب: «الطب الكبير أو الجامع الكبير»، ورسالة في علم الفراسة، وفي التاريخ: «فضائل الأصحاب»، و«مناقب الإمام الشافعي»، وكتاب في الهندسة. وفي اللغة «شرح سقط الزند» لأبي العلاء المعري، و«شرح نهج البلاغة»، و«المحرر في حقائق النحو»، و«نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز».

أما كتابه في التفسير (32 جزءاً): فهو موسوعة شاملة في البيان ولاسيما في إعجاز القرآن، والعلوم الكونية والعقائد والفقه وأصوله والفرق والأديان، وكتابه «المحصول في علم الأصول» هو في أصول المتكلمين (الشافعية) مع المقارنة والإفاضة في الأدلة والبراهين الشرعية والعقلية، شرحه وعلق عليه كثيرون، أهمها شرح القرافي وشرح الأصفهاني، واختصره الرازي في كتاب «منتخب الأصول».

مصادر

  • إسلام أون لاين.

وصلات خارجية

  1. ^ مدة التحقيق في بشائر بيت آل الصديق لأبي المكارم الصديقي
  2. ^ جواهر الاثار، عبد العزيز بن محمد الجوهري، اسطنبول، 1798
  3. ^ أ ب طبقات الشافعية الكبرى الجزء 8 صـــ81
  4. ^ عيون الانباء صـــ465
  5. ^ تاريخ الإسلام الجزء 43 صــ214
  6. ^ البداية والنهاية الجزء 17 صــ11
  7. ^ الكامل في التاريخ الجزء 10 صــ606
  8. ^ طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة الجزء 2 صــ81
  9. ^ أهل السنة الأشاعرة شهادة علماء الأمة وأدلتهم صــ250