فخري البارودي

فخري بن محمود بن محمد حسن بن محمد الظاهر الملقب بالبارودي، (و.30 مارس 1886 - 30 مارس 1966) أحد الشخصيات الوطنية البارزة في تاريخ سورية الحديث وأديب وشاعر.[1] نشط في النضال لتحرير سوريا من الانتداب الفرنسي وشغل لاحقا منصب نائب في البرلمان السوري لسنوات عديدة. قصيدته بلاد العرب أوطاني التي لحنها محمد فليفل تعد إحدى أشهر الأناشيد القومية العربية.

فخرى البارودي

كان جدَّه الأعلى ظاهر العمر (1106- 1196هـ) حاكم صفد وما يليها، وامتد نفوذه إلى صيدا وعكا ومناطق واسعة من فلسطين ولبنان في الربع الثالث من القرن الثامن عشر. وقد تمرَّد على الدولة العثمانية إلى أن قتل غدرا. وقام جمال باشا الجزار وجيشه بملاحقة الزيادنة وتفريقهم حتى اخذوا يغيروا أسماء عائلتهم. وعلى الأثر لجأ ابنه محمد ظاهر جد فخري البارودي إلى دمشق ووجد عملاً في مصنع للبارود أورثه وأسرته لقب البارودي. ومن أقاربهم (التل وأبوقمر والرقاد) في الأردن و(الظاهر والكسواني والعمر) في فلسطين.

أبصر فخري البارودي النور في دمشق، ونشأ يحيط به الدّلال والترف. ويروي في مذكراته أنه أرسل إلى «الخجا» وهي معلّمة في المرحلة الابتدائية التحضيرية علّمته القرآن الكريم. ولما بلغ العاشرة من العمر أدخله والده المدرسة العازارية ثم المدرسة الريحانية. واستقر أخيراً في مكتب عنبر الثانوية الوحيدة في دمشق يومئذٍ.

نال شهادته عام 1908م وهو العام الذي قامت فيه جمعية الاتحاد والترقي بانقلابها على السلطان عبد الحميد الثاني. تجند لمدة ثلاثة أشهر دفع بعدها البدل النقدي فتم إعفاؤه من الخدمة العسكرية. عمل بعدها كاتباً في محكمة الاستئناف. وهنا بدأت رحلة نضاله، فانضم إلى حلقة الشيخ طاهر الجزائري الوطنية، وصار يخطب في كل حفل داعياً إلى يقظة العرب وحرّيتهم. ثم أصدر، مع صديق له، جريدة شعبية ساخرة سماها «حطّ بالخُرْج» كان هدفها الأول نقد أوضاع البلاد وبعث الشعور القومي. وكتب فيها باسم مستعار.

وسافر البارودي عقب ذلك إلى فرنسا لمتابعة دراسته، غير أن والده غضب عليه وأرغمه على العودة إلى دمشق للإشراف على أراضيه الزراعية. بعيد اندلاع الحرب العالمية الأولى دخل مدرسة ضباط الاحتياط وتخرج منها ضابطا وانضم إلى الجيش العثماني وشارك في عدة معارك ضد الجيش الإنجليزي في فلسطين، أسره الإنجليز في معركة بئر السبع وسجن في قصر النيل بالقاهرة[1] وبعد أن أفرج عنه عام عاد إلى دمشق والتحق بالثورة العربية الكبرى، عام 1916.[2] وعيّنه الشريف حسين ضابطاً مرافقاً لابنه الملك فيصل عند دخوله إلى دمشق.

كان فخري البارودي من أوائل المشاركين في مقاومة الاحتلال الفرنسي لسورية، فشارك في معركة ميسلون (24 يوليو 1920) ومارس نشاطاً كبيراً في التحريض على الثورة وكان يستقبل الثوار في بيته وينظّم الاجتماعات المؤيدة لهم، فاعتقله الفرنسيون في سجن قلعة دمشق وحوكم ثم أُفرج عنه. ولما زادت الأوضاع السياسية سوءاً، اعتقل البارودي ثانية مع عدد من رجال الكتلة الوطنية ونفي إلى مدينة الحسكة في شمالي سورية. فعمت الاضطرابات المدن السورية في مطلع عام 1936 ولاسيما دمشق التي أضربت إضراباً شاملاً استمر ستين يوماً. وحدثت صدامات دامية، وكان من نتائجها اضطرار فرنسا إلى الإفراج عن البارودي وسائر المعتقلين. وحين أعلنت عودته، خرجت دمشق لاستقباله والترحيب به، وحُمِل على الأكتاف إلى بيته.

وكان تأسيسه فرقة القمصان الحديدية عام 1936 من أبرز أعماله. وكانت على غرار منظمات الفتوة العسكرية في العالم، أُريد لها أن تكون دعامة الجيش السوري المقبل. وكانت تدريبات هذه الفرقة تجري في شوارع دمشق وتقابل بالترحيب والهتاف. ومن مآثر البارودي دعوته إلى «مشروع الفرنك» الذي يقضي بأن يدفع كل مواطن فرنكاً سورياً واحداً (خمسة قروش) كل شهر، يُنفق في سبيل الدعاية للقضية العربية في الخارج. وقد توقف هذا المشروع عام 1936. وكان من أعماله البارزة الأخرى دعوته إلى مقاطعة البضائع الأجنبية مقاطعة تامة.

ومع بداية الحرب العالمية الثانية في أيلول 1939، اتهمته السلطة الفرنسية بحيازة السلاح ومساعدة الثوار، فلجأ إلى الأردن، خشية اعتقاله للمرة الثالثة، وظل فيها مدة سنتين عانى فيهما الفقر والجوع والتشرّد ثم عاد إلى دمشق. وانتخب نائباً في البرلمان ثم أعيد انتخابه عام 1947 لكنه اعتزل العمل السياسي عام 1948.

وقد وجه البارودي، بعد الاستقلال، عنايته إلى إحياء التراث الموسيقي العربي وجمعه وتدوينه. وعني عناية خاصة برقص السماح والموشح، وأشرف على تأليف فرق فنية لهذه الغاية واختار لها الشعر المناسب والألحان الموسيقية.

كان فخري البارودي متعدد المواهب، يقف وراء كل مشروع وطني أو قومي، تملأ الحماسة صدره، فهو دائماً وطني متطرّف، ثائر ومجاهد، اشتهر بلقب «زعيم الشباب» وكان أديباً شاعراً، وله ديوانان من الشعر المقبول. ونظم عدداً من الأناشيد الوطنية والحماسية الذائعة الصّيت منها نشيد:

بلاد العرب أوطاني
من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمنٍ
إلى مصر فتطوان

ومنها نشيد:

أنت سورية بلادي
أنت عنوان الكرامة

ونشيد:

سورية يا ذات المجد
والعزة في ماضي العهد

وكان معروفاً بحبه للمرح والدعابة وكان منزله منتدى يلتقي فيه ظرفاء الشام وأدباؤها، وكانت مكتبته قيمة تشتمل على الكثير من الكتب والمخطوطات وأكثرها في الموسيقى وقد أتت عليها النار في حوادث 18 تموز سنة 1963.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أهم مؤلفاته

ترك فخري البارودي عدداً من المؤلفات أهمها:

  1. فصل الخطاب بين السفور والحجاب ـ دمشق ـ 1924.
  2. تشكيلات وقيافة عسكرية ـ 1938.
  3. مذكرة الشرطي ـ قصة. دمشق 1942.
  4. كارثة فلسطين. دمشق 1950.
  5. مذكرات البارودي ـ بيروت ـ دار الحياة ـ جـ1 ـ 1951.
  6. مذكرات البارودي ـ دمشق ـ الناشر عاطف عجة ـ جـ2 ـ 1952.
  7. الصلح مع إسرائيل ـ 1957.
  8. تاريخ يتكلم. مطابع ابن زيدون، دمشق ـ 1960.
  9. قلب يحترق. دمشق 1962.
  10. كتاب الطبيخ ـ تأليف محمد بن الحسن الكاتب البغدادي، أعاد نشره وذيله بكتاب معجم المآكل الدمشقية ـ بيروت ـ دار الكاتب الجديد ـ 1964.
  11. المعجم الموسيقي (لم ينشر، المخطوط في مكتبة الأسد).
  12. المعجم الشامي (لم ينشر، المخطوط في مجمع اللغة العربية بدمشق).


وفاته

في الثاني من أيار 1966 في مستشفى المواساة بدمشق، رحل البارودي إلى جوار ربّه، وشيّعته دمشق إلى مثواه الأخير تشييعاً حافلاً.


المصادر

  1. ^ أ ب أوراق ومذكرات فخري البارودي 1887 - 1966.إعداد وتحقيق دعد الحكيم. منشورات وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية، دمشق 1999.
  2. ^ نجاح حلاس، فخري البارودي ... الشاعر والاديب والمناضل