غارة البحر الأسود

غارة البحر الأسود، كانت طلعة بحرية عثمانية على الموانئ الروسية في البحر الأسود في 29 أكتوبر 1914، بدعم من ألمانيا، أدت إلى دخول العثمانيين في الحرب العالمية الأولى. كان الهجوم بتدبير وزير الحربية العثماني أنور پاشا، الأميرال الألماني ڤيلهلم سوشون ووزير الخارجية الألماني.

غارة البحر الأسود
Black Sea Raid
جزء من الحرب العالمية الأولى
Midilli Raids Novorossiysk.jpg
خزانات النفط في ميناء نوڤوروسييسك تحترق في أعقاب القصف.
التاريخ29 أكتوبر 1914
الموقع44°N 35°E / 44°N 35°E / 44; 35Coordinates: 44°N 35°E / 44°N 35°E / 44; 35
النتيجة انتصار العثمانيين
المتحاربون
 الدولة العثمانية  الإمبراطورية الروسية
القادة والزعماء
الدولة العثمانية الإمبراطورية الألمانية ڤيلهلم سوشون الإمبراطورية الروسية أندري إبرهاردت
القوى
1 طراد قتالي
1 طراد خفيف
1 طراد محمي
1 طراد طوربيد
4 مدمرات
1 زورق مدفعية
الدفاعات الساحلية
1 pre-dreadnought
1 زارعة ألغام
1 ذورق مدفعية
3 مدمرات
الضحايا والخسائر
1 طراد قتالي معطوب 1 زارعة ألغام معطوبة
1 زورق مدفعية غريق
1 مدمرة معطوبة
العديد من السفن التجارية المعطوبة أو المدمرة [Note 1]
خسائر بشرية غير معروفة[Note 2]

كانت الحكومة الألمانية تأمل أن يدخل العثمانيون الحرب لدعمهم لكن الحكومة في إسطنبول لم تكن قد حسمت أمرها بعد. بدأ وزير الحرب الألماني العثماني، أنور پاشا، التآمر مع السفير الألماني لإدخال الدولة العثمانية الحرب. فشلت محاولات واسعة النطاق لتأمين الدعم في الحكومة، لذلك قرر أنور أن تحريض النزاع. بمساعدة من وزير البحرية العثماني والأميرال ڤيلهلم سوشون، خطط أنور لخروج الأسطول العثماني للبحر يوم 29 أكتوبر للقيام بمناورات كما هو مفترض. كان عليهم استفزاز السفن الروسية لإطلاق النار ثم اتهامهم بالتحريض على الحرب. بدلاً من ذلك، داهم سوشون الساحل الروسي في استعراض عدواني صارخ، مما تسبب في أضرار محدودة لكنها أثارت غضب الروس.

أفشل أنور پاشا محاولات اعتذار المسئولين المناهضين للحرب في إسطنبول عن الحادث. سرعان ما البريطانيون بهجمات بحرية في الدردنيل، وأعلن الروس الحرب في 2 نوفمبر، تلاهم البريطانيون والفرنسيون بعد ثلاثة أيام. لم يعلن العثمانيون الحرب رسمياً حتى 11 نوفمبر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

في الأشهر السابقة لاندلاع الحرب العالمية الأولى، راحت جهود مسئولي الدولة العثمانية هباءاً في محاولتهم تأمين تحالف مع القوى العظمى.[10] اقترح أنور پاشا، وزير الحربية العثماني الموالي لألمانيا، بشكل مباشر تحالفاً في 22 يوليو 1914 على السفير الألماني في إسطنبول هانز فرايهر فون ڤانگن‌هايم، لكن اقتراحه رُفض. بعد يومين، ألغى القيصر ڤيلهلم الثاني قرار ڤانگن‌هايم، وتم تسليم مسودة التحالف العثمانية في برلين يوم 28 يولوي- بعد يوم من بداية الحرب العالمية الأولى. بلغت أزمة يوليو ذروتها ويبدو أن ألمانيا ستخوض حرباً على جبهتين مع فرنسا وروسيا. مع تردد الألمان في تقديم أي التزامات عسكرية ذات أهمية، تم تفويض ڤانگن‌هايم من قبل المستشار الألماني تيوبالد فون بتمان-هول‌ڤگ لتوقيع الاتفاق فقط إذا كانت "الدولة العثمانية" ستتخذ إجراء يُذكر ضد روسيا".[11] في 1 أغسطس، عرض أنور على ڤانگن‌هايم البارجة الجديد السلطان عثمان الأول مقابل الحماية الألمانية. كانت هذه على الأرجح حيلة ذكية. قام مسؤولو المملكة المتحدة، من أجل دعم البحرية الملكية لشن حرب ضد ألمانيا، بالاستيلاء على البارجة السلطان عثمان الأول والبارجة الرشيديه، التي كانت قيد الإنشاء في أحواض بناء السفن الخاصة البريطانية. لم يكن ڤانگن‌هايم ومعظم مسئولي الحكومة العثمانية على علم بذلك. ربما علم أنور بالفعل بمصادرة البارجتين، لأن إطلاق البارجة فعلياً إلى دولة أجنبية كان من شأنه أن يسبب لغط بين العامة والحكومة. وقع السفير ڤانگن‌هايم معاهدة في اليوم التالي، ليتاسس التحالف الألماني العثماني السري.[12]

ومع ذلك، فإن التحالف لم يدخل العثمانيين تلقائياً في الحرب كما كانت تأمل ألمانيا. ألزمت الصياغة الحرفية للمعاهدة ألمانيا بمعارضة أي مخالفات أجنبية على الأراضي العثمانية (خاصة من جانب روسيا) ولكنها طلبت فقط من الدولة العثمانية مساعدة ألمانيا وفقاً لالتزامات الأخيرة مع النمسا-المجر. ولأن ألمانيا أعلنت بشكل استباقي الحرب على روسيا قبل عدة أيام من النمسا-المجر، لم تكن الدولة العثمانية مضطرة للانضمام إلى النزاع.[13] كان الصدر الأعظم سعيد حليم پاشا ووزير المالية جويد بك يعارضان التدخل العثماني في الحرب وينظران للتحالف باعتباره اتفاقية سلبية.[14] كان المسؤولون العثمانيون الآخرون مترددين في الاندفاع نحو نزاع مسلح في أعقاب حرب البلقان الأولى الكارثية، لا سيما بالنظر إلى احتمال أن دول البلقان قد تهاجم الدولة العثمانية إذا أصبحت طرفاً محارباً.[15]

 
إس‌إم‌إس گوبن

في هذه الأثناء، في البحر الأبيض المتوسط، كان الطراد القتالي الألماني إس‌إم‌إس گوبن و[[طراد خفيف|الطراد الخفيف إس‌إم‌إس برسلاو يبحران قبالة الجزائر الفرنسية. كان الأميرال ڤيلهلم سوشون، قائد السرب، يقوم بمهمته من أجل التصادم مع قوافل قوات الوفاق. كان قد تلقى أوامراً في 3 أغسطس بأن يتراجع بسفنه إلى المياه العثمانية، لكنه اختار أن يبقى ليوم واحد وأن يقصف ميناءين. وفي 1 أغسطس، رتب الألمان وأنور پاشا من أجل السماح بمرور آمن لسرب سوشون.[16] بينما كان يتزود بالفحم في ميسينا، تلقى سوشون برقية تلغي هذه الأوامر، حيث أن المسؤولين العثمانيين الآخرين الذي عرفوا بصفقة أنور قد اعترضوا على الخطة.[17] على الرغم من هذه التطورات، فقد قرر سوشون الاستمرار في اتجاه صوبة الدولة العثمانية، بعد أن خلص إلى أن محاولة العودة إلى ألمانيا من شأنها أن تؤدي إلى تدمير سفنه على أيدي البريطانيين والفرنسيين والانسحاب إلى الساحل النمساوي-المجري سوف يتركها محصارة في البحر الأدرياتيكي حتى نهاية الحرب. مع الملاحقة الوثيقة من البحرية الملكية، تابع سوشون طريقه شرقاً، متظاهراً بالتراجع نحو النمسا-المجر في محاولة لتضليل البريطانيين. لجعل الحيلة أكثر إقناعاً، قام الأميرال أنطون هاوس النمساوي sortied جنوباً برفقة أسطول كبير في مناورة كان من المفترض أن تبدو وكأنها موعد مع سوشون. بمجرد أن وصل سوشون المياه اليونانية، عاد هاوس إلى الميناء. أصر الألمان أن يتبع هاوس سوشون إلى إسطنبول حتى تتمكن سفنه من دعم حملة مدبرة ضد الروس في البحر الأسود، لكن الأميرال النمساوي ظن أن العاصمة العثمانية ستكون قاعدة فقيرة عملياتياً ولم يرغب في مغادرة ساحل النمسا-المجر دون حماية.[2] في تلك الأثناء، اقترب سوشون من الدولة العثمانية، التي لم تأذن بعد لسفنه بدخول مياهها. في 8 أغسطس، قرر حسم القضية وإرسال سفينة دعم إلى إسطنبول برسالة إلى الملحق البحري الألماني لإعطاءها للعثمانيين: كان يحتاج إلى المرور الفوري عبر الدردنيل على أساس "الضرورة العسكرية" وكان مستعداً للدخول "دون موافقة رسمية". في صباح 10 أغسطس، حصل سوشون على تصريح لدخول المضيق.[17]

في اليوم السابق، اقترحت الحكومة العثمانية على ڤانگن‌هايم ترتيب عملية شراء وهمية للسفن الألمانية، وبالتالي فإن وجودها لن يؤثر على الحياد العثماني. في اليوم التالي قام المستشار الألماني بتكليف ڤانگن‌هايم، رافضاً الفكرة وطالب العثمانيين بالانضمام إلى الحرب على الفور. استفاد الصدر الأعظم من ڤانگن‌هايم عند وصول السفن قبل الأوان وكرر الطلب لإجراء عملية بيع وهمية. أعلنت الحكومة العثمانية لاحقاً أنها اشترت السفينتين مقابل 80 مليون مارك ألماني. في 14 أغسطس، أوصى ڤانگن‌هايم الحكومة الألمانية أنه سيكون من الأفضل متابعة البيع، خشية أن يخاطروا باغضاب العثمانيين.[18]

في 16 أغسطس، دُمجت السفن رسمياً في البحرية العثمانية بينما تم تزويد أطقمها بزي جديد وأُعيد تسجيلهم رسمياً.[18] لقد اعتقد البريطانيون أن هذا الإجراء كان يهدف إلى موازنة الاستيلاء على البارجتين العثمانيتين، لكن هذا لم يكن هو الحال تماماً. كان العثمانيون يخشون أن يحاول الوفاق، وخاصة روسيا، تقسيم الدولة العثمانية إذا ما ربحوا الحرب، في حين أن ألمانيا والنمسا-المجر لن تحاولا ذلك. بمجرد أن أدرك البريطانيون ذلك، زادت مخاوفهم من أن العثمانيين كانوا أكثر عرضة للدخول في الصراع لصالح ألمانيا.[19] في أعقاب إخفاقات روسيا في عملياتها ضد ألمانيا في أواخر أغسطس، بدا التوغل الروسي في الأراضي العثمانية غير مرجح.[20] في الوقت نفسه، توصل المسؤولون العثمانيون إلى اتفاقات حيادية مع حكومتي اليونان ورومانيا في حين عرضت بلغاريا tenancies مؤيدة لألمانيا، لتخفيف مخاوفهم من تهديد البلقان.[21] ثم بدأ أنور في تحويل سياسته الدفاعية إلى سياسة عدوانية.[20]


تمهيد

 
الأميرال ڤيلهلم سوشون وضباطه بالزي الرسمي للبحرية العثمانية.

في مناقشة خلال عطلة نهاية الأسبوع في الفترة من 12-13 سبتمبر، أعطى أنور سوشون إذناً لنقل سفنه إلى البحر الأسود للقيام بمناورات. اكتشف وزير البحرية العثماني، أحمد جمال، خطط سوشون ومنعه بقوة من مغادرة البوسفور.[22] ناقش مجلس الوزراء العثماني الأمر على مدار الأيام القليلة التالية، وفي 17 سبتمبر أخبر أنور سوشون أن تصريحه بالعمل في البحر الأسود "تم سحبه حتى إشعار آخر". غاضباً من ذلك، رسى سوشون بسفنه في اليوم التالي وانتقد الصدر الأعظم سعيد حليم بسبب "سلوكه غير المؤمن وغير الحاسم" لحكومته بينما كان يهدد بحل الأمور بنفسه و"التصرف وفقاً لما يمليه ضمير الضابط العسكري".[23] وطالب في وقت لاحق أنور پاشا، بأن يسمح على الأقل للطرادات الخفيفة الألمانية بإجراء التدريبات بالقرب من مضيق البوسفور مع العديد من المدمرات العثمانية. كان سوشون أن تتمكن السفن من إشراك أسطول البحر الأسود الروسي وإدخال الدولة العثمانية الحرب. ووعد أنور ببذل قصارى جهده.[23]

في 24 سبتمبر، تم تعيين سوشون نائب أميرال والقائد الأعلى للبحرية العثمانية.[4] بعد يومين أمر أنور بإغلاق الدردنيل أمام الملاحة الأجنبية دون استشارة مستشاريه. كان لذلك تأثير فوري على الاقتصاد الروسي، حيث كانت نصف صادرات روسيا تقريباً تمر عبر المضيق.[20]

في 9 أكتوبر، أخبر أنور السفير ڤانگنهايم أنه قد حصل على تعاطف وزير الداخلية محمد طلعت ورئيس مجلس النواب خليل منتشى وأنه يعتزم تأمين دعم جمال پاشا. إذا فشل ذلك، فسوف يثير أزمة في الحكومة ويخلق حكومة مؤيدة للحرب.[24] بعد حصوله على تعاطف جمال، أبلغ العثمانيون المتآمرون الألمان أنهم سيذهبون إلى الحرب بمجرد حصولهم على ما يعادل مليوني ليرة من الذهب، وهو ما فسره الألمان بأن الدولة العثمانية ستحتاج إلى تمويل حربي. تم شحن الأموال من خلال رومانيا المحايدة، ووصلت آخر دفعة منها في 21 أكتوبر.[24] قام المخبرون العاملون لدى السفير الروسي في إسطنبول، ميخائيل نيكولاييڤيتش فون گيرز، بإرسال المعلومات حول المدفوعات إلى وزير الخارجية الروسي سرگي سازانوڤ. كان سازانوڤ يشك في نوايا العثمانيين والألمان، وحذر قادة البحرية الروسية في سباستوپول من الاستعداد لهجوم. في 21 أكتوبر، أكد الأميرال كاظم كتلينسكي لوزير الخارجية أن أسطول البحر الأسود "على أهبة الاستعداد".[5]

في 22 أكتوبر 1914، قدم أنور سراً سلسلة من الخطط إلى ڤانگنهايم حول كيفية إدخال الدولة العثمانية في الحرب. وافق الألمان على مهاجمة القوات البحرية الروسية.[6] في الدقيقة الأخيرة غير طلعت منتشى رأيهما وخلصا إلى وجوب احتفاظ العثمانيين بالذهب والبقاء على الحياد، على الرغم من أن طلعت سرعان ما عاد إلى موقفه القديم. كف أنور عن محاولة توحيد الحكومة لتمرير إعلان الحرب، وخلص إلى أن الروس بحاجة إلى الاستفزاز من أجل إعلان الحرب لتحريضهم على الحراك المطلوب.[24] أخبر الألمان بهذا في 23 أكتوبر، وأكد لهم أنه سيحتاج فقط إلى دعم الوزير جمال لتحقيق أهدافه. في اليوم التالي أخبر أنور الأميرال سوشون بأنه ينبغي أن يأخذ الأسطول إلى البحر الأسود ويهاجم السفن الروسية "إذا ما واتته الفرصة لذلك". بعدها أصدر جمال أوامره سراً لجميع ضباط البحرية العثمانية باتباع تعليمات سوشون بدقة.[25]


الغارة

في 27 أكتوبر، وُضع الأسطول العثماني في البحر تحت ستار أداء المناورات. كان أنور قد تصور في الأصل مواجهة في البحر يتظاهر فيها العثمانيون بالدفاع عن أنفسهم، لكن الأميرال سوشون تصور هجوماً مباشراً على الموانئ الروسية. وقال في وقت لاحق إنه يعتزم "إجبار الأتراك، ولو ضد إرادتهم، على دخول الحرب".[26] الطراد القتالي الألماني، المسمى حالياً ياووز السلطان سليم، كان مبحراً برفقة مدمرتين وزورق مدفعية لمهاجمة سباستوپول. الطراد الخفيف برسلاو، المسمى حالياً ميديلي، الطراد المحمي حمدية، والطراد الطوربيدي بركي ساتوت كانوا يهاجمون نوڤوروسييسك وفيودوسيا. أُسندت للمدمرات الثلاث مهاجمة أوديسا. في طريقهم، عانت إحدى هذه المدمرات الثلاثة من مشكلات في المحرك واضطرت للعودة.[6]

كان لدى ضباط البحرية الروسية تعليمات محددة بعدم البدء بإطلاق النار على العثمانيين في حالة المواجهة. أرادت الحكومة الروسية أن توضح لأي طرف ثالث أن العثمانيين هم المحرضين على بدء القتال.[5]

أوديسا

بعد قليل من الساعة 03:00 يوم 29 أكتوبر، دخلت المدمرة مواڤنت وگايرت ميناء أوديسا. من مسافة تقل عن 64 متر، أُطلق طوربيداً على زورق المدفعية الروسي دونتز، وسرعان ما تسبب في إغراقه. مضت المدمرتان في تدمير السفن التجارية، المرافق الساحلية، خمس خزانات للنفط، ومعمل لتكرير السكر.[6]

كانت المدمرتان قد قامتا بالفعل بغاراتهم في وقت مبكر عما كان سوشون يعتزمه، وتمكن الروس من إرسال تحذير إلى القوات في سباستوپول. بحلول الوقت الذي وصلت فيه ياووز، كانت المدفعية الساحلية مأهولة.[6]

سباستوپول

قبل تمام السادسة والنصف، كانت ياووز على مشارف سباستوپول ومضت في قصف الميناء لخمسة عشر دقيقة. في تلك الأثناء تبادلت النيران مع البارجة الروسية گريگوري پوبدونوستس والبطاريات الساحلية.[2] تمكنت ثلاث قذائف مدفعية ثقيلة إتلاف ياووز قبل أن تنسحب.[3] وصلت زارعة الألغام الروسية المسلحة پروت بعد الهجوم وقام طاقمها بتخريبها لتجنب انفجارها. ولأن وصول پروت كان متوقعاً، كان حقل الألغام الدفاعي حول الميناء غير فعال. عند تفعيله بعد 20 دقيقة، كان العثمانيون قد طهروا المنطقة.[27] حاولت ثلاثة مدمرات روسية ملاحقتم، لكن تم التخلص من الهجوم بعد قصف السفينة الرئيسية بقذيفة.[6]

فيودوسيا

 
ميناء نوڤوروسييسك يقصفه الطراد ميديلي

في نفس الوقت تقريباً وصلت حمدية قبالة سواحل فيودوسيا. لم تظهر أي علامات على وجود مقاومة مسلحة، فذهب ضابط ألماني وآخر تركي إلى الشاطئ لتحذير السكان المدنيين قبل قصف الميناء بعد ساعتين.[6][28]

يالطا

بعد الهجوم على فيودوسيا، قصفت حمدية يالطا، ودمرت العديد من مخازن الحبوب.[7]

نوڤوروسييسك

بعد وقت قصير من الساعة 10:50، أرسلت بركي ساتوت مجموعة للشاطئ لتحذير السكان العزل في نوڤوروسييسك، قبل أن تفتح نيران مدفعيتها على المدينة. سرعان ما انضمت إليها ميديلي، التي كانت منشغلة بزرع الألغام في [مضيق كرچ]].[6] أطلقت ميديلي حوالي 308 قذيفة، وأغرقت العديد من سفن شحن الحبوب الروسية ودمرت حوالي 50 خزان نفط.[5] في طريق العودة للأراضي العثمانية، قام طاقم ميديلي بمحاولة فاشلة لقطع كابل التلغراف البحري لسباستوپول مع ڤارنا البلغارية.[21]

التبعات

عصر اليوم التالي للغارة، أرسل سوشون برقية إلى إسطنبول أن السفن الروسية "أعاقت جميع تحركات الأسطول التركي وعطلت بشكل منهجي جميع التدريبات"، وعلى هذا النحو "بدأت الأعمال العدائية". حاول الروس ولكن لم يتمكنوا من متابعة الأسطول العثماني. عادت القوة المداهمة إلى المياه العثمانية في 1 نوفمبر.[2]

ذكرت الصحافة العثمانية الحراك الذي جرى في 31 أكتوبر، مدعية أن الروس خططوا لتلغيم البوسفور وتدمير أسطولهم دون إعلان حرب رسمي، مما اضطر البحرية العثمانية للرد بعد حدوث اشتباكات بحرية بقصف الساحل الروسي.[9]

أصيب ضباط الجيش الألماني بخيبة أمل بسبب محدودية الهجوم، الذي حقق في النهاية أهدافاً سياسية أكثر من الأهداف الاستراتيجية.[1] لم يصب أسطول البحر الأسود الروسي بأضرار خطيرة. انتشل زورق المدفعية دونتز لاحقاً وعاد للخدمة.[27]

العواقب

 
وزير الحربية العثماني أنور پاشا.

بعد الغارة، وقعت أزمة سياسية استمرت ليومين. وكان جلياً للحكومة العثمانية أن أنور پاشا قد سمح بحدوث الغارة. سرعان ما وصلت أنباء الهجوم إلى إسطنبول، وأجبر الصدر الأعظم ومجلس الوزراء أنور على إرسال أمر بوقف إطلاق النار إلى سوشون. هدد العديد من المسؤولين، من بينهم الصدر الأعظم، بالاستقالة احتجاجاً على ذلك. واستقال أربعة في وقت لاحق، من بينهم جويد بك.[29] على الرغم من أن الكثيرين في الحكومة اعتقدوا أنه من المناسب مهاجمة روسيا، فقد اعتبر أن التضامن أمراً حيوياً وسرعان ما تم صياغة خطاب اعتذار. في 31 أكتوبر، أبلغ أنور الألمان بالاعتذار المزمع، وقال أنه ليس هناك ما يمكن فعله.[26]

اعتقد البريطانيون، الذين لم يكونوا مطلعين على الوضع في إسطنبول، أن الحكومة العثمانية بأكملها كانت متآمرة مع الألمان. أرسل مجلس الوزراء البريطاني إنذار نهائي للعثمانيين، طالبين عزل الأميرال سوشون ومرؤوسيه الألمان من مناصبهم وطرد البعثة العسكرية الألمانية،[26] التي تتألف من حوالي 2.000 شخص.[30] لم يمتثل العثمانيون للمطالب البريطانية. في 31 أكتوبر، وجه لور أول الأميرالية ونستون تشرشل، بمبادرة شخصية منه، أوامره للقوات البريطانية في البحر المتوسطة ببدء العمليات العدائية ضد الدولة العثمانية. لم ينفذ هذا على الفور، لذلك لم يكن العثمانيون على علم بما حدث.[26] وسحبت الخارجية الروسية سفيرها گيرز من إسطنبول.[6]

في تلك الأثناء، كان أنور لا يزال يخشى قبول الروس الاعتذار العثماني، فقرر التدخل. قبل إرسال الرسالة بفترة وجيزة، أضاف فقرة تتهم الروس بالتحريض على النزاع. في 1 نوفمبر وصلت الرسالة پتروگراد. أجاب وزير الخارجية سازونوڤ بإنذار نهائي، مطالباً العثمانيين بطرد البعثة العسكرية الألمانية. رفض العثمانيون هذا الطلب.[30]

في اليوم نفسه نفّذت القوات البريطانية في البحر المتوسط أوامر تشرشل من خلال مهاجمة طريق الشحن العثماني قبالة ميناء إزمير. في المساء اجتمع مجلس الوزراء العثماني، واضطر الفصيل المناهض للحرب بقيادة الصدر الأعظم إلى قبول دخول الدولة العثمانية الحرب، وأنه ليس هناك ما يمكن فعله لتجنب النزاع.[31] أعلن الروس الحرب على الدولة العثمانية في 2 نوفمبر 1914. وعلى الفور أمر الأميرال أندري إبرهاردت الأسطول الروسي بالرد على الغارة العثمانية. في 4 نوفمبر، قصفة قوة المهام الروسية زنگل‌داك.[32]

في 3 نوفمبر قصفة البارجات البريطانية الخصون الخارجية في الدردنيل.[6] مددت المملكة المتحدة إعلان الحرب على الدولة العثمانية، كذلك فعلت فرنسا.[21] بسبب هذه الهجمات، كان هناك انطباع شائع في بريطانيا بأن تشرشل قد أدخل العثمانيين الحرب. كان لدى رئيس الوزراء لويد جورج هذه الاعتقادات لسنوات طويلة. في تلك الأثناء، حاول تشرشل الترويج للتقدم في النزاع، مثل المكاسب الإقليمية المحتملة في الشرق الأوسط (لهذا السبب دخلت إيطاليا ودول البلقان مثل اليونان الحرب).[33] وأخيراً أعلنت الدولة العثمانية الحرب على الوفاق الثلاثي في 11 نوفمبر. بعد ثلاثة ايام دعا السلطان العثماني محمد الخامس المسلمين السنة والشيعة لحملة جهادية ضد القوى الغربية.[21]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهوامش

  1. ^ The number of merchantmen damaged and destroyed is disputed. Erickson and Sondhaus claim that only 6 vessels were lost.[1][2] Dowling and Tucker state that the total casualties from the entire raid amount to 6 vessels sunk and around 12 damaged.[3][4] McMeekin and Miller state that 14 vessels alone were sunk at Novorossiysk[5][6] but McMeekin later lowered that estimate to 12 vessels sunk.[7]
  2. ^ Most sources do not list any statistics on Russia's human losses. Kieser states that the Ottomans "took dozens of crew prisoners-of-war."[8] The Ottoman press claimed that 75 sailors were captured.[9]

المصادر

الحواشي

  1. ^ أ ب Erickson 2001, p. 36.
  2. ^ أ ب ت ث Sondhaus 2014, p. 107.
  3. ^ أ ب Tucker 2014, p. 263.
  4. ^ أ ب Dowling 2014, p. 131.
  5. ^ أ ب ت ث McMeekin 2011, p. 111.
  6. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر Miller 1999
  7. ^ أ ب McMeekin 2015, p. 128.
  8. ^ Kieser 2015, Propaganda, Mobilization, and Strategies of War.
  9. ^ أ ب New York Times Company 1917, pp. 1032–1033.
  10. ^ McMeekin 2012, p. 106.
  11. ^ McMeekin 2012, p. 107.
  12. ^ Fromkin 2010, pp. 60–61.
  13. ^ McMeekin 2012, p. 108.
  14. ^ Gingeras 2016, p. 107.
  15. ^ Sondhaus 2014, p. 101.
  16. ^ Fromkin 2010, p. 62.
  17. ^ أ ب McMeekin 2012, p. 111.
  18. ^ أ ب Fromkin 2010, p. 65.
  19. ^ Fromkin 2010, p. 67.
  20. ^ أ ب ت Fromkin 2010, p. 70.
  21. ^ أ ب ت ث Sondhaus 2014, p. 108.
  22. ^ McMeekin 2015, p. 120.
  23. ^ أ ب McMeekin 2015, p. 121.
  24. ^ أ ب ت Fromkin 2010, p. 71.
  25. ^ Hamilton & Herwig 2003, p. 353.
  26. ^ أ ب ت ث Fromkin 2010, p. 72.
  27. ^ أ ب Halpern 2012, Chapter 3: The Mediterranean 1914–1915.
  28. ^ Erickson 2001, p. 35.
  29. ^ Kent 2005, Chapter 5: Germany and the End of the Ottoman Empire.
  30. ^ أ ب McMeekin 2011, p. 112.
  31. ^ Fromkin 2010, p. 73.
  32. ^ Sondhaus 2014, p. 109.
  33. ^ Fromkin 2010, p. 74.

أعمال مرجعية