رسالة الغفران

رسالة الغفران عمل أدبي لأبي العلاء المعري، كتبها عام 424 هـ/1033م تعتبر من أجمل ما كتب المعري في النثر، وهي رسالة تصف الأحوال في النعيم والسعير والشخصيات هناك، وقيل أن الشاعر الإيطالي دانته أليگييري، مؤلف كتاب الكوميديا الإلهية أخذ عن أبي العلاء فكرة كتابه ومضمونه.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

البنية والقصة

تعد رسالة الغفران لأبي العلاء من أعظم كتب التراث العربي النقدي وهي من أهم وأجمل مؤلفات المعري وقد كتبها رداً على رسالة ابن القارح [1]وهي رسالة ذات طابع روائي حيث جعل المعري من ابن القارح بطلاً لرحلة خيالية أدبية عجيبة يحاور فيها الأدباء والشعراء واللغويين في العالم الآخر، وقد بدأها المعري بمقدمة وصف فيها رسالة ابن القارح وأثرها الطيب في نفسه فهي كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ثم استرسل بخياله الجامح إلى بلوغ ابن القارح للسماء العليا بفضل كلماته الطيبة التي رفعته إلى الجنة فوصف حال ابن القارح هناك مطعماً الوصف بآيات قرآنية وأبيات شعرية يصف بها نعيم الجنة وقد استقى تلك الأوصاف من القرآن الكريم مستفيداً من معجزة الإسراء والمعراج، أما الأبيات الشعرية فقد شرحها وعلق عليها لغوياً وعروضياً وبلاغياً.

ويتنقل ابن القارح في الجنة ويلتقي ويحاور عدداً من الشعراء في الجنة من مشاهير الأدب العربي منهم من غفر الله لهم بسبب أبيات قالوها، وشعراء الجنة منهم زهير بن أبي سلمى والأعشى وعبيد بن الأبرص والنابغة الذبياني ولبيد بن أبي ربيعة وحسان بن ثابت والنابغة الجعدي.

ثم يوضح قصة دخوله للجنة مع رضوان خازن الجنة ويواصل مسامراته الأدبية مع من يلتقي بهم من شعراء وأدباء ثم يعود للجنة مجدداً ليلتقي عدداً من الشعراء يتحلقون حول مأدبة في الجنة وينعمون بخيرات الجنة من طيور وحور عين ونعيم مقيم. ثم يمر وهو في طريقه إلى النار بمدائن العفاريت فيحاور شعراء الجن مثل "أبو هدرش" ويلتقي حيوانات الجنة ويحوارها ويحاور الحطيئة.

ثم يلتقي الشعراء من أهل النار ولا يتوانى في مسامرتهم وسؤالهم عن شعرهم وروايته ونقده ومنهم امرؤ القيس وعنترة بن شداد وبشار بن برد وعمرو بن كلثوم وطرفة بن العبد والمهلهل والمرقش الأكبر والمرقش الأصغر والشنفرى وتأبط شراً وغيرهم. ثم يعود من جديد للجنة ونعيمها.


أقسام الكتاب

 
رسالة الغفران. لتحميل الكتاب، اضغط على الصورة.

ركز أبو العلاء المعري في رسالة الغفران على إبراز ما أسماه النص المحوري للرسالة وذلك لإبراز غرضها الأساسي الذي يحدده بالتعبير عن نظرة للدين والأدب والحياة بأسلوب أدبي ويركز أيضا على الجانب العقائدي في الرسالة من خلال ربطها بعقيدة أبو العلاء المعري، وقد جاءت في ثلاثة أجزاء.

نقد

الرسالة كثيرة الاستطراد، ولعل الجاحظ الذي وسم أدبه بالتنقل من موضوع إلى آخر, ثم العودة إلى ما بدأ, قد دمغ باستطرادته الأدب العربي، وأعدى صاحبنا المعري، وربما استطراد المعري لسبب آخر هو اللهو، والعبث بابن القارح، أو أنه لسعة اطلاعه فاض كما فاض الجاحظ.

إلى جانب ذلك كان المعري مسرفا إسرافا متجاوزا في العمية اللغوية، والجري في مضمار الغريب كأنه يكتب لخاصته كما يزعم الدكتور طه حسين، أو أنه لم يشأ أن يطلع الناس، وعامتهم على آرائه، ومنازع فكره، لكن هذا الغريب النادر أظهر لنا أبا العلاء واسع الاطلاع إلى حد لم نألفه عند سواه على الغريب والنادر في اللغة وانه أحيى ألفاظ كانت مواتاً، مستوفيا قواعد اللغة، والشاذ فيها، متصرفا بالاشتقاق، والتوليد تعرف الخبير المستطيل، حتى صح للعلامة عبد الله العلايلي يميزه بأنه صاحب فلسفة لغوية خاصة، مما أدى به إلى اعتبار الحروف كالأرقام ذات دلالات رمزية جنحت به إلى السيمائية، أو ما يسمى بالفيثاغورية أو الهرمسية، وكل ذلك مذهب من مذاهب الباطنية التي وصم المعري, وفصل ذلك العلالي في كتيبه عنه ((المعري ذلك المجهول)) كما شهر من قبل جابر بن حيان.

وفي رسالة الغفران علم كثير، بالشعر وروايته، ونقده، ومقابلاته، وبالتاريخ، وبالأماكن، والافراد، والقرآن وتفسيره، وروايته، والحديث ومختلف شؤونه، واللغة كل ما يتصل بها، والتفات حصيف إلى الفرق، والأديان، وما خفي من حياة الأفراد العظماء، فجاءالمعري ينبش، ويكشف، أو يصحح أو يفضح.

قذف المعري إلى الدنيا، واصطدم، فلم يهو إلى مخافي العفاء، أو ينطو صفحة ممحوة السطور، بل أخذ يـتأمل، ثم يتحدى، ليتخذ موقفا من الجسد بالتحكم فيه، ودوزنة مطالبه كما شاءت إرادته، وحدد موقفا من النفس, فلجمها، ونسق منازعها, ممهدا إلى موقف كلي من المجتمع، والإنسان والكون.

لم يكن ملتفاً في قوقعة الترصد، والمواربة كابن المقفع، ولا عابثا لاهيا على سطوح المجتمع كالجاحظ، أو سوفسطائيا كأصحاب المقامات، أو زخرفيا كأبن العميد، ولا ظلا كأبي حيان التوحيدي، بل كان بناء في هدمه, مسؤولا عن الإنسان والكون، متحدثا إلى هذا الإنسان بلغة الذي يرى المصير، ويعي الله، ويشمل بنظره لعبة الخلق، والوجود، والعدم، والكبرى.

انظر أيضاً

المصادر

اقرأ نصاً ذا علاقة في

رسالة الغفران


  1. ^ عبد الكريم محمد حسين. "أبو العلاء المعري". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-09-12.