جبال القلمون

جبال القلمون هي الجانب السوري من سلسلة جبال لبنان الشرقية في غرب سوريا تتجه من جبل الشيخ (الجولان) في الجنوب إلى سهول منطقة الدريج (محافظة حمص) والسلمية، حماة في الشمال وتكون إلى الشمال الغربي من مدينة دمشق. تنتشر عليها من الجهة السورية مدن وقرى وبلدات شهيرة مثل عسال الورد صيدنايا ومعلولا وبخعة وجبعدين وحلبون والنبك ويبرود ودير عطية ورآس المعرة وغيرهم .

أحد جبال القلمون
صورة ساتلية للبنان. المناطق المغطاة بالثلوج القريبة من الساحل تبين خط سلسلة جبل لبنان والمناطق المغطاة بالثلوج للداخل تبين خط جبال لبنان الشرقية أو القلمون.

تنتشر على جنبات وبين ثنايا جبال القلمون في سوريا الكثير من الاثار والمغاور والمباني المحفورة في الصخر والكهوف والمعابد والأديرة والكنائس والمقدسات المسيحية التاريخية الهامة و لازال سكان عدد من البلدات يتحدثون اللغة الآرامية ( اللغة السورية القديمة أو اللغة السريانية التسمية الحديثة للآرامية ) في حياتهم اليومية.

وتتميز مناطق جبال القلمون السورية بمناطقها الجميلة واطلالاتها الساحرة ومصايفها الشهيرة حيث تتوضع البلدات والمدن في احضان الجبال أو على القمم ويسود المنطقة جو جميل معتدل إلى بارد صيفاً، وبارد مع تساقط كثيف للثلوج في الشتاء حيث تكلل البلدات ورؤوس الجبال بالثلج ، وعلى امتداد السلسة الجبلية وفي مناطق القلمون عشرات ينابيع المياه الطبيعية والمعدنية، وتشتهر مناطق جبال القلمون بزراعة أشجار الفاكهة المميزة مثل الكرز والمشمش والخوخ والدراق والأجاص والتفاح والتين والعنب وغيرها من فواكه القلمون التي تتميز بالجوده.

وأعلى القرى في هذه المنطقه هي بلدة راس المعرة التي يبلغ عدد سكانها نحو 14,000 نسمة وهي تقع عند سفح طلعة موسى وهي أشهر قرى سوريا بزراعة الكرز على الإطلاق بنوعيته الممتازة اضافة لزراعة اشجار الفواكه المميزة والذي يصدر أغلبيته إلى خارج سوريا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

القلمون الشرقي

 
معبد زيوس هيپسيستوس، الضمير

بعض البلدات الواقع في الجزء الشرقي من جبال القلمون:


حرب القلمون 2013

الانتصار الذي حققته الحكومة السورية في معركة القصير بأبريل 2013، تسبب في وقف تدفق المقاتلين السلفيين الأجانب إلى سوريا عبر عرسال اللبنانية إلى القصير.

الجيش يضع أولويات في اختيار معاركه، خصوصاً في منطقة شاسعة ومعقّدة كالقلمون، إذ يعمد إلى حسم المناطق التي «تشكل خطراً على مخازن أسلحة أو مطارات أو معسكرات رئيسية للجيش، وتلك التي تشكل خطراً على الطرقات الاستراتيجية، وثالثاً المناطق التي تشكل خطراً مباشراً على مدينة دمشق أو استراتيجياً على قلب وجغرافيا سوريا». لا شكّ في أن القلمون، وامتدادها اللبناني في بلدة عرسال وجرودها، باتت ملجأ لعددٍ غير قليل من عناصر المعارضة المسلحة السورية، على اختلاف تشكيلاتهم وكتائبهم، بدءاً بـ«جيش الإسلام» و«ألوية الفرقان» و«كتائب صقور الشام»، وليس انتهاءً بـ«جبهة النصرة» وبعض أفراد «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ومن يفرّ من المسلحين من معارك الغوطتين. ولا شكّ، أيضاً، في أن هذه المنطقة تشكّل عبئاً على الطريق الدولي بين مدينة دمشق من جهة، ومحافظة حمص من الجهة الأخرى، وتالياً محافظات حماه وحلب وإدلب وطرطوس واللاذقية. وبالتالي، فإن سيطرة الجيش على مفاصل القلمون أمر فائق الأهمية. وتشرح المصادر كيف أن عملية المقارنة بين معركة القصير وريفها وطريقة الحسم التي اعتمدت، لا تصلح في منطقة القلمون، ليس لاختلاف الجغرافيا والمساحة الشاسعة فحسب، بل أيضاً للظروف السياسية الحالية. إذ «كان حسم القصير نقطة البداية في عملية التحول السياسي وانقلاب المواقف الدولية لصالح النظام وحلفائه». في حين ان «أي معركة في القلمون في الظروف الحالية السياسية، قد تكون عامل انحدار في أوراق القوة السياسية قبل مؤتمر جنيف 2، في حال عُقد، بدل أن تكون عامل قوّة في حال تأخر الحسم، ولم يتمكن الجيش من تحقيق نتائج سريعة، وهو أمر متوقع في ظلّ المساحة الشاسعة والطبيعة الجغرافية القاسية».[1]

العصا والجزرة

سواتر ترابية فقط هي ما يفصل بلدات القلمون عن المناطق التي تخضع لنفوذ القوات السورية. مدخل واحد لكل بلدة يشرف عليه عناصر الجيش السوري. يمنع خروج المتورطين والمطلوبين من هذه المناطق. وحدهم المدنيون يمكنهم الدخول والخروج عبر المعابر. دير عطية، فقط، تبدو واثقة ومرتاحة إلى وضعها الأمني وسط محيطها «القلموني» المتفجر، بدءاً من رنكوس المواجهة لسلسلة لبنان الشرقية وحتى الزبداني جنوباً، بالإضافة إلى البلدات الواقعة على مدخل دمشق الشمالي في اتجاه حمص.

يعمل الجيش السوري على قاعدة أن معركة كبرى ستحصل هنا، إذ يحشد قوات معدّة للقتال الجبلي في أكثر من منطقة، سواء في الشمال، وصولاً إلى الحدود اللبنانية من جهة الغرب، وكذلك في الجنوب من جهة وادي بردى ورنكوس، كما في الوسط، أي منطقة النبك. ورغم الحشد الكبير، يؤكّد معنيون بسير المعارك في القلمون، أن الجيش لا ينوي القيام بهجوم شامل كبير على منطقة بهذا الحجم مع خلفية إمداد لوجيستي جيدة كعرسال. وبالتوازي مع قوّة الجيش التي يصفها المصدر العسكري بـ«برميل البارود»، فإن «للجيش خططاً أخرى، كتقطيع الأوصال وحصار مناطق التجمع الكثيف للمسلحين، وسياسة العصا والجزرة مثالاً».

أسابيع ويملأ الثلج الطرقات الجبلية، وبحسب المصادر، فإن «العوامل المناخية تبدأ بالاشتداد أواخر تشرين الثاني المقبل في هذه المنطقة المرتفعة، فيتكفل الثلج بقطع 70% من طرق الإمداد للمسلحين، ومصدرها الرئيسي عرسال، بينما يتكفّل الطيران السوري ومرابض المدفعية وبطاريات الصواريخ بقطع الباقي، ما يوقع المسلحين تحت حصار الثلج والجيش، ويبقيهم في القرى».

نموذج تلفيتة

استقبل أهالي بلدة تلفيتة في منتصف أكتوبر 2013 جنود الجيش السوري بالأرز والأعلام السورية والأهازيج. يقول مصدر عسكري مطلع إن «الأهالي في كل مكان ملّوا من تصرفات المسلحين وتجاوزاتهم وصراعاتهم الداخلية، خصوصاً في القلمون، وبدأت البيئة الحاضنة تستعيد وعيها وتطالب المسلحين الغرباء بالخروج من القرى، ومن أبنائها تسليم أنفسهم وإيجاد حل مع الدولة لاستيعابهم، وهذا ما حصل في تلفيتة، التي سلم المسلحون من أبنائها أنفسهم للجيش، وتم طرد المسلحين الغرباء». يعوّل الجيش السوري، إذاً، على «تفكك البيئة الحاضنة للمسلحين بعد انكشاف زيفهم، كما أنهم يعلمون بأن الجيش سيستعيد القرى عاجلاً أو آجلاً، ومن لديه حس من الوطنية عليه حماية قريته من المعارك والدمار الذي قد يطالها في حال تعنّت المسلحين». ولا ينفي المصدر أن «جزءاً من المعطيات الحساسة تصلنا من الأهالي الذين ضاقوا ذرعاً باحتلال المسلحين لقراهم، فضلاً عن التسويات التي يطالب بها المسلحون مقابل تسليم مطلوبين آخرين خطرين ومقاتلين أجانب».

ويشرح المصدر كيف أن «عمليات القضم، التي أثبتت جدواها في مناطق الغوطتين، وفي مدينة حمص وريفها، هي الحلّ الأمثل لمنطقة في حجم القلمون، إذ يوفّر الجيش خسائره البشرية ويقلّص عدد الشهداء، كما أن الضغط والحصار يسمحان بحصول تسويات موضعية توفر حمامات الدماء والدمار الكبير ».

على أن آخر المعارك الحامية جرت في بلدة صدد ومحيطها قبل أن يستعيدها الجيش أول من أمس. وتشير المصادر إلى أن «أبرز أهداف المعارضة المسلحة من الدخول إلى صدد كان توسيع رقعة الاشتباك مع الجيش السوري تحسباً لأي عملية عسكرية كبرى ممكن أن تحصل، وأن المسلحين فوجئوا بقدرة الحسم الموضعي السريع». أما معلولا، فتقول المصادر إن «وضع البلدة الآن مستقر وآمن بنسبة كبيرة، غير أن المرحلة المقبلة لعمل الجيش في محيطها سيكون هدفه إبعاد خطر القناصين الذين يستهدفون البلدة وطريقها من التلال الواقعة خلف «فندق السفير» لجهة يبرود ويتمّ التعامل بالقوة القصوى مع مصادر القنص».

لن تكون معركة القلمون على شاكلة القصير إذاً. هي عملية قضم مبرمجة للقرى التي تقع تحت سيطرة المسلحين، إذ سيخضع بعضها للجيش بالتسويات، وبعضها بالقوّة. ولا جرس سيرنّ إيذاناً ببدء المعركة، فالمعركة لم تتوقّف أصلاً.

الهامش

  1. ^ فراس الشوفي, مرح ماشي (2013-10-31). "حرب القلمون لم تتوقف لتبدأ: مــعركة «العصا والجزرة»". صحيفة الأخبار اللبنانية.