تاريخ لبنان

Phoenician ship.jpg

هذا المقال هو جزء من سلسلة عن:

تاريخ لبنان

التاريخ القديم
تاريخ لبنان
فينيقيا
التاريخ القديم للبنان
الحكم الأجنبي
الحكم المصري
الحكم الآشوري
الحكم البابلي
الحكم الفارسي
الحكم اليوناني
الحكم الروماني
الحكم البيزنطي
الحكم العربي
الحكم العثماني
الحكم الفرنسي
لبنان المعاصر
أزمة لبنان 1958
الحرب الأهلية اللبنانية
حرب لبنان 1982
السيطرة السورية على لبنان
تفجيرات لبنان 2005
ثورة الأرز
حرب لبنان 2006
الاحتجاجات السياسية 2006-8
صراع شمال لبنان 2007
الصراع في لبنان 2008
حسب المواضيع
التاريخ العسكري
التاريخ الاقتصادي
خط زمني للتاريخ اللبناني
 ع  ن  ت

تاريخ لبنان قديم قدم البشرية ومثل كل بلاد الشرق الأوسط، ذكر لبنان في أقدم الاثار المكتشفة في المنطقة. كما أعطى موقعه الجغرافي، بإعتباره مفترق طرق تربط ما بين دول آسيا والبحر الأبيض المتوسط، طابع ثقافي وحضاري متنوع.[1]

خريطة لبنان.

ومر لبنان بفترات تاريخية مختلفة، حيث تعقاب عليه العديد من الحكام، مثل الأشوريون، البابليون، الأرمن، الفرس، اليونان، العرب، العثمانيون، والفرنسيون. وعلى الرغم من تعرض لبنان لمختلف الغزاة، فكثيرا ما يفخر اللبنانيون بثوراتهم ضد الحكام المستبدين وقوى الاستعمار. وبالإضافة إلى ذلك، والرغم من السيطرة الأجنبية التي تعرض لها لبنان، فإن التضاريس الجبلية التي يتمتع بها وفرت له قدر من العزلة الوقائية، مكنته من البقاء على هويته المميزة.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ القديم

هناك أثار تدل أن مناطق غربي آسيا ومنها لبنان كانت مستوطنة منذ العصر النياندرتالي[2]. الا أنه لايوجد الكثير من الدراسات عن الإنسان الأول الذي عاش في سواحل الشرقية للبحر المتوسط الا البقايا العظمية والادوات الحجرية التي دلت أنه سكن الكهوف. ودلت هذه الأثار أن هذا الإنسان كان أقرب إلى الغوريللا، قصير القامة وبديت الجسم، ثخين العظم مقوص الظهر، قصير الأصابع وغليظها. كان يعيش في الكهوف في جماعات قليلة وكان يأكل النياتات ولحم الحيوان. وتدل الأثار أنه عاش منذ 180,000 عاما[3].

الا أن ذكرَ تاريخ لبنان المدون فيعود إلى 5000 سنة. فقد ذِكر اسم لبنان بشكل مؤرَخ يعود لأثار من 3000 سنة قبل المسيح. وكان سكان هذا الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط من الكنعانيين الساميين من صلب سام بن نوح. دعا الإغريق سكان هذه المناطق بالفوينيكوس (phoinikies) والتي تعني البنفسجيين و ذلك نسبة للون البنفسجي الذي طغى على ألبستهم وللصباغ الأرجواني الذي اشتهروا به. وهكذا عرفوا بالفينيقيون في الأثار القديمة[4]. كما سمي أهل مناطق البقاع بالأمورو نسبة إلى الشعوب الأمورية التي أتت من جزيرة العرب واستوطنت بادية الشام[5].

الا أن اهالي هذه البلاد أطلقوا على أنفسهم اسم "تجار من صيدا" وعلى بلادهم باسم "لبنان" بسبب موقعه و طبيعته.

 
قدس الأقداس الأبيض بالكرنك

خلال الفترة الفينيقية، كانت شعوب غربي آسيا مؤلفة من ممالك مستقلة كل في مدينة ساحلية. وكانت تشتهر كل مدينة بحسب صنعة أبناءها. فمدينتي صيدا وصور اشتهرتا بتجارتيهما البحرية. أما مدينة جبلا التي اشتهرت ببييلوس (واليوم تعرف بمدينة جبيل) فاشتهرت بمراكزها الدينية وتجارتها مع مصر الفرعونية ما بين 2686ق.م و 2181 ق.م بحيث صدّرت خشب شجر الأرز وزيت الزيتون والنبيذ واستوردت الذهب من وادي النيل. واشتهرت مدينة بيريتوس (الاسم ألإغريقي لبيروت) بتجارتها ومراكز العبادة.


الفراعنة

وخلال طرد الفراعنة للهكسوس من مصر، احتل تحتموس الثالث الساحل الشرقي للبحر المتوسط وضم المدن الفينيقية لحكمه.

الفينيقيون

مقال رئيسي الفينيقيون.
 
خريطة فينيقيا.

سكن الفينيقيون بعد هجرتهم من جزيرة العرب الساحل السوريّ، وانتشروا على طوله، وأسسوا ممالك فينيقيّة صغيرة كانت في غالب الأحيان متنافرة ومتحاربة ومتنافسة في مجال التجارة التي هي أهم مورد اقتصاديّ لها وقتذاك. وامتدت الممالك الفينيقية من الشمال إلى الجنوب على طول الساحل السوري، من أهمها: أوغريت، وإرواد، وطرابلس، وبيروت، وجبيل، وصيدا، وصور. ويغلب على تاريخ تلك الممالك أنها لم تكن مستقلة إنما ظلت تتبع لدول كبرى احتلت المنطقة أو إمبراطوريات واسعة ضمت في بوتقتها السياسيّة بلاد الشام أو أجزاء منها. ومعروف أن الفينيقيين كانوا قد اشتهروا بالتجارة، ووصلت رحلاتهم التجاريّة إلى مناطق بعيدة عن بلادهم مثل مناطق البحر الأبيض المتوسط، فتاجروا مع سكان فلسطين، وسوريا، وتونس، ومع اليونان، وإيطاليا، وفرنسا وشبه جزيرة الأناضول، كما تاجروا مع مناطق الخليج على طول ساحله، وأصبحت لهم خبرة كبيرة في ركوب البحار والتعرف على الطرق التجاريّة فيها، وعملوا على صنع سفنهم التي يتاجرون بوساطتها ويتنقلون بها من بلد لآخر. وبناءً عليه فقد طبع الفينيقيون المناطق التي سكنوها والمناطق التي ارتادوها طلبًا للتجارة، بطابعهم الحضاريّ المنفتح والمتفوق على غيره.


الأشوريون

استولى الأشوريون (875 - 608 ق.م) علي الساحل الشرقي للمتوسط وقضوا على ازدهار الفنيقيين. حاول سكان صور وبيبلوس الانتفاضة على حكم ألأشوريون في القرن 8 ق.م الا ان تغلث فلاسر اخضعهم وفرض جزية قاسية. وحاولت صور الانتفاضة ضد سرجون الثاني إلا انه اخضعها في سنة 721 ق.م. وقام اسرحدون (681ق.م) بتدمير وسبي سكان صيدا وبناء مدينة جديدة على أنقاضها.

البابليون والفرس

بنهاية القرن الثامن ق.م ضعف الأشوريون مما سمح للبابليين بالقضاء عليهم وإنشاء دولة قوية في بلاد ما بين النهرين. وخلال الحكم البابلي، قاومت مدينة صور لمدة 13 عاما حصارا قويا من ِقِبل نبوخذنصر البابلي قبل أن يفتحها ويأسر أهلها.

أنهى الفرس الأخمينيون حكم البابليين في عهد قوروش مما جعل الفينيقيين يخضعوا لهم. وساند الفنيقيون الفرس بحروبهم ضد ألإغريق وخاصة باستعمال مراكبهم في المعارك البحرية. إلا انهم انتفضوا على دارا الأول بسبب مآسي الجزية المفروضة عليهم.


حكم الإغريق

عند انتصارات الملك الإغريقي الاسكندر المقدوني على الفرس في عام 333 ق.م، رحب الفنيقيون به فاتحا لبلادهم. إلا أن أهل صور رفضوا طلبه لتقديم ذبائح في معبد ملكارت مما دفعه لتدمير الجزيرة بعد 8 أشهر من الحصار. تأثر الفينقيون كثيرا بالثقافة الإغريقية مما أعطاهم طابعا مختلفا عن بقية شعوب المنطقة. بعد موت الإسكندر، تبع الفنيقيون الدولة السلوقية. الا أن المنطقة تأثرت بالنزاعات بين القادة الاغريق.[6]

نزوح بني عاملة إلى لبنان

وفي القرن الثالث ما قبل الميلاد، وقعت حادثة سيل العرم و انهيار سد مأرب و ضياع مملكة سبأ المعروفة في التاريخ. وبسبب هذه الكارثة، هاجرت قبيلة عاملة بن سبأ بن يشجب بن قحطان من اليمن إلى أطراف الشام فيما عرف بجبل عامل[7]. وهي منطقة الهضاب في جنوب لبنان المشرفه على البحر المتوسط وفلسطين وعرف سكانها باسم أهل جبل عامل.

الرومان

في سنة 64 ق.م أنهى القائد بومبي حكم السلقيون وضم المدن الفينيقية لحكم الرومان. ونعمت المدن الفنيقية بالازدهار الاقتصادي والفكري والثقافي. كما مَنح الرومانيون أهل مدن صيدا وصور وبيبلوس المواطنية الرومانية. كما بنى الرومان الصروح والهياكل مثل معبد بعلبك ودار الحقوق والحمامات العامة في بيروت والهياكل في صور. وازدهرت التجارة حيث صدَّر الفينيقيين خشب شجر الأرز والعطور والمجوهرات والنبيذ وعبَّدوا الطرق.

البيزنطيون

في سنة 395 ق.م تبعت منطقة لبنان الدولة البيزنطية مما تابع ازدهارها لقرن كامل. وفي القرن السادس الميلادي ضرب البلاد زلازل التي دمرت العديد من معالمها كهيكل بعلبك ومدرسة الحقوق في بيروت وقتل 30,000 من سكانها.

الموارنة

في عهد البيزنطيين، حصل صراع بين المسيحيين حول طبيعة السيد المسيح. و كان القديس مارون من أشد المقاومين لعقيدة الطبيعة الواحدة واتفقوا مع ثوابت المجمع الخلقيدوني الذي انعقد عام 451م. ادى هذا الاختلاف إلى مجازر عنيفة انتهت بمقتل أكثر من 3300 راهب ماروني في ديرالقديس مارون وأفاميا. دفعت هذه المجازر إلى هروب أتباع القديس مارون جنوبا إلى مرتفعات جبل لبنان التي أمنت لهم حماية طبيعية. ومذاك الوقت أستوطن الموارنة جبال لبنان الوعرة وبنوا الأديرة في صخوره.

المردة

في نفس فترة انتقال الموارنة إلى لبنان، تواجد في لبنان قوم سمي بالمردة. اختلف على نسبهم فمن قال أنهم من ال[جراجمة] ومنهم من نسبهم إلى الموارنة الذين نزحوا إلى تلك الجبال. إلا أن ما اتفق عليه أن المردة كانوا مقاتلين شديدو البأس مرهوبو الجانب عاشوا في لبنان وجعلوه حصينا.[8] [9]


الحكم العربي والعصور الوسطى

العصر الأسلامي (636م-1920م)

قامت الفوضي في منطقة لبنان بسبب الزلازل، الجزية القاسية والإختلافت الدينية في القرن السادس الميلادي مما أضعف الدولة البيزنطية وفتح البلاد أمام المسلمون القادمون من الجزيرة العربية. أرسل أبو بكر الصديق قواته لفتح بلاد الشام. وفي سنة 636م دحر القائد الإسلامي خالد بن الوليد القوات البيزنطية في موقعة اليرموك مما فتح له بلاد الشام ومنها لبنان.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الخلافة الأموية

بعد انتصار معركة اليرموك، عُيٍّن معاوية ألأموي حاكما على سوريا والتي كانت تشمل لبنان. طلب معاوية من اهل لبنان بناء السفن من أجل مواجهة آلة الحرب البحرية البيزنطية كما أوقف غزوات المردة الأقوياء في جبال لبنان الذين ناصروا الروم بعد معاهدة صلح مع البزنطيين ودفع الجزية لهم. خلال هذة الفترة، استوطن العديد من القبائل العربية مناطق ساحل لبنان للحد من التدخل البيزنطي. أول القبائل العربية التي استقدمت إلى لبنان كانو اللمعيون الذين سكنوا كفرسلوان.

تشيُّع أهل جبل عامل

تذكر بعض المصادر الشيعية أنه في عهد الامويين، تشيع اهل جبل عامل على يد أبي ذر الغفاري الذي نفاه معاوية إلى جبل عامل[10]. و منذ ذلك الحين سمي أهل جبل عامل بالمتاولة أحد أهم أسماء الشيعة الإمامية وهي جمع متوالي، وهي مشتقة على القياس من توالى، أي تتابع، أو مشتقة على غير القياس من كلمة تولى اي اتخذ وليّا. من الجدير ذكره ان اهل جبل عامل يعود نسبهم إلى قبيلة عاملة اليمنية وهم من أقدم من سكن لبنان.

الخلافة العباسية

استولى العباسيون على الحكم من ألأمويين سنة 750م وضموا لبنان لحكمهم. في بداية هذا العهد، استوطن الإرسلانيون في لبنان عام 756م. فرض العباسيون ضرائب قاسية على لبنان مما دفع اللبنانيين القيام بالعديد من الإنتفاضات. وفي القرن العاشر اعلن الامير الصوري علاقة استقلاله عن العباسيين الا أن حكمه انتهى مع استلاء الفاطميين على الحكم.

تأثير الحكم العربي

<!(بحاجة للترتيب والازادة)>

  • سبَب التنوع الحضاري
  • ملجاء للمضطهدين
  • بدء حضور الموارتة إلى قاديشا
  • لجوء الملكيين
  • تحول إلى غريغ اورثوذكس
  • نشوء الدروز
  • انتشار الفلسفة والاداب والعلوم (هارون الرشيد)

من علماء لبنان: الطبيب رشيدالدين والفقهي العوضي والفيلسوف قسطا بن لوقا

  • ازدهار مينائي صور و طرابلس
  • كان الحكم العربي في لبنان لينا مع المسيحيين واليهود. فرض عليهم الضرائب واعفهم عن الخدمة العسكرية.

الصليبيون

خلال الحملات الصليبية (1096م - 1291م)، أبدى الصليبيين اهتماماً بمدن ساحل لبنان وسيطروا عليها تدريجياً. فبعد تأسيس ممكلة بيت المقدس في مدينة القدس توجهوا لطرابلس واستولوا عليها في عام 1109م. ثم على بيروت وصيدا في عام 1110م. وأخيراً صور عام 1124م. خلَّف الصليبيون وراءهم العديد من القِلاع في لبنان مثل قلعة طرابلس وقلعة شقيف وقلعة سان جيل.

خلال هذه الحملات، تجاوب الموارنة مع ثقافة الصليبيين وتحولوا إلى مرجعية البابا في روما بعدما كانوا يخالفونه الرأي والمعتقد.

وبما أن الفرنسيين كانو يشكلون عصب الحملات الصليبية بدأت العلاقات المارونية-الفرنسية تتوطت منذ ذلك الحين ولا سيما بعد مجيء ملك فرنسا القديس لويس التاسع إلى الشرق [11]

المماليك

تمحور القرن الثالث عشر الميلادي بالصراعات بين الصليبيين من الشمال (أوروبا) و المغول من الشرق (أي هضاب آسيا) والمماليك من الجنوب (أي من مصر) والتي انتهت بغلبة المماليك.

المماليك كانو عبيد أحضرهم الأيوبيين من جبال القوقاز بين بحر قزوين والبحر الأسود. استولوا على الحكم من الأيوبيين وحكموا لبنان لقرنين من الزمن. ما بين القرنين ال11 وال 13 ميلادي، استوطن شيعة سورية والعراق والجزيرة العربية مناطق شمال البقاع وكسروان والجبال شمالي بيروت. انتفضوا الشيعة والدروز على المماليك عام 1291 مستغلين انشغاهم بالحروب مع الصليبيين. وفي عام 1308 استعاد المماليك السيطرة عليهم مما أجبر الشيعة ترك منطقة كسروان والنزوح إلى جنوب لبنان. وخلال العصر المملوكي أنتعشت تجارة مدينة بيروت وأصبحت من أهم موانئ التجارة بين أوروبا والعالم العربي. وفي هذه الفترة، اتت القبائل العربية التالية واستوطنت مناطق مناطق وادي التيم وساحل بيروت والشوف: الشهابيون، التلحوقيون، المعنيون وآل نكد.


الحكم العثماني

في عام 1516 سيطرت جيوش سليم الأول على لبنان وعلى المناطق الجبلية من سوريا وفلسطين، وعهد بإدارة هذه المناطق لفخر الدين الأول وهو أمير من الأسرة المعنية الذي قدم الولاء للباب العالي. ولقد أزعجت الأتراك محاولاته التي كانت ترمي إلى التملص من دفع الجزية. فقرروا بسط النفوذ المباشر على البلاد، ولكن ملاك الأراضي والفلاحيين اللبنانيين على السواء قاوموا ذلك، وفي عام 1544 توفي فخر الدين في بلاط باشا دمشق مسموما، وكذلك أستشهد ابنه قرقماس في عام 1585 أثناء قتاله للأتراك.

عام 1590 إعتلى فخر الدين الثاني نجل قرقماس السلطة، وكان سياسيا ماهرا حتى وصف بأنه تلميذ لميكافيلي وأنه كان يتقنع بأقنعة الدرزية والمسيحية بحسب حاجته، فقام بدفع الجزية للسلطان وتقاسم معه الغنائم الحربية، فعينه السلطان واليا على جبل لبنان والمناطق الساحلية التابعة له، وكذلك قسم كبير من سوريا وفلسطين.

أيّد معظم أمراء لبنان الحكم العثماني لبلاد الشام، وكان على رأس المؤيدين للسلطان سليم الأول الأمير المعني فخر الدين أمير المعنيين في جبل لبنان وغيره من أمراء الطوائف اللبنانيّة الأخرى. وقد أمَّر السلطان العثماني الأمير فخر الدين المعني على إقطاعياته وكذلك فعل بالنسبة لباقي أمراء جبل لبنان.

التنظيم العثمانيّ الأول لبلاد الشام

نظم العثمانيون بلاد الشام كلها تنظيمًا إداريًا متوخين بذلك فرض سيادتهم على الجميع. وجدير بالذكر أن التقسيمات الإداريّة العثمانيّة في بلاد الشام كانت دائما في حالة من التغير والتبدل تبعًا لتغير الظروف العامة والأوضاع المحليّة والسياسية. وجاءت التنظيمات العثمانيّة الإداريّة في بلاد الشام على النمط الآتي: 1- ولاية دمشق وقد تبعها كل من السناجق (الأقضية): بيروت، صيدا، تدمر، القدس، نابلس، غزة. 2- ولاية حلب وقد ضم إليها جميع الأجزاء الشماليّة من البلاد السوريّة. 3- ولاية طرابلس، وضمت حماة وحمص. 4- ولاية صيدا وقد سلخها العثمانيون عن ولاية دمشق.

المعنيون 1120-1697

عام 1590 إعتلى فخر الدين الثاني نجل قرقماز السلطة، وكان سياسيا ماهرا حتى وصف بأنه تلميذ لميكافيلي وأنه كان يتقنع بأقنعة الدرزية والمسيحية بحسب حاجته، فقام بدفع الجزية للسلطان وتقاسم معه الغنائم الحربية، فعينه السلطان والياً على جبل لبنان والمناطق الساحلية التابعة له، وكذلك قسم كبير من سوريا وفلسطين.

الشهابيون 1697-1842

ضم بشير الثاني (1795 - 1840) جبيل في الشمال ووادي البقاع إلى حكمه. وفي 1819 عين حاكم جديد في عكا هو عبد الله باشا، الذي فرض جزية كبيرة على لبنان، فثار الفلاحون ورفضوا دفع الضرائف لبشير الثاني ولم يستطع جمع المبلغ الملطلوب، ولم يستطع السيطرة على الأوضاع إلا بمساعدة الشيخ جنبلاط.

في عام 1822 هرب بشير إلى مصر وإستلم الجنبلاطيون الزمام الفعلي للأمور. ولكن بشير ما لبث أن عاد ونكل بآل جنبلاط وآل أرسلان، وفي عام ،1831 لدى وقوع لبنان في سيطرة محمد علي، كان بشير حليفا وتابعا له حتى عام 1840 حيث إضطر لمغادرة لبنان حيث قامت ثورة فلاحية ضده وضد الحكم المصري. عاد ملاك الأراضي الدروز بعد عزل بشير الثاني، فقاومهم الموارنة الذين كانوا قد حلّوا في بعض أراضي الدروز، فتدخلت القوى الأجنبية ودعم الفرنسيون الموارنة ودعم الإنجليز الدروز.

وفي أكتوبر 1841 قام الإقطاعيون الدروز بإنتفاضة ضد بشير الثالث الذي عينه الباب العالي، وحصلت مجازر متبادلة، فكانت الغلبة للدروز وسيطروا على جنوب لبنان.

أرسل الحاكم العثماني قواته إلى لبنان فعزل بشير الثالث وتحولت امارة لبنان إلى ولاية عثمانية عادية وعين عمر باشا واليا عليها. قمع عمر باشا الدروز فأرسل ثمانية من شيوخ الدروز إلى بيروت وعاد الموارنة الذين هربوا من المناطق الجنوبية بعد أحداث 1841.

تدخلت القوى الأجنبية في لبنان مرة أخرى، وأجرى الحاكم التركي إستفتاء في صيف 1842 أظهر ان الموارنة يريدون إمارة لبنان بحاكم من إسرة الشهاب وأظهر الدروز رغبتهم بالحكم التركي المباشر، ولكن ما لبثوا ان إنتفضوا في أكتوبر 1842 مطالبين بإطلاق سراح الشيوخ وإستقالة عمر باشا، فسحق عمر باشا الإنتفاضة وأحرق قصر آل جنبلاط.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إنتفاضة 1820

عين في 1819 حاكم جديد في عكا هو عبد الله باشا، الذي فرض جزية كبيرة على لبنان، فثار الفلاحون ورفضوا دفع الضرائف لبشير الثاني ولم يستطع جمع المبلغ الملطلوب، ولم يستطع السيطرة على الأوضاع إلا بمساعدة الشيخ جنبلاط الذي أرسل لنجدته.

هرب بشير عام 1822 إلى مصر وإستلم الجنبلاطيون الزمام الفعلي للأمور. ولكن بشير ما لبث أن عاد ونكل بآل جنبلاط وآل أرسلان، وفي عام 1831 لدى وقوع لبنان في سيطرة محمد علي ، كان بشير حليفا وتابعا له حتى عام 1840 حيث إضطر لمغادرة لبنان كلية حيث قامت ثورة فلاحية ضده وضد الحكم المصري.

عاد ملاك الأراضي الدروز بعد عزل بشير الثاني، فقاومهم الموارزنة الذين كانوا قد حلّوا في بعض أراضي كانت تحت سلطة الدروز، فتدخلت القوى الأجنبية ودعم الفرنسيون الموارنة ودعم الإنجليز الدروز، وفي اكتوبر 1841 قام الإقطاعيون الدروز بإنتفاضة ضد بشير الثالث الذي عينه الباب العالي، وحصلت مجازر ومجازر مقابلة، فكانت الغلبة للدروز وسيطروا على جنوب لبنان.

أرسل الحاكم العثاني قواته إلى لبنان فعزل بشير الثالث وتحولت امارة لبنان إلى ولاية عثمانية عادية وعين عمر باشا واليا عليها. قمع عمر باشا الدروز فأرسل ثمانية من شيوخ الدروز إلى بيروت وعاد الموارنة الذين هربوا من المناطق الجنوبية بعد أحداث 1841.

تدخلت القوى الأجنبية في لبنان مرة أخرى، وأجرى الحاكم التركي إستفاتاء في صيف 1842 أظهر ان الموارنة يريدون إمارة لبنان بحاكم من إسرة الشهاب وأظهر الدروز رغبتهم بالحكم التركي المباشر، ولكن ما لبثوا ان إنتفضوا في اكتوبر 1842 مطالبين بإطلاق سراح الشيوخ وإستقالة عمر باشا، فسحق عمر باشا الإنتفاضة وأحرق قصر آل جنبلاط.

إنتفاضة الفلاحين بكسروان 1858 -1860

ثار الفلاحون اللبنانيون الموارنة بشكل خاص على الإقطاعيين اللبنانيين، وقاد الثورة طانيوس شاهين وهو بيطري حداد وشملت مناطق كسروان والمتن والفتوح وكانت خلعت السلطة الإقطاعية بالكامل وأحلت محلها نظام شعبي بقيادة طانيوس شاهين.

القرن 19

الصراع الطائفي : بداية تدخل القوى الاوروبية

 
اللاجئون المسيحيون أثناء فتنة الدروز والموارنة في لبنان 1860
 
جندي لبناني، 1861-1914.

وفي فترة ضعف الدولة العثمانيّة أخذت الدول الأوروبيّة الكبرى تتصل بالقوى المحليّة في لبنان، وبدأت تحرضهم ضدها لتنال من ضعفها، كما أن بعض القوى المحليّة أخذت تتصل بالدول الأوروبيّة لتدعم مكانتها المحليّة ضد القوى المحليّة الأخرى المنافسة لها. وقد شعر العثمانيون أن وضع جبل لبنان الداخليّ لا يبعث على الاطمئنان فرأوا أن يعملوا على تنظيمه إداريًا بشكل يتناسب مع ظروفه الحاضرة، فقسموا لبنان إلى قسمين: القسم الشمالي وعينوا عليه قائمقامًا مارونيًا. والقسم الجنوبيّ وعينوا عليه قائمقامًا درزيًا، ومع هذا لم يصبح وضع القائمقاميتين أفضل ممّا كانتا عليه في السابق، ولم تستقر الأمور الداخلية فيهما. فقد وقعت في جبل لبنان خلافات طائفيّة حادة خاصة بين الدروز والموارنة عام 1841م، وكذلك عام 1845م.

حاولت الدولة العثمانية على الرغم من ضعفها أن تمسك بزمام الأمور، فأنشأت مجلسين منتخبين يشاركان في إدارة القائمقاميتين جنبًا إلى جنب مع القائمقامين على الشمال والجنوب في جبل لبنان. إلا أن الاضطرابات المحليّة في الجبل لم تتوقف، فقد توترت الأوضاع من جديد بين الدروز والموارنة عام 1860م. وتدخلت الدول الأوروبيّة في النزاع الداخليّ في الجبل، حتى أن فرنسا أرسلت عام 1860م حملة عسكريّة فرنسيّة مؤلفة من ستة آلاف جنديّ، إلاّ أن الدولة العثمانية أسرعت وحلت الخلاف بشكل يرضي جميع الطوائف. ولما وصلت الحملة الفرنسية إلى لبنان وجدت أن الأمر قد حل، فاضطرت إلى الانسحاب. وتعدّ هذه الحملة، على الرغم من أنها لم تفعل شيئًا، بمثابة إنذار للدولة العثمانية، وبمثابة دعم وتأييد للجماعات المارونيّة، وهي أيضًا بمثابة مناورة عسكريّة أرادت بها فرنسا أن تلفت نظر الإنجليز إلى أن لبنان والمناطق السوريّة هي ضمن خريطة الاستعمار الفرنسي في الشرق.

وقد تدخلت الدول الأوروبيّة في الصراع الدرزيّ المارونيّ بشكل سافر، فأرسلت دول أوروبا لجنة إلى إسطنبول لدراسة الموقف برمته مع السلطان العثماني والباب العالي، وتم الاتفاق على منح جبل لبنان نظامًا إداريًا خاصًا به، وعرف هذا الاتفاق بنظام عام 1861م، وقد حدث فيه تعديل بعد مرور ثلاث سنوات أي عام 1864م. وعرف هذا الاتفاق المعدل للاتفاق السابق بالقانون الأساسيّ. وقد وقعت عليه فرنسا وبريطانيا والنمسا وروسيا وبروسيا والدولة العثمانية. ونص القانون الأساسيّ على الآتي:

1- تنظيم لبنان إداريًا من جديد، وإلغاء العمل بالتقسيم الإداريّ السابق الذي قسم جبل لبنان إلى قائمقاميتين.

2- أن يصبح جبل لبنان ولاية عثمانية مستقلة في شؤونها الداخلية.

3- أن يحكم ولاية لبنان المستقلة حاكم عثمانيّ نصرانيّ يعينه الباب العالي، بعد أن توافق على تعيينه جميع الدول التي وقعت على ميثاق القانون الأساسي.

4- أن تكون مدة ولاية المتصرف خمس سنوات، يرأس خلالها السلطة التنفيذيّة، ويكون مسؤولاً أمام الباب العالي.

5- أن يشكل مجلس إدارة من اثني عشر ممثلاً عن الطوائف في الجبل يساعد المتصرف في إدارة شؤون جبل لبنان.

6- أن تضم متصرفيّة لبنان جبل لبنان، ولا يدخل ضمنها سهل البقاع، ووادي التيم، ومدن الساحل مثل بيروت وطرابلس وصور وصيدا التي ستبقى خاضعة مباشرة لولاة الدولة العثمانيّة، وأن يظل تنظيمها الإداري على حاله.

7- أن يقسم جبل لبنان إلى سبعة أقضية، يرأس كل قضاء قائمقام من الطائفة التي تمثل الأكثريّة في القضاء.

8- أن يقسم كل قضاء إلى مديريات محليّة يتصرف في إدارتها المحليّة شيوخ ينتخبهم السكان.

9- أن يمنح القانون الأساسي كل مواطني الجبل أو ما يعرف بمتصرفيّة جبل لبنان حق المساواة أمام القانون.

10- أن تنظر دعاوى رجال الدين أمام محاكم دينيّة. 11- أن تلغى جميع امتيازات الإقطاعيين.

12- أن ترفع الدعاوى التجاريّة أمام محاكم تجاريّة خاصة.

13- أن يعين المتصرف جميع القضاة، ويشكل مجلسًا تأديبيًا للقضاة في حال المخالفات.

14- أن يقاضى المجرم في المكان أو الناحية التي ارتكب فيها الجرم.

15- أن تشكل في الجبل فرقة عسكرية لبنانية، وفرقة شرطة تساعد المتصرف في تثبيت الأمن وجمع الضرائب من السكان.

16- أن يجري المتصرف إحصاءً للسكان، وتشكل لجان فنيّة لمسح الأراضي في المتصرفيّة ووضع الخرائط لها.

وتأسيسًا عليه فإن فتنة عام 1861م كان لها نتائج خطرة على لبنان برمته، فقد تمخض عنها وجود نظام حكم قائم لمتصرفيّة لبنانيّة كان يعمل جاهدا على الاستقلال عن الحكومة العثمانيّة. وقد فتح الوضع الإداريّ الجديد لجبل لبنان نافذة واسعة على أوروبا، وهو أمر جر إلى تدخل تلك الدول بشكل واسع في شؤون لبنان وطوائفه. وقد تطور مفهوم التدخل الأوروبيّ في لبنان إلى استغلال الامتيازات الأجنبيّة التي تحولت فيما بعد إلى نوع من الحماية الأجنبيّة، وزاد بموجبه نشاط الجمعيات التنصيريّة في البلاد. كما أن الفتن المتعاقبة بين الطوائف في جبل لبنان قد أحدثت شرخًا في العلاقة الحسنة التي ظلت تسود مجتمع الطوائف اللبنانيّة.

ومن خلال تلك الأوضاع المتزامنة مع ضعف الدولة العثمانيّة برزت فكرة القوميّة العربيّة، والحركة الوطنيّة العربيّة المناهضة للحكم العثماني في بلاد الشام، وقد تجلى هذا المفهوم الفكري الرامي إلى إحياء العروبة من خلال حركة إحياء اللغة العربية، والأدب العربي، والتاريخ العربي ومحاولة إحياء التراث العربي برمته. وقد تعمق هذا الفكر العربي وتوسع في بلاد الشام في أعقاب بروز القومية الطورانيّة التركية التي حمل لواءها أتباع جمعيّة الاتحاد والترقي، فكان نمو الفكر العربي وتعمقه ردة فعل للاتجاه التركيّ المتعصب الذي ركز على تعزيز سياسة التتريك والإضرار بالعرب. وقد نشط الفكر العربي في بلاد الشام من خلال كتابات اليازجي والبستانيّ، وهما طليعة رواد الفكرة العربية.

وطبيعي أن الأهالي في لبنان لم يكونوا بمعزل عن تلك الأحداث، خاصة وأن التعليم كان قد انتشر، وحدث معه تفتح في الوعي لدى الشعب العربي في بلاد الشام، بسبب التعرف على التيارات الغربية.

الانسحاب التركي

تأزم الوضع الداخلي في لبنان في أعقاب اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914م، وتأزم الموقف المالي فيه بسبب الحرب، وانقطاع تدفق الأموال عليه من قبل رعاياه في المهجر. وساءت علاقة الدولة العثمانيّة بأهالي لبنان، خاصة بعد نمو فكرة العروبة، وتأسيس الجمعيات والهيئات العربيّة المناهضة للحكم العثماني.

انسحب الأتراك من بلاد الشام: سوريا، ولبنان، وفلسطين بعد انتصار دول الوفاق في الحرب العالمية الأولى على دول الوسط. ودخل الأمير فيصل بن الحسين دمشق، وأقام في بلاد الشام حكومة عربيّة منهيًا الوجود العثماني فيها، فأرسل القائد شكري باشا الأيوبيّ حاكمًا عامًا على لبنان، ومقره بيروت التي أصبحت تشكل مركز الثقل بالنسبة للبنان كله. وعين عمر الداعوق حاكمًا على بيروت، وحبيب باشا السعد حاكمًا على جبل لبنان. وهكذا رفع علم الحكومة العربية في بيروت، وذلك في 6 أكتوبر 1918م.

تزايد الرخاء والسلام

 
الزي اللباني في أواخر القرن التاسع عشر.

لقد ولج لبنان عتبة العصر الحديث في عهد الأمير بشير الثاني الشهابي (1788-1840)، أي في الربع الثاني من القرن التاسع عشر ولدينا كل الأسس والدلائل التي تجيز لنا الربط بين هذا الأمير الكبير وبين التحولات الاقتصادية – الاجتماعية والسياسية – المجتمعية والفكرية – الثقافية التي جرت في عهده. والحقيقة التي نود التركيز عليها هي أن بشير الثاني نجح فعلا في انجاز عملية توحيد جميع الأراضي اللبنانية واستكمال بناء دولة الامارة اللبنانية الموحدة في ظروف التجزئة الاقطاعية والفوضى السياسية السائدة في كل بلدان المشرق العرب. علاوة على ذلك، كان بشير أول أمير محلي في العالم العربي بذل جهودا جبارة لخلف دولة مركزية قوية ممهدا الظروف لعملية التطوير الاقتصادي المتعدد الجوانب. ناهيك بأن ظروف الأمن والطمأنينة التي كفلتها هاتيك الدولة العزيزة الجانب ضمنت بالطبع ليس فقط تطوير الزراعة، بل وتنمية الحرف والصناعات اليدوية والتجارة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية التي مهدت السبيل امام استكمال عملية البرجزة في الجبل والمناطق المحاذية له.[12]

وفي هذا السياق يحتل الواقع التالي أهمية متزايدة وهو أن دولة الامارة التي وطد أركانها الأمير بشير كانت أشبه بجزيرة فريدة متميزة في خضم الامبراطورية العثمانية، امتازت بسمات خاصة في تركيبها الاجتماعي- الاقتصادي الذي عجل وتيرة عملية التمايز الطبقي، وأدى فعليا الى بروز التناقضات الاجتماعية الحادة في طبيعتها، وبالفعل، فأن أول برجوازية عربية ظهرت في جبل لبنان وعلى الأراضي التابعة له تاريخيا (واداريا – سياسيا إلى حد ما) وبين فئات اجتماعية متباينة من السكان (لا جرم في أنها نشأت في أرضية طائفية – مذهبية متماثلة) وجدت حلفاء لها للصراع ضد الطبقة المسيطرة في الإمارة، أي ضد الطبقة الاقطاعية – الأرستقراطية، انطلاقا من دوافع اقتصادية وسياسية بغية الحصول على نصيبها في تصريف شؤون الحكم.

تجدر الاشارة الى أن العلاقات النقدية – السلعية بلغت مستوى من التطور لم تر كل أقاليم الامبراطورية العثمانية نظيرا له. فالنمو العظيم في المحاصيل الزراعية – الصناعية ، وتصدير خامات الحرير التي شكلت القطاع الأساسي في الانتاج الزراعي (90% من الحرير كانت ينتج في ضواحي بيروت)، فضلا عن المنتوجات الزراعية الأخرى، واستيراد القسم الأعظم من المواد التموينية الضرورية والآلات والمعدات اللازمة لتصنيع المواد الخام وغيرها من الحوافز التي ربطت الجمهور الاساسي من السكان ربطا مباشرا ومتواصلا بالسوق. في مثل هذه الظروف الموضوعية من تطور العلاقات النقدية – السلعية، وانتعاش الرأسمالية. ولعل النمو السريع لقريتي زحلة وبيت الدين وتحولهما الى مدينتين كبيرتين في دولة الامارة خير شاهد على ما نقول. فقد أشار القنصل الروسي سنة 1830 الى ذلك بقوله: "يسود الأمن المطلق في الجبال، فقد امتاز هذا العصر بصلاح الأحوال، وتطور الزراعة والصناعة، فاثر عمليات التضييق والابتزاز القسري التي نفذها الباشاوات الأتراك سابقا ... وهبت الحرية التجارية مدن الساحل حياة جديدة".

ان انتعاش الروابط التجارية والاقتصادية مع فرنسة التي حافظت على علاقاتها الودية مع محمد علي، وبالتالي مع مصر وسورية الداخلية ابان الحكم المصري للبنان، ترك بالطبع اثارا ايجابية على النمو التدريجي للسوق اللبنانية، التي شملت بالاضافة الى المحور الأساسي في الامارة زحلة – دير القمر – بيروت ، والمناطق المجاورة لها جغرافيا وبشريا، التي شهدت نهوضا ملموسا عقب التدابير التي اتخذها الأمير بشير، تلك السوق اللبنانية كانت بيروت قلبها النابض.

شهدت مدينة بيروت تطورا ملحوظا في نموها السكاني الذي تضاعف في عضون خمس سنوات فأصبح خمسة عشر ألفا سنة 1838، وثمانية عشر ألفا في منتصف الأربعينيات، وبصورة موازية للنمو البشري تبدل أيضا سيماؤها الاجتماعي والثقافي، فقبل استتباب الحكم المصري، لم تجد تقريبا في هذه المدينة، ان لم أقل في البلاد كلها، شخصا قادرا على قراءة أو كتابة اسمه" – هذا ما قاله بطرس البستاني عن ذكرياته قبل ثلاثين عاما عن بيروت. وفي ذكرياته عن العشرينيات كتب الخياط يقول: "كان التعليم من الأمور العسيرة والخطيرة مهما علت الهمة وسمت الرغبة في طلبه". وترك لنا بازيلي شهادة طريفة غريبة تقول: "اضطرت بريطانية لنقل مبنى قنصليتها نزولا عند مطالب السكان المسلمين، الذين أصروا على أن ظل شارة الصليب الموجود فوق العلم البريطاني ينعكس على المسجد القريب فتجفل منه الملائكة الدائرة حول قبة المسجد". مثلت عملية "التراكم الأولي لرأس المال"، خطوة حاسمة على طريق الانتقال من العلاقات الانتجاية الاقطاعية الى علاقات الانتاج الرأسمالي في الجبل والمناطق المجاورة له، ولاسيما بيروت. هذا الانتقال الذي أصبح حقيقة منظورة واقعية في الربع الثاني من القرن التاسع عشر، غير أن "مقدمة تاريخ الرأسمال، لم تصبح تاريخا حقيقيا عصرئذ، وبمعنى آخر لأن المقدمات لم تتحول الى نمط انتاجية رأسمالية بالمعنى الكلاسيكي، ما دام الأخير لم يكن "تحولا عاديا ومتعاقبا في الشكل"، ولذا فهو يفرض بالضرورة "نزع ملكية المنتجين المباشرين" أي "انحلال الملكية الخاصة القائمة على العمل الخاص". والمغزى الأساسي لهذه الحقيقة لا يجب البحث عنه في خصوصيات نمط الانتاج الاقطاعي في المجتمع اللبناني وحسب، بل وفي واقع التناقضات التناحرية بين الفئات البرجوازية الحديثة المولد من جهة وبين الطبقة الاقطاعية – الأرستقراطية القديمة من جهة ثانية. تلك التناقضات التي صبت في مجرى الخلافات الطائفية – المذهبية، فكانت لها عواقب فاجعة ونتائج مأساوية.

كل ذلك يعطينا أساسا للجزم هنا وللتأكيد في سياق البحث أن الحركة النهضوية التي دخلت مرحلتها الجنينية أن في بيت الدين أو في بيروت خلال العشرينيات أو تلك التي اشتد عودها في بيروت في أواسط القر، يمكن تسميتها بالحركة التنويرية بصورة مشروطة ومجازية جدا، لأنها بحكم طبيعتها أقرب الى النهضة التي تتلاءم والقاعدة الاقتصادية – الاجتماعية. فالبرجوازية كطبقة مستقلة لم تكن قد رسخت أقدامها بعد في المجتمع اللبناني على نحو يسمح لها بخلق الأيدولوجية التي تناسبها، ونعني هنا الحركة التنويرية، الأيديولوجية التي يرتبط وجودها بتشكل نمط الانتاج الرأسمالي، وبالتالي الدخول في مرحلة متقدمة من النضوج الكامل والنهائي للصراع ضد النظام الاقطاعي، وهي لعمري مرحلة أرقى من المهام التي يفرضها طور النهضة.

على أنه من الأهمية بمكان البحث عن هذه الحقيقة في ارضية الواقع الذي عاش ونشط فيه الأمير بشير الثاني ، مما لا شك فيه أن قصر "بيت الدين" المقر الجديد للأمير بشير، مثل ذروة الاستقبالات الرسمية الفاخرة، ومجالس الأدباء والشعراء الفطاحل في أجواء البلاط الساحر، قد تحولت الى ظاهرة يومية عادية، ينبغي التنبيه هنا الى أن هذا القصر كان أشبه بالشهاب الذي سطع في السماء السورية الحالكة الظلام، والفضل الأكبر في ذلك لنقولا خوري الشاعر القوال الحر الضمير، وللشعار نقولا الترك "شاعر الأمير وأمير الشعراء"، هذه الحقائق التي لا يرقى اليها الشك أكدها المؤرخ كمال الصليبي، على نحو مغاير قليلا. فهو رغم تأكيده "أن الجهل والأمية يسودان لبنان في مطلع القرن الماضي، استدرك قوله "بان الحياة لم تكن جامدة من الناحية الثقافية" مشيرا بذلك الى اسم نقولا الترك لا غيره.

إنتداب عصبة الأمم

 
لبنان الكبير (بالأصفر) أثناء ولاية سوريا

في نهاية الحرب العالمية الأولى، أعلنت عصبة الأمم انتداب فرنسي على لبنان. ونتيجة لتفكك الدولة العثمانية بعد معاهدة سيڤر في عام 1920، فقد تقرر تقسيم أراضيها في في الشرق الأوسط إلى أربع مناطق، تحكمها المملكة المتحدة، وفرنسا مناصفة بالانتداب. أعطيت المملكة المتحدة فلسطين والعراق، بينما أخذت فرنسا سوريا، والذي كانت لبنان جزءا منها.

 
عملة معدنية فئة 5 قروش، لبنان الكبير، 1924
 
The First Lebanese flag hand drawn and signed by the deputies of the Lebanese parliament, 11 November 1943.

وفي 1 سبتمبر 1920 أعلن الجنرال گورو بتقسيم سوريا إلى عدة دول ومنها دولة لبنان الكبير معلناً بيروت عاصمة لها. وتمثل علم الدولة في دمج علمي فرنسا ولبنان معاً. ووصفت الدولة الجديدة باسم لبنان الكبير على أساس إضافة مدن الساحل والبقاع وطرابلس والجنوب وسهل عكار إلى المنطقة التي عرفت تاريخيا بمتصرفية جبل لبنان الذاتية الحكم والتابعة للامبراطورية العثمانية.

وفي 23 مايو 1926 أقر مجلس الممثلين الدستور وأعلن قيام الجمهورية اللبنانية.


الاستقلال

أعلن إستقلال لبنان عن فرنسا في 22 نوفمبر 1943 وتم الإعتراف به في 1 يناير 1944. وإنسحبت القوات الفرنسية في 1946، وتميز تاريخ لبنان منذ الإستقلال بتقلبات سياسية متكررة وفترات من الإستقرار والتزعزع المتوالية.

على الرغم من أن لبنان نال استقلاله من فرنسا عام 1941م، إلا أن الأمور ظلت غير مستقرة. فقد تقدمت الحكومة اللبنانية بمذكرة رسمية إلى الحكومة الفرنسية تطالب فيها بتعديل الدستور اللبناني من جديد حتى يتواءم مع الظروف اللبنانيّة التي أعقبت إعلان الاستقلال. لكن الفرنسيين لم يكترثوا بهذا الأمر وظلوا يماطلون ويسوِّفون، واقترحوا فكرة توقيع معاهدة فرنسية ـ لبنانية جديدة تحل محل معاهدة عام 1936م. لكن الحكومة اللبنانية رفضت هذا المطلب الفرنسي، وبعثت والحكومة السورية مذكرة مشتركة إلى الحكومة الفرنسية تطالبان فيها بتحويل المفوضية الفرنسية العامة في كل منهما إلى دار تمثيل دبلوماسي، ممّا أزعج الفرنسيين. وبعد مشاورات وضغوط سورية ولبنانية مشتركة تقرر تنفيذ مبدأ الاستقلال. فانتخب مجلس نيابي جديد عام 1943م، وانتخب رئيس للجمهورية في 21 سبتمبر عام 1943م، هو الشيخ بشارة الخوري. وألفت حكومة لبنانية جديدة برئاسة رياض الصلح.

أخذت وزارة الصلح تنظم أمور البلاد على أساس الاستقلال بدلاً من التبعية لحكومة الانتداب الفرنسي. وطلبت من المجلس النيابي تعديل الدستور اللبناني كي يتمشى مع ظروف الدولة اللبنانية المستقلة، وكان ذلك في 8 نوفمبر عام 1943م. لكن الحكومة الفرنسية لم توافق على مشروع تعديل الدستور اللبناني، ووجه نائب المفوض السامي الفرنسي إنذارًا إلى الحكومة اللبنانية لوقف مشروع تعديل الدستور، وقد دعم مجلس النواب اللبناني الحكومة اللبنانية وموقفها الرامي إلى تعديل الدستور ليتـناسب مع مرحلة الاستقلال. فأقر المجلس النيابي تعديل الدستور المعروض عليه، وأعلن ذلك رئيس الجمهورية اللبنانية.

أصدر المفوض السامي الفرنسي تعليماته بحل مجلس النواب وتعليق العمل بالدستور واعتقال رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح عام 1943م، كما اعتقل كميل شمعون وعادل عسيران. وفي صباح يوم 11 نوفمبر عام 1943م تجمع النواب والوزراء برئاسة صبري حمادة رئيس مجلس النواب، وطالبوا بإلغاء الإجراءات التعسفية التي مارسها المفوض السامي الفرنسي. وأحاطت جماهير الشعب اللبناني بمجلس النواب، وهتفوا بإطلاق سراح المعتقلين، مرددين شعارات الحرية والاستقلال. قام صبري حمادة ورفاقه بتغيير علم لبنان الذي وضع في ظل الاحتلال بعلم لبناني جديد يحمل مفهومًا وطابعًا لبنانيًا، فصار علم لبنان مؤلفًا من ثلاثة أقسام أفقيّة: الأحمر، والأبيض، والأحمر، وفي الوسط أَرْزَة خضراء داخل اللون الأبيض، ويرمز اللونان الأحمر والأبيض إلى لوني علم فخر الدين: الأحمر شعار القيسيّة، والأبيض شعار اليمنيّة.

رفع رئيس مجلس النواب ورفاقه مذكرة شديدة اللهجة إلى ممثل الحكومة الفرنسية في لبنان، وإلى الدول العربيّة الشقيقة المجاورة استنكروا فيها أعمال البطش التي يمارسها الجنود الفرنسيون والشرطة اللبنانية المساندة للمفوض الفرنسي. وأرسلوا مذكرة أخرى إلى سفيري بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في لبنان، وإلى حكومتي مصر والعراق، شرحوا فيها الوضع المتردي في لبنان، وسوء تصرف المفوضية العامة الفرنسية في لبنان، والإجراءات التعسفية وغير القانونية التي مارسها المفوض السامي الفرنسي في لبنان والمسؤولون الفرنسيون فيه. وقد أيد الشعب اللبناني بكل طوائفه وفئاته الإجراءات الوطنيّة التي اتخذتها حكومته، وما قام به أعضاء مجلس النواب من إجراءات أثناء اعتقال رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة ورئيس حكومته وغيرهما من الأحرار. وعمت الفوضى والاضطرابات كل أرجاء لبنان، خاصة في بيروت. واضطر كاترو إلى المجيء إلى بيروت لدراسة الوضع القائم فيها، وإجراء خطوات سريعة لحل المسألة اللبنانية.

وتحت ضغط الاضطرابات الشعبيّة اللبنانيّة، والضغوط الدوليّة التي مورست على الحكومة الفرنسيّة، اضطرت فرنسا بعد أحد عشر يومًا من الأحداث إلى إعادة الحكومة الشرعيّة اللبنانيّة، والعمل بالدستور المعدل، واعادة مجلس النواب اللبناني. وظل الوضع كذلك إلى أن أجليت القوات الفرنسية كلها عن لبنان في آخر شهر ديسمبر عام 1946م، أي بعد حوالي خمسة أشهر من جلائها عن سوريا.

أما عن المجلس النيابي اللبناني بعد الاستقلال فأصبح يتألف من 99 نائبًا ينتخبون على أساس طائفي، ولمدة أربع سنوات. فيمثل النصارى 54 نائبًا، ويمثل المسلمين 45 نائبًا. إن توزيع النواب لم يكن يعبر عن عدد السكان بقدر ما وزع بناءً على المفهوم الطائفي، وبشكل غير متوازن.

وبمقتضى هذا العرف الجديد المرتبط بالدستور اللبناني الجديد يكون رئيس الجمهورية من الموارنة. وهو رئيس السلطة التنفيذية. وقد خصص منصب رئيس الوزراء اللبناني للمسلمين السنة، كما خصص منصب رئيس المجلس النيابي للمسلمين الشيعة. أما نائب المجلس النيابي فيكون للنصارى الأورثوذكس الشرقيين. وتشير الإحصاءات التقديرية إلى أن نسبة السكان المسلمين في لبنان زادت على نسبة السكان النصارى، إذ تقدر نسبة السكان المسلمين بـ 62%، لكن التقليد المعمول به منذ الاستقلال في توزيع المناصب السياسية قد بقي على ما هو عليه.

لبنان بعد الاستقلال

أخذت الحكومة اللبنانية بعد الاستقلال تدعم موقفها في داخل البلاد، وخارجها. فقد شارك لبنان في المشاورات العربية التي تمخض عنها إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945م.

لقد أبدى الوفد اللبناني في المشاورات العربية موقفا إيجابيا من موضوع إنشاء جامعة الدول العربية، وأعلن الوفد اللبناني أن لبنان مستعد للتعاون مع بقية الأقطار العربية في سبيل إيجاد نوع من الاتحاد أو الوحدة أو الجامعة التي تقدم الخير للجميع. وبناءً عليه فقد انضم لبنان إلى عضوية جامعة الدول العربية منذ تأسيسها عام 1945م. وانضم إلى عضوية هيئة الأمم المتحدة عام 1945م.

وبدأ لبنان يطور اقتصادياته بوساطة إقامة المشروعات الزراعية والصناعية، وتطوير مرافق السياحة حيث إن لبنان بلد سياحي مهم، ففيه الساحل الجميل، والجبال الجذابة الساحرة، وفيه مجموعة كبيرة من الآثار القديمة التي تعود إلى العهد الفينيقي والروماني وغيرهما. وتعدّ واردات الدخل القومي اللبناني من السياحة من أهم الموارد التي تغذي ميزانية لبنان. كما أن لبنان عمل على تنشيط الحركة التجارية فيه.

كما اهتم لبنان ببناء جيش وطني للدفاع عن استقلاله، وقد شاركت قوات من الجيش اللبناني مع الجيوش العربية الأخرى في الحرب العربية ـ الإسرائيلية عام 1948م.

والواقع أن مشكلة انتخابات رئاسة الجمهورية ظلت من المشكلات التي تواجه لبنان، كما هو الحال في انتخاب رئاسة الجمهورية عام 1943م، والمنافسة الشديدة بين بشارة الخوري والمرشح الآخر إميل إده. ولم يبق تأثير الانتخابات وقتها محليًا فقط، وإنما اتضح فيه التدخل الخارجي، فوقفت بريطانيا وبعض الكتل تدعم ترشيح الشيخ بشارة الخوري، ودعمت فرنسا وكتل أخرى المرشح إميل إده. وبقي الشيخ بشارة الخوري في الرئاسة حتى عام 1952م، حيث اضطر إلى التنازل عن الرئاسة. كما أن رئاسة كميل شمعون التي امتدت من عام 1952م حتى سنة 1958م، انتهت هي الأخرى بثورة شعبية ضد كميل شمعون، برزت فيها كوامن العداء التقليدي بين الاتجاهين السياسيين الرئيسيين اللذين سبقت الإشارة إليهما. وقد خلف كميل شمعون الرئيس اللبناني فؤاد شهاب ليعمل على تهدئة الموقف العام في لبنان، وظلت رئاسة فؤاد شهاب من عام 1958م حتى عام 1964م.

جاء إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية الرئيس شارل الحلو الذي تسلم الرئاسة اللبنانية عام 1964م، وظل في الرئاسة حتى سنة 1970م وخلفه في الرئاسة سليمان فرنجية الذي تسلم الرئاسة اللبنانية عام 1970م. وفي عهد الرئيس سليمان فرنجية بدأت الحرب الأهلية اللبنانية. وفي عهد خلفه إلياس سركيس، تطورت الفتنة الأهلية بين الطوائف اللبنانية المختلفة، وقد أدت الحرب الأهلية التي اشتعلت عام 1975م إلى تقسيم العاصمة بيروت إلى قسمين: أ ـ بيروت الشرقية وأصبحت بيد حزب الكتائب أكبر أحزاب الطائفة المارونية. ب ـ بيروت الغربية، وأصبحت بيد الجماعات الإسلامية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن خلافات دموية وقعت بين الجيش اللبناني والفدائيين الفلسطينيين عام 1969م، وحدثت بين الطرفين اصطدامات عسكرية، وكان ذلك في عهد رئاسة شارل الحلو. وفي عهد الرئيس إلياس سركيس دخلت قوات الردع العربية لبنان من أجل إنهاء الخلافات بين الجيش اللبناني والفدائيين الفلسطينيين في الجنوب اللبناني.

الصراع الإقليمي

وتطورت الخلافات الطائفية في لبنان، وتأزم الموقف اللبناني، وتشكلت في لبنان قوات لَحْد الموالية لإسرائيل. واحتلت إسرائيل شريطًا حدوديًا من أرض لبنان. واجتاحت القوات الإسرائيلية لبنان، وحاصرت بيروت الغربية، وأصرت على خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت بعد معارك طاحنة بين القوات الإسرائيلية والفدائيين الفلسطينيين. وبالفعل خرجت المقاومة الفلسطينية من بيروت في 1سبتمبر 1982م بعد صمودها في وجه اليهود تسعة وسبعين يومًا وبعد أن تعهدت الحكومة اللبنانية والحكومة الأمريكية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتأمين سلامة المقاتلين الفلسطينيين، وسلامة المدنيين الأبرياء من الفلسطينيين الباقين في بيروت.

لم تلتزم إسرائيل بالاتفاقات الدولية بخصوص مسألة لبنان، ومسألة الفلسطينيين المدنيين في بيروت، فسيطرت القوات الإسرائيلية على بيروت الغربية يوم الخميس 16 سبتمبر 1982م، وفرضت حظر التجول، وأغلقت جميع الطرق المؤدية إلى العاصمة، واقتحمت البيوت بحجة جمع الأسلحة، وقصفت مخيمي صبرا وشاتيلا بالمدافع، ثم حاصرته بما يزيد على 150 دبابة و100 ناقلة و14 عربة مدرعة و20 جرافة، وبدأت المذبحة الشنيعة التي نفذتها القوات اللبنانية الموالية لإسرائيل وذهب ضحيتها الآلاف من الفلسطينيين العزل. [13]


الحرب الأهلية اللبنانية: 1975-1990

دارت الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و1990 وبدأت كصراع بين المسيحيين من جهة والفلسطينيين والحركة الوطنية من جهة أخرى. الا ان الامور تعقدت واخذ الصراع يتغير ويصبح بين الحلفاء احيانا أخرى. الا ان اسباب الصراع الحقيقي كان تغيير الواقع الديموغرافي اذ فقد المسيحيون اكثريتهم مما جعل المسلمون يطالبون بالمشاركة الأكبر في الحكم. وانتهت الحرب باتفاقية الطائف التي اقتسمت الحكم مناصفة بين المسلمين والمسيحيين كما انتقصت من صلاحيات رئيس الجمهورية ووضعتها في مجلس الوزراء مجتمعين.


الإجتياج الإسرائيلي والتدخل الدولي: 1982-84

 
Explosion at the Marine barracks seen from afar

في 6 يونيو 1982، قامت إسرائيل باجتاح لبنان واحتلت بيروت في محاولة لايقاف القوات الفلسطينية من مهاجمة اراضيها. تدخل العالم لايقاف العمليات مما دفع الولايات المتحدة الاميركية، فرنسا، بريطانيا و إيطاليا لارسال قوت فصل. انتهى الاجتياح بخروج القوات الفلسطينية والسورية من لبنان وتوقيع اتفاقية 17من أيار الذي لم توقع من قبل لبنان وماتت في المهد. وخلال هذه الاجتياح وقعت مذبحة صبرا وشاتيلا والعمليات الانتحارية ضد مواقع المارينز والقوات الفرنسية.



إغتيال بشير الجميل

انتخب رئيس ميليشيات الكتائب، المعروفة بالقوات اللبنانية، بشير الجميل رئيسًا للجمهوريّة اللبنانيّة، إلا أنه اغتيل بعد ظهر يوم الثلاثاء 14 سبتمبر 1982م، في بيروت الشرقية في مقر حزب الكتائب بالأشرفية على إثر انفجار شحنة ناسفة. واختير شقيقه أمين الجميل رئيسًا للجمهورية اللبنانية ليكون خلفًا لأخيه بشير الجميل. عين أمين الجميل الجنرال ميشيل عون خليفة له عام 1988م، إلا أن مجلس النواب انتخب رينيه معوض رئيسًا للبلاد عام 1989م. اغتيل معوض في 22 نوفمبر 1989م، وانتخب النواب إلياس الهراوي رئيسًا للبنان. وفي عام 1990م استطاعت القوات العربية هزيمة قوات عون الذي اختار فرنسا منفى له.

وشاركت لبنان في مؤتمر مدريد للسلام عام 1993م، الذي عقد بإشراف دولي لحل مشكلة الشرق الأوسط. ودخلت لبنان مع إسرائيل وبعض الدول العربية الأخرى ومنظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضات مباشرة لإنهاء النزاع العربي الإسرائيلي، وهدف لبنان الأول من تلك المفاوضات هو إخراج القوات الإسرائيلية من الشريط الحدودي الذي تحتله منذ وقت طويل.

وماطلت إسرائل كثيرًا في محادثاتها على المسار اللبناني خاصة بعد انتخاب بنيامين نتنياهو رئيسًا لوزراء إسرائيل في 29 مايو 1996م. وفي أبريل 1998م، أجبرت عمليات المقاومة اللبنانية إسرائيل على قبول قرار الأمم المتحدة رقم 425 القاضي بالانسحاب من جنوب لبنان وذلك بعد حوالي 20 سنة من صدوره. وفي نفس العام، 1998م، تم إجراء أول انتخابات رئاسية بعد نهاية الحرب الأهلية فاز فيها قائد الجيش العماد أميل لحود. وفي يونيو 2000م، أجبرت عمليات حزب الله والمقاومة اللبنانية المتواصلة القوات الإسرائيلية على الانسحاب من الأراضي اللبنانية كلها عدا مزارع شبعا التي يعمل لبنان على استعادتها. وفي سبتمبر 2000م، فاز الرئيس رفيق الحريري، ولائحته المعروفة باسم الكرامة في دوائر بيروت الانتخابية الثلاث وباجماع لا مثيل له في تاريخ المدينة السياسي، وشكل الحريري حكومة جديدة في العام نفسه.

حزب الله، إسرائيل، وسوريا

سوريا

عرفت الفترة الممتدة من 1990 وحتى 2005 بفترة الهيمنة السورية والتي اتسمت بتدخل السوريين بكل تفاصيل الحياة في لبنان وبخاصة تعيين الاشخاص في كل المناصب السياسية والإدارية والأمنية. كما اتسمت باعمال اعادة الاعمار الضخمة وخاصة في وسط بيروت والتي كانت باشراف الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وعادت اجواء الوحدة اللبنانية مع أن الزعماء المسيحيين كانوا في المنفى (أمين الجميل و ميشال عون) أو في السجن (سمير جعجع). وخلال هذه الفترة ارتفع الدين العام إلى 40 مليار دولار من دون ان يؤثر على الوضع العام للاقتصاد مما اعتبر باعجوبة اقتصادية.

حزب الله

وخلال هذه الفترة، كان حزب الله يمتن قواعده الشعبية واستراجيته العسكرية في مواجهة إسرائيل. وبدعم لا محدود من إيران وسورية، انشاء قيادة ومجموعات عسكرية التي قامت بتنفيذ العمليات العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان والبقاع الغربي بجدية وفعالية عالية فيما دعي بالمقاومة الإسلامية. وقامت المقاومة بتوجيه ضربات موجعة للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان والميليشيات العميلة والتي عرفت بميليشيا انطوان لحد . ساتطاعت المقاومة الإسلامية ان تواجه عدوانا اسرائيليا واسعا عام 1993 م على كل قرى الجنوب وكانت المعادلة تقضي باستمرار انهمار الصواريخ على شمال فلسطين المحتلة طالما استمر العدوان الإسرائيلي . بعدها وفي عام 96 م حققت المقاومة الإسلامية نصرا اخر بعد عدوان نيسان عندما حاولت إسرائيل تغيير معادلة الصواريخ وبعد عمليات وضربات متوالية اضطر جيش الاحتلال لاخلاء مواقعه في منطقة جزين عام 99 م كمقدمة للاندحار عن جنوب لبنان بشكل شبه كامل عام 2000 م ، مع بقاء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر تحت الاحتلال، واحتفاظها بعدد من الاسرى اللبنانيين واجساد الشهداء. وفي عام الفين وستة ومع نمو قوة حزب الله العسكرية وتنفيد الاخير لعملية اسر جنديين لمبادلتهما بالاسرى واجساد الشهداء ، تذرعت إسرائيل بالعملية وقامت باعتداء غير مسبوق على لبنان مستهدفة المدنيين والبنى التحتية ، ودارت حرب لمدة 33 يوما اظهرت خلالها المقاومة تفوقا كبيرا في البر والبحر وصدت الهجوم الإسرائيلي الذي لم يحقق هدفا اعلنه وهو الوصول إلى مياه نهر الليطاني . وبعد 33 يوما انسحبت القوات المعتدية واضطر عدد من القيادات العسكرية إلى الاستقالة وبينهم رئيس الاركان موشيه يعالون ، وصولا إلى استقالة رئيس وزراء إسرائيل ايهود اولمرت على خلفية تقرير فينوغراد عن الحرب على لبنان وتبين في خلاصته عدم استعداد الجيش الإسرائيلي للحرب وتضارب القرارات والهزيمة.

تعديلات على الدستور 2004

فترة السلم الأهلي

في الثالث عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 1990، سقط الجنرال ميشال عون في بعبدا ولجأ إلى السفارة الفرنسية في مار تقلا، قيل للبنانيين أهلاً وسهلاً بكم في مرحلة السلم الأهلي. سِلمٌ لم يسلم من إهتزازات كثيرة من مجزرة جسر المطار (1993) إلى “مجزرة الطيونة” اليوم، مروراً بأحداث الضنية (2000) وفتح الإسلام (مخيم نهر البارد) (2007) والسابع من أيار/مايو (2008) وطرابلس (2020)، وما تخلل هذه السنوات من إغتيالات سياسية، أبرزها إغتيال رفيق الحريري.

ثورة الأرز

بعد معارك سياسية بين اللبنانيين الذين يطالبون بالحرية والاستقلال عن الوصاية السورية والقوى المساندة لسورية، وبدعم من اللوبي اللبناني في وشنطن، اعلنت الامم التحدة القرار 1559 الذي صدر في فبراير 2004 والذي يطالب بانسحاب القوى الاجنبية منه وحل جميع المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها[14]. وفي 14 فبراير اغتيل الرئيس رفيق الحريري فقامت المظاهرات تطالب بانسحاب القوات السورية وبقيام محكمة دولية لكشف ومعاقبة قاتلي الرئيس الشهيد. حشد مؤيدو السوريون مظاهرة ضخمة في 8 مارس موجهين التحية للجيش السوري. في المقابل، قام مطالبو الحرية والاستقلال بمظاهرة مضادة اضخم في 14 مارس تعدت المليون ونصف مما اجبر السوريين على الانسحاب. عرفت هذه الحركة بانتفاضة الأرز ومن حينها انقسم اللبنانيون إلى فريقين دُعيا بفريق 8 أذار و فريق 14 مارس. [15]

إغتيال الحريري، 2005

انسحاب القوات السورية

انظر أيضا: تفجيرات لبنان 2005


تحقيقات إغتيال الحريري

العفو عن سمير جعجع

توترات على الحدود

حرب لبنان 2006

حرب لبنان 2006، كانت صراع عسكري مدته 33 يوما في لبنان وشمال إسرائيل. والأطراف الرئيسية في الصراع هي القوات شبه العسكرية التابعة لحزب الله والقوات العسكرية الإسرائيلية. بدأت الصراع في 12 يوليو 2006، واستمر إلى أن فرضت الأمم المتحدة وقف إطلاق النار في صباح يوم 14 اغسطس 2006، وعلى هذا فقد إنتهى رسميا في 8 سبتمبر 2006 عندما أنهت إسرائيل حصارها البحري الذي كانت قد فرضته على لبنان.

انظر أيضا

وصلات خارجية

المصادر

  1. ^ أ ب Text used in this cited section originally came from: Lebanon Country Study (1987) from the Library of Congress Country Studies project.
  2. ^ اماكن تواجد الانسان النياندرتالي
  3. ^ أنيس فريحة، معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية، مكتبة لبنان،طبعة 4، 1996
  4. ^ Profile of Lebanon
  5. ^ وينكلر، رسائل تل العمارنة، برلين، 1896
  6. ^ الاسكندر وحصار صور
  7. ^ محمد جابر آل صفا : تاريخ جبل عامل ، بيروت ، دار متن اللغة (د. ت) ، ص 25
  8. ^ هنري لامنس، تسريح الأبصار
  9. ^ يوسف دربان، البراهين الراهنة في أصل المردة والجراجمة والموارنة، ردار ومكتبة بيبليون
  10. ^ السيد محسن الامين : خطط جبل عامل ، ص 65-66
  11. ^ الموارنة وروما
  12. ^ يغيا نجاريان (1986). "الجمعية العلمية السورية". النهضة القومية – الثقافية العربية. يريڤان، أرمنيا: أكاديمية العلوم الأرمنية.
  13. ^ الموسوعة المعرفية الشاملة
  14. ^ نص قرار مجلس الأمن رقم 1559 - موقع الجزيرة
  15. ^ ويكيبديا العربية
  • Abu-Husayn, Abdul-Rahim. Provincial Leaderships in Syria, 1575-1650, Beirut: American University of Beirut, 1985.
  • Abu-Husayn, A. The View from Istanbul. Ottoman Lebanon and the Druze Emirate, London: I.B. Tauris in association with the Centre for Lebanese Studies, 2002.
  • Abou Issa,Chady. " Rouassa el- joumhoriya al-libnaniya ",Beirut,All-Prints,2008.
  • Akarli, Engin Deniz. The Long Peace. Ottoman Lebanon, 1861-1920, Berkeley: University of California Press, 1993. [1]
  • Azar, Fabiola. Construction idéntitaire et appartenance confessionelle au Liban, Paris: L'Harmattan, 1999.
  • Beydoun, Ahmad. Le Liban, une histoire disputée: identité et temps dans l'histoire libanaise contemporaine, Beyrouth: Publications de l'Université Libanaise, 1984.
  • Chevallier, Dominique. La société du Mont-Liban à l'époque de la révolution industrielle en Europe, Beyrouth: IFAPO, 1971.
  • Corm, Georges. Liban: les guerres de l'Europe et de l'Orient 1840-1922, Paris: Gallimard, 1992.
  • Farah, Caesar E. The Politics of Interventionism in Ottoman Lebanon 1830-1861, London: The Centre for Lebanese Studies in association with I.B. Tauris, 2000.
  • Fawaz Tarazi, Leila. An Occasion for War: Civil Conflict in Lebanon and Damascus in 1860. London: I.B. Tauris, 1994.
  • Fawaz Tarazi, L. Merchants and Migrants in Nineteenth-Century Beirut. Cambridge: Harvard University Press, 1983.
  • Firro, Kais. Inventing Lebanon. Nationalism and the State Under the Mandate, London: I.B. Tauris, 2002.
  • Gilsenan, Michael. Lords of the Lebanese Marches: Violence and Narrative in an Arab Society, London: I.B. Tauris, 1996.
  • Havemann, Axel. Rurale Bewegungen im Libanongebirge des 19. Jahrhunderts: ein Beitrag zur Problematik sozialer Veränderungen, Berlin: Klaus Schwarz, 1983.
  • Johnson, Michael. All Honourable Men. The Social Origins of War in Lebanon, London: I.B. Tauris, 2001.
  • Khalaf, Samir. Persistence and Change in 19th Century Lebanon: A Sociological Essay, Beirut: American University of Beirut, 1979.
  • Khalidi, Tarif. Land Tenure and Social Transformation in the Middle East, Beirut: American University of Beirut, 1984.
  • Makdisi, Ussama. The Culture of Sectarianism: Community, History, and Violence in Nineteenth-Century Ottoman Lebanon, Berkeley: University of California Press, 2000.
  • Ma'oz Moshe. Ottoman Reforms in Syria and Palestine 1840-1861: The Impact of Tanzimat on Politics and Society, Oxford: Oxford University Press, 1968.
  • Picard, Elizabeth. Lebanon: A Shattered Country. Myths and Realities of the Wars in Lebanon, New York City: Holmes&Meier, 1996.
  • Rabbath, Edmond. La formation historique du Liban politique et constitutionnel. Essai de synthèse, Beyrouth: Publications de l'Université Libanaise, 1986.
  • Salibi, Kamal. A House of Many Mansions: The History of Lebanon Reconsidered, London: I.B. Tauris, 1988. ISBN 0-520-06517-4
  • Salibi, K. Maronite Historians of Medieval Lebanon, Beirut: American University of Beirut, 1959.
  • Salibi, K. The Modern History of Lebanon, Delmar: Caravan Books, 1977. ISBN 0-88206-015-5
  • Shehadi, Nadim & Mills Haffar, Dana (eds.), Lebanon: A History of Conflict and Consensus, The Centre for Lebanese Studies in association with I.B. Tauris, 1988.
  • Spagnolo, John P. France and Ottoman Lebanon, 1861-1914, London: Ithaca Press, 1977.
  • Touma, Toufic. Paysans et institutions féodales chez les Druses et les Maronites du Liban du XVIIe siècle à 1914, Beyrouth: Publications de l'Université Libanaise, 1971.
  • Zamir, Meir. The Formation of Modern Lebanon, Ithaca: Cornell University Press, 1985.
  • Lebanon's struggle for Independence (The Political History of Lebanon, 1920-1950 ; v. 3-4, 1980. ISBN 0-89712-021-3
  • Thackston Wheeler, Murder, Mayhem, Pillage and Plunder: The History of the Lebanon in the 18th and 19th Centuries, 1988. ISBN 0-88706-714-X
  • Thomas L. Friedman, From Beirut to Jerusalem: One Man's Middle Eastern Odyssey, second edition, Harpers Collins, 1998. ISBN 0-00-653070-2
  • Charles D. Smith, Palestine and the Arab-Israeli Conflict, fourth edition, 2001. ISBN 0-312-20828-6 (paperback)
  • Noam Chomsky, Fateful Triangle, updated edition, 1999. ISBN 0-89608-601-1