بارادايم

(تم التحويل من براديغمات)

يمكن ترجمة مصطلح (بارادايم) paradigm بأنه (النموذج الفكري) أو النموذج الإدراكي، وقد ظهرت هذه الكلمة منذ أواخر الستينات من القرن العشرين في اللغة الإنجليزية بمفهوم جديد ليشير إلى أي نمط تفكير ضمن أي تخصص علمي أو موضوع متصل بنظرية المعرفة أو الإبستيمولوجيا. وقد كانت الكلمة في أول الأمر قاصرة على قواعد اللغة، حيث كان تعريف قاموس ميريام ويبستر للكلمة من ناحية الاستخدام المتخصص لها في قواعد اللغة أو الكتابة الإنشائية كتشبيه أو حكاية. وفي علوم اللغة أيضا استخدم فرديناند دو سوسور Ferdinand de Saussure كلمة باراديم لتشير إلى طائفة من العناصر ذات الجوانب المتشابهة. المحتويات 1- النموذج الفكري العلمي 2- نقلات النماذج الفكرية 3- استخدامات أخرى 4- النموذج الفكري كصيغة أساسية لرؤية العالم 5- الأصل اللغوي 6- اقتباسات 7- مراجع وروابط

النموذج الفكري العلمي

أعطى الفيلسوف العلمي توماس كون لهذه الكلمة معناها المعاصر عندما استخدمها للإشارة إلى مجموعة الممارسات التي تحدد أي تخصص علمي خلال فترة معينة من الوقت، وقد كان كون نفسه يفضل مصطلحات مثل العلم المعتاد أو النظرية العلمية بالشكل المتعارف عليه، حيث لديها معان فلسفية أكثر تحديدا (في اللغة الإنجليزية)، ولكن في كتابه (بنية الثورات العلمية) قام كون بتعريف النموذج الفكري- البارادايم على إنه: - الموضوع الذي يمكن مراقبته ونقده - الأسئلة التي من المفترض طرحها واستكشافها من أجل الحصول على إجابات فيما يتعلق بالموضوع - كيف يمكن تحديد هيكل وبنية هذه الأسئلة - كيف يمكن تفسير نتائج التحريات العلمية

أو بديلا عن ذلك، يعرّف قاموس أكسفورد كلمة بارادايم على إنها: (طابع أو نموذج أو مثال) وهكذا فإن المكون الإضافي في تعريف كون لمفهوم البارادايم هو: - كيف يمكن القيام بالتجربة وما هي الأدوات المتاحة للقيام بالتجربة

وهكذا فإنه في إطار العلم المعتاد، يكون النموذج الفكري هو مجموعة التجارب المتعارف عليها التي من المفترض أن يتم احتذاء حذوها. ويمثل النموذج الفكري السائد طريقة أكثر تحديدا في رؤية الواقع أو حدود ما يمكن تقبله من أبحاث في المستقبل، وذلك أكثر من مجرد المنهج العلمي العام.

أحد أمثلة النماذج الفكرية المقبولة حاليا هو النموذج المتعارف عليه للفيزياء أو علم الطبيعة. قد يسمح المنهج العلمي بالتحريات العلمية التي تتبع القواعد في العديد من الظواهر المتعارضة مع النموذج المتعارف عليه، ولكن يصعب الحصول على تمويل لمثل هذه الأبحاث والتجارب (لعدم سيرها طبقا لما هو متعارف عليه)، وذلك تبعا لمدى بعدها عن نظريات النموذج المتعارف عليه. فعلى سبيل المثال إذا كان موضوع للتجربة اختبار كتلة النيوترينو أو تحلل البروتون (مما يبعد قليلا عن النموذج المتعارف عليه) فإن من المتوقع لها أن تحصل على تمويل أكثر ما إذا كان موضوعها البحث في مخالفة قانون بقاء الطاقة أو ابتكار وسائل للسفر عبر الزمن عكسيا.

هناك مصطلحات مثل التفكير العام/الجمعي groupthink أو العقلية mindset تحمل نفس المعاني وتنطبق على أمثلة أكبر أو أصغر فيما يتصل بالفكر المنظم.


وقد استخدم ميشيل فوكو مصطلح نظرية المعرفة epstime والخطاب discourse و mathesis و taxinomia لجوانب من مفهوم كون الأصلي للنموذج الفكري-البارادايم.

أحد التشبيهات البسيطة الشائعة هناك تشبيه بسيط للنموذج الفكري-الباراديم بصندوق، وذلك في العبارة الشائعة (التفكير خارج الصندوق)، حيث يماثل التفكير داخل الصندوق العلم المعتاد، حيث يتضمن الصندوق تفكير هذا العلم وبالتالي فإن النموذج الفكري هو الصندوق.

نقلات النماذج الفكرية تميل النقلات في النماذج الفكرية إلى أن تتخذ طابعا دراماتيكيا في العلوم التي تبدو راسخة وناضجة، كما هو الحال في الفيزياء مع نهاية القرن التاسع عشر، حيث كانت تبدو الفيزياء في ذلك الوقت تخصصا علميا يقوم بملء آخر التفاصيل في منظومة هائلة، وفي عام 1900 قال اللورد كلفين عبارة مشهورة وهي: (لم يعد هناك المزيد لاكتشافه في الفيزياء الآن، ليس هناك إلا المزيد والمزيد من الدقة في القياسات)، وبعد ذلك بخمسة أعوام، أصدر ألبرت أينشتين بحثه حول نظرية النسبية الخاصة، والتي قامت بتحدي أبسط القواعد التي خطتها ميكانيكا نيوتن، والتي جرى استخدامها لوصف القوى والحركة على مدى أكثر من ثلاثمائة عام، وفي هذه الحالة، قام النموذج الفكري الجديد بتقليص النموذج القديم ليناسب حالة خاصة (وبالنسبة لميكانيكا نيوتن فقد كانت مناسبة فقط للوصف التقريبي عند سرعات بطيئة مقارنة بسرعة الضوء)

وفي كتابه (بنية الثورات العلمية)، كتب كون: (التحول المتتالي من أحد النماذج الفكرية إلى نموذج آخر من خلال الثورة هو طابع التطور المعتاد للعلم الناضج) ص 12. وكانت فكرة كون نفسها ثورية في وقته، فقد تسببت في تغير كبير في الطريقة التي يتحدث بها الأكاديميون عن العلم، وهكذا فقد كانت في حد ذاتها نقلة في تاريخ وسوسيولوجية العلم.

وقد تقبل فلاسفة ومؤرخو العلوم في نهاية المطاف بما فيهم كون نفسه نسخة معدلة من نموذج كون، مما يخلق نظرة جديدة لنموذج متدرج يسبقها، وحاليا يُنظر إلى نموذج كون على إنه قاصر جدا.