المملكة السورية العربية

المملكة السورية العربية دولة تشمل كل أراضي سوريا العثمانية (سورية الطبيعية أو بلاد الشام) أعلنها مندوبون عن كل المناطق الشامية اجتمعوا فيما عرف بالمؤتمر السوري العام ونادوا بالملك فيصل ملكا عليها. ضمت المملكة المعلنة الأراضي الواقعة حالياً في سوريا ولبنان والأردن وفلسطين التاريخية والأقاليم السورية الشمالية ولواء اسكندرون. أنهيت المملكة العربية السورية في أعقاب معركة ميسلون والاحتلال الفرنسي لسورية والبريطاني لسورية الجنوبية (فلسطين والأردن).

Arab Kingdom of Syria
المملكة السورية العربية
Ottoman Flag.svg
1918 – 1920 Flag of the French Mandate of Syria (1920).svg
 
Palestine-Mandate-Ensign-1927-1948.svg
 
Flag of Turkey.svg

Flag of المملكة السورية العربية

علم المملكة السوريّة العربية بدءًا من 8 مارس 1920، وهو مطابق لعلم الثورة العربية مزادًا عليه النجمة؛ وقد غدا علم الثورة أساسًا لأعلام العديد من الدول العربية.

Location of المملكة السورية العربية
المملكة السورية العربية بحدودها الرسميّة، وتظهر المناطق التي ضمتها (بعضها لم يخضع فعليًا لسيادتها بسبب الاحتلال المباشر من قبل فرنسا وبريطانيا)
العاصمة دمشق
اللغة اللغة الرسمية: العربية.

لغات أخرى منتشرة: الكردية والأرمنية والسريانية والتركية والعبرية.

الدين إسلام: سنة وعلويون

شيعة، دروز، إسماعيلية أخرى.
مسيحية: موارنة وروم أرثوذكس
سريان أرثوذكس، روم كاثوليك، أخرى.
يهودية

نظام الحكم غير محدّد
الملك
 - 1920 فيصل الأول
رئيس الوزراء
 - 1920 علي رضا الركابي
 - 1920 هاشم الأتاسي
هيئة تشريعية المؤتمر السوري العام
History
 -  بدء الثورة العربية الكبرى 10 يونيو 1916
 - بدء العهد الفيصلي 1918
 - افتتاح المؤتمر السوري العام 19 يونيو 1919
 - مبايعة فيصل ملكًا 8 مارس 1920
 - معركة ميسلون 24 يوليو 1920
 - نفي الملك 26 يوليو 1920
 - Disestablished 1920
المساحة 391٬100 km² (151٬005 sq mi)
العملة عملة رسمية: دينار سوري

عملات متداولة: ليرة عثمانية وجنيه مصري وفرنك فرنسي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية تاريخية

تدهور الدولة العثمانية

 
"حارة النصارى" في دمشق كما بدت في أعقاب مجازر 1860.

منذ القرن التاسع عشر كانت الدولة العثمانية تعيش مرحلة من التدهور والانحطاط السريع ومن جميع الجوانب، فمن ناحية كان الاقتصاد منهارًا وقد اعترف الصدر الأعظم بإفلاس الدولة مرتين ما جعلها مضطرة للاستدانة من البنوك الأوروبية بفوائد مرتفعة،[1] وفقد القرش العثماني 78% من قيمته بين عامي 1814 و1839،[2] وعانت بلاد الشام على وجه الخصوص من انعدام الأمن بين المدن ما ساهم في تقليص حجم التجارة الداخلية،[3] كما انهارت الزراعة مشفوعة بهجمات قطاع الطرق على القرى والعوامل الطبيعية المختلفة فضلاً عن الضرائب الزراعية الباهضة،[4] أما نظام الامتيازات الأجنبية الذي فتح المجال أمام البضائع الأوروبية باجتياح الأسواق المحليّة، يعتبر مسؤولاً عن انكماش الموارد المالية للسلطنة واندثار الحرف وتراجع الصناعات الزراعية والخزفيّة، وهجرة السكان فضلاً عن ازدياد الضرائب العامة،[5] حتى بلغ معدل ارتفاعها ثلاثة عشر مرة على الفرد الواحد.[6] ويتفق المؤرخون أن هذا الواضع البائس لم يدفع القصر السلطاني على ضبط نفقاته التي كانت تساوي ثلث واردات الدولة، أو تقليص مصاريف الجيش أو تفادي الحروب المتكررة التي يدخل بها.[7] هذا الوضع أدى إلى تفجّر عدد من الثورات فاندلعت انتفاضة حلب عام 1850 وانتفاضة حوران عام 1852 وكسروان عام 1854.[8]

 
فيصل الأول مع لورنس ووفد الحجاز في مؤتمر باريس للسلام 1919.

يضاف إلى ذلك كلّه تفشي الأمية والجهل في الولايات الشامية خلال تلك الحقبة، فيقول المؤرخ محمد أبو عزة، أنه يندر أن تجد في الحي إلا أفرادًا قلائل يجيدون القراءة والكتابة، ويذكر أن الشيخ طاهر الجزائري قد كتب أن أهالي دمشق لا يدرون أنهم لا يدرون.[5] أما إدارة ولايات الشام العثمانية، فكانت تسند في الغالب لولاة أتراك وغالبًا بدافع إبعادهم عن العاصمة إسطنبول للحد من نفوذهم السياسي، كما حصل مع مدحت باشا الذي تولّى العراق ثم الشام، أو لقاء محسوبيات وحفاظًا على توازنات عائليّة خاصة كما حصل مع ولاة آل العظم، والأمر نفسه ينطبق على السناجق والمتصرفيات وغيرها من التقسيمات الصغرى. أما النسيج الاجتماعي آنذاك، فكان يقوم على التمييز بين الإقطاعيين وطبقات الشعب الكادحة من جهة، وبين مختلف الطوائف من جهة ثانية،[9] ما دفع الأقليات وعلى وجه الخصوص المسيحيين منهم للتعلق بالحماية الأجنبية ممثلة بفرنسا لأتباع الكنيسة الكاثوليكية وروسيا لأتباع الكنائس الأرثوذكسية.[10] حول التمييز الطائفي، يُذكر على سبيل المثال ما قاله المؤرخ الفرنسي آلان نيميه، من إثارة والي طرابلس العثماني للنزاعات الطائفية بين العلويين والاسماعيليين في الساحل السوري ووادي العاصي، حيث قام جيش ولاية طرابلس العثمانية متحالفًا مع العلويين عام 1816 بالهجوم على مناطق الإسماعيليين وتهجيرهم نحو السلمية من مصياف والقدموس. وبعد فترة وجيزة أخذ الجيش بالإغارة على مناطق العلويين، بيد أن مقاومة السكان الشديدة منعته من تحقيق ذلك حتى عام 1858 حين استطاع اجتياح معاقل آل شمسين حكام جبال اللاذقية.[11] وبعدها بعامين أي في عام 1860 بدأت الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في جبل لبنان ومنها امتدت إلى بيروت وزحلة وطرابلس ودمشق وحلب واللاذقية، وكانت دمشق في يوليو ذلك العام أعنف ساحاتها، بدعم وتحريض من الوالي العثماني، وقد اشترك الجند العثمانيون في عمليات التخريب والقتل، وأدت إلى تدخل الجيش الفرنسي واحتلاله بيروت وجبل لبنان "لحماية المسيحيين" و"بناءً على تفويضهم"، واستمر احتلاله حتى توقيع برتكول القسطنطينية عام 1861 الذي أوجد متصرفية جبل لبنان.[12]

 
الأمير فيصل
 
علم ملك سوريا.
 
عملة المملكة العربية
 
عملة فئة 25 قرش سوري صدرت في بيروت من بنك سوريا عام 1919. فيما بعد أعيد تسمته ببنك سوريا ولبنان الكبير، واستمر في إصدار العملة لسوريا ولبنان حتى الخمسينيات.

يبرر بعض المؤرخين أن سياسة التمييز هذه لم يكن للباب العالي شأن بها، وأن السلطان العثماني غير مسؤول عنها، بل بالأحرى تقع المسؤولية على الولاة والإقطاعيين المحليين الذين أداروا البلاد وفق مصالحهم الخاصة بغض النظر عن منطق الدولة وسياستها.[13]

 
يوسف العظمة
 
رسم فرنسي للاحتفال بسقوط دمشق عام 1920.

النهضة الثقافية

في عام 1832 دخلت بلاد الشام تحت حكم إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا، وعلى الرغم من عدم التفاف جميع السوريين حول قيادته وشخصه، إلا أن حكمه القصير شهد إصلاحات هامة، فاعتمد اللغة العربية في التعليم بدلاً من اللغة التركية العثمانية، وأسس ثلاث كليّات على حساب الدولة في دمشق وحلب وأنطاكية، ونشّط الزراعة بإعفاء المزراعين من الضرائب تسع سنوات في حال استصلاحهم أرضًا بورًا، كذلك اهتم بمزارع الأبقار والحرير، وبنى على ضفاف نهر الفرات وحول حلب قرى لتوطين البدو، كذلك أدخل البريد إلى سوريا وأنشأ مجالس للإدارة المحلية من أبناء البلاد.[14] كان حكم إبراهيم باشا قصيرًا وانتهى عام 1840 فعادت البلاد عما كانت عليه: اختفت قرى البدو قرب حلب والفرات ولم يعد هناك أثر لمزارع الأبقار، كما انخفض عدد أنوال الحرير من خمسين ألفًا إلى ألفين وخمسمائة فقط، وبعد أن كانت البلاد تصدّر المنسوجات القطنية أصبحت تستوردها.[14] غير أنّ إبراهيم باشا، قد أطلق نهضة ثقافية هامة لن تتوقف بعد زوال عهه، فأخذت المدارس الوطنية ومدارس البعثات التبشيرية بالانتشار، في بيروت وجبل لبنان والقدس ودمشق وحلب، وحتى سنة 1860 كان عدد المدارس التابعة للبعثات الإمريكية في جبل لبنان وحده ثلاثين مدرسة توّجت بافتتاح الكلية الإنجيلية السورية عام 1866 كأول جامعة علمية في الأقطار العربية، ولم يكن نشاط البعثات الفرنسية بأقل فأسست جامعة القديس يوسف عام 1875.[15] أما المدارس الوطنية فكان أبرز مؤسسيها ناصيف اليازجي وبطرس البستاني وعندما أصبح مدحت باشا واليًا على دمشق بين عامي 1878 و1880 أولى التعليم عناية خاصة، حتى بلغ عدد المدارس الوطنية التي أنشأها في دمشق وحدها عند نهاية حكمه 103 مدارس 19 منها مختلطة و16 للإناث و68 للذكور.[16] إلى جانب كون المكتبات العامة إحدى مظاهر النهضة فتأسست المكتبة الظاهرية في دمشق والمكتبة الشرقية ومكتبة نعمة يافت في بيروت. أما الوجه الثاني للنهضة تمثل بالصحافة كصحيفة "مرآة الأحوال" لمؤسسها رزق الله حسون عام 1855 و"السلطنة" عام 1857 لمؤسسها اسكندر شلهوب، وعام 1858 "حديقة الأخبار" على يد خليل الجابري، و"الحوادث" عام 1870 على يد أحمد الشدياق و"ثمرات الفنون" على يد جمعية الفنون الإسلامية في بيروت عام 1875 وغيرها من الصحف.[17]

حركة التثقيف هذه، ولدت جيلاً جديدًا من المتعلمين الذين قاوموا الاستبداد العثماني ونبهوا إلى خطر تهميش الولايات العربية، ومن هؤلاء عبد الرحمن الكواكبي من خلال كتابه «طبائع الاستبداد»، وقد هاجر قسم كبير من مثقفي بلاد الشام إلى مصر التي كانت تنعم في ظل الخديوي إسماعيل بقسط وافر من الحريات العامة، وأداروا من منفاهم عددًا من الصحف المعارضة من أمثال "الكوكب الشرقي" و"المحروسة".[17] وانطلاقًا من هذه النهضة تأسست الجميعات الوطنية، التي تشبه في أيامنا المعاصرة الأحزاب السياسية، ومنها "الجمعية السورية" في بيروت عام 1847 و"الجمعية السرية" عام 1875 و"حزب اللامركزية العثمانية" عام 1912 في القاهرة و"الجمعية العثمانية" في ديسمبر 1909، وجمعية العربية الفتاة.[18] طالبت هذه الجمعيات بإطلاق الحريات العامة وبإدارة خاصة للولايات العربية وإصلاح هيكل الدولة؛ نظريًا كانت الدولة تقبل الإصلاح ومطالب الجميعات، غير أن تطبيقه مكث بطيئًا، فعلى سبيل المثال في أعقاب عودة الحياة الدستورية عام 1908 انتخب مجلس النواب العثماني فمثّل به عشرة ملايين عربي دون احتساب مصر بستين نائبًا، في حين مثل سبعة ملايين تركي بمائة وخمسين نائبًا، أما في مجلس الأعيان والذي يعيّن أعضاءه السلطان، لم يكن عدد العرب فيه سوى ثلاثة أعيان من أصل أربعين عينًا.[19]

وبنتيجة مثل هذه العوامل وسواها، عقدت الجمعيات السورية مؤتمر باريس عام 1913 والذي طالب بالمساواة واللامركزية على غرار سويسرا والولايات المتحدة والاعتراف بالعربية لغة رسمية وعدم أداء الجندية الإجبارية خارج أراضي الولاية. صادق السلطان في 18 أغسطس 1913 على مقررات المؤتمر، وكانت الدولة حينها تحت سيطرة الاتحاديين، غير أن المماطلة والتسويف من قبل الاتحاد والترقي ثم اندلاع الحرب العالمية الأولى، أبعدت أي إصلاح أو مساواة منشودة.[20]

الحرب العالمية الأولى

قبل الثورة العربية الكبرى

 
جمال باشا الملقب "بالسفّاح".

في 2 أغسطس 1914 صدر قرار الحكومة العثمانية بالتعبئة العامة، وفي 5 نوفمبر أعلنت الدولة رسميًا وقوفها إلى جانب ألمانيا في الحرب، ثم صدر في 7 نوفمبر فتوى شيخ الإسلام بوجوب الجهاد. كان ما يعرف باسم "الجيش الرابع" العثماني المكون من فيصلين رئيسيين، مرابضًا في دمشق تحت قيادة زكي باشا الحلبي، ولكونه عربيًا ومناهضًا للتحالف مع ألمانيا استدعي إلى اسطنبول، وعيّن والي أضنة جمال باشا الملقب "بالسفّاح" حاكمًا عسكريًا ومدنيًا على عموم بلاد الشام وبصلاحيات واسعة، وهو أحد أعضاء حزب الاتحاد والترقي.[21]

في دمشق كان أعضاء جمعية العربية الفتاة وجمعية العهد، يفكرون بالاستقلال التام للبلاد العربية ضمن إطار مملكة تضم بلاد الشام والعراق وشبه الجزيرة العربية، كان ذلك نتيجة التراكمات التاريخية للعلاقات المتوترة بين الجمعيات العربية والسلطات العثمانية عمومًا والاتحاد والترقي على وجه الخصوص، ويقول المؤرخ جوج أنطونيوس أن المجتمع الدمشقي بجميع أطيافه كان مؤيدًا للثورة، بما في ذلك العلماء من أمثال بدر الدين الحسني كبير علماء دمشق.[21] غير أن الجمعيات السياسية رفضت أي تدخل من جانب بريطانيا أو مساعدة من الحلفاء، وبحثت عن نصير داخلي يتبنى قضيتها فاتصلت بوالي الحجاز الشريف حسين بن علي عن طريق أحد أعضائها المدعو نسيب البكري، حول دعم الشريف الحسين للثورة بما له من مكانة سياسية ودينية بارزة، مقابل توليه عرش المملكة العربية المزمع تشكيلها.[21]

تردد الحسين في قبول طلب الجمعيات، لكنه أرسل ابنه فيصل إلى دمشق فوصلها يوم 26 مارس 1915 ومكث بها أربع أسابيع قبل أن يغادرها إلى اسطنبول وعلى طريق عودته إلى الحجاز استقرّ في دمشق فترة زمنية أخرى اتصل بها بقادة الجمعيات، وعندما عاد إلى مكة في 20 يونيو 1915 قدّم لوالده تقريرًا حول وضع الدولة العثمانية وإعلان الحرب عليها.[22]

سيستغرق الشريف حسين حوالي عام في دراسة موقفه من الثورة، خلال هذا الوقت كان تسلّط جمال باشا قد بلغ شأنًا عاليًا، فقد شنّ الوالي منذ فبراير 1915 هجومًا هدفه احتلال مصر، ظانًا أن الشعب المصري سيثور ويقف إلى جانبه لكنه فشل في الهجوم ولم يتحرك الشعب المصري تعاطفًا معه؛ ثم أخذ يبعد الفرق العربية من الجيش إلى الأناضول ويحلّ فرقًا تركيّة بدلاً منها ضمانًا لولائها، كما أسس ديوانًا للأحكام العرفية في دمشق وآخر شبيهًا في عاليه وأخذ ينكّل بوجهاء المدن ومثقفيها من العرب عن طريق مجلسي الأحكام العرفيّة، وقد أصدر المجلسان المذكوران عدة أحكام بالنفي والإعدام والسجن مع الأشغال الشاقة على كثير من هؤلاء؛ وأخيرًا ألغى جمال باشا نظام متصرفية جبل لبنان؛ ترافق ذلك مع انتشار المجاعة وغزو أسراب الجراد منذ ربيع 1915، فأتت على المحاصيل وارتفعت أسعار الطعام وفقد من بعض القرى والمدن، فأخذ الشعب يموت جوعًا، وشوهدت جثث الموتى على قوارع الطرق ومات في شمال سوريا وحدها من ستين إلى ثمانين ألفًا بالمجاعة.[22]

بطش جمال باشا لحق بجميع وجهاء وأعيان الجمعيات العربية في دمشق واعتقل أغلب رموزها من أمثال شكري القوتلي وفارس الخوري وغيرهما، وترافقت الاعتقالات مع التعذيب وقوافل الإعدام،[23] وقد لقّب جمال باشا "بالسفّاح" من حينها. وعندما زار فيصل دمشق للمرة الثالثة في [[[يناير]] 1916 كان المناخ مؤاتيًا جدًا للثورة ومن جميع الاتجاهات.

 
ساحة المرجة يوم 6 مايو 1916 الذي أصبح عيد الشهداء.
يقول أسعد مفلح داغر في كتابه «ثورة العرب»: ولا يعلم أحد عدد الذين شنقوا من أبناء الأمة العربية في سوريا، ولكنهم على كل حال يعدون بالألوف فضلاً عن الضباط والجنود العرب الذين أعدموا في الجيش.[24]

كانت بريطانيا عاجزة عن تحقيق نصر حاسم على العثمانيين طوال عام 1915 بل إنها تلقت هزيمة نكراء في معركة غاليبوي، وانسحبت من منطقة المضائق التركية، وكذلك تلقت هزيمة أخرى في الكوت التابعة للعراق في أبريل 1916. دفعت هذه الهزائم بريطانيا عن طريق مفوضها في مصر هنري مكماهون مراسلة الشريف حسين بهدف حضّه على إعلان الثورة على الدولة العثمانية؛ طالب الشريف حسين بدولة عربية برئاسته لكن أجوبة مكماهون كانت غامضة وغير حاسمة، سوى ذلك فإن الإنكليز لم يكونوا يعرفوا شيءًا عن الجمعيات السرية الناشطة في دمشق بل اعتبروا الشريف حسين يفاوض بمطامع شخصية، لإقامة دولة عربية يصبح خليفتها.[22] انتهت مراسلات الحسين مكماهون في 30 يناير 1916 ولم يحرك ساكنًا لإطلاق الثورة، ثم أوفدت الحكومة الفرنسية إلى مصر وزير خارجيتها جورج بيكو فوصلها يوم 9 فبراير 1916 وبدأ مفاوضات مع المندوب الجديد في مصر مارك سايكس حول تنفيذ مقررات مؤتمر سان بطرسبرغ، الذي عقده الحلفاء، ولد بنتيجة المفاوضات اتفاق سايكس بيكو يوم 16 مايو 1916، ونصّ على منح سوريا ولبنان وكيليكيا ولواء إسكندرون لفرنسا مقابل دعم الجيش الفرنسي لبريطانيا.[22]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الثورة العربية الكبرى

في 6 مايو 1916 كان جمال باشا قد أقدم على إعدام أربعة عشر رجلاً من وجهاء سورية في بيروت ودمشق فكانت تلك أكبر قافلة للإعدام[25]، وشكّلت محفزًا لفيصل لإعلان الثورة، فتوجّه إلى الحجاز ومن مكة أعلن ثورة العرب على الحكم العثماني يوم 10 يونيو 1916 ومعه ألف وخمسمائة جندي وعدد من رجال القبائل المسلّحة، ولم يكن لجيش فيصل مدافع فقدّمت له بريطانيا مدفعين ساهما في تسريع سقوط جدة والطائف وتوجه منها إلى العقبة حيث بدأت المرحلة الثانية من مراحل الثورة رسميًا أواخر عام 1917، مدعومة من الجيش البريطاني الذي احتلّ القدس في 9 ديسمبر 1917 وقبل نهاية العام كانت جميع أراضي سنجق القدس تحت الحكم البريطاني.[26] أما جيش فيصل فكان ينمو باطراد إذ انضم إليه ألفي جندي مع أسلحتهم بقيادة عبد القادر الحسيني قادمين من القدس كما انضم أغلب رجال قبائل تلك الأصقاع إلى الثورة. اشتكبت القوات العربية مع القوات العثمانية في معركة فاصلة قرب معان وأسفرت المعركة عن شبه إبادة للجيش السابع التركي وكذلك الجيش الثاني، وسقطت معان في 23 سبتمبر 1918 تلتها عمان يوم 25 سبتمبر ثم درعا يوم 27 سبتمبر، وقبلها بيوم، أي في 26 سبتمبر كان الوالي العثماني وجنده قد غادروا دمشق إيذانًا بزوال حكم العثمانيين عنها.[26]

الحكومة العربية المؤقتة

في 27 سبتمبر، رفع العلم العربي في دمشق وتشكلت حكومة برئاسة الأمير سعيد الجزائري، شكلّها وجهاء المدينة وأعيانها لضبط الأمن ريثما تصل القوات العربية،[27] ولم تستمر حكومة الجزائري أكثر من ثلاثة أيام، إذ دخل الجيش العرب دمشق في 1 أكتوبر 1918، ثم دخلها فيصل بن الحسين و1200 رجلاً من أتباعه على ظهور الخيل في 4 أكتوبر، ووصلت فرقة أستراليّة حلت في دمشق في 10 أكتوبر؛ وقبل نهاية أكتوبر 1918 كان العثمانيون قد أجلوا عن سائر بلاد الشام ثم انسحبوا من الحرب بتوقيعهم هدنة مودروس في 30 أكتوبر 1918.[28]

عيّن الجنرال إدموند ألنبي علي رضا الركابي رئيسًا لحكومة مؤقتة على بلاد الشام يوم 1 أكتوبر 1918، وكان من أول أعمال الركابي تعيين شكري الأيوبي حاكمًا باسمه في لبنان، وعندما وصل فيصل إلى دمشق ثبّت الركابي في منصبه رئيسًا للوزراء، وغادر لزيارة حمص وحماه وحلب، ثم انتدبه والده لتمثيله في مؤتمر الصلح المنعقد في باريس بعد انتصار الحلفاء في الحرب، فغادر سوريا في 22 نوفمبر 1918 تاركًا أخاه زيد بن الحسين نائبًا عنه للأمور البرتكولية، ورضا الركابي للإدارة الفعلية.[28]

قامت حكومة الركابي بإنجازات هامة خلال المرحلة الانتقالية، وما اربتط بها من ظروف صعبة، ومنها احتلال الجيش الفرنسي لساحل لبنان في 6 أكتوبر 1918 ومنه احتلال اللاذقية في 10 أكتوبر وأنطاكية في 24 أكتوبر، أما خلال زيارته باريس أصيب فيصل الأول بخيبه أمل جمّة إذ بات واضحًا أن الحلفاء لن يرضوا إقامة الدولة العربية الكبرى، كما ثبت أن سايكس بيكو حقيقة وليس إشاعات كما ردد الإنكليز خلال الحرب، أما الطامة الكبرى فهو وعد بلفور، الذي اضطر فيصل للاعتراف به بموجب اتفاق وقعه تحت الضغط مع حاييم وايزمان.[28] النجاح الوحيد الذي حققه فيصل تمثلّ بمصادقة المؤتمر على تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بهدف معرفة رغبات السكان وسميت اللجنة لجنة كينغ كراين، وبنتيجة هذه الحوادث مجتمعة، أصبح التركيز على الوحدة السورية بذاتها أكثر من التركيز على الوحدة مع العراق وشبه الجزيرة العربية.

انتخاب المؤتمر السوري العام وافتتاح أعماله

عاد فيصل عن طريق البحر ووصل بيروت ومنها انتقل إلى دمشق وجرى له استقبال حافل في كلا المدينتين؛ واستعدادًا لاستقبال اللجنة أصدرت الحكومة الدعوة لانتخابات تشريعية عامة، ولمّا كان من الصعب القيام بعملية الانتخاب وفق الطرق الطبيعية، فقد اكتفي في سوريا الداخلية بأن يقوم بالانتخاب الناخبون الثانويون وفق النظام العثماني، أما في مناطق لبنان وفلسطين فوفق عرائض وقّع عليها الأهالي.[29] تكوّن المجلس من خمسة وثمانين عضوًا، غير أن فرنسا وبريطانيا منعتا بعض الأعضاء من السفر فحضر فعليًا جلسات المؤتمر تسعة وستون عضوًا فقط، مثلت به جميع مناطق بلاد الشام.[29]

انتخب المؤتمر في أول جلسة عقدها، محمد فوزي باشا العظم رئيسًا ويوسف حكيم نائبًا للرئيس، وشكّل لجنة وضع الدستور برئاسة هاشم الأتاسي، كما قرر في جلسته الأولى التي انعقدت يوم 19 يونيو 1919:[29]

لجنة كينگ-كراين

في 10 يونيو 1919 وصلت لجنة كينغ كراين إلى يافا وزارت مدنًا كثيرة في فلسطين والأردن ولبنان وسوريا وتلقت 1800 عريضة عليها ثلاثمائة ألف توقيع، والتقت الأمير فيصل في دمشق يوم 2 يوليو وكذلك أعضاء المؤتمر السوري العام. أنهت اللجنة أعمالها في 28 أغسطس 1919، وقدّمت تقريرها إلى الحلفاء فلم يأخذوا بأي من بنوده. مكث تقرير اللجنة سريًا حتى نشرته إحدى الصحف الأمريكية عام 1922 واشتمل التقرير على النقاط التالية:[30]

  • أن تعتبر بلاد الشام دولة واحدة، لأن ذلك يتفق مع رغبات الشعب واللغة والاقتصاد والثقافة والعادات وأن يمنح لبنان حكمًا ذاتيًا ضمن هذه الدولة.
  • أن يكون نظام الحكم ملكيًا دستوريًا على رأسه فيصل بن الحسين.
  • أن يكون الانتداب تحت إشراف عصبة الأمم بمفهومه التطوري والحسن مع تحديد زمن له، والعناية على وجه الخصوص بالثقافة والاقتصاد.
  • إيقاف برنامج الهجرة اليهودية إلى فلسطين.

اتفاق فيصل كليمانصو

 
جورج كليمانصو، رئيس وزراء فرنسا الذي أقنع فيصل بقبول الانتداب، غير أن فيصل عاد ورفضه بضغط المؤتمر السوري العام والشعب السوري.

في 4 أغسطس 1919 اتفق الأمير فيصل مع الركابي أن يقدم استقالة الحكومة، وتشكيل حكومة ثانية برئاسة فيصل نفسه، وفي 10 سبتمبر 1919 غادر فيصل إلى لندن بناءً على طلب وزير خارجيتها، ومنها توّجه نحو باريس. خلال وجوده في فرنسا عيّنت الحكومة الفرنسية هنري غورو حاكمًا باسمها "على سوريا ولبنان"، فوصل بيروت في 18 نوفمبر 1919، وكان النقاش دائرًا بها حول الوحدة مع المملكة السورية أو الاستقلال عنها، وكان الحاكم العسكري الفرنسي الكولونيل دي بياباب قد أصدر قرارًا بإعادة متصرفية جبل لبنان وإنزال العلم العربي عن بيروت وبعبدا ورفع العلم الفرنسي مكانه، كذلك فقد تقدّمت الجنود الفرنسية واحتلت منطقة البقاع ورّسمت الحدود بين لبنان الكبير ودولة اللاذقية المزمع تشكيلهما؛ وعلى أرض الواقع فإن المنطقة الغربية من سوريا ولبنان حاليًا وفلسطين لم تدخل في إمرة الحكم الوطني في دمشق إلا لفترة قصيرة قبل تمركز قوات الحلفاء بها، في جبل لبنان مثلاً دامت ثلاث أيام خلال حكم حبيب باشا السعد المفوّض من حكومة دمشق؛ تزامن ذلك مع إصدار مجلس إدارة متصرفية جبل لبنان في 9 ديسمبر 1918 قرارًا صريحًا يطلب الاستقلال. عقد المؤتمر السوري العام جلسته الثانية في 27 أكتوبر ورفض بها احتلال فرنسا للبقاع مذكرًا بتصريح الحلفاء حول كون تمركز قواتهم في الساحل هو إجراء مؤقت، ثم عاد واجتمع في 22 نوفمبر بعد أن وصل الجنرال گورو إلى بيروت وأعاد المطالبة باستقلال سوريا ووحدتها، وفي جلسته الرابعة يوم 10 ديسمبر 1919 حجب الثقة عن الركابي لاتهامه بالتواطئ مع فرنسا فاستبدل بعبد الحميد القلطقجي، ثم استقال القلطقجي في 13 ديسمبر وعهد منصبه إلى مصطفى نعمة حسب رغبة المؤتمر.[31]

كانت الصحافة تدعو لمحاربة فرنسا والثورات أخذت تعمّ أنطاكية وجبال اللاذقية وتلكلخ والبقاع ضد الاحتلال الفرنسي، وكرد فعل من الحكومة على ضغط الشارع، أعلنت النفير العام والتجنيد الإجباري يوم 19 ديسمبر 1919.[31] أما فيصل في باريس فقد قبل يوم 6 يناير 1920 تحت الضغط اتفاقية مع فرنسا عقدها مع رئيس وزرائها جورج كليمانصو وعرفت باسم "اتفاق فيصل كليمانصو" ونصّت على ما يلي:[31]

  • الانتداب الفرنسي على سوريا، مع احتفاظ البلاد باستقلالها الداخلي، وتعاون سوريا مع فرنسا فيما يخصّ العلاقات الخارجية والمالية، وأن يقيم سفراء سوريا في الخارج ضمن السفارات الفرنسية.
  • الاعتراف باستقلال لبنان تحت الوصاية الفرنسية الكاملة، وبالحدود التي سيعينها الحلفاء من دون بيروت.
  • تنظيم دروز حوران والجولان في فيدرالية داخل الدولة السورية.

وقد رفض السوريون وكذلك المؤتمر السوري العام هذا الاتفاق،[32] وتوترت العلاقات بين فيصل وغورو في أعقاب تراجع فيصل عنه وانحيازه للشعب، ومن ثم طلب الحكومة لثلاثين ألف بدلة عسكرية لتنظيم الجيش، فضلاً عن فشل نوري السعيد الموفد باسم فيصل إلى غورو، لإقناع فرنسا بالانسحاب من البقاع يوم 4 مارس 1920، كما هاجم بعض المسلمين قرى مسيحية في البقاع ردًا إلى إصرار البطريرك الماروني إلياس الحويك ومعه مجلس إدارة جبل لبنان من مسلمين ومسيحيين على استقلال لبنان.[32] وكان فيصل باسم الحكومة قد دعا المؤتمر السوري العام في [[1 مارس 1920 للاجتماع بهدف إعلان استقلال سوريا التام.

قيام المملكة

 
الملك فيصل الأول، ملك المملكة السورية.

في 7 مارس 1920 اجتمع المؤتمر السوري العام وأصدر بيان الاستقلال، ورفض في بيانه أي تقسيم للبلاد، وأكّد على تعاونها مع العراق وبايع المؤتمر فيصل بن الحسين ملكًا دستوريًا على سوريا باسم "فيصل الأول"، كذلك فقد أقرّ المؤتمر الحكم الذاتي لجبل لبنان واللامركزية الإدارية لسائر المناطق؛ تطرق بيان إعلان الاستقلال لحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، ومبادئ الرئيس الأمريكي ويلسون، وجدد رفض المشاريع الصهيونية أو أي تقسيم لسوريا.

جاءت هذه الخطوة من طرف واحد، أي من دون موافقة الحلفاء المسبقة، وكان القنصل البريطاني في دمشق قد نصح فيصل الأول وكذلك المؤتمر السوري العام بتأجيل إعلان الاستقلال لما بعد مؤتمر سان ريمو، لكن المؤتمر دعا الحلفاء ودول العالم: "لاحترام هذا الحق الشرعي والطبيعي في الحياة".[33] كما طالبوهم بالانسحاب من المناطق المحتلّة "الغربية والجنوبية" في سوريا، وعيّنوا موعد تتويج فيصل في مبنى البلدية في ساحة المرجة بدمشق يوم 8 مارس 1920.[33]

حضر التتويج أعضاء الحكومة وأعضاء المؤتمر السوري العام وبعض أقرباء فيصل، ورؤساء الطوائف الإسلامية والمسيحية ومفتي البلاد، وأعضاء مجلس الشورى والقضاة وممثلو وقناصل الدول عدا بريطانيا التي سحبت قنصلها من دمشق إلى حيفا قبل موعد التتويج بيوم؛ إلى جانب حشد من الصحفيين ووجهاء دمشق وأعيانها، كما احتشد في ساحة المرجة عد كبير من سكان المدينة، في حين رفعت صورة كبيرة لفيصل كتب عليها "ليحيا جلالة الملك فيصل" وزينت الساحة والبناء بأعلام المملكة. بدأ الحفل بإلقاء أمين سر المؤتمر السوري العام محمد عزة دروزة بيان المبايعة من شرفة المبنى أمام الجماهير، وتطرق به لمجمل الأحداث من إعلان الثورة على العثمانيين وجهود الشريف حسين بن علي في ذلك وصولاً إلى عوائق استقلال البلاد ومشاريع تقسيمها، وقال:[34]

 
قاعة النادي العربي بدمشق، مقر المؤتمر السوري العام ومنها تم إعلان قرار الإستقلال وقيام المملكة.
  لقد اخترنا بإجماع الرأي سموكم، ملكًا دستوريًا على البلاد السوريّة، نظرًا لما امتزتم به من الحكمة وسداد الرأي، وجليل الصفات، ولما قمتم به في ميادين الحرب والسياسة من الأعمال الخالدة في مصلحة الأمّة، ولما عُرفتم به من حبّكم للحريّة والدستور، وإخلاصكم للبلاد والأمّة.  

وما إن انتهى بيان المبايعة، حتى علا الهتاف في ساحة المرجة بحياة الملك وسوريا، ورفع علم المملكة رسميًا للمرة الأولى، ثم بايع فيصلاً مفتي البلاد وألقى غريغوريوس حداد بطريرك الروم الأرثوذكس مبايعة الطوائف المسيحية، قائلاً:

  نظرا لاتفاق الأمة السورية على مبايعة سمو الأمير فيصل ملكا على سورية فغن الموقعين على هذا العهد يبايعون جلالته على الشروط السبعة التي اتفقوا عليها هم وإياه عقب دخوله لدمشق في تاريخ 7 تشرين الأول 1918 وهي إطاعة الله واحترام الاديان والحكم بالعدل وإجراء المساواة وتوطيد الامن وتعميم المعارف وإسناد الوظاثف لمستحقيها متعهدين بالطاعة والإخلاص لجلالته.  

[35]

وقد نشرت جميع هذه المبايعات في الجريدة الرسمية يوم 11 مارس 1920.

وبعد مبايعة رؤساء الطوائف أخذ الحاضرون تهنئة الملك وأطلقت المدفعية مائة طلقة وطلقة ابتهاجًا، ويقول عبد الله الأول شقيق الملك فيصل وملك الأردن في مذكراته، أن مظاهر فرح جمّة عمت جميع المدن الشاميّة في أعقاب إعلان الاستقلال وخصوصًا في بيروت والقدس، بيد أن عبد الله الأول ينتقد إعلان الاستقلال ويقول أنه جاء متسرعًا ويهدف إلى وضع الحلفاء تحت سلطة الأمر الواقع، الأمر الذي لا يمكن أن يقبلوا به أو يركنوا إليه، كما قال أنها ضد إرادة حسين بن علي والدهما.[36] أما فرنسا وبريطانيا لم تعترفا باستقلال سوريا وشرعية المؤتر أو فعل التتويج وظلتا تتعاملات مع فيصل كأمير، ودعتاه لزيارة أوروبا واتفقتا على تقريب موعد مؤتمر سان ريمو.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دستور المملكة

ينص الفصل الأول من دستور المملكة على أن[37]:

  1. حكومة المملكة السورية العربية حكومة ملكية مدنية نيابية عاصمتها دمشق الشام ودين ملكها الإسلام.
  2. المملكة السورية تتألف من مقاطعات تشكل وحدة سياسية لا تقبل التجزئة.
  3. اللغة الرسمية في جميع المملكة السورية هي اللغة العربية.

أعدت لجنة الدستور لائحة تحتوي على اثني عشر فصلاً، تتعلق بكيفية إدارة البلاد، مؤكّدة «احترام حرية الأديان والمذاهب بلا تفريق بين طائفة وأخرى»، واختيار دمشق عاصمةً لها، «بالنظر إلى وجودها وسطاً بين ساحلها وداخلها». وأقرّت اللجنة ذاتها حق الرأي والانتخاب، إضافةً إلى احترام حقوق الأقليات، على أن تقسّم المملكة السورية إلى مقاطعات مستقلة. وأقر البند المتعلّق بحقوق الأفراد والجماعات: «الحرية الشخصية مصونة من كل تعدّ، ولا يجوز توقيف أحد إلا بالأسباب والأوجه التي يعينها القانون»، و«لا يجوز التعذيب وإيقاع الأذى على أحد بسبب ما».

كما أكد الدستور على أنّ «المطبوعات حرّة ضمن دائرة القانون، ولا يجوز تفتيشها ومعاينتها قبل الطبع». ونص ذاك الدستور على تأسيس مدارس كلية للعلوم والفنون العالية، تقوم بإدارتها وتوفير نفقاتها الحكومة.[38]

بيان الوزارة أمام المؤتمر ونيلها الثقة على أساسه

مساء يوم 8 مارس 1920 قدمت الحكومة استقالتها إلى الملك، فعهد إلى علي رضا الركابي مهام تشكيل الحكومة، فقدمها في اليوم نفسه للملك، وكانت الوزارة الأولى التي اشتملت على حقيبة الخارجية بوصف سوريا بلدًا مستقلاً.[39] مانع فيصل أن تقدّم الحكومة بيانًا وزاريًا لنيل الثقة أمام المؤتمر السوري العام ورأى أن مثل هذا التصرف حدّ لصلاحياته، بيد أنه اصطدم بمعارضة المؤتمر القوية والمصرة على حكم دستوري، واضطر فيصل الأول للتراجع عن ممانعته، فتقدمت الحكومة ببيانها الوزاري، ونالت الثقة على أساسه بعد مناقشة البرلمان، في 27 مارس 1920.

ردود الفعل على إعلان المملكة

الحياة الحزبية في المؤتمر السوري

رغم قصر المدة الزمنية التي حكمت بها المملكة السورية العربية إلا أنها شهدت ومنذ ولادة المؤتمر السوري العام حياة حزبية نشطة، يعود ذلك للحس السياسي الموجود أصلاً في دمشق وحلب وسائر المدن الكبرى التي تبدأ مع مرحلة الجمعيات السياسية أواخر القرن التاسع عشر.

في 31 مارس 1920 شكل الشيخ كامل القصاب حزبًا أسماه "الحزب الديموقراطي" اشترك فيه جميل مردم وقال في بيانه التأسيسي أن غايته: خلق جو ديموقراطي دستوري في علاقات الدولة والسلطات ببعضها.[40] وشكل أحد أهم أركان معارضة حكومة الركابي والدعوة لسحب الثقة منها في البرلمان والدعوة لمحاربة فرنسا، وكذلك فإن جمعية العربية الفتاة أعلنت منذ فبراير 1919 تأسيس حزب سياسي أسمته "حزب الاستقلال" وهو استمرّ إلى ما بعد الانتداب، وشكل عدد من رموزه أركان "الكتلة الوطنية" التي تولت الحكم عدة مرّات بعد قيام الجمهورية السورية، أما المقربون من البلاط الملكي فشكلوا أقلية معتدلة داخل البرلمان بزعامة عبد الرحمن يوسف تحت اسم "الحزب الحر المعتدل"، هناك أيضًا أحزاب أخرى أقل شأنًا كحزب الشبيبة الوطنية وحزب فتيان الجزيرة وحزب العهد السوري.[41]

الصحافة والإعلام في البلد

شهد النشاط الصحفي نهضة كبيرة خلال عهد المملكة، فأنشئت صحف كثيرة مثل «الحقائق»، و«الرأي العام»، و«الشرق».[38]

إخلال الحلفاء بوعودهم ونهاية الدولة

مؤتمر سان ريمو

الإنذار الفرنسي

إسقاط حكومة الركابي وتعيين حكومة برئاسة هاشم الأتاسي

كان معظم أعضاء جمعية العربية الفتاة يعتقدون أن الركابي متساهل مع الحلفاء، وذاع أمر اهتمامه بالاشتراك مع نسيب البكري بالحصول على امتياز استثمار غور الأردن، فاجتمع المؤسسون بدعوة من الهيئة في بيت الركابي، فاضطر هذا الأخير تحت ضغط الاتهامات القوية للاستقالة في أوائل آذار، وقبل الملك استقالته ورشحت الهيئة هاشم الأتاسي بديلاً له.

ضمت الحكومة الجديدة عبد الرحمن الشهبندر وزيراً للخارجية. كان الشهبندر معروفاً بحماسته للدفاع وعدم الاستسلام، ولكنه موقفه هذا تغير بعد الإنذار الفرنسي فمال لقبول الإنذار. عين يوسف العظمة وزيراً للحربية ورضا الصلح رئيساً لمجلس الشورى وفارس الخوري للمالية وساطع الحصري للمعارف وجلال زهدي للعدلية ويوسف الحكيم للتجارة والزراعة.

ذكرت الوزارة الجديدة في بدء بيانها أن أساس خطة الوزارة هو تأييد الاستقلال التام الناجز المتضمن في جملة ما يتضمنه حق التمثيل الخارجي والإصرار على الوحدة السورية في حدودها الطبيعية مع رفض منح القسم الجنوبي من سورية (فلسطين) لليهود. ثم وعد بالاستفادة من كل طاقات الأمة والبلاد المادية والمعنوية لتنظيم قوة عامة تضمن للبلاد حياتها وكيانها واستقلالها وحفظ الأمن. أشار البيان إلى الاعتراف المبدئي باستقلال سورية في مؤتمر سان ريمو وإلى قرار الانتداب الذي يتناقض مع استقلال سورية التام ووعد بالسعي غإزالة هذا التناقض، مشيراً إلى تصريحات بريطانيا حول استعدادها للاعتراف بالدولة السورية وملكها. ذكر البيان أن مؤتمر السلم سيعقد في أواخر الشهر وأن الحكومة تأمل أن يعيد النظر في قراراته السابقة ويتذكر وعود الحلفاء للعرب وسورية، مع التأكيد على أن قوة الشعب وعزمه الثابت على الدفاع عن الاستقلال كفيلان بتحقيق آمالنا إذا لم ينصفنا المؤتمر.

طلب بعض الأعضاء معقبين تعهد الحكومة بالدفاع عن استقلال سورية وحدودها، فوقف الشهبندر قائلاً بحماس أن الوزارة ستدافع عن البلد حتى النهاية، فمنحت الحكومة الثقة على هذا الأساس.[42]

نهاية المملكة واحتلال دمشق

الجيش وقوى الأمن

لم يكن هناك جيش للمملكة السورية مدرّب ومزود بأسلحة قادرة على القتال لفترة طويلة، هذا ما يفسر عدم رغبة الملك فيصل ورئيس وزراءه علي رضا الركابي الميل إلى قبول الانتداب والرضوخ لمطالب فرنسا إن كان بالاعتراف باستقلال لبنان أو فلسطين، والقبول أيضًا بسلخ الموصل، مقابل معارضة المؤتمر السوري العام وبشدة لهذه الأمر. وينقل فيصل الشهبندر في مذكراته أن الملك سأل وزير حربيته يوسف العظمة حول الجيش فأجابه بأن الجيش مكون من أربعة آلاف جندي واثني عشر مدفعًا كبيرًا و36 قنبلة ثقيلة،[43] كذلك فإنه عندما أعلنت الحكومة السورية النفير العام وشراء الأسلحة ثم قامت بعملية جرد لمحتوياتها تبين أن العتاد الحربي لا يزيد عن 270 طلقة لكل بندقية، وثمانين قنبلة لكل مدفع، وقد قال قائد الجيش السابق ياسين الهاشمي أن عتاد الجيش لا يكفي للدخول في أي معركة مهما قصرت مدتها.[44]

يذكر في هذا الخصوص أن بريطانيا كانت قد وعدت الملك فيصل الأول في نوفمبر 1918 أن تساعده في تسليح جيش مكوّن من لوائين، وعلى الرغم من تذكير فيصل الدائم لها بهذا الوعد، إلا أنها أخلفت عن تنفيذه، كذلك تشير الوثائق البريطانية التي تعود لتلك الحقبة أن عدد قوات الأمن السورية كانت 8500 دركي في جميع أنحاء البلاد وذات تسليح ضعيف، وأن السكان يتولون حماية أحيائهم بأنفسهم.[45]

الثورات الوطنية

 
غلاف كتاب ذكرى استقلال سوريا يظهر حدود سوريا وتاريخ إعلان الاستقلال

منذ أن احتلت فرنسا الساحل السوري ولبنان وكيليكيا ولواء إسكندرون واحتلت بريطانيا فلسطين عام 1918، شهدت سوريا ثورات عديدة قامت في مختلف أنحائها للمطالبة بالانضمام للحكم الفيصلي وإنهاء الاحتلال. أولى هذه الثورات انطلقت في أنطاكية ولواء اسكندرون بقيادة صبحي بركات واستمرت حتى أغسطس 1920، كما قامت ثورة مشابهة في تلكلخ عام 1919 احتجاجًا على رفع العلم الفرنسي في المدينة، وقد اضطر الثوار للنزوح إلى دمشق بعد اشتداد ضغط الفرنسيين عليهم، كما قام الأمير محمود الفاعور بقيادة عمليات ضد الاحتلال منذ أكتوبر 1918، وبدأت في مايو 1919 ثورة صالح العلي واستمرت حتى 1922، بدعم من إبراهيم هنانو ومصطفى كمال أتاتورك والملك فيصل، هناك أيضًا انتفاضة الأقضية الأربعة (أي البقاع الغربي وبعلبك وراشيا وحاصبيا) ردًا على احتلال فرنسا لهذه الأقضية في ديسمبر 1919. وفي إدلب أعلن إبراهيم هنانو انطلاق ثورة الشمال السوري ضد الفرنسيين في 10 أبريل عام 1919 واستمرت حتى 1922، وكانت هذه الثورات غير منسقة ومسلّحة بشكل كافي كما يقول الباحث وديع بشور، ولا تملك قوة كبرى تساندها وتسلحها، لذلك كانت نجاحاتها مؤقتة ومحدودة.[46]

المراجع

  1. ^ عصر السلطان عبد الحميد، محمد أبو عزة، دار الأهالي، دمشق 1998، ص.49
  2. ^ الدولة العثمانية: قراءة جديدة لعوامل الانحطاط، قيس جواد العزاوي، الدار العربية للعلوم، بيروت 2003، ص.70
  3. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.37
  4. ^ يقول مدحت باشا والي العراق في مذكراته: كان الفلاح العربي يأخذ الأرض من الدولة شرط أن يقدم لها ثلاث أرباع المحصول مستبقيًا لنفسه الربع، ومن الطبيعي ألا يشجع هذا النظام على الزراعة وأن يجعل كل تحسين لها مستحيلاً؛ فنتج عن ذلك أن أهمل أكثر العرب الأرض مفضلين السلب على الطريق التجارية لكسب الرزق". عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.178
  5. ^ أ ب عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.32
  6. ^ أحد أمثلة ارتفاع الضرائب ما يقوله نميران بيك رئيس اللجنة المالية في مجلس المبعوثان: على مدى الثلاثين سنة الأخيرة، رأينا إيرادات الحكومة لم تزد شيءًا في حين نرى بسرور ممزوج بامتعاض في دخل إدارة الديون العمومية زيادة عظيمة، لقد ارتفع رسم الدامغة 20% والملح 100% والحرير 200%". انظر عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.72
  7. ^ الدولة العثمانية: قراءة جديدة لعوامل الانحطاط، مرجع سابق، ص. 35
  8. ^ من أوربان الثاني إلى جورج بوش الثاني، أمير الصوّا، دار الينابيع، دمشق 2004، ص.109 البلاد العربية في القرن التاسع عشر.
  9. ^ سوريا صنع دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.205
  10. ^ يقول في هذا الخصوص المؤرخ الإنكليزي هنري غيز: "إن افتقار الناس إلى ظهير ونصير في هذه البلاد، قد حملهم على السعي الحثيث وراء نيل الحمايات الأوروبية أو الهجرة". الدولة العثمانية: قراءة جديدة لعوامل الانحطاط، مرجع سابق، ص.88
  11. ^ العلويون، آلان نيميه، مؤسسة البلاغ، بيروت 1997، ص.59
  12. ^ زكار، سهيل، 2006. تاريخ بلاد الشام في القرن التاسع عشر. دار التكوين. دمشق. ص373-377.
  13. ^ على سبيل المثال، وكرد على أحداث 1860، عيّن السلطان عبد المجيد الأول فؤاد باشا حاكمًا على الشام مخولاً بصلاحيات استثنائية، لرأب الصدع الذي حصل في المجتمع ولتفادي أي تدخل أوروبي، وقد قاد فؤاد باشا حملة اعتقالات بحق المتورطين بالمذابح ضد المسيحيين، فأعدم رميًا بالرصاص 111 شخصًا، وشنق 57 آخرين، وحكم بالأشغال الشاقة على 325 شخصًا ونفى 145؛ وكان بعض المحكومين من كبار موظفي الدولة في الشام، ما يدلّ على انعدام الرقابة على عمل الولايات والابتعاد عن سياسة الدولة العامة، والفساد في السلطات المحلية. راجع، من أوربان الثاني، مرجع سابق، ص. 112
  14. ^ أ ب سوريا صنع دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.209
  15. ^ سوريا صنع دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.214
  16. ^ عصر السلطان عبد الحميد، مرجع سابق، ص.33
  17. ^ أ ب سوريا صنع دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.215
  18. ^ سوريا صنع دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.224
  19. ^ سوريا صنع دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.222
  20. ^ يقول أمير الصوّا: "إن أي إصلاح في الدولة العثمانية كان مستحيلاً، فأغلب السلاطين أكرهوا على أي عمل إصلاحي قد أقدموا عليه، بل وغالبًا ما وصفوه "بالتنازل"، وعندما تتاح لهم الفرصة يعملون كل ما بوسعهم، لعرقلة هذه الإصلاحات. من هناك كانت الإصلاحات السلطانية مجرد حبر على ورق، باستثناء التي كانت تدعم سلطة السلطان المركزية، كالجباية، حيث أنيطت هذه المهمة بجباة يتبعون الإدارة المركزية في اسطنبول بعد أن كانت من مهمات الوالي في ولايته". من أوربان الثاني، مرجع سابق، ص.109
  21. ^ أ ب ت سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.229
  22. ^ أ ب ت ث سوريا صنع دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.232 خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صالح؛ الاسم "خامس" معرف أكثر من مرة بمحتويات مختلفة.
  23. ^ يذكر أن الشريف حسين قد أبرق إلى جمال باشا وإلى الصدر الأعظم والسلطان بوجوب حصر العقوبة بالسجن المؤبد، إذا ما أدين أحد المعتقلين، بيد أن الشفاعات لم تجد نفعًا، وكان أول الضحايات يوسف الهاني إذ أعدم في بيروت يوم 5 أبريل 1916، وكان قد سبقه في 20 أغسطس 1915 أول قافلة من الشهداء مكونة من أحد عشر رجلاً هم: صالح حيدر، ومحمود المحمصاني، ومحمد المحمصاني، وسليم عبد الهادي، وعبد الكريم الخليل، ونايف تللو، وعبد القادر خرسا، وعلي أرمنازي، ونور الدين القاضي، ومسلم عابدين، ومحمود العجم، ونخلة مطران، ويوسف الحايك. انظر سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.235
  24. ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.230-235
  25. ^ السادس من أيار عيد الشهداء ذكرى أول قافلة للشهداء في سبيل الحرية ما هي قصة هذا اليوم المجيد؟
  26. ^ أ ب سوريا صنع دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.241
  27. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة سادس
  28. ^ أ ب ت سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.259
  29. ^ أ ب ت سوريا صنع دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.271
  30. ^ سوريا صنع دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.286
  31. ^ أ ب ت سوريا صنع دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.300
  32. ^ أ ب سوريا صنع دولة وولادة أمة، مرجع سابق، ص.302
  33. ^ أ ب سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.304
  34. ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.315
  35. ^ سعيد، أمين. الثورة.
  36. ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.316
  37. ^ موقع الحوار المتمدن.دستور المملكة السورية تاريخ الولوج 1 حزيران 2011.
  38. ^ أ ب مازن يوسف صباغ كتاب المؤتمر السوري ـــ برلمان الاستقلال لبلاد الشام. موقع من فتى. تاريخ الولوج 17 كانون الثاني 2012.
  39. ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.318
  40. ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.325
  41. ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.326
  42. ^ محمد عزة دروزة، 1986. مذكرات وتسجيلات. الجزء الثاني. الجمعية الفلسطينية للتاريخ والآثار. دمشق.
  43. ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.333
  44. ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.346
  45. ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.271
  46. ^ سوريا صنع دولة، مرجع سابق، ص.300
سبقه
الدولة العثمانية
دول تعاقبت على حكم سوريا
1918 - 1920
تبعه
الانتداب الفرنسي