المتلمس الضبعي

المتلمس الضبعي (ت. 43 ق.هـ./ 580م) هو جرير بن عبد العزى، أو عبد المسيح، من بني ضُبيعة، من ربيعة. وهو شاعر جاهلي، من أهل البحرين، وهو خال طرفة بن العبد.

وقد عدّه ابن سلام الجمحي في "طبقات فحول الشعراء" من شعراء الطبقة السابعة لكونه من المقلّين. ومما يعرف عنه أنه كان مولعاً بالصيد كثيراً. وغير مبالٍ بالأصنام والأوثان حتى أنه يستهزئ بها وبمن يسجد لها لذلك لاقى معاداة من بعض القوم واتهموه بالمس والسحر .

لـُقـِّب بالمتلمس لقوله:

فهذا أوان العرض جن ذبابه ... زنابيره والأزرق المتلمس

وهو يعني بجن ذبابه، كثر ونشط، والعرض واد من أودية اليمامة، وجن ذبابه أي عاش بالخصب فيه، أما الزنابير فهي ذباب الروض، وكذلك الأزرق المتلمس نوع آخر من الذباب.

كان ينادم عمرو بن هند ملك العراق، ثم هجاه فأراد عمرو قتله ففرَّ إلى الشام ولحق بآل جفنة. ومات ب بصرى، من أعمال حوران في سورية.

وفي الأمثال: أشأم من صحيفة المتلمس، وهي كتاب حمله من عمرو بن هند إلى عامله بالبحرين وفيه الأمر بقتله ففضه وقُرِأ له ما فيه فقذفه في نهر الحيرة ونجا.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرته

قال صاحب الأغاني: هو جرير بن عبدالمسيح بن عبدالله بن دوفن بن حرب بن وهب الضبيعي، وذكر أن ضبيعات العرب ثلاث كلها من ربيعة، عاش المتلمس عند أخواله بني يشكر، ومكث فيهم حتى كادوا يغلبون على نسبه لطول مكثه عندهم، والمتلمس من شعراء الجاهلية المفلقين، جعله ابن سلام في الطبقة السابعة. وعندما يقال شاعر مفلق فالمعنى شاعر مبدع، روى يعقوب بن السكيت أن المتلمس وابن اخته زارا الملك عمرو بن هند، فهجا المتلمس الملك هجاء مقذعاً، ثم هجاه طرفة بعدة قصائد وعلم بذلك فأضمر لهما الشر ولم يبده لهما، ثم كتب لهما كتابا إلى واليه على البحرين وهجر (الإحساء) الحارث العبدي وقال لهما: انطلقا فاقبضا جوائزكما، فلما هبطا النجف قال المتلمس لابن أخته طرفة: إنك غلام حديث السن، والملك من عرفت حقده وغدره، وكلانا قد هجاه، ولست آمنا ان يكون قد أمر بشر، فهلم فلننظر في كتبنا هذه، فإن كان قد أمر لنا بخير مضينا فيه، وإن تكن الأخرى لم نهلك أنفسنا، فأبى طرفة أن يفك خاتم الملك، فعدل المتلمس إلى غلام من غلمان الحيرة «عبادي» فأعطاه الصحيفة، ولما قرأها الغلام قال: ثكلت المتلمس أمه، فعرف أنه أمر بقتله، فانتزع الصحيفة من الغلام وأخبر طرفة، فأبى أن يعود، فألقى المتلمس الصحيفة في نهر الحيرة ثم هرب إلى الشام وقال:

وألقيتها بالثني من جنب كافر ... كذلك اقنو كل قط مضلل
رضيت لها بالماء لما رأيتها ... يجول بها التيار في كل جدول

وكافر في البيت الأول ذكر أبو عمرو أنه نهر بالحيرة، وأقنو أحقط، والقط: الصحيفة.

وذكر أن المتلمس قال لطرفة: إن الذي في صحيفتك مثل الذي في صحيفتي، فقال طرفة: إن كان اجترأ عليك فلم يكن ليتجرئ علي، فضرب العرب مثلاً بصحيفة المتلمس وقال أيضاً:

إن العراق وأهله كانوا الهوى ... فإذا نأني ودهم فليبعد
فلتتركنهم بليل ناقتي ... تدع السماك وتهتدي بالفرقد
تعدو إذا وقع الممر بدفها ... عدو النحوص تخاف ضيق المرصد

ثم قتل طرفة بن العبد ونجا المتلمس، قال ابن السكيت في كتاب الأمثال: زعموا أن المتلمس صاحب الصحيفة كان أشعر أهل زمانه، وقال الأصمعي:

«المتلمس من الفحول»

. ومن أبياته السائرة:

لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا ... وما علم الإنسان إلا ليعلما
وما كنت إلا مثل قاطع كفه ... يكف له أخرى فأصبح اجذما
يداه أصابت هذه حتف هذه ... فلم تجد الأخرى عليها تقدما

وكذلك قوله وهو من جيد الشعر:

وأعلم علم حق غير ظن ... لتقوى الله من خير العتاد
وحفظ المال خير من فناه ... وضرب في البلاد بغير زاد
وإصلاح القليل يزيد فيه ... ولا يبقى الكثير مع الفساد

والحديث عن المتلمس طويل وقد أحببت أن أذكر لكم شيئا عن الملك عمرو بن هند، وهو عمرو بن المنذر بن امرئ القيس بن النعمان اللخمي، نسب إلى أمه هند بنت آكل المرار الكندي، ويقال له: المحرق الثاني، وهو قاتل طرفة بن العبد، عرف بشدة البأس وكثرة الفتك، هابته العرب هيبة شديدة ، وأذعنت بالطاعة له، حكم قرابة خمسة عشر عاماً، وقتله عمرو بن كلثوم قبل الهجرة بنحو 45 سنة تقريباً، سبقه ملك الحيرة أبوه المنذر بن امرئ القيس، وخلفه أخوه قابوس بن المنذر.[1]

قال المتلمس الضبعي:

إن الهوان حمار القوم يعرفه ... والحر ينكره والرسلة الأجد
كونوا كبكر كما قد كان أولكم ... ولا تكونوا كعبد القيس إذ قعدوا
يعطون ما سئلوا والخط منزلهم ... كما أكب على ذي بطنه الفهد
ولن يقيم على ضيم يراد به ... إلا الأذلان عير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته ... وذا يشج فما يرثى له أحد

شبه المتلمس الذليل بحمار القوم والوتد الذي تشد به أطناب البيت، والحمار معروف بالذلة والهوان والجهل والبلادة، أما الوتد فيضرب ضرباً شديداً وهو مكانه.


تراجمه

وقد ترجم المستشرق كارل فولرز ديوان شعره إلى اللغة الألمانية.

المراجع

  1. ^ مشعل السعيد (2018-04-24). "ولا يقيم على ضيم يراد به إلا الأذلان عير الحي والوتد". صحيفة الشاهد الكويتية.

وصلات خارجية