الفن الروماني

الفن الروماني يضم الفنون المرئية التي أُنتجت في روما القديمة، وفي أراضي الامبراطورية الرومانية. الصيغ الرئيسية للفن الروماني هي العمارة والتصوير والنحت وأعمال الفسيفساء. الأشغال المعدنية وقوالب النقود ونقش الأحجار الكريمة ونحت العاج وزجاج التماثيل الصغير والخزف والرسوم التوضيحية المنمنمة في الكتب تعتبر أحياناً، في المصطلحات الحديثةـ كصيغ صغرى من الفن الروماني،[1] بالرغم من أن ذلك عاشوا ذلك العصر قد يختلفون حول اعتبارها صيغ "صغرى".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مقدمة

جزء من سلسلة
تاريخ الفن القديم

 

الشرق الأوسط
بلاد الرافدين
مصر القديمة
آسيا
الهند
الصين
اليابان
Scythia
اوروپا ما قبل التاريخ
Etruscan
Celtic
Picts
Norse
Visigothic
فن كلاسيكي
اليونان القديمة
Hellenistic
روما


التأثير اليوناني

لم يكن الرومان بطبعهم شعباً فنياً، فقد كانوا قبل أغسطس محاربين وكانوا بعده حكاماً، يرون أن استقرار النظام واستتباب الأمن على أيدي الحكام خير أعظم وواجب أنبل من الخلق والجمال أو الاستمتاع به. وكانوا يبتاعون أعمال الأساتذة الموتى بأعلى الأثمان، ولكنهم كانوا يحتقرون الفنانين الأحياء ويحشرونهم في زمرة الخدم. ومن اقوال سنكا وهو الرجل الرحيم الشفيق: "إنا وإن كنا نعبد التماثيل لنحتقر الذين يصنعونها"، وكان يبدو لهم أن أشرف سبل الحياة سبيل القانون والسياسة؛ أما الفنون البدوية فكان أشرفها لديهم الزراعة (إذا صح أن تعد الزراعة فناً من الفنون). وكان معظم رجال الفن في رومة، إذا استثنينا المهندسين المعماريين، من اليونان الأرقاء أو المحررين أو المستأجرين، وكانوا كلهم يعملون بأيديهم ويعدون من طبقة الصناع، ولم يعن المؤلفون اللاتين قط بذكر أسمائهم أو حوادث حياتهم، ومن أجل هذا يكاد رجال الفن الروماني كلهم أن يكونوا مجهولي الأسماء، فليس ثمة شخصيات حية تصبغ تاريخه صبغة إنسانية أو تضيئها كما يضيء ميرون Myron، وفدياس، وبركستيلز Praxiteles، وبروتوجنيس Protogenes قصة الفنون الجميلة في بلاد اليونان. ففيه يضطر المؤرخ إلى الحديث عن الأشياء لا عن الأشخاص، وأن يحصي النقود، والآنية، والتماثيل، والنقوش، والصور، والمباني، ويبذل في ذلك جهد اليائس لعله يستطيع بما يبذله من الكد في جمعها أن يصور للقارئ صورة عظمة رومة المليئة بأسباب العظمة. ذلك أن منتجات الفن تستهوي العين أو الأذن، أو اليد، أكثر مما تستهوي العقل، ويذهب جمالها أو يكاد إذا خففته فأحلته أفكاراً وألفاظاً. وليس عالم التفكير إلا واحداً من عوالم كثيرة لكل فكرة عالمها الخاص، ومن أجل هذا كان لكل فن وسيلته الخاصة التي ينفذ بها إلى النفوس، والتي لا يمكن أن تستحيل ألفاظاً وكلاماً، وحتى الفنان نفسه إذا كتب عن الفن فإنه يعجز عن تصويره.

وثمة سحابة قائمة مشئومة تغشي سماء الفن الروماني خاصة: تلك هي أننا نصل إليه عن طريق الفن اليوناني الذي يبدو في أول الأمر أنه المثل الذي احتذاه، والمرشد الذي اهتدى بهديه. وكما أن مشاعرنا تضطرب لما نشاهده في فن الهند من صور وأشكال غريبة، فكذلك تخمد جذوة عواطفنا لما في الفن الروماني من تكرار ممل للصور والأشكال المألوفة، ولقد تحدثنا من قبل عن الأعمدة والتيجان الدُّورية والأيونية والكورنثية، كما تحدثنا عن النقوش الملساء التي اتخذت مثلاً أعلى يحتذى؛ وقد كانت التماثيل النصفية للشعراء والحكام والآلهة، والمظلمات المدهشة التي تكشفت عنها آثار بمبي منقولة كما يقول لنا المختصون عن أصول يونانية. ولم يكن هناك فن روماني الأصل سوى الطراز "المركب"، وهو الذي ننفر منه لتعارضه مع فكرتنا عن الوحدة والبساطة والتقيد التي ألفناها في الفن القديم. وما من شك في أن فن رومة في عصر أغسطس كان فناً يونانياً بقضه وقضيضه، فقد انتقلت أشكال الجمال وطرائقه ومثله العليا من بلاد اليونان إلى الفن الروماني عن طريق صقلية وإيطاليا اليونانية، وعن طريق كمبانيا وإتروريا، وأخيراً من بلاد اليونان نفسها والإسكندرية والشرق المصطبغ بالصبغة اليونانية؛ ولما أن أصبحت رومة سيدة بلاد البحر الأبيض المتوسط أقبل الفنانون اليونان إلى مركز الثروة والرعاية الجديد وأخرجوا صوراً لا حصر لها من روائع الفن اليوناني للهياكل والقصور والميادين الرومانية، وكان كل فاتح يحمل معه إلى بلاده نماذج من هذه الروائع، وكل موظف كبير ينقب في المدائن عما كان باقياً فيها من كنوز الصناعة اليونانية؛ حتى أصبحت إيطاليا على مر الأيام متحفاً للرسوم والتماثيل المشتراة أو المسروقة التي صارت النسق الذي يحتذيه الفن الرماني مدى قرن كامل. وقصارى القول أن رومة قد ابتلعها العالم المتأغرق من الناحية الفنية.

على أن هذا كله ليس إلا نصف الحقيقة. أما النصف الآخر فهو أن تاريخ الفن الروماني، كما سنرى فيما بعد، كان من ناحية نزاعاً بين العقود والعوارض المركبة على الأعمدة، ومن الناحية الأخرى نزاعاً بين الفن الواقعي الإيطالي الأصل الذي يحاول أن يسترد ما فقده لما أن غزا شبه الجزيرة الفن اليوناني الذي كان يصور الآلهة لا الناس، وبين الطراز الأفلاطوني والفكرة الأفلاطونية المجردة لا الفرد الأرضي الدنيوي الذي كان يسعى إلى تمثيل الكمال النبيل في الشكل بدل الحقيقة في الإدراك والقول. لقد أصابت الفن الروماني القوي الأصيل الذي أعان على نحت الصور على القبور التسكانية سنة من لنوم بين فتح بلاد اليونان وافتتان نيرون بفنونها؛ ولكنه في آخر الأمر حطم القالب اليوناني الصبغة وأحدث في الفن القديم انقلاباً كاملاً بما أدخله فيه من النحت الواقعي، وبفضل جمالها المستعار، العاصمة الفنية للعالم الغربي، وظلت كذلك ثمانية عشر قرناً من الزمان.

وطغى هذا الغزو على الفن الإيطالي فنبذ صفاته الأصلية، وطرازه الوطني واستسلم بأجمعه- إلا في شيء واحد- إلى الفنانين اليونان والى الموضوعات والأشكال اليونانية. وأقبل المثالون، والمصورون، والمهندسون اليونان إلى روما حيث كان الذهب يتدفق في جيوبهم، وما لبثوا أن صبغوا عاصمة فاتحي بلادهم بالصبغة اليونانية. وشرع سراة الرومان يشيدون قصورهم على الطراز الروماني حول فناء غير مسقوف، ويزينونها بالعمد، والتماثيل، والصور اليونانية، وبالأثاث اليوناني. أما الهياكل فقد تحولت على مهل حتى لا تغضب الآلهة من التحول وبقي جسم الهيكل القصير والقاعدة المرتفعة للتماثيل- وهما من مميزات الفن التسكاني- القاعدة المتبعة في بناء الهياكل ونحت التماثيل. فلما أن زاد عدد الآلهة الأولمبية، رأى الرومان أن من حق تلك الآلهة أن تبني بيوتها على الطراز الهليني الرفيع. غير أن الفن الروماني قد ظل في ناحية واحدة جوهرية يعبر بوسائله الخاصة وبقوته الفذة عن الروح الإيطالية الفنية، وإن ظل يسترشد بالفن اليوناني. أما فيما عدا هذا فقد استبدل المهندسون الرومان القوس بالعارضة الراكزة على الأعمدة في الأبنية التي خلدوا بها نصرهم أو زينوا بها دورهم، وفي القنوات التي تجر الماء لدورهم وفي أبنية محاكمهم. وعلى هذا النحو شاد كاتو من الحجارة في عام 184 الدار المعروفة باسم باسيليكا پورشيا Bacilica Portia، وبعد خمس سنين من ذلك العام شاد إيمليوس بولس باسيليكا إيمليا Bacilica Aemilia في صورتها الأولى التي أصلحها فيما بعد أبناؤه وأحفاده جيلاً بعد جيل، وجملوها أحسن تجميل . وكانت الباسيليكا الرومانية النموذجية داراً تقام لتصريف الأعمال التجارية والقضائية، وتتألف من بناء في شكل مستطيل طويل يقسمها إلى ممشى وأفنية صفان من الأعمدة الداخلية، يعلوها في العادة سقف في صورة قبة مصندقة، وهو طراز أخذ في الأصل من الإسكندرية(20). وإذ كان الممشى مرتفعاً عن الأفنية فقد كان من المستطاع حفر شبكة من الفتحات في الحجارة فوق كل فناء يدخل منها الضوء والهواء. ذلك بطبيعة الحال هو الشكل الأساسي للجزء الداخلي من الكنائس الكبرى في العصور الوسطى. وبهذه الصروح الضخمة شرعت روما تتخذ لنفسها مظهر القوة والفخامة الذي امتازت به في مستقبل أيامها حتى بعد أن لم تكن عاصمة العالم كله.

الرسم

 
Pompeian painter with painted statue and framed painting Pompeii

الفترات

المناظر الطبيعية والمَشاهد

 
Boscotrecase , Pompeii. Second style

الپورتريهات

 
The Severan Tondo, a panel painting of the imperial family, circa 200 CE
 
Depiction of a woman with a ringlet hairstyle. Royal Museum of Scotland.

مناظر الأصناف

Roman genre scenes generally depict Romans at leisure and include gambling, music and sexual encounters. Some scenes depict gods and goddesses at leisure.[2][3]

تصوير الانتصارات

 
Roman fresco from Boscoreale, 43-30 BCE, Metropolitan Museum of Art

لقد كان من يزور رومة في الزمن القديم يجد فن التصوير أكثر انتشاراً من فن النحت في هياكلها ومساكنها، وأروقتها، ذات العمد، وميادينها؛ وكان يعثر فيها على الكثير من أعمال كبار الفنانيين الأقدمين أمثال بولجنوتس Polygnotus وزيوكسيس Zeuxis، وأبليز Appeles، وبروتجنيس Protogmese وغيرهم. ولم تكن الأعمال أقل قيمة أو أقل تقديراً في الإمبراطورية الواسعة الثراء من صور عهد النهضة الأوربية في أمريكا الغنية في هذه الأيام؛ وكان يجد أعمال رسامي الإسكندرية ورومة أعظم وفرة في رومة القديمة من صور النهضة في أمريكا الحديثة وذلك لحسن تعهدها وشدة العناية بحفظها. لقد كان الفن قديماً في إيطاليا حيث كان كل جدار يتطلب الفن، والتجميل. وأتى على إيطاليا حين من الدهر كان نبلاؤها أنفسهم يمارسون هذا الفن، ولكن تيار الحضارة الهلنستية الجارف جعل التصوير يوناني الطابع شديد الخضوع للعرف والتقاليد حتى أنتهى الأمر بأن عجب فالريوس مكسمس Valerius Maximus من ان فابيوس بكتور Fabius Pictor ينزل من علائه فيصور على جدرانه "هيكل الصحة"(24). غير أنا نجد حالات شاذة لا ينطبق عليها هذا التعميم: من ذلك أن أرليوس Arellius قد ذاع صيته في أواخر عهد الجمهورية لأنه كان يستأجر العاهرات ليكن نماذج لصور الآلهات؛ وحدث في عهد أغسطس أن اشتغل بالتصوير شريف أبكم يدعى كونتس بديوس Quintus Pedius لأن عاهته قد سدت في وجهه جميع سبل الأعمال الأخرى؛ واستخدم نيرون لتزيين بيته الذهبي مصوراً يدعى أمليوس Amulius كان "يرسم في وقار جم وهو مرتد جبته(25).

ولكن هؤلاء الرجال كانوا متفرقين في بحر المصورين اليونان الخضم الذين أخذوا يخرجون في رومة وبمبي وسائر أنحاء الجزيرة نسخاً من الرسوم اليونانية مطابقة لها أو مختلفة بعض الشيء عنها، تمثل موضوعات يونانية أو مصرية.

وكاد فن التصوير في رومة أن يكون مقصوراً على المظلمات والألوان المائية الممزوجة بمادة غروية لاصقة توضع فوق سطح جاف. وكان المصورون يلجأون في بعض الأحيان غلى تثبيت الألوان بالحرارة، وذلك بإذابتها في الشمع الشديد الحرارة. أما من حيث حجم الصور فإنا نذكر أن نيرون أمر بأن ترسم صورته على قطعة من القماش يبلغ ارتفاعها مائة وعشرين قدماً- وهذه الصورة أول ما لدينا من صور استخدم فيها قماش التصوير. وقد سبق القول إن الألوان كانت تستخدم في تلوين التماثيل، والهياكل، والمناظر المسرحية، والصور الكبيرة المرسومة على الأقمشة التيلية لعرضها في السوق العامة في أوقات الاحتفال بالنصر، ولكن مواضعها المحببة كانت هي الجدران الخارجية في المباني. وقلّما كان الرومان يضعون الأثاث مستنداً إلى الجدران أو يعلقون عليها الصور، ذلك أنهم كانوا يفضلون أن يستخدموا الجدار كله ليرسموا عليه صورة واحدة أو مجموعة من الصور المتصلة بعضها ببعض في موضوعها. وبهذه الطريقة أضحت الصورة الجدارية جزءاً متمماً للبيت وعنصراً أساسياً في هندسته المعمارية.

وقد حفظت لنا أبخرة فيزوف الحارقة نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة مظلم- وهي يزيد عددها في بمبي وحدها على عدد كل ما وجد منها في سائر أنحاء العالم القديم. وإذ كانت بمبي في أيامها من المدن المتوسطة الحجم غير العظيمة الشأن فإن في وسعنا أن نتصور عدد الرسوم الجدارية التي كانت تزدان بها المنازل والأضرحة في إيطاليا القديمة. وقد نقل أحسن ما بقي من هذه الرسوم إلى متحف نابلي، ولا يزال لجمالها الهادئ رغم انتقالها إلى مكانها الجديد أعظم الأثر في نفس من ينظر إليها؛ ولكن الأقدمين وحدهم هم الذين كانوا يعرفونها في عمق ألوانها وفيما بها من إطار هندسي يجعل لكل صورة من هذه الصور معنى خاصاً وموضعاً خاصاً. وقد تركت الصور الجدارية التي في بيت فتاي في أماكنها الصلية، فترى في المطعم ديونيشس يفاجئ أدرياني النائمة، وترى على الجدار المقابل لهذه الصورة ديدالس Daedalus يعرض بقرته الخشبية على باسفائي؛ Pasifa( وفي الطرف الأقصى من الجدار ترى هرمس ينظر في هدوء إلى هفيستس Hephaestus وهو يشد إكسيون Ixion إلى عجلة التعذيب. ونشاهد في حجرة ثانية مظلمات مضحكة متتابعة فيها صور متعددة لكيوبد إله الحب يسخر مما في بمبي من صناعات بما فيها صناعة الخمر في فتاي. وقد عدت عوادي الأيام على هذه الصورة التي كانت من قبل ناضرة براقة، ولكن ما بقي منها يكفي لأن يشعر الزائر بما يجب أن يكون عليه من تواضع وحياء، فصور الأجسام البشرية تكاد تبلغ الغاية في الإتقان والجودة، وتكاد تنبض بالحياة وتثير دم الشهوة في عروق الأحياء من بني الإنسان.

ولقد حاول الخبراء أن يفهموا ماهية فن التصوير في إيطاليا القديمة ويصنفوا عصوره وأنماطه بالاعتماد على ما وجدوه من نماذج له في إيطاليا القديمة. وهذه الطريقة في التصنيف خطرة غير مأمونة لأن بمبي نفسها كانت يونانية أكثر منها لاتينية؛ ولكن ما بقي في رومة وضواحيها من رسوم قديمة يتفق غلى حد كبير مع تطور فن التصوير في بمبي. ففي الطراز الأول (القرن الثاني قبل الميلاد) حين كانت الجدران تغطي بقشرة كاملة قبل الرسم عليها، كانت الجدران في أغلب الأحيان تلون بحيث تبدو كأنها مطعمة بألواح من الرخام كما تشاهد في "بيت سلت" في بمبي. وفي الطراز الثاني أو الطراز المعماري (القرن الأول قبل الميلاد) كان الجدار يطلى ليمثل بناء أو واجهة أو بهواً ذا عمد، وكثيراً ما كانت العمد ترسم كما تبدو للناظر إليها من الداخل، وبينها مظاهر الريف الخلوية، وبهذه الطريقة كان الفنان يضفي على الغرفة التي لا نوافذ لها في أغلب الظن محيطاً ذا نسيم عليل من الأشجار والأزهار والحقول، والجدول، والحيوانات الهادئة أو المرحة اللاعبة.

وكان في وسع ساكنها السجين فيها أن يتخيل أنه مقيم في حدائق لوكلس، ولم يكن ذلك ليكلفه أكثر من النظر إلى الجدران كما كان في وسعه أن يصيد السمك، أو يقتنص الحيوان، أو يداعب الطيور ويدللها، ويعتز بها في غير فصولها وأيامها، وذلك لأن الطبيعة كانت تنقل إليه في منزله فلا يتحمل هو مشقة الانتقال إليها. وفي الطراز الثالث أو طراز التحلية (1- 50 م) كانت الأشكال الهندسية المعمارية للزينة لا غير، وكانت تضع المناظر الطبيعية في المنزلة الثانية بعد صور الآدمييين. وفي الطراز الرابع المختلط المعقد كان الفنان يترك العنان لخياله يخترع تراكيب وأشكالاً غريبة، ويضعها في مواضعها وهو مرح ساخر مما تتطلبه الحشمة والوقار، ويكدس في صورته الحدائق والعمد والبيوت الريفية والجواسق بعضها فوق بعض كتشويش الرسوم في هذه الأيام(26)؛ وكثيراً ما كان يحصل بهذا على الأثر الذي تحدثه في الناظر صورة تكملها ذكريات لا وعيية سلطت عليها الأضواء. وكان فن العمارة في جميع هذه الطرز المتقاربة إما خاضعاً للتصوير ومسيطراً عليه يخدمه ويستخدمه، فأنشأ فيه بذلك تقاليد عادت إلى اليقظة بعد ستة عشر قرناً على يدي نقولاس بوسن Nicholas Poussin.

ومن دواعي الأسف أن ما بقي من موضوعات الرسوم الكبرى قلّما يتعدى الأساطير اليونانية؛ فالآلهة، وجن الحراج، والأبطال، والخاطئون المذنبون- زيوس، والمريخ، وديونيشس، وبان، وأخسيل، وأديسيوس، وإفجينيا، وميديا هذه كلها تتكرر تكراراً يبعث على الأمل والسآمة، وإن كانت هذه التهمة بعينها يمكن توجيهها إلى فن النهضة. وثمة صور قليلة تمثل الحياة الهادئة الساكنة، كما أننا نعثر في مواضع متفرقة على مطرقة أو صاحب حانة أو قصّاب يلتمع فوق جدران بمبي. وكثيراً ما يسيطر الحب على المنظر برمته فترى فتاة مطرقة يتنازعها شوق كمين ليس معدوم الصلة بإيروس إله العشق الواقف إلى جانبها، وترى الفتيات والشبان يمرحون على الكلأ يتبادلون نظرات الوجد والهيام، وأرباب الخمر والفسق يلعبون كأن المدينة لم تعرف في حياتها شيئاً غير الحب والخمر؛ وإذا ما حكمنا على نساء بمبي من صورهن التي على الجدران كانت هؤلاء النسوة خليقات بأن يكون جمالهن محور الحياة بأجمعها في تلك المدينة، فنحن نراهن منهمكات في لعبة "الكعاب" أو متكئات في رشاقة على القيثارات، أو نشاهدهن يقرضن الشعر والأقلام بين شفاههن، ودلائل التفكير بادية على ملامحهن، ووجوههن هادئة من أثر النضوج، وأجسامهن سليمة صحيحة كاملة النمو، وأثوابهن مسبلة عليهن، فضفاضة أنيقة كأنها من نحت فدياس، يمشين كأنهن كلهن هلن اليونانية التي سلبت عقل باريس بن بريام، مدركات قداستهن. وترى إحداهن ترقص رقصة باخوسية لعلها في هواء رقيق، وذراعها ويدها وقدمها اليمنى من أجمل ما رأته العين في تاريخ التصوير. ويحب أن تضم إلى هذه الروائع بعض صور الرجال أيضاً كصورة تسيوس Theseus وهو ينتصر على المونوتور Minotaur وهرقل وهو ينجي ديانيرا Deianira أو يتبنى تلفوس Telephus، وأخيل يسلم وهو غضبان آسف برسيس Briseis المتمنعة الآبية. وكل شكل رسم في هذه الصورة الأخيرة يكاد يبلغ الغاية في الكمال ويصل فيه التصوير البمبياثي إلى ذروة الإبداع. وللفكاهة أيضاً نصيبها من التصوير؛ فهذا زعيم أشعت يتمثر على عكازته، وهذا جني ظريف يهز ساقيه في مرح تهكمي، وهذا سلينس Silenus أصلع بذيء يصور وهو في نشوة موسيقية. وللحانات والمواخير أيضاً مكانها في زينة الجدران، ولا يجد السائح المتقصي حاجة لأن يقال إن بريابس Priapus لا يزال يزهو بقواه الثمينة على جدران بمبي. وفي الطرف الآخر من هذه السلسلة حيث توجد بيوت الضواحي نرى طائفة من الصور الدينية توحي بأن المكان كان يستخدم للاحتفال بالطقوس الديونيشية الخفية؛ ففي أحد المظلمات نشاهد بنتاً أمعنت في تقواها بغير رفق حتى شلت حركتها، تقرأ في كتاب يبدو أنه كتاب مقدس؛ وفي مظلم آخر يتقدم موكب من الفتيات ينفخن في الأبواق، ويأتين بالقرابين؛ وفي مظلم ثالث نرى سيدة عارية ترقص على أصابع قدميها وإلى جوارها راهبة مبتدئة راكعة على ركبتيها، منهوكة القوى من شدة ما قاست في أحد الطقوس الدينية(27). وأجمل من هذه كلها نقش جداري عثر عليه في خرائب ستابيا Stabiae من نوع نقوش بوتيتشلي Botticelli ومتقدم عليها، ويسمي هذا النقش الربيع: وهو يمثل امرأة تمشي في حديقة على مهل تقطف الأزهار، ولا يرى منها إلا ظهرها ورأسها تديره بخفة ورشاقة إلى خلفها؛ وقلّما استطاع فن من الفنون أن يصور ما في هذا الموضوع السهل من شاعرية تصويراً مؤثراً في النفس مثيراً للعواطف كما صوره هذا الفنان.

وأقوى ما وجد من الصور في هذه الخرائب صورة ميديا التي عثر عليها في هركيولانيم Herculaneum وحفظت في متحف نابلي، وهي تمثل امرأة مطرقة عليها ثياب فاخرة تفكر في مقتل أبنائها؛ ويلوح لنا أن هذه صورة منقولة عن الصور التي أجاز عليها قيصر مصورها تموماكس Timomachus البيزنطي بأربعين ألف وزنة (تالنت) أي 144000 دولار أمريكي(27)؟

ولم يوجد في رومة إلا القليل من الصور التي تبلغ هذه المنزلة، ولكن عثر في بيت ليفيا المقام في بريما بورتا Prima Porta على مثل رائع من صور المناظر الطبيعية التي تسمو فيها إيطاليا على بلاد اليونان، فيه تخدع العين فيظن الإنسان أنه يجتاز بهواً إلى تكعيبة في أرض رخامية من ورائها أجمة من النبات والأزهار بلغت من الإتقان حداً يمكن العالم النباتي في هذه الأيام من أن يتبينها ويصتفها؛ فكل ورقة من أوراقها رسمت بشكلها ولونها الطبيعيين، والطيور تجثم على مواضع متفرقة منها كأنها تحط عليها إلى وقت ما، والديدان تزحف بين الأغصان والأوراق. ويقرب من هذه الصورة في روعتها ورقتها عرس الديرنديتي التي وجدت في التل الإسكويلي في عام 1606 والتي درسها روبن Rubens وفان ديك وجيتة بحماسة بالغة. وقد تكون هذه منقولة عن صورة يونانية، وقد تكون صورة أصلية من عمل رسام يوناني استوطن رومة، أو من عمل روماني أصيل. وكل ما نستطيع أن نقوله واثقين أن ما عليها من صور الأشخاص- كصورة العروس الهادئة الحيية، والآلهة التي تسديها النصيحة، والأم المنهمكة في الاستعداد للعرس، والعذارى ينتظرن ليعزفن على القيثارة ويغنين- كل هذه قد رسمت برقة وحساسية ترفعان هذا الرسم الجداري إلى منزلة الآثار الفنية القديمة الممتازة.

على أن فن التصوير الروماني يخلو من عنصر الابتكار، وسبب ذلك أن الفنانين اليونان نقلوا معهم تقاليدهم وأساليبهم إلى كل مكان نزلوا فيه، وحتى النزعة الثائرية الغامضة التي في هذه الصور قد تكون من أثر مهارة الفنانين الاسكندريين؛ ولكن فيها مع ذلك دقة في الخطوط، وغزارة في اللون نعرف منهما لم بلغ المصورون أمثال أبليز Applles وبروتوجنيز Protogenes من الشهرة مثل ما بلغه منها المثالون من طراز بولكليتس وبركستليز. واللون في بعض الأحيان واضح غزير كما لو كان جيورجيون Giorgione هو الذي وضعه، كما أن تدرج الأضواء والظلال يوحي في بعض الأحيان أنه من عمل رمبرانت Remebrandt. وترى تارة رسماً خالياً من الدقة يذكر الإنسان بواقعيه فان جونج المنفرة. وفن المنظور في الرسم غير صحيح كما أن السرعة في العمل تفسد نضج التفكير. ولكن ما في الرسوم من حيوية نضرة يغطي على هذه الأغلاط كلها، فتناسب الثياب يخدع العين، ومناظر الغابات والأشجار كانت بلا ريب من أسباب البهجة لسكان المدن المكتظة بالسكان. ويجب ألا ننظر إلى هذه الرسوم بعين هذه الأيام، فأذواقنا اليوم أقل تحرراً وأكثر تحفظاً من أذواق الأقدمين، ونحن نفضل أن نترك الجدران كما هي مقصورة على وظيفتها، وقد كنا حتى الأمس القريب نتردد في أن نغطيها بالألوان. أما الإيطالي فكان الجدار له بمثابة السجن، وقلّما كان يطل منه على العالم من خلال نافذة؛ ولهذا كان يرغب في أن ينسى هذا الحاجز القائم أمام عينيه، وأن ينخدع بطريق الفن إلى جنان السلام المخضرة الناضرة. ولعله كان في تفكيره هذا على حق، فإن شجرة مرسومة على جدار الخير من منظر يتألف من ألف قمة من قمم سطوح المنازل الخشنة غير المصقولة التي تشوه جمال السماء كأنها قرح خبيثة في الشمس، ويطل عليها المرء من نافذة مسحورة في جدار.



. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النحت

 
Bust of Antinous, c. 130 AD
 
Detail of the Antonine column. Drawn by Eugène Viollet-le-Duc

العمارة

 
Aqueduct of Segovia

الأشغال المعدنية

كانت مئات الفنون تستخدم في القصور وفي بيوت الأغنياء لتجعل كل شيء فيها عظيم النفقة إن فاتها أن تجعله جميلاً. فقد كانت أرضها في الغالب من الرخام المتعدد الألوان، أو الفسيفساء الذي عني فيه صانعوه بجمع المكعبات الصغيرة الكثيرة الألوان Cesserae، وبذلوا في ذلك الكثير من الجهد والوقت، فأخرجوا منها رسوماً مدهشة في واقعيتها وثباتها. وكان أثاث هذه القصور أقل عدداً من أثاث بيوتنا وأقل منه مجلبة للراحة، ولكنه يفوق في فخامة نقشه ودقة صنعه. فكانت المناضد، والكراسي، والمقاعد، والمضاجع، والأسرّة، والمصابيح، والأواني، كلها تصنع من المواد المتينة، كما كانت كثيرة الزينة. وكانت خير أنواع الخشب، والعاج، والرخام، والبرونز، والفضة، والذهب تخرط وتصقل بمنتهى الدقة والعناية، وتنقش عليها صور لأنواع النبات والحيوان، أو ترصع بالعاج، والفيروز، والصدف، والبرونز المنقوش، أو الحجارة الكريمة. وكانت المناضد تصنع أحياناً من خشب السرو أو الليمون الغالي، وكان بعضها يصنع من الذهب أو الفضة، والكثير منها يصنع من الرخام أو البرونز. أما المقاعد فكانت على أشكال لا حصر لها، منها مقاعد تطوى إلى عروش للأباطرة ولكنها كانت أقل تشويهاً للعمود الفقري من مقاعد هذه الأيام. وكانت الأسرّة تتخذ من الخشب أو المعدن، وكانت ذات أرجل رفيعة ولكنها ثابتة متينة تنتهي في كثير من الأحيان برؤوس الحيوانات أو أقدامها، وكانت عليها شبكة برونزية تحمل حشية القش أو الصوف بدل الشبكات اللولبية التي تستخدم في هذه الأيام. وكانت نضد رشيقة ذات ثلاثة أرجل تستخدم في الأغراض التي تستخدم فيها نضدنا، وكانوا يضعون في أماكن مختلفة من الحجرات خزانات ذات عيون لتوضع فيها الكتب الملفوفة. وكانت مواقد من البرونز تدفئ الحجرات، ومصابيح من البرونز تضيئوها. وكانت المرايا تصنع أيضاً من البرونز، وتصقل صقلاً جيداً، وتنقش عليها أو تحفر فيها أزهار أو صور خرافية. وكان بعضها محدباً أو مقعراً أفقياً أو رأسياً لكي يغير من الصور المعكوسة عليها فيجعلها رقيقة أو ضخمة تثير الضحك.

وكانت مصانع كمبانيا تستخدم منتجات المناجم الأسبانية الفنية فتصنع الكثير من الآنية الفضية لتباع في الأسواق، وبذلك انتشرت صحاف الطعام الفضية في بيوت الطبقتين الوسطى والعليا. وقد عثر أحد الحفارين في عام 1895 في حوض لبيت ريفي في بسكوريل Boscoreale على مجموعة عجيبة من الآنية الفضية لعل مالكها قد وضعها فيه قبل أن ينجو بحياته من نيران بركان ويزوف حين ثار في عام 79 م، ووجدت على أحد الأقداح نقوش لا يكاد يمسسها أذى لأوراق نباتية بسيطة، ووجد على قدحين صورة هيكلين عظيمين بارزين، وعلى إناء آخر صورة أغسطس بين الزهرة والمريخ وهما الإله والآلهة اللذان يتنازعان فيما بينهما السيطرة على الجنس البشري، ومنها قدح يدل على شدة الخبث والدهاء وعليه نقش يمثل زينون الفيلسوف الرواقي يشير في سخرية إلى أبيقور وهو يلتهم قطعة كبيرة من الفطائر، وإلى جانبه خنزير رافع ساقه الأمامية يسأله في أدب جم أن يعطيه قطعة منها.

الحفر

ويدل على ما وجد من النقود والجواهر في عصر الإمبراطورية الأول على ما وصل إليه فن الحفر من رقي. ويدل على ما وجد منها من عصر أغسطس على نفس الذوق الجميل الذي تدل عليه الرسوم التي يشاهدها الإنسان على مذبح السلام كما يحتوي أحياناً على نفس هذه الرسوم. وكانت الأحجار الكريمة المستوردة من أفريقية وبلاد العرب والهند تقطع وتركب في الخواتم، ودبابيس الصدور، والعقود، والأساور، والأقداح، بل وفي الجدران أحياناً. وكان لبس خاتم في إصبع واحدة على الأقل من الضرورات الاجتماعية التي لا غنى عنها، وكان من المتظرفين عدد قليل يلبسون خواتم في جميع أصابعهم عدا واحدة منها. وكان الروماني يطبع إمضاءه بخاتمه، ولهذا كان يحرص على أن يكون هذا الخاتم فريداً في رسمه. وكان من بين الفنانين الذين ينالون أعلى الأجور عدد من قاطعي الجواهر أمثال آل دسكوريدس الذين صنعوا خاتم أغسطس. وقد وصل العصر الذهبي في قطع حجر القمو إلى مستوى من الرقي لم يفقه فيه عصر آخر، ولا يزال أجمل ما وجد في العالم من جواهر جوهرة أغسطس Gemma Augusta المحفوظة في فينا. وكان جمع الجواهر والحلي ذات النقوش البارزة هواية أثرياء الرومان-ومنهم بمبي وقيصر وأغسطس. وقد ظل ما في خزائن الأباطرة من جواهر يتكاثر على مر الزمن بما ورثوه منها عن أسلافهم حتى باعه ماركس أورليوس لينفق من ثمنه على حربه ضد المركوماني. وقد أخذت إنجلترا منصب حافظ الخاتم الأكبر أو الخاص عن منصب حارس الأختام والجواهر الإمبراطورية في أيام الرومان.

الخزف

وفي هذه الأثناء كان خزافو كبوا، وبتيولي، وكومية، وأرتيوم يملأون بيوت الإيطاليين بجميع أنواع الآلية الخزفية. وكان في أرتيوم خوابي للخلط تتسع لعشرة آلاف جالون. وقد ظل ما تصنعه من صحاف الطعام المطلية بقشرة زجاجية حمراء مدى قرن كامل أكثر الصحاف انتشاراً في إيطاليا. ووجدت بعض هذه الصحاف في إيطاليا بأجمعها فلم يكد يخلو منها مكان واحد فيها. وكانت الأختام الحديدية البارزة الحفر تستخدم في طبع كل مزهرية ومصباح وقطعة من القرميد باسم صانعها، وكان يطبع عليها أحياناً اسما القنصلين الحاكمين دلالة على تاريخ صنعها.

هذا هو الحد الذي بلغه علم القدماء بفن الطباعة، وقد تركوه دون أن يرتقوا به إلى ما فوق هذا القدر، لأن النسّاخين الأرقاء كانوا يتقاضون أجوراً قليلة(18).

الزجاج

 
قدح قفصي من كولونيا عُثر عليه في ميونخ، يعود إلى منتصف القرن الرابع الميلادي. مجموعة Staatliche Antikensammlung
 
مختارات من الزجاج الگالو-روماني من القرن الرابع

انتقل صناع كوميا، ولترنوم، وأكويليا، من صنع الخزف إلى صنع الزجاج الفني الجميل. ومن أشهر أمثلة هذه الآنية الزجاجية مزهرية پورتلاند وأجمل منها "المزهرية الزجاجية الزرقاء" التي عثر عليها في بمبي والتي نقش عليها عيد خمري لباخوس نقشاً جميلاً ينبض بالحياة(19). ويقول پلني الأكبر واسترابون: إن فن صنع الزجاج قد نـُقل في عهد تيبريوس من صيدا والإسكندرية إلى رومة، وسرعان ما أخرج فنانوه قنينات صغيرة، وقداحاً وطاسات، وأواني أخرى متعددة الألوان دقيقة الصنع، جميلة المنظر أصبحت في وقت ما مطلب الأثرياء وجامعي الروائع الفنية. وقد عرض في عهد نيرون ستة آلاف سسترس ثمناً لقدحين صغيرين من الزجاج المعروف في هذه الأيام باسم "ميلفيوري" Millefiori أو "الزهرات الألف"، صنعا بصهر عصى زجاجية مختلفة اللون. وكان أغلى من هذين ثمناً مزهريات "مورهين" Murrhine التي جيء بها من آسية وأفريقية. وكانت تصنع بوضع خيوط رفيعة من الزجاج الأبيض والأرجواني بعضهما بجوار بعض للحصول على الرسم المطلوب، ثم إشعال النار فيها، أو ترصيع جسم أبيض شفاف بقطع من الزجاج الملون، وقد جاء پومپي بروائع من هذا النوع إلى رومة بعد انتصاره على مثرداتس. واحتفظ أغسطس لنفسه بكأس كليوبطرة المصنوعة من زجاج مرهين، وإن كان قد صهر صحافها الذهبية. وقد دفع نيرون مليون سسترس ثمناً لقدح من هذا النوع، وكسر پترونيوس قدحاً آخر وهو يحتضر حتى لا يقع في يد نيرون. ويمكن القول بوجه عام إن الرومان لم يفقهم أحد في صنع الزجاج؛ وقلَّ أن يوجد في العالم مجموعات فنية أثمن من مجموعة الآنية الزجاجية الرومانية المحفوظة في المتحف البريطاني وفي متحف متروپوليتان للفنون بنيويورك.

انظر أيضاً


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش

  1. ^ Toynbee, J. M. C. (1971). "Roman Art". The Classical Review. 21 (3): 439–442. doi:10.1017/S0009840X00221331. Retrieved 2007-12-11. {{cite journal}}: Unknown parameter |month= ignored (help)
  2. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Janson, p. 190
  3. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Piper, p. 253

المصادر

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  • Benton, Janetta Rebold and DiYanni, Robert. Arts and Culture. Volume 1. Prentice-Hall, 1998. New Jersey, United States.
  • Janson, H. W. The History of Art, Harry N. Abrams, New York, 1986, ISBN 0-8109-1094-2
  • Hyun, Marie Sue. " The Art of Dream Healing." DK Publishing, 1998. New York, New York.
  • Kleiner, Fred S. A History of Roman Art. Thompson Wadsworth, 2007. Belmont, CA.
  • Marceau, Jo. Art: A World History. DK Publishing, 1998. New York, New York.
  • Montverdi, Mario. The Book of Art. Volume 1: The Origins of Western Art. Grolier 1967. Milan, Italy.
  • Nuttgens, Patrick. The World's Great Architecture. Excalibur, 1981. New York, New York.
  • Piper, David. The Illustrated Library of Art, Portland House, New York, 1986, ISBN0-517-62336-6
  • Turner, Jane. The Dictionary of Art. Volumes 26 and 27. Macmillan, 2002. Hong Kong.

وصلات خارجية