الاتفاقية السورية السوڤيتية 1957

الاتفاقية السورية السوڤيتية في ١١ كانون الأول ١٩٥٧ في موسكو، تضمنت معونة اقتصادية سوڤيتية لسوريا بقيمة ٣٠٠ مليون دولار ومساعدات تقنية وصناعية. ووقع الاتفاق كل من نائب رئيس الوزراء السوفيتي نيقولاي بولگانين ونظيره السوري خالد العظم. وصرح العظم بأن الاتفاق "يحررنا من الاعتماد على القوى الأجنبية الإمبريالية". وقد عرف العظم في الخمسينات بلقب "المليونير الأحمر" نظراً لخلفيته البرجوازية وتأييده للتقارب مع المعسكر الاشتراكي.

على أثر الضغوط الأمريكية والتركية على سوريا، تدهورت علاقات سوريا بالمعسكر الغربي، وتحسنت علاقاتها بالمعسكر الشرقي وخاصة الاتحاد السوڤيتي الذي أعلن عن استعداده لشراء المنتجات السورية (160)، لذلك أرسل وفد سوري إلى موسكو برئاسة خالد العظم وزير الدفاع وعضوية توفيق نظام الدين رئيس الأركان وفاخر الكيالي وزير المالية، حيث كان الغرض من الزيارة إجراء محادثات اقتصادية وعسكرية مع السوڤيت (161), وقد صدر بيان عن الزيارة في 7 أغسطس 1957 تحدث عن عقد اتفاقية بين الطرفين، والتي بمقتضاها تقدم المساعدة الاقتصادية والعسكرية لسوريا، وكذلك الدعم المادي، فضلاً عن تطوير التجارة بين الطرفين، كما أعلن عن إرسال بعثة اقتصادية سوڤيتية لسوريا، والحقيقة أن هذا الاتجاه نحو الاعتماد على الاتحاد السوڤيتي كان يلقى الدعم الكافي من الجيش السوري والأوساط السورية المختلفة، هذا على الرغم من مطالبة البعثيين بالتوقف عن الاتجاه نحو الاعتماد على السوڤيت (162)، وفى نفس الوقت أعلن رئيس الوزراء السوري فيصل العسلي أن سوريا ستقبل كل مساعدة لا تنتقص من استقلالها سواء من الاتحاد السوڤيتي أو أي دولة أخرى (163).

خالد العظم، على رأس وفد سوري، يفاوض نيكيتا خروشوڤ، على رأس فريق سوڤيتي، في موسكو، أغسطس 1957.

وقد نالت هذه الاتفاقية الرضا داخل الأوساط السورية، وفى نفس الوقت نالت الاهتمام من دول المعسكر الغربي، ذلك أن الأوساط الأمريكية استرعى انتباهها من زيارة خالد العظم القول بأن الاتحاد السوڤيتي ضمن الحماية لسوريا من العدوان، وقد زاد هذا القلق بما نشرته الصحف عن رسالة موسكو التي تقول إن الرئيس خروتشوف لوح للوفد السوري بأنه في استطاعة سوريا الاعتماد على الاتحاد السوڤيتي لضمان أمنها، وهو ما أكد عليه توفيق نظام الدين رئيس أركان الجيش السوري، وقد علقت صحيفة نيويورك تايمز على ذلك بالقول إن الاتحاد السوڤيتي يسعى من ورائه إلى توطيد قدمه بمنطقه البحر المتوسط، وأن الاتفاقية الأخيرة التي عقدها مع سوريا تعد أخطر ما في هذا الاتجـاه حيث نجح بذلك في اكتساب حلفاء مهمين له فيما وراء منطقة حلف بغداد (164). والسفير البريطانى في بيروت كان قد حذر خارجيته من تزايد النفوذ السوڤيتي بسوريا ومنطقة الشرق العربى بصفة عامة (165).

ومن جانب آخر، ساد تركيا قلق شديد عند إذاعة نبأ عقد هذه الاتفاقية بين الجانب السوري والسوڤيتي، وخاصة من جانب العسكريين الذين بادروا إلى تنبيه حكومتهم إلى خطورة الأمر واختلال الميزان في هذه المنطقة ذلك أن تركيا من وجهة نظرهم أصبحت محاطة أو شبه محاطة بدول أما ممالئة للشيوعية أو علاقاتها غير ودية مع تركيا، وطالبوا حكومتهم باتخاذ خطوات سريعة حتى لا يستفحل الأمر مستقبلاً، وقام عدنان مندريس رئيس الحكومة التركية بمباحثات مع ملك العراق وملك الأردن باستنبول، كما استدعى السفير الأمريكي بأنقرة ليبدى له انزعاج بلاده من أمر هذه الاتفاقية (166)، والحقيقة أن حالة القلق التركي هذه لم تكن وليدة الاتفاقية، إذ أن الحذر من الوضع السائد في سوريا كان قد دفع وزير الخارجية التركي في ديسمبر 1956م إلى اتهام سوريا بأنها ليست المسيطرة على مقاليد أمرها (167)، واستمر عقب توقيع الاتفاقية حيث اتهمت الدبلوماسية التركية سوريا في مايو 1957 بأنها مكنت للنفوذ السوڤيتي داخلها، وهو ما أدى إلى عدم الاستقرار بالمنطقة (168).

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً


الهامش