إسماعيل مظهر

هذا اليوم في التاريخ

إسماعيل مظهر محمد عبد المجيد (1891 - 4 فبراير 1962) أحد رواد النهضة العلمية المعاصرة في مصر والعالم العربي وأحد رواد الفكر والعلم والترجمة. درس علوم الأحياء في جامعة أكسفورد، ثم ‏تحول إلى الأدب.

ترجم "أصل الأنواع" لداروين ونشره 1918، وأعيد طبعه 1928. كما ترجم "نشوء الكون" و"حياة الروح ‏فى ضوء العلم".

أصدر «مظهر» مجلة علمية، ثم اصدر مجلة العصور عام 1937، ورأس مجلة «المقتطف» العلمية الشهيرة ما بين عامي 1948/1945، وكانت هذه المجلة التي عمرت 77 عاما ما بين 1952/1876، قد اصدرها في بيروت كل من الدكتورين فارس نمر ويعقوب صروف بوصفها «جريدة علمية صناعية»، وازاء مضايقات سلطات الدولة العثمانية الحاكمة نقلا المجلة إلى القاهرة في عام 1885، وكان اسماعيل مظهر رابع رئيس تحرير لهذه المجلة بعد يعقوب صروف وابن أخيه فؤاد صروف والدكتور بشر الفارس.[1]

يقول الباحث المصري «وديع فلسطين» في الجزء الأول من كتابه عن اعلام عصره: كنت في ذلك الوقت اعمل محررا في «دار المقتطف والمقطم»، ويقول: جاء اسماعيل مظهر الى المقتطف وكان وراءه تاريخ حافل بالتمرد، يشهد على ذلك انه وان كان ينتمي الى اسرة ذات وجاهة وسراوة، الا انه انشغل بالتيارات الاشتراكية، ووضع في ذلك عدة كتب منها «عصر الاشتراكية» و«التكافل الاشتراكي لا الشيوعية»، و«الدين في ظل الشيوعية» وغيرها.

وكانت مجلة المقتطف مشهورة بالاعتدال، فتتفادى الموضوعات التي تثير جدلا سياسيا او مذهبيا او دينيا، وتمتنع عن التجريح او الاتهام، ولكن اسماعيل مظهر، الذي سبق له ان كتب في المجلة عشرات من الفصول منذ عام 1919، لم يَرَ ان يتقيد بهذه السياسة التقليدية المحافظة، ولا استطاع ان يتخلص من تمرده، فاحتفى احتفاء عريضا بكتاب «هذي هي الأغلال» لعبد الله القصيمي (ت 1996) وعقد عليه افتتاحية عدد من اعداد المجلة، مع ان الكتاب اثار عواصف من الجدل الديني ولاسيما في المملكة العربية السعودية».

وكان اسماعيل مظهر على الرغم من تمرده، يقول «وديع» رجلا هادئ الطبع رفيع الخلق متواضعا لا يتحدث إلا عن علم وبصوت خفيض.

يقول عنه ابنه جلال في مقدمة كتابه "رسالة الفكر الحر" أنه كان ناقداً ومفكراً ومصلحاً اجتماعياً وأن افكاره دارت حول ‏معنيين الحرية الفردية والمثل الأعلى. وأنه كان مخلصا دفع كل شىء ماله وأعصابه وجهوده، وأن أهم مواقفه دعوته ‏‏1929 إلى تكوين حزب اجتماعى سماه "حزب الفلاح" أو "حزب العمال والفلاحين"، لأن الريف عنده هو مصر ومصر هى ‏الريف.

نادى 1929 بضرورة الاصلاح الاجتماعي، وكان ‏الحل في رأيه كان تكوين حزب جديد ، فلجأ لتحقيق هدفه إلى حزب الأغلبية ‏الوفد. ولكن النحاس رفض، واتخذ من اسماعيل موقف سلبيا، اما حزب الأحرار الدستوريين فوقف منه موقفا عدائيا ‏غريبا وهاجمه واتهمه بأنه يثير حرب الطبقات وأنه شيوعي ومتصل بموسكو. وقبض عليه فعلا عندما ‏تولى الحزب الحكم ولكن لمدة ليلة واحدة. وفى اعقاب أزمة 1931 اضطر إلى ايقاف مجلة "العصور" والى وقف نشاطه ‏الاجتماعى. وأحس أنه إنما يؤذن في مالطة فاعتكف عن الحياة العامة واخذ يؤلف المعاجم والقواميس، غير انه لم يتوقف ‏عن الدعوة إلى الاصلاح الاجتماعى. كان مثاليا بل متطرفا في المثالية، ويدعو إلى ابعد حدود المثالية والمثل الأعلى.‏ دعا إسماعيل مظهر إلى الفكر الحر وإلى نظام اقتصادي سماه "التكافل الاجتماعي" ليحل محل الاقتصاد الحر بتوفير ‏فرص متساوية للجميع، في ظل نظام من الحرية المضمونة من شأنه أن يحد من استغلال الفرد للمجتمع ومن اضطهاد ‏المجتمع للفرد .‏

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مؤلفاته

  • تجديد اللغة العربية بحيث تصبح وافية بمطالب العلوم والفنون
  • بين الدين والعلم: تاريخ الصراع بينهما في القرون الوسطي إزاء علوم الفلك والجغرافيا والنشوء
  • في الأدب والحياة‏
  • قصة الطوفان وتطورها في ثلاث مدنيات قديمة‏
  • تاريخ الفكر العربي‏
  • رسالة الفكر الحر‏ (بمقدمة لإبنه جلال اسماعيل مظهر)
  • فلسفة اللذة والألم ‏
  • المرأة والديمقراطية

وله : "قاموس الجمل ‏والعبارات الاصطلاحية الانجليزية والعربية" 1951 و"قاموس النهضة: انجليزي -عربي" 1954 و"معجم مظهر ‏الانسيكلوبيدي" وقد طبع منه 3 أجزاء.


ملقى السبيل النشوء والارتقاء

بدأ اسماعيل مظهر كتابه «ملقى السبيل في مذهب النشوء والارتقاء»، باسم الله الرحمن الرحيم. وقد عني بنشر الكتاب «إلياس أنطون إلياس» صاحب المطبعة العصرية التي اشتهرت شهرة عربية واسعة «بالقاموس العصري» منذ ان صدر عام 1913 في 32 الف كلمة.. ولا يزال مستمرا في الصدور منقحا مزيدا. وكان صاحب المطبعة، «إلياس أنطون إلياس»، جاراً لسلامة موسى في «حي الفجالة» الشعبي، ومطبعته قريبة من بيت موسى، وقد تولت نفس المطبعة نشر الكثير من كتب سلامة موسى.

و«بعد»، يقول اسماعيل مظهر في مقدمة كتابه، «أتقدم بهذا الكتاب الى قراء العربية، بعد أن قضيت ما ينيف على عشر سنوات مُكبا كل الاكباب على دراسة مذهب العلامة «داروين» في النشوء والارتقاء، ترجمت خلالها كتابه «أصل الأنواع» وطالعت زبدة المؤلفات التي كتبها غيره من جهابذة علماء القرن الماضي مثل هيكل وولاس وهكسلي. وخرجت من مجمل ذلك بمذكرات وتعليقات، ان اردت ان اخرجها في كتاب لأتمت صفحاته بضعة آلاف صفحة، لذلك اثرت ان اخرج ما جمعت موزعا على عدة كتب، كما أني آثرت أن اخُصَّ كتاب «أصل الأنواع» بتعليقات من التراجم والمصطلحات وشرح أوصاف النباتات والحيوانات والحفريات والمواقع الجغرافية مع البيان عن كثير من مشكلات التاريخ الطبيعي التي عرض ذكرها في ذلك الكتاب القيم.. وكان قد خطر لي أن أمثل طريقة لبث هذا المذهب أن أنشر هذه الأبحاث في مجلدات صغيرة تحت عنوان «مذهب النشوء والارتقاء».. غير أنه استبان لي بعد قليل أن أضيع ما تكون الفائدة من نشر المذاهب، في نشرها قطعاً واعطائها للقراء أقساطاً.

وعن أهمية نظرية التطور في الحياة العلمية قال: «إن لمذهب النشوء والارتقاء من الأثر في فروع العلوم الحديثة ما يجعلني أعتقد تمام الاعتقاد بأن هذا المذهب جدير بأن يقف الإنسان أكبر شطر من حياته وجهوده في سبيل درسه ونقله إلى العربية، وأبناء الضاد على أبواب انقلاب علمي أدبي أخذت معاوله تهدم في بناء أساليبنا القديمة لتحل محلها أساليب حديثة للتفكير».

ترجمة "أصل الأنواع"

جزءا ترجمة إسماعيل مظهر لكتاب داروين أصل الأنواع، في 700 صفحة. انقر على صورتي الجزئين لمطالعة الجزئين بالكامل.

وتقع ترجمة اسماعيل مظهر لكتاب داروين «أصل الأنواع» في نحو 700 صفحة مع مقدمة مستفيضة في نحو مئة صفحة.

وجاء في المقدمة أن بحث داروين، «قد اقتصر في أصل الإنسان على ناحية واحدة، هي أن الإنسان يعود بأصله العضوي إلى عالم الحيوان.. ولم يمر بذهنه قط أن يقيم وزناً لتلك الظاهرة العجيبة في الإنسان؛ ظاهرة أن فيه «ازدواجية» وأنه مكون من «جسد ونفس»، فقد استطاع «داروين» أن يثبت أن الإنسان بجسده حيوان، ولكن ما خطب النفس؟ لم ينفها ولم يثبتها، لقد حدد موضوعه تحديداً، وحصره في دائرة أن الإنسان حي، تجري عليه سنة التطور، جريها على بقية الأحياء التي هي من دونه. كان مذهب «داروين» انتصارا للمادية الصرفة، ولكنه انتصار لم يكن حاسماً ولم يكن قاطعاً. غير أن الفكر بعد أن اصطدم بصخرة «التطور» مضى يتخبط غير مستقر، ومضى زمن طويل قبل أن يدرك سواد الناس أن داروين إنما تناول ببحثه العلمي عصر «ما بعد الخلية» التي هي أساس الحياة بكل صورها، ولكنه لم يعرض للبحث في عصر «ما قبل الخلية»، ليعرف كيف نشأت الحياة في تلك الصورة البسيطة، ومن أين هبط ذلك السر الرهيب، سر الحياة الذي جعل من المادة الجامدة كائناً حياً». ويلخص اسماعيل مظهر نظرية داروين في خمس نقاط محورية، ويقول إن العوامل الطبيعية التي يؤدي فعلها إلى التطور ونشوء الأنواع هي:

  1. الوراثة: ومحصلها أن الشبه يأتي بمشابهه، فالسنانير لا تلد كلاباً، بل سنانير، أي أن صغار كل نوع تشابه آباءها، ذلك في النبات كما في الحيوان.
  2. التحول: أفراد كل نوع تتشابه ولا تتماثل، أي لا تكون نسخة مطابقة لأصولها، فهي تشابه آباءها ولكن لا تماثلهم.
  3. التوالد: إن ما يولد من النبات والحيوان أكثر مما يقدر له البقاء، فالطبيعة تسرف في الايجاد، كما تسرف في الافناء، ومن هنا ينشأ العامل الرابع وهو:
  4. التناحر على البقاء: وهو عامل مضطرد التأثير غير منقطع الفعل، فكل نبات أو حيوان يبرز في الوجود، ينبغي له أن يسعى إلى الرزق وأن يجاهد في سبيل ذلك، وأن يجاهد غيره على ضرورات الحياة، وينشأ عن هذا:
  5. بقاء الأصلح: فالأفراد التي تتزود من بنائها بقوة أو في حيلة أزكى، أو تكون أكثر قدرة على مقاومة الأفاعيل الطبيعية، تكون أكثر قابلية للبقاء.

وباستمرار فعل هذه العوامل الخمسة، أمكن للأحياء أن تعمر رقعة الأرض كلها.

أسرته

وقد انجب ثلاثة ابناء اكبرهم «جلال»، الذي توفي عام 1988، وقد انكب جلال على الكتابة والترجمة مثل والده لبعض الوقت ثم اعتزل في الضيعة.. يربي الدجاج! وقد سأله وديع فلسطين: «الا تحنّ الى الكتب والاوراق»؟ فأجاب في نغمة يائسة: «وما الفائدة من علم لا ينتفع به إلا صاحبه؟ فإن سكبناه على الورق لم نجد ناشرا ولا قارئا الا بشق الانفس، فدعني يا صاحبي اربي الدجاج واحصد بيضة كل صباح، وسوقه رائجة بحمد الله».

وعندما توفيت ارملة اسماعيل مظهر، يقول «وديع»، توجهت الى سرادق العزاء حيث استقبلني جلال، «ولما سألته عن شقيقه عقيل، اشار الى شيخ يعتمر عمامة خضراء، ويطلق لحيته بغير تشذيب، ويرتدي جلبابا قصيرا ويحيط خصره بحزام من الجلد تتصل به حقيبة صغيرة، وقال لي: لقد اصبح شيخ طريقة من الطرق الصوفية!.. وقلت في سري: ما اعجب تصاريف هذا الزمان؟ لقد كانت تهمة المروق تطارد اسماعيل مظهر، وها هو ابنه يتحول الى شيخ من شيوخ الدين» (ص81).

مواضيع متعلقة

المصادر

  1. ^ خليل علي حيدر (2011-02-07). "ترجمة «أصل الأنواع»". صحيفة الوطن الكويتية. Retrieved 2013-01-10.