أذينة الثاني (Odaenathus؛ اسمه الروماني: Lucius Septimius Odaenathus؛ بالأرامية: ܐܕܝܢܬ‎ / Oḏainaṯ; باليونانية: Οδαίναθος / Hodainathos) ملك تدمر (توفي عام عام267م) كان يحكم تدمر بمساعدة مجلس الشيوخ. وقد نجح في استرداد الشرق الروماني من الفرس وأعاده للامبراطورية الرومانية.

أذينة من "Promptuarii Iconum Insigniorum "

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نسبه

هو أُذَيْنَة بن حيران بن وهب اللات بن نصُّور أو ناصر أو نَصُر ملك تدمر. ينسبه الطبري والمسعودي إلى هوبر العمليقي من بني السميدع من قضاعة. وأذينة تصغير أذن (وكان يضرب المثل بجمال الأذن التدمرية). ونصُّور أو ناصر أقدم الرجال المعروفين من هذه الأسرة التي حكمت تدمر.


الوالد، حيران

اشترك والده (أذينة) حيران مع قواته في حروب الامبراطور سپتيميوس سڤروس Septimius Severus (وهو أول أباطرة الأسرة السورية التي حكمت رومة ما بين 193 و 236م وزوجته الامبراطورة الحمصية جوليا دُومنة)، الذي منحه صفة المواطن الروماني وعضوية مجلس الشيوخ، فأضاف حيران إلى اسمه كلمة سبتيميوس.

وتذكر الكتابات التدمرية حيران وتلقبه «رأس تدمر».

وكان من بني "السميدع" وهي قبيلة بدوية ثرية، ولها نفوذ على عشائر البادية، وكان شيخهم أذينة بن حيران واسع المطامح. يحلم بعرش يصبح عليه ملكاً، طالما هو موضع ثقة الرومان. وكانت أول خطوة تحققت هي قرار القيصر بتعيينه رئيساً لمجلس الشيوخ، ولقد ساعده هذا المنصب لكي يوطد نفوذه على البادية ويعبئ صفوفها لتحقيق أمله بالتحرر من تبعيته للرومان، ابتداءً من إعلان شعبه بتسميته ملكاً على تدمر ولكن قيصر وقد أقلقه هذا القرار، دفع من قتله في قصره، وعين رئيساً لمجلس الشيوخ ابنه الأكبر خيران، وكان ابنه الأصغر يحمل لوالده حباً دفعه للتخطيط للانتقام لمقتله من الرومان. وكان هذا الابن مقرباً من أبيه ويحمل اسم أبيه أذينة الثاني، وقد تمتع بشخصية جذابة صارمة مما جعل البدو يلتفون حوله لتحقيق مشاريعه، ويهتفون لنجاحاته. ولقد بدا ولاؤهم وحبهم له عندما احتفل بزواجه وهو ابن السابعة عشر. ثم عندما ماتت زوجته الأولى إثر الولادة، وتركت له ابناً دعاه باسم هيرودوس .

كانت شخصية أذينة وثروته كفيلتان بالسيطرة على أكثر القبائل، وكثيراً ما أعلن أذينة عن أهدافه البعيدة أمام هذه القبائل التي عاش بينها والتي كانت تهفو إلى ذلك اليوم الذي تصبح فيه تدمر حاضرة دولة واسعة، تضاهي وتتحدى الإمبراطورية الرومانية، التي قضت على أبيه وعلى مطامحه التي ورثها أذينة وحمل مسؤولية تحقيقها.

زواجه من زنوبيا وحروبه

وعندما تزوج أذينة من زنوبيا ابنة زباي قائد الفرسان، اقترن بنصير عنيد لا يقل عنه رغبةً في تحقيق أهدافه الجريئة والطموحة. كانت زنوبيا رائعة الجمال راجحة العقل والتفكير مثقفة. وكانت معرفة أذينة بها قبل زواجه سبباً لعودته إلى المدينة، يجالس فيها القادة والشيوخ ويتدخل في شؤون الحكم والحرب. ولكنه لم يكن قادراً على الا ستغناء عن البادية ورجاله فيها.

وفجأة يموت أخوه رئيس مجلس الشيوخ، فاحتل أذينة مكان ابن أخيه "معني" معلناً عن عصر جديد سيقود تدمر إلى مصيرها في الذروة والحضيض. استغل أذينة حدثاً هاماً تم لإمبراطور روما ڤالريان، الذي قاد الحرب ضد ملك الفرس، ساپور، فخسرها وأخذ أسيراً، فقام أذينة بشن حرب ضد سابور ملك الفرس، عام 259، ربح فيها جولات ثلاث، هزمه إلى ما وراء الفرات وأصبح حاكماً لولاية سورية الفينيقية وبيده السلطات المدنية والعسكرية في عهد الامبراطور ڤالريان، ومنحه الامبراطور گاليان لقب «مصلح الشرق كله» (بالتدمرية: متقنا دي مرنحا كله).

ويعد عام 260م عام تأسيس الملكية في تدمر. كما حارب أُذَيْنَة الفرس عامي 262 و267م وهزمهم وحاصر عاصمتهم طيسفون (المدائن) وأصبح يلقب بملك ملوك الشرق (بالتدمرية: مَلْكا دي مَلْكا) ومنحه الامبراطور گالينوس لقب امبراطور Imperator ورتبة القائد العام للجيوش الرومانية في سورية Dux Romanorum. وسك نقوداً عليها صورته ووراءه بعض أسرى الفرس، ولعله اتخذ لقب أوغسطس Augustus وهو لقب امبراطور رومة.

وفي سلسلة من الحملات السريعة والناجحة، ترك خلالها تدمر تحت قيادة نائبه (N.S.I. Nos. 127-129) سپتيميوس ورود، وعبر الفرات وفك حصار إدسا، واستعاد نصيبين وكارهاي Carrhae (حران الحالية). بل أنه هاجم بلاد فارس، وحاصر مرتين العاصمة الفارسية المدائن نفسها؛ وربما استعاد أرمنيا إلى الامبراطورية الرومانية. وطدت هذه النجاحات الحكم الروماني في الشرق؛ ولم يجد گالينوس غضاضة في الاحتفال بالنصر والأسرى والغنائم الذين أحرزهم أذينة (264). احتفل أذينة بانتصاراته في الشرق بأن تشارك مع ابنه الأكبر حيران (هيرودس)[1] في اللقب الشرقي "ملك الملوك".


وعلى الرغم من شهرة أذينة كثائر متمرد على السلطة الرومانية، إلا أن انتصاره وقوته المفاجئة، دفعت روما إلى الاعتراف به شريكاً في الحكم على هذه المنطقة الواسعة، وأطلق عليه لقب "ملك الملوك". كان أذينة طموحاً لا تكفيه حدود تدمر، ولذلك سعى منذ عام 265م إلى توسيع ملكه في أنحاء سوريا، معتمداً على جنده بعد أن أبعد الجنود الرومان من صفوفه وقد أصبحوا شوكة في كيان دولته بقيادة ابن أخيه "معنى".

مقتله

عندما كان أذينة عائداً من إحدى حروبه في اللاذقية إلى حمص، في طريقه إلى كپدوكيا لقتال القوط، وكان ابنه عبد اللات Vaballathus بصحبته، أحاط الثائرون عليه في مكان وليمته، وقضوا عليه وعلى ابنه وعلى حرسه أجمعين، وأعلن "معني " نفسه ملكاً ، ولكن إلى وقت قصير فقد تألّب عليه أنصاره أنفسهم، وحاصروه وقتلوه بعد أشهر من حكمه. وكان على وهب اللات ابن أذينة أن يسترد عرش أبيه بدعم أمه زنوبيا التي أصبحت وصية على الملك القاصر وتولت الحكم بصفتها ملكة تدمر, وذلك عام 267 ميلادية.

وقد أنصفه المؤرخ الروماني تريبليوس بوليو في «تاريخ الأباطرة» Historia Augusta حين قال: «كان أُذَيْنَة فارساً شجاعاً مهيب الجانب وصياداً حاذقاً ومقاتلاً باسلاً. كان يصطاد الأسود والنمور والحيوانات المفترسة على حداثة سنه.

عاش في البادية فعرف أسرارها، واعتاد شظفها ومتاعبها وأحب السلم ولم يرهب الحرب. تزوج من الأميرة العربية زنوبية، التي كانت أكثر منه شجاعة وكانت تعد بحق أجمل امرأة في الشرق».[2]

المصادر

  1. ^ حسب گيبون، هيرودس كان ابن أذينة، من زوجته الأولى السابقة لزنوبيا.
  2. ^ خالد الأسعد، محمد الزين. "أذينة". الموسوعة العربية. Retrieved 2009-04-27.