أحمد الصافي النجفي


أحمد الصافي النجفي (1897 - 27 يونيو 1977) شاعر عراقي.

أحمد الصافي النجفي
أحمد الصافي النجفي.jpg
وُلِدَ1897
توفي27 يونيو 1977
الجنسيةعراقي
المهنةشاعر

أحمد الصافي النجفي، شاعر ولد في قرية (الغريّ) القريبة من مدينة النجف في العراق، فاشتهر بالنجفي نسبة إليها. وكان منذ طفولته ضعيف البنية هزيل الجسد عليل الصحة، كليل البصر. وقد حمل علله معه طوال حياته المديدة حتى وفاته في العراق وهو في الثمانين من عمره. لم يرقه العيش في قريته البائسة الفقيرة التي كانت أرضها مدفناً للعديد من موتى الشيعة الوافدين من ربوع شتى فنزح إلى إيران عقب ثورة العراق ضد المحتلين الإنكليز سنة 1920 وإخفاقها، والحكم على أخيه الكبير محمد بالإعدام وعاش في طهران زهاء ثماني سنوات. ثم غادرها إلى دمشق سنة 1928 وهو في حال شديدة من الفقر والبؤس. فطاب لـه المقام فيها واتخذها وطنه الأثير.

يقول:

أتيت جلق مجتازاً على عجل فأعجبتني حتى اخترتها وطنا

وفي دمشق نعم بالصحبة الحسنة والشهرة الواسعة، وغدا سعيداً بحياته المستقرة:

أيقنت أني من أهل الجنان ففي دمشق أسكن جنات تفيض هنا

وقد اعتاد ارتياد المقاهي ولا سيما (الكمال والهافانا) التي كانت شابةً بندوات اخوانية عفوية تجمع ثلة من الأدباء والصحفيين الذين يأخذون بأطراف الأحاديث، وهم يرتشفون كؤوس الشاي في أجواء عابثة بهيجة.

كان الصافي شخصية منفردة متميزة غريبة الأطوار، كما كان ساخراً سريع البديهة خفيف الروح، وقد أحبه الناس على علاته، ولكنهم نفروا من سوء مظهره وهيئته المزرية. فقد كان بدوياً في مظهره، جافي الطبع في مسلكه. وقد تمسك بكوفيته وعقاله وثوبه الفضفاض، ولم يكن يأبه لقلة نظافته ورداءة لباسه، وظل طوال حياته بدوياً صحراوياً في قلب العواصم المتحضرة مثل دمشق وبيروت، بدعوى الحرص على الأصالة وعراقة الانتماء.

لزمت زيي ففيه حفظ أمجادي أرى بزيي آبائي وأجدادي

وكان طبيعياً أن يلقى الانتقاد أو الاستهجان لمظهره هذا، ولكنه كان يواجه ذلك بمزيد من الإصرار والتحدي:

كم تحملت لاحتفاظي بزيي من عبيد التقليد و(الموضات)

أمضى الصافي سحابة عمره في سورية، ثم بدا لـه أن يغادرها بعد إقامته فيها أربعين سنة، فقصد لبنان سنة 1966، وكانت تجربة جديدة لـه هناك حيث سبقته شهرته إلى تلك الأوساط الثقافية، ولقي لديها قدراً من الترحيب والتقدير، كما انعقدت بينه وبين عدد من الأدباء والنقاد صلات حسنة عادت عليه بمزيد من الشهرة، وأصبح للبحر في بيروت وفي صور حيز في قريحته تجلى في العديد من أشعاره:

هلم يا بحر أنقذني من البر أكاد أقذف فيك النفس من فرح

ففيك ألقي بعبء الهم عن ظهري معانقاً لاثماً للموج والصخر

ولكـن بيروت، بصخبها وبهارجها ومظاهر التفرنج والتغريب فيها ما كانت الوسط الذي يتيح لمثلـه التأقلم معها والاندماج في حياتها، فظل طافياً على سطحها كنقطة الزيت.

ولا ريب في أنه كان بالغ الحنين إلى ريفه ونخيله وباديته، حيث الطبيعة البكر والهدوء والاطمئنان والنقاء:

يا ليتني كالحيوان، عيشي من حشائش الأرض كي أنأى عن المدن

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وفاته

ومع غربة الروح ووطأة السنين وتفاقم المرض، شاء القدر أن تعصف بلبنان أحداث وفتن ذهبت بكثير من محاسنه.

رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونيو (حزيران) سنة 1977 في وهج الحرب الاهلية اللبنانية حيث اصابته رصاصة أطلقها عليه قناص في منتصف يناير 1976 وهو يبحث عن رغيف خبز يأكله بعد أن أمضى ثلاثة أيام لم يذق فيها الطعام, فحمله بعض المارة إلى مستشفى المقاصد, ولم يطل بها مكوثه لصعوبة الوضع القائم انذاك, فنقل إلى بغداد وقد كف بصره قبل عودته وأصبح مقعداً لابستطيع الحراك فلما وصلها انشد قائلا:

يا عودةً للدارِ ما أقساها *** أسمعُ بغدادَ ولا أراها.

وقال بعدها :

بين الرصاصِ نفدتُّ ضمنَ معاركٍ *** فبرغمِ أنفِ الموتِ ها أنا سالمُ
ولها ثقوبٌ في جداري خمسةٌ *** قد أخطأتْ جسمي وهنّ علائمُ

وهناك اجريت له عملية جراحية ناجحة لإخراج الرصاصة من صدره، ولكن العملية زادت جسده نحولا وضعفا فاسلم الروح بعد عدة ايام لبارئها وهو في "80" من عمره، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً، وترجمة دقيقة لـ رباعيات الخيام الخالدة.


شعره

أما شعر الصافي فهو مرآة جلية لحياته في تعثرها وانطلاقها. وقصائده في مجملها تظهر تجاربه البسيطة والغنية معاً في واقعه المعيشي، وتنطوي على كثير من رؤاه تجاه الإنسان والكون، ونظراته الواخزة إلى حياة الناس ومواضعات المجتمع.

وشعره بمجمله سهل سلس سائغ قريب المنال، ومعانيه واضحة جلية خلت من الغموض والإبهام، وإذا فاتها العمق فقد امتازت بالطرافة. وهو أشبه ما يكون بالشاعر أبي العتاهية كما أنه شبيه من ناحية أخرى بالشاعر ابن الرومي، من حيث تناوله العديد من الموضوعات المستمدة من حياة الناس، ومن حيث سخريته ممن حولـه، وإيثاره المنحى «الكاريكاتوري» في تصويره لملامح شخصياته ولا سيما في انتقاداته وأهاجيه.

غير أن أشعاره في يسرها وقرب تناولها تفتقر أحياناً إلى جزالة اللفظ ومتانة السبك، كما يتضاءل فيها عنصر الموسيقى والجرس والإيقاع. وتعد الطرافة في موضوعاته وأفكاره ومعانيه، وجرأته وصراحته في طليعة خصائص شعره.

ترجم رباعيات عمر الخيام، وبقي في ترجمتها ثلاث سنوات، ويعد إلى جانب الشاعر محمد الفراتي أبرز الذين ترجموا الرباعيات مباشرة عن الفارسية. كما ظهر أثر هذه الرباعيات في كثير من مقطعاته الشعرية، من حيث الشكل العروضي، فقد استهواه النظم على هذا المنوال الرباعي، كذلك تأثر الصافي بكثير من آراء الخيام المتطرفة، حتى بدا محتذياً لمذهبه، ناسجاً على منواله. وفي صدد هذا الأثر المهم يقول « أنا أمين في ترجمتي وفي شعري، ففي ترجمتي لم أدخل شيئاً من فكري. وفي شعري لم أدخل شيئاً من فكر غيري.

ومن خصائص شخصيته المتفرده رفضه مبدأ الالتزام في الأدب الذي ساد الأوساط الثقافية والأدبية والفنية في الوطن العربي عهدئذٍ، ولا سيما في سورية ولبنان ومصر. فقد ندد به وبدعاته، ووجد في ذلك قيداً لقريحة الشاعر والأديب، وحداً من حرية التفكير والتعبير. وقد تناول ذلك في العديد من أشعاره، وأيضاً في مقدمته لديوانه «الشلال».

أعماله

صدرت لـه نحو عشر مجموعات شعرية منذ عام 1932.

وترك الصافي الأعمال الآتية:

«الأمواج»، «التيار»، «شرر»، «الأغوار»، «الشلال»، «ألحان اللهيب»، «أشعة ملونة»، «اللفحات»، «حصاد السجن»، وكتاب «هزل وجد»، ثم ترجمة «رباعيات الخيام».


أعماله

  • من أثاره النادرة في هذا المجال ترجمته الرائعة لرباعيات الشاعر الفارسي " عمر الخيام " والتي طبعت في دور النشر اللبنانية.
  • صدرت بعد رحيله مجموعته الشعرية " قصائدي الأخيرة " التي تضم آخر ما كتب من قصائد.
  • تمكن من إيصال رسالة الثورة ثورة عام 1920 في مناهضة قوى الاحتلال ومطالبته بالاستقلال من خلال الكثير من القصائد الوطنية التي كتبها ودون فيها تفاصيل الثورة ومواقف الثوار والحوادث التي حصلت من المقاومة الباسلة والقتال الذي تكبدت فيه بريطانيا وقواتها أفدح الخسائر.

رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونية (حزيران) سنة 1977 وهو في الثمانين من عمره ، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً ، وترجمة دقيقة لرباعيات الخيام الخالدة.

من مؤلفاته الشعرية

  • الامواج 1932
  • اشعة ملونة 1938
  • الاغوار 1944
  • الحان اللهيب 1944
  • شرار 1952
  • اللفحات 1955

له ترجمات ومقالات منها

  • رباعيات عمر الخيام 1934
  • حصاد السجن 1949


من قصائده

كتب الشاعرُ العراقي أحمد الصافي النجفي قصيدةً يتغنّى فيها بالشاي، فكان لها صدى كبير، وتُرْجِمَتْ إلى الإنجليزية، ومما قال فيها:

لئنْ كانَ غَيْرِي بالمُدامةِ مُولَعاً

فقَدْ ولعَتْ نفسي بشَايٍ مُعَطّرِ

إذا صُبّ في كأسِ الزّجاجِ حسِبْتَهُ

مُذابَ عَقيقٍ صُبَّ في كأسِ جَوهرِ

بهِ أحتسي شَهْداً ورَاحَاً وسُكّرَاً

وأنْشُقُ منهُ عبْقَ مسْكٍ وعَنْبرِ

يُجِدُّ سرورَ المرءِ مِن دونِ نشْوةٍ

فأحْبِبْ به مِن مُنعِشٍ غيرِ مُسْكِرِ

خلَا مِن صُداعٍ أو نزيفٍ كأنّهُ

سُلافةُ أهلِ الخُلْدِ أو ماءُ كوثَرِ

...

فللهِ أرضُ "الصّينِ" إذْ أنْبَتَتْ لَنا

ألَذَّ نباتٍ بالمَسرّةِ مُثْمرِ

لَوَ انّ ابنَ هانِي فازَ منهُ بجُرعَةٍ

لَرَاحَ بأقْداحِ ابْنةِ الكَرْمِ يَزْدري

ولَو ذاقَهُ الأعشى وحكّمَ في الطّلا

وفيه لَقَال: الفَضْلُ للمُتَأخّرِ

فَلِلْفَمِّ أحْلَى مَشْربٍ مِن مَذاقِهِ

وللعَينِ مِن مَرآهُ أجْملُ مَنْظرِ

إذا فارَ ما بينَ السّماورِ مَاؤهُ

سمِعْتَ لهُ أنْغامَ نَايٍ ومزهرِ

فأشْربُ مُرتَاحاً علَى نَغَمَاتِهِ

كُؤوساً وما نَقْلِي لهُ غير سُكّرِ.[1]

المصادر

  • عمر الدقاق. "النجفي (أحمد الصافي ـ)". الموسوعة العربية.
  • [1]

للاستزادة

  • إبراهيم الكيلاني، أحمد الصافي النجفي (اتحاد الكتاب العرب، دمشق 1980).
  • عبد السلام العجيلي، وجوه الراحلين (دمشق 1982).