أبو بكر كعدل

أبو بكر محمد سعيد كعدل (6 يناير 1921- أغسطس 1988) سياسي يمني جنوبي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

ولد في (عدن) في حافة البنانية ثم انتقلت الأسرة إلى شارع الزعفران في مسكن مجاور للسادة آل الصافي، أمام مسكن الشيخ عبدالرب جابر، أطال الله عمره ومتعه بالصحة. توفي والده وهو في الثانية من عمره فشمرت والدته، رحمها الله عن ساعديها وكافحت من أجل توفير الغذاء والملبس والكراسة والقلم إلى جانب جرعات من الدفء والحنان.

جرياً على عادة أهل زمان التحق أبوبكر كعدل بكتاتيب المدينة لتعلم القرآن ومبادئ القراءة والكتابة والتحق بعد ذلك بمدرسة الإقامة Residency School (مدرسة السيلة الابتدائية لاحقاً والمتحف الحربي حالياً) بكريتر وأكمل تعليمه بمدرسة القديس يوسف العالية (البادري) بكريتر.


سيرته المهنية

اكتفى أبوبكر كعدل بقدر متوسط من التعليم، فيه من الكفاية لتأهيل صاحبها للالتحاق بأي وظيفة في أول السلم في أي مؤسسة كانت، وفي العام 1936م التحق أبوبكر كعدل بهيئة المياه ضمن فريق من مشرف ومساعدين كانت مهمتهم فحص مياه الشرب التي كان يستخدمها السكان المتعاملون مع الآبار، إلا أن بقاءه في تلك الوظيفة دام لأشهر معدودات، لأن موظفين هنوداً تكالبوا عليه وأبدى كعدل ردود فعل سريعة وحادة أفقدته الوظيفة.

يلاحظ من تقلبات أبي بكر كعدل في الوظائف قد حكمتها حدة مزاجه وسرعة انفعاله وردود فعله التي كانت تتسم بالحدة فقد كان رحمه الله يتوخى من رؤسائه في العمل توفر قدر معقول من احترام المرؤوسين وإلا كان رده للصاع بصاعين وذلك ما حدث له عندما التحق بإدارة الهجرة والجوازات وكان من زملاء عمله عبد الغفور خان (قريب أحمد يوسف خان). وكان أبو بكر كعدل يساعد المتقدمين من المحافظات الشمالية (المعروفة آنئذٍ بالمملكة المتوكلية اليمنية) في الحصول على جوازات سفر بريطانية من خلال إرشادهم إلى مخارج تكفل لهم ذلك الامتياز.

محكمة عدن

التحق أبوبكر كعدل بمحكمة عدن أميناً لمكتبتها ووجد فيها ضالته المنشودة ونهل الشيء الكثير من مئات العناوين في شتى القوانين بما فيها الشريعة والفقة الإسلاميان بمذاهبه الأربعة ولا تزال مكتبته رحمه الله تضم مراجع في علوم الفرائض (تقسيم التركات) وفي الأحوال الشخصية وغيرها وعلى خلفية قراءاته تبنى قضية توصيل خدمات المياه إلى مناطق نائية من حي العيدروس العريق.

على خلفية تلك القراءات تمكن أبوبكر كعدل من تحقيق نجاح كبير أثناء ممارسة مهنة العرض حالات (Petition Writer) وكانت تلك المهنة مصدراً للكعدل عند توقفه عن العمل الرسمي، بل وكان بعض القضاة السودانيين يشيرون على متقاضين باللجوء للكعدل لإعداد عرائضهم القانونية.

كعدل وزيراً في حكومة اتحاد الجنوب العربي

اعتباراً من 18 يناير 1963م أصبحت عدن إحدى ولايات اتحاد الجنوب العربي وأصبح حسن علي بيومي، رئيس الحزب الوطني الاتحادي ورئيس وزراء ولاية عدن وزيراً بلا وزارة في الحكومة الاتحادية وقدم بيومي ثلاثة من أعضاء حزبه وهم: نائبه عبد الرحمن جرجرة، وعين وزيراً للمعارف (التربية والتعليم) والسيد عمر عبد العزيز شهاب، وزيراً للمالية وأبو بكر كعدل، وزيراً للبريد والهاتف. توفي حسن بيومي في يونيو 1963م وأصبح السيد زين عبده باهارون زعيماً للحزب الوطني الاتحادي ورئيساً لوزراء حكومة عدن. طرأت تعديلات على الحكومة الاتحادية وأصبح أبو بكر كعدل وزيراً للطيران بالوكالة بالإضافة إلى مهامه السابقة.

مشروع المفاضلة بين مطار عدن الدولي ومطارات إقليمية وقارية

شهد العام 1937م صدور أول قانون للنقل الجوي في عدن وبناء مركز الأرصاد في مطار عدن الدولي الذي صممه كريستوفر كينيدي، الذي قام بتصميم مطار جدة الدولي أيضاً. طاف أبوبكر كعدل أثناء فترة ولايته بعدد من مطارات الخليج وشرق أفريقيا وشرق آسيا لإجراء مفاضلة بين مطار عدن ومطارات تلك الدول وأشار تقريره أن المطار الوحيد الذي تفوق على مطار عدن الدولي من حيث حركة الطيران شهرياً هو مطار طوكيو الدولي الذي سجل حركة (1062) طائرة قادمة ومغادرة مقابل (1040) طائرة قادمة/مغادرة في مطار عدن الدولي، وعلى أساس ذلك شهد مطار عدن حركة تحديث للأجهزة والمعدات وتطوير المورد البشري. ومن المحزن في هذه الأيام أن ينحدر هذا المطار الدولي إلى الدرك الأسفل من الحضيض بعد تصفية شركة طيرانه وسحب معداته وأجهزته وعزل المطار من حركة الطيران.

متعدد الاهتمامات

كان أبوبكر كعدل صاحب علاقات اجتماعية واسعة وكان من أصدقائه حسن بيومي وشقيقه حسين والسادة آل باهارون وفي مقدمتهم السيد زين عبده باهارون وعميد «الأيام» محمد علي باشراحيل وربطته علاقات طيبة بالسلاطين والشيوخ منهم: الشريف حسين بن أحمد الهبيلي والأمير شعفل بن علي والشيخ محمد فريد العولقي، الذي بأدله الوفاء بأن قدم خدمة لنجله محمد في دولة الإمارات العربية المتحدة فور معرفته بأنه نجل صديقه أبوبكر كعدل ويصعب حصر دائرة الكعدل الاجتماعية.

من اهتماماته رحمه الله أنه كتب كثيراً في عدد من الصحف وكان غالبها في «الكفاح» وقليلها في «الأيام»، كما كان رحمه الله ماهراً في العزف على آلة العود ومجيداً في أداء الأغنية الصنعانية والأغاني المحلية ذات الطابع العدني وكان صوته جهورياً وكان يمارس متعته في العزف والغناء في بيته أو مع أصدقائه على نطاق محدود.

آخر سنوات العمر

اعتكف أبوبكر كعدل في منزله خلال الفترة الممتدة من عام 1967م وحتى العام 1977م وإن خرج لمرات معدودة فكانت إلى مبرز العمودي حيث كان يقضي سويعات المقيل مع صدييقه عمر العمودي وعبدالقادر باصالح وآخرين.

التحق بعد ذلك في شركة النصر للتجارة الحرة في إدارة الرقابة وتحسنت ظروفه المادية والمعيشة والنفسية عندما التحق بشركة براس بترول البرازيلية، وشغل وظيفة مدير مالي وإداري وأصيب بمرض السكر وبلغت المعاناة ذروتها عند إصابته بالجنجرينا وبترت ساقه بعد أحداث يناير 1986م وغادر إلى صنعاء عام 1987م حيث ركبت له رجل صناعية في مركز الأطراف الصناعية.

انتقل أبوبكر كعدل إلى رحمته تعالى في أغسطس 1988م عن 67 عاماً وخلف وراءه ملحمة كفاحية وسمعة عطرة وثلاثة أولاد هم: إلهام (تحمل الجنسية الإماراتية)، محمد (مقيم في الإمارات)، أحمد (موظف في شركة النفط اليمنية - فرع عدن) وكان أكثر التصاقاً بوالده حتى وفاته.