مدام دي پومپادور

(تم التحويل من Madame de Pompadour)

جين أنطوانت پواسون، مركيز ده پومپادور، وتعرف باسم مدام دي پومپادور، (و. 29 ديسمبر 1721 - 15 ابريل 1764) ، كانت سيدة موهوبة وجميلة ومثقفة وأثرت بشكل كبير في النواحي الثقافية والفنية والسياسة في البلاط الفرنسي، وكانت عشيقة لويس الخامس عشر في الفترة من 1745-1750.

جين أنطوانت پواسون، دوقة پومپادور
Madame de Pompadour.jpg
مدام دي پومپادور، بورتريه بريشة فرانسوا بوشيه
وُلـِد(1721-12-29)ديسمبر 29, 1721
باريس, فرنسا
توفيأبريل 15, 1764(1764-04-15) (aged 42)
باريس, فرنسا
المهنةعشيقة لويس الخامس عشر
الزوجCharles-Guillaume Le Normant d'Étiolles
الأنجال1 A son
2 Alexandrine-Jeanne d'Étiolles
الوالدانفرانسوا پواسون، مادلين ده لاموت

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سيرتها

هي من أشهر النساء في التاريخ، وأوتيت من الرشاقة والجمال ما أعمى أبصار معظم الرجال عن آثامها وخطاياها، ومع ذلك وهبت من قوة الذهن ما مكنها لمدة عقد زاهر من السنين، من أن تحكم فرنسا وتحمي فولتير وتنقذ موسوعة ديدرو، مما أدى بالفلاسفة إلى القول بأنها تنتسب إليهم. ومن العسير أن ننظر إليها في الصورة التي رسمها لها بوشيه دون أن نفقد نزاهة المؤرخ في الافتتان بالإنسان. فهل كانت دي بمبادور إحدى روائع الطبيعة، أو إحدى روائع بوشيه فحسب؟

وكانت قد بلغت الثامنة والثلاثين حين رسمها، وكانت صحتها الهزيلة تتدهور، ولم يحط من قدرها بالحسية أو الشهوانية السطحية في صوره العارية المشرقة. وبدلاً من ذلك أبرز تقاطيع وجهها الرائعة، ورشاقة قوامها، والذوق في ملابسها. والرقة الناعمة في يديها، "وتسريحة" شعرها الخفيف الأسمر عالياً فوق الجبين. وربما زاد من قيمة هذه المفاتن بخياله ومهارته، ولكنه مع ذلك لم ينقل ضحكتها المرحة المستهترة، ولا ريحها الوديعة، بل لم ينقل ذكاءها الحاد الماكر ولا قوة شخصيتها الهادئة، ولا صلابة إرادتها التي لا تلين ولا ترحم أحياناً.

وكانت جميلة منذ ولادتها تقريباً. ولكنها لم تحسن اختيار والديها، فكان عليها أن تناضل طوال حياتها ضد ازدراء الأرستقراطية للطبقة الوسطى التي نبتت فيها. وكان والدها سماناً (بقالاً)، وهو فرانسوا بواسون الذي لم يستطع يوماً أن يتخلى من اسمه (بواسون بالفرنسية معناها سمك). واتهم بالاختلاس فحكم عليه بالإعدام شنقاً، ولكنه هرب إلى همبرج، وتحايل للحصول على العفو عن جريمته، وعاد إلى باريس (1741). أما والدتها فكانت ابنة "متعهد لتموين العجزة". وشغلت بالارتماء في أحضان الرجال، بينما كان زوجها يستدر العطف في همبرج. واستمتعت بعلاقة غرامية طويلة بملتزم ثري، هو شارل فرانسوا لينورمانت دي تورنهيم، الذي تولى الإنفاق على تعليم البنت الجميلة التي وضعتها مدام بواسون في 1721.

وأتيح لهذه الابنة، جين أنطوانيت بواسون. أحسن ما يمكن أن يتاح من المعلمين، جليوت، الجهير العظيم، للغناء، وكربيون الأب لفن الإلقاء، حتى باتت في الوقت المناسب تنافس نجوم المسرح في الغناء والرقص والتمثيل. وكان صوتها في حد ذاته إغواء".(110)وتعلمت الرسم والحفر، وعزفت على البيان القيثاري إلى حد تحمست له مدام دي ميللي في استحسان عزفها. ولما كانت جين في التاسعة من عمرها تنبأت لها سيدة عجوز (كافأتها فيما بعد على نبوءتها) بأنها ستصبح يوماً ما "عشيقة الملك"(111)ولما بلغت الخامسة عشرة دعا جمالها وأعمالها البارعة أمها إلى القول بأنها "طبق شهي للملك"، ولو أنه من المؤسف أنها لن تكون ملكة.(112)ولكن "الطعام الشهي الملكي" كانت قد بدأت تسعل دماً.

وفي سن العشرين أغراها مسيو دي تورنيهم بأن تتزوج ابن أخيه شارل غليوم لينورمانت دي اتوال، ابن أمين صندوق دار سك النقود. وهام الزوج يحب زوجته، وقدمها إلى المنتديات مفاخراً مزهو بها. والتفت في منتدى مدام دي تنسان بمونتسكيو وفونتنيل وديكلو وماريفو، وأضافت فن الحديث إلى مفاتنها الأخرى. وسرعان ما استضافت هي نفسها، مع فونتنيل، مونتسكيو وفولتير في بيتها. وكانت سعيدة. وأنجبت طفلين وأقسمت "أنه لن يحملها أحد في العالم، إلا الملك، على أن تخون زوجها أو تكون غير مخلصة له"(113)أية بصيرة نافذة هذه!

وفكرت الوالدة في أن هذا الاستثناء من المستطاع تدبيره. ورأت أنه يمكن أن تقصد جين مستقلة مركبة فاخرة إلى غابات سينار حيث يذهب لويس للصيد. وكثيراً ما رأى الملك وجهها الذي لا يمكن نسيانه. وقدمت الرشاوي إلى غلمان الملك ليطروا جمالها لديه. وفي 28 فبراير 1745 شهدت حفلة رقص تنكرية أقيمت في أوتيل دي فيل بمناسبة زواج الدوفين، وتحدثت إلى الملك، وطلب منها أن تخلع القناع لحظة، ففعلت، ثم انصرفت وهي ترقص، وفي إبريل رآها في مسرحية هزلية تمثلها إيطالية في فرساي. وبعد ذلك بعدة أيام أرسل إليها دعوة لتناول العشاء. ونصحتها أمها "بأن تسلي الملك وتدخل السرور على قلبه" وفعلت جين، واستسلمت للملك. وعرض عليها جناحاً في فرساي فقبلت. وحث مسيو تورنهيم الزوج على أن يأخذ المسألة بروح فلسفية: "لا تعرض نفسك للسخرية بالاسترسال في الغضب مثل أي برجوازي، أو بخلق مشكلة(114)وعين الملك مسيو دي أتوال ملتزماً عاماً، وكيف الرجل نفسه ليكون جامع ضرائب، وابتهجت الأم بارتفاع مكانة ابنتها، وقضت تحبها. وفي سبتمبر حصلت جين على ثروة عريضة، وأصبحت المركيزة دي بمبادور، وقدمت بهذه الصفة إلى الحاشية وإلى الملكة التي هدأت من روعها ولاطفتها في ارتباك طفيف. إن الملكة غفرت لها باعتبارها شراً لا بد منه، ودعتها للعشاء. أما الدوفين فإنه، على أية حال، أطلق عليها "مدام هور" (السيدة البغي) واستاءت الحاشية لاقتحام سيدة برجوازية مخدع الملك واستيلائها على أمواله، وما فاتها أن يلاحظوا انزلاقها من حين إلى حين إلى التفوه بألفاظ الطبقة الوسطى أو انتهاج أساليبهم. وتمتعت باريس بالمقطوعات الساخرة والهجاء اللاذع "لخادمة الملك الشابة". وعانت في صمت وجلد بغض الناس لها، حتى باتت قادرة على تثبيت انتصارها وفرض سلطانها.

وإذا رأت لويس وقد بلغ به السأم والضجر ذروته، وهو الذي يملك كل شيء، ولكن كل شيء كان قد فقد عنده كل نكهته وطلاوته، فإنه تفننت وأظهرت عبقريتها في تسليته والترفيه عنه. فألهته بحلبات الرقص والمسرحيات الهزلية والحفلات الموسيقية وروايات الأوبرا، وحفلات العشاء والنزهات والصيد والقنص، وفيما بين هذا وذاك أدخلت على قلبه البهجة والسرور بمرحها وحيويتها وحديثها البارع وذكائها. وأقامت في فرساي "مسرح البيت الصغير"، وأقنعت الحاشية بالقيام بأدوار على المسرح، كما كان الحال في أيام لويس الرابع عشر، ومثلت هي نفسها في مسرحيات موليير الهزلية، وقامت بدورها على خير وجه، إلى حد أن الملك قال عنها "أشد النساء فتنة في فرنسا"(115). وتنافس النبلاء على تمثيل الأدوار وقام الدوفين الصارم نفسه بدور أمام "السيدة البغي". وتفضل بأن يكون دمثاً معها في دنيا النفاق. وأصابت الملك بعض نوبات دينية، فهدأت من روعه بالموسيقى الدينية التي عزفتها بشكل يأسر لبه، حتى نسي خوفه من الجحيم. وأصبح يعتمد عليها كل الاعتماد لولعه بالحياة وتعلقه بها، فأكل معها، ولعب ورقص وقاد عربته واصطاد معها، وقضى معها كل ليلة تقريباً. وما هي إلا بضع سنين حتى خارت قواها وتدهورت صحتها.

وشكا البلاط من أن مدام دي بمبادور صرفت الملك عن مهامه بوصفه حاكماً، وأنها كانت عبئاً ثقيلاً على خزانة الدولة، فقد ازدانت بأغلى الثياب والجواهر، وتألقت غرفة ملابسها بآنية الزينة المصنوعة من البلور والفضة والذهب. وازدانت حجرتها بالأثاث المطلي باللك أو الخشب الأطلساني أو المطعم بالصدف والعاج والمعادن، وأروع آنية الخزف المصنوعة في درسدن وسيفر والصين واليابان، وكانت تضاء بثريات فخمة من الفضة والزجاج، تنعكس أنوارها على مرايا ضخمة على الجدران، أما سقوفها فكانت مغطاة بالصور التي بوشية وفانلو لإلهات الحب التي تبهج الحواس وتثيرها. ولما أحست بأنها سجينة وسط هذا الترف والبذخ، سحبت مبالغ من المال من الملك أو من الخزانة لتشيد أو تؤثث قصوراً وبررت تجهيزاتها المسرفة وحدائقها الشاسعة بأنها لازمة لاستضافة صاحب الجلالة. وكان لها الضيعة والقصر في كريسي في دري، وشادت قصر "المنظر الجميل" الفخم على ضفاف السين بين سيفر ومودون. وأقامت صوامع أو أدياراً صغيرة في غابات فرساي وفونتنبلو وكومبيين واتخذت من "أوتيل دي بونتشارتران مقراً لإقامتها في باريس، ثم انتقلت إلى قصر كونت دي افري في شارع فوبورج سانت أونوريه، ويبدو أن السيدة الفاتنة أنفقت ما يبلغ في جملته 36.327.268 جنيهاً(116)، كان جزء منه فناً بقي في حوزة فرنسا. وبلغت نفقاتها الخاصة 33 ألف جنيه سنوياً(117). واتهمتها فرنسا بأنها كانت تكلفها أكثر مما تكلفها الحرب.

وجمعت دي بمبادور من السلطة والنفوذ قدر ما جمعت من الثروة وأصبحت المجرى الرئيسي الذي يفيض بالتعيينات والرواتب وأوامر العفو وغيرها من النعم والعطايا من الملك.. وحصلت لذوي قرباها على المنح والهبات والألقاب والوظائف ذات العمل اليسير والدخل الكبير. ولم تهيئ لابنتها الصغيرة ألكسنرين التي كانت تسميها "فانفان" شيئاً يذكر، ولكنها كانت تحلم بتزويجها لأحد أبناء لويس الخامس عشر من مدام دي فنتميل، ولكن فانفان ماتت في سن التاسعة، وحطمت قلب أمها. أما أخوها آبل-الوسيم الدمث-فإنه بنفسه كسب عطف الملك الذي كان يدعوه "بالأخ الصغير"، وكثيراً ما كان يدعوه على العشاء. ونصبته بمبادور مركيز دي ماريني وعينته مديراً عاماً للمباني، فقام بوظيفته في جد وكفاية، إلى حد رضي معه وسر به الجميع تقريباً. وعرضت بمبادور عليه أن ترقي به إلى مرتبة الدوق فرفض.

وانتشر أثرها على الفن الفرنسي بل الأوربي، ويرجع هذا إلى حد ما إلى الملك، ولكن أكبر الفضل فيه يرجع إلى شخصها هي. وأخفقت محاولاتها في أن تكون هي بنفسها فنانة، ولكنها أحبت الفن من كل قلبها، وما لمست شيئاً إلا وصار جميلاً. وازدهرت الفنون الصغيرة بشكل يبهر الألباب بفضل تشجيعها. وأقنعت لويس الخامس عشر بأن فرنسا تستطيع صنع الخزف اللازم لها، بدلاً من استيراده من الصين ودرسدن، مما يكلفها 500 ألف جنيه سنوياً. وثابرت على ذلك حتى تعهدت الحكومة بتمويل مصانع الخزف في سيفر، واكتسب الأثاث وأدوات الأكل وساعات الحائط والمراوح والمركبات وأواني الزهر والزجاجات والصناديق والنقوش على الأحجار الكريمة والمرايا، واكتسب كل أولئك فتنة دقيقة سريعة الزوال حتى يتفق مع ذوقها الرفيع الذي يتطلب مهارة فائقة، وأصبحت "ملكة الروكوكو"(118). (فن الزخرفة المعقدة). وكان قدر كبير من إسرافها في النفقة يرجع إلى الرعاية التي أسبغتها على الرسامين والمثالين والنقاشين على الخشب والمعادن ونجاري الأثاث الفاخر والمعماريين. وأغدقت على بوشية وأودري ولاتور ومائة غيرهم من الفنانين. وأوحت إلى فانلو وشاردان أن يصورا مشاهد الحياة العامة، فأنهت بذلك التكرار المبتذل لموضوعات من تاريخ العصور القديمة والوسطى وأساطيرها، واحتملت في تسامح باسم تذمر لاتور ووقاحته، حين كان يرسم لها صورة. وأطلق اسمها على المراوح وتسريحات الشعر والثياب والأطباق والأرائك والكراسي والأشرطة، وعلى "وردة بمبادور" المصنوعة من الخزف المفضل لديها، وفي هذه الحقبة، لا في عهد لويس الرابع عشر، على الأرجح، بلغ تأثير فرنسا على المدينة الأوربية ذروته.

وربما كانت بمبادور أكثر نساء زمانها ثقافة. وكان لها مكتبة تضم 3500 مجلد منها 738 في التاريخ، و315 في الفلسفة، ومجلدات كثيرة في الفن، وبعض مجلدات في السياسة أو القانون، إلى جانب عدة قصص في الحب. وواضح أنها إلى جانب تسلية الملك ومكافحة أعدائها والمساعدة على حكم فرنسا، كانت تجد فسحة من الوقت لقراءة الكتب القيمة، لأنها هي نفسها كتبت لغة فرنسية رائعة، في رسائل زاخرة بالمادة ساحرة البيان. وكم توسلت إلى حبيبها أن يباري جده في رعايته للأدب، ولكن ورعه وبخله قعدا به عن ذلك. وعندما حاولت أن تخجله وتحرجه بقولها: بأن فردريك الأكبر أجرى على دالمبرت راتباً قدره ألف ومائتا جنيه، أجاب بقوله "هنا أفذاذ أكثر مما في بروسيا. وقد أكون مضطراً إلى إقامة مأدبة عشاء كبيرة لأجمعهم كلهم". وبدأ يعدهم على أصابعه "موبرتيوس، فونتنيل، لاموت، فولتير، فريرون، بيرون، ديتوش، مونتسكيو، كاردينال دي بوليناك". وأضاف من كانوا حوله، "دالمبرت، كليرو، كريبيون الابن، بريفوسث".. وعندئذ تنهد الملك قائلاً "حسناء معنى هذا أن كل هؤلاء كان يمكن أن يتناولوا الغداء أو العشاء معي طوال خمسة وعشرين عاماً(119)".

وعلى ذلك احتلت بمبادور مكان الملك في رعاية الأدب. فأتت بفولتير إلى البلاط، وأغدقت عليه، وحاولت أن تحميه من سوء تصرفاته، وساعدت منتسكيو، ومارمونتل، وديكلوس، وبيفون وروسو، ويسرت انضمام فولتير وديكلوس إلى الأكاديمية الفرنسية. ولما سمعت بما يعاني كريبيون الأب من الفقر أجرت عليه راتباً، وخصصت له جناحاً في اللوفر، وعاونت على إحياء مسرحيته "كاتيلينا"، وأصدرت تعليماتها إلى إدارة المطبعة الملكية بإصدار طبعة أنيقة من روايات الكاتب العجوز. واختارت فرانسوا كيزني طبيباً خاصاً لها وهو من أنصار المذهب الفزيوقراطي وخصصت له جناحاً تحت جناحها مباشرة في فرساي، وكانت تستقبل هناك ديدرو ودالمبرت وديكلوس وهلفيشيوس وترجو، وغيرهم، مما كان يمكن أن تكون أفكارهم مصدر إزعاج الملك، ويروي مارمونتل: "ولما لم تكن تستطيع أن تدعو هذه المجموعة من الفلاسفة إلى "صالونها" فإنها كانت تنزل لهم لتجتمع بهم على المائدة وتتجاذب معهم أطراف الحديث(120)".

وكان طبيعياً أن ينظر رجال الدين وجماعة الأتقياء في الحاشية وعلى رأسهم الدوفين، بعين الرعب والفزع إلى تدليل هؤلاء الكفار. وفوق ذلك، كان معروفاً أن بمبادور كانت تؤيد فكرة فرض الضرائب على أملاك الكنيسة، بل حتى تجريدها من الصفة الدينية أو انتزاعها من يد الكنيسة، إذا كان هذا هو المهرب الوحيد من إفلاس الدولة(121). وأشار اليسوعيون على كاهن اعتراف الملك أن يمتنع عن مناولته الأسرار ما دام يحتفظ بعلاقته بهذه العشيقة الخطرة(122). ودافع أبناء الملك عن رجال الدين، واستخدمت ابنته الكبرى هنريت التي يؤثرها بحبه، نفوذها في التفريق بينه وبين بمبادور. وكان عيد الفصح كم كل عام مثار أزمة بين العاشقين. ففي 1751 أظهر لويس تلهفاً شديداً على تناول القربان المقدس. وفي محاولة منها لتهدئته واسترضاء كاهن الاعتراف، الأب بيروسو، واظبت على إقامة الشعائر الدينية وحضور القداس يومياً والصلوات بشكل يلفت الأنظار، كما أكدت للكاهن أن علاقتها الآن بالملك علاقة أفلاطونية بريئة تماماً. ولما لم يقتنع الكاهن بهذا، فإنه طلب إليها، أن تغادر البلاط، شرطاً مسبقاً للسماح للملك بتناول الأسرار المقدسة. ومات بيروسو، ولكن خلفه ديمارتس وكان متشدداً مثله. وثبتت بمبادور في مكانها، ولكنها داومت على ورعها الظاهري. ولم تغتفر قط لليسوعيين أنهم لم يأخذوا "تحولها" مأخذ الجد، وربما كان لاستيائها منهم دور صغير في طردهم من فرنسا في 1762.

وربما كان قولها الحق في أنه لم يعد لها اتصال جنسي بالملك لويس. وقد أكد دارجنسون أحد أعدائها هذه الحقيقة(123). وكانت بالفعل قد أفضت إلى بعض خلصائها بأنها تجد مشقة متزايدة في الاستجابة للنيران المتقدة بين جنبيه(124)، واعترفت بأن عدم تحمسها لمضاجعته ذات مرة أوهن ما اشتد من قوته، وأصابه عجز جنسي وتملكه الغضب(125). وتناولت "عقاقير الحب"(126)دون نتيجة تذكر، اللهم إلا الإضرار بصحتها. وأدرك أعداؤها في البلاط هذا الوضع فجددوا مؤامرتهم لاقتلاعها من مركزها. وفي 1753 دبر دارجنسون خطة تنفذ بها مدام دي شوازيل رومانت إلى أحضان الملك، ولكنها طالبت بثمن باهظ ظن أنه لا يتكافأ مع تضحيتها وسرعان ما تمكنت بمبادور من طردها. وهنا آن الأوان أن تأوي المحظية الأولى المنهوكة إلى "متنزه الظباء" البغيض.

وفي "متنزه الظباء" في طرف ناء من فرساي جهز مسكن لإقامة شابة أو شابتين مع خدمهما ومرافقيهما حتى يحين الوقت ليستقبلهما لويس في جناحه الخاص، أو يقصد إليهما في مسكنهما متنكراً في زي كونت بولندي عادة. وتناثرت الشائعات بأن هؤلاء البنات كن كثيرات، وأضافت الأساطير أن سن بعضهن لم تزد على تسع سنوات أو عشر. والظاهر أنه لم يكن يوجد منهن في وقت واحد أكثر من اثنتين(127)، وكان يؤتى بمجموعات منهن على التعاقب، ليتدربن على أن يقدمن للملك "حق السيادة" فإذا حملت إحداهن أعطيت مبلغاً من المال يتراوح بين عشرة آلاف ومائة ألف جنيه، يساعدها على العثور على زوج لها في الأقاليم، وكان الأطفال الذين يولدون عن هذا الطريق يمنحون راتباً سنوياً قدره أحد عشر ألف جنيه. وعلمت مدام دي بمبادور بأمر هذا "الحريم" الذي لا يصدق، فلزمت الصمت. ورغبة منها في ألا تحتل مكانها عشيقة من النبيلات ستعمل من غير شك على إبعادها عن البلاط، بل ربما عن باريس، آثرت أن تترك للشابات الوضيعات أن يشبعن أذواق الملك الفاسدة، وانهارت حالتها المعنوية إلى الحضيض وقالت لمدام دي هوست "كل ما أضن به هو قلبه، وكل هؤلاء الفتيات غير المتعلمات لن يسلبنني إياه(128)".

ولم تنزعج الحاشية انزعاجاً ملموساً لهذه الترتيبات الجديدة لأن كثيراً من رجالها احتفظوا هم أنفسهم بأكواخ في "منتدى الظباء" هذا لخليلاتهم(129). ولكن أعداء بمبادور افترضوا أن سلطانهم قد آذن بزوال. ولكن خاب فألهم، فإن الملك ظل صديقها المخلص لفترة طويلة بعد أن انقطعت عن أن تكون "خليلته". وكان في 1752 قد خلع عليها رسمياً لقب دوقة. وفي 1756، وعلى الرغم من احتجاجات الملكة منحها المنصب الرفيع "مديرة قصر الملكة" (كبير وصيفات الملكة). فلازمت الملكة، وحضرت معها العشاء ورافقتها إلى القداس. ولما كانت وظيفتها الجديدة تقتضي الإقامة في البلاط فإن اليسوعيين تنازلوا عن طلبهم إبعادها وألغي "الحرم من الكنيسة" الذي ظل مفروضاً عليها لفترة طويلة"، وأجيز لها تناول الأسرار المقدسة. أما بنات الملك اللاتي ناصبها العداء منذ زمن طويل فكن يقصدن إلى زيارتها في "شوازي".

وقضى لويس معها مدة ساعات في كل يوم تقريباً، حيث ظل يجد لذة في طلاوة حديثها ورقتها الفاتنة التي لا تنضب معينها. واستمر يحترم، وغالباً ما يتبع، مشورتها في التعيينات، وفي المسائل الداخلية، بل حتى في السياسة الخارجية. وأصدرت الأوامر إلى الوزراء، واستقبلت السفراء واختارت القواد، وتحدثت أحياناً باسم الملك وباسمها، وكأنها تشترك في الحكم، فكانت تقول "نحن" سننظر (في الأمر). وكان طلاب الوظائف يزحمون حجرة انتظارها، فكانت تحسن استقبالهم وتلاطفهم. وسلم أعداؤها بسعة إطلاعها المدهشة في الشئون السياسية، ولباقتها في الأحاديث الدبلوماسية، ونظراتها التي كثيراً ما كانت ثاقبة(130). وكانت قد أشارت منذ زمن بعيد إلى أن عجز قواد فرنسا هو أساس اضمحلالها العسكري. وفي 1750، اقترحت على لويس أن ينشئ مدرسة حربية يتلقى فيها الفنون والعلوم العسكرية أبناء الموظفين والضباط الذين قتلوا أو استنزفت قواهم في خدمة الدولة. ووافق الملك ولكنه أبطأ في توفير الاعتمادات اللازمة للمشروع. فنقلت بمبادور إلى هذا المشروع دخلها الخاص لمدة عام، ووفرت له أموالاً إضافية عن طريق "يانصيب"، وضريبة على لعب الورق، وأخيراً فتحت المدرسة 1758 ملحقة "بقصر الانفاليد".

والآن نصح هذا الوزير الساحر بلا وزارة بمراجعة جريئة لسياسة فرنسا الخارجية وإعادة تقييمها. وربما جاءت المبادرة بهذا "النقض المشئوم للأحلاف" من كونت فون كونتز سفير النمسا في باريس. وقد عززها التنازل الكاره من جانب الإمبراطورة التقية ماريا تريزا التي خاطبت بمبادور "بصديقتي العزيزة"، و "ابنة عمي"، كما عززها فردريك الأكبر بإشارته المهنية إلى المركيزة دي بمبادور "بحكم المرأة" في البلاط الفرنسي. وكانت مدام دي شاتور ودارجنسون قد وجها السياسة الخارجية نحو الصداقة مع بروسيا، وأوضح كونتز وبمبادور أن بروسيا الحديثة-التي قويت بالانتصار في حرب الوراثة النمساوية، والتي لديها جيش قوامه ألف جندي أحسن تدريبهم تحت إمرة قائد قدير طموح لا يبالي بأية مبادئ خلقية، وملك غدر بفرنسا مرتين بتوقيعه صلحاً منفرداً-إن بروسيا هذه لا بد أنها سرعان ما تشكل خطراً أشد من خطر النمسا التي كانت قد فقدت آنذاك سيليزيا، ولم تعد تتوقع أي عون أو تأييد من أسبانيا في ظل حكم آل بوريون، وقد انقضى تطويق النمسا لفرنسا. وقويت هذه الحجة حين عقدت بروسيا في 16 يناير 1754 تحالفاً مع إنجلترا-عدوة فرنسا التقليدية ورد مجلس الدولة الفرنسي على هذا بإبرام تحالف مع النمسا (أول مايو). وهنا نجد أن المركيزة دي بمبادور التي عادت الآن تبصق دماً، وكانت في الخامسة والثلاثين، ولم يبق لها من العمر إلا ثمان سنوات، نجد أنها قد لعبت دورها في التمهيد لإشعال حرب السنين السبع.


العرافة

أمامك طريق مفروش بالورود .. السعد حليف لك .. وسوف ترتفعين الى ذرى المجد ..!! ستصبحين ملكة .. لاا .. بل أكثر من ملكة !! .. وسوف يخضع لك العرش بدون أن تجلسي عليه .. لن تضعي تاجاُ فوق جبينك ولكنك ستقفزين فوق التيجان والعروش !! .. سيكون سلطانك مستمدا من جمالك .. فحافظي على هذا الجمال ..!!

هذا ماقلته العرافة للطفله جان انطوانيت بواسون .. وكانت دائما ماتردد هذه العبارات عليها ..وجان تصغي اليها في اهتمام وذهول .. وصارت تحلم بالمستقبل المفروش بالورود وتطيل النظر الى قسماتها الفاتنه واتسعت دائرة طموحها ..

وكانت جان من أسرة متوسطة لكن امها كانت تطمع في ان تكون ابنتها شيئاً عظيماً ، في بجانب جمالها وذكاءها وجاذبيتها عنيت امها بتعليمها وتثقيفها وتهذيبها ودربتها على فنون الرقص والموسيقى والغناء والرسم. وعندما بلغت سن الزواج سارعت امها بتزويجها من أحد النبلاء "شارل لينورمان " فاتخذت جان من زوجها ومركزه المرموق وسيله للتقرب من القصر الملكي بشتى الطرق.

وحصل لها ماارادت فبعد محاولات للفت انتباه الملك .. استطاعت اخيراً ان توقعه في حبها ليتخلى الملك عن خليلته الرسميه " دوقة شاتور " لتحل " جان " مكانها .. ومنحها لقب " مدام دي بمبادور " وعندما احتج زوجها السابق ابعد عن باريس وحصلت بمبادور على قرار رسمي بالانفصال. [1]

الحياة

 
مدام دي بومبادور, پاستل بريشة موريس كونتان دلا تور، معروضة في صالون پاريس، 1755 (متحف اللوڤر)

تزوجت مدام دي بومبادور من شارل گيوم لكنها أصبحت في العام 1745 خليلة للملك لويس الخامس عشر. وتلك كانت وظيفة رسمية، إلى جانب منحها لقبا تشريفيا هو الماركيزة دي بومبادور. استمرت علاقتها بالملك فترة طويلة لكنها تحولت في ما بعد إلى علاقة أفلاطونية إذا جاز التعبير بعد أن خمدت جذوة الحب بين العاشقين. غير أن مكانة المرأة ونفوذها استمرا على حالهما. [2]

الحياة الفنية

أصبحت مدام دي بمبادور راعية الارستقراطية الفرنسيه في عهد التأنق والرفاهية. وفتحت صالونها الفني لاحتضان فناني عصرها ومفكريه وتبنت المدرسه العالميه الشهيره " الروكوكو " لتسجل بذلك اسمها في التاريخ والفن. ورعت مدام دي بومبادور الكثير من الأعمال الفنية كما ضمنت رعاية الملك للكتاب والرسامين، وكان شقيقها الماركيز دي ماريني وزيرا للثقافة في ذلك العهد.

وكان نفوذها واضحا في لوحة شروق الشمس وغروبها التي ساعدت هي في اختيار موضوعها المستمد من أسطورة اوفيد، وفي اللوحة تبدو بومبادور على شكل حورية وهي ترحب بعودة الشمس أي الملك.

لوحة مدام دي بومبادور

لوحة مدام دي بومبادور للفنان فرانسوا بوشيه ، وتظهر السيدة واقفة وسط الطبيعة، والزهور تنمو عند قدميها بينما تبدو البراعم الرقيقة منعكسة على فستانها الحريري المزركش باللون الزهري. وتبدو السيدة مرتاحة في هذا الجزء من الطبيعة بينما أسندت يدها بطريقة طبيعية على قاعدة تمثال وامسكت بالأخرى مروحة وهي تشير إلى كلبها الصغير الذي يجلس بوفاء.

ڤرساي

السياسة

 
مدام ده پومپادور، بورتريه بريشة فرانسوا بوشيه حزالي 1750، تفصيلة

وظائف في البلاط

 
الپورتريه التذكاري لها اكتمل في 1764 بعد وفاتها، ولكن بدأ العمل فيه في حياتها، بريشة مصور الپورتريه المفضل لديها، فرانسوا-اوبير درويه

وفاتها

كانت مدام دبومبادور إحدى ضحايا الحرب. فقد ظل سحر شخصيتها حيناً يسترق لب الملك بينما الأمة تنوح، ولكن بعد أن حاول داميان اغتياله (5 يناير 1757) أرسل إليها لويس الخامس عشر كلمة يأمرها فيها بالرحيل فوراً وكأنه شعر فجأة بوجود الله. ولكنه ارتكب غلطة إنسانية حين أتى ليودعها، ووجدها تحزم حقائبها هادئة حزينة، فغلبه بعض ما بقي له من رقة وحنان، وطلب إليها أن تبقى(1). وسرعان ما ردت إليه كل امتيازاتها وسلطاتها السابقة، فكانت تفاوض الدبلوماسيين والسفراء، وترفع الوزراء والقواد وتخفضهم. وكان مارك بيير دفواييه، كونت دارجنسون، قد قاومها في كل خطوة، وحاولت أن تسترضيه قصدها فأفلحت الآن في أن تحل الابيه دبرنيس محله وزيراً للشؤون الخارجية، ثم شوازيل (1758). واحتفظت بحنانها لأقربائها وللملك فقط، وواجهت غير هؤلاء بقلب من حديد في هيكل مريض، وزجت ببعض خصومها في الباستيل وتركتهم فيه سنوات(2). وفي غضون ذلك راحت تدخر لغدها، وزينت قصورها وأمرت بتشييد ضريح ضخم لها تحت ميدان فاندوم.

وقد حملت في نظر الشعب، وفي البرلمان، وفي القصر، أكثر التبعة على هزائم فرنسا في الحرب، ولكنها لم تنل أي ثناء على انتصاراتها. فاعتبرت مسئولة عن الحلف البغيض مع النمسا، وأن لم تكن سوى عامل صغير من عوامل ذلك التزاوج، وأدينت بسبب الكارثة التي حاقت بالجيش في روسباخ حيث قاد الفرنسيين رجلها سوبيز، ولم يعرف نقادها-أو رأوه غير ذي صلة بالموضوع-أن سوبيز أشار بعدم خوض المعركة. وأنه أكره عليها بتهور القائد الألماني. ولو أن الأمر كان بيد سوبيز، ولو اتبعت خطته التي أشار بها-وهي تدويخ فردريك بالمسيرات وبهروب الجند من جيشه-ولو أن القيصرة اليزافيتا لم تمت في هذا الظرف غير المواتي ولم تترك بروسيا لفتى من عباد فردريك-لو أن هذا حدث فربما انهارت مقاومة بروسيا، ونالت فرنسا الأراضي الواطئة النمساوية، وحملت بومبادور فوق بحر من الدماء لتهتف لها الأمة. ولكنها أخفقت في استرضاء إله الصدفة العظيم.

وأبغضها البرلمان لأنها شجعت الملك على أن يتجاهلهم، وأبغضها الأكليروس لأنها صديقة لفولتير ولكتاب الموسوعة، وقال كرستوف دبومون ، رئيس أساقفة باريس، أنه "يتمنى أن يراها تحرق بالنار(3)". وحين عانت الجماهير الباريسية من غلاء الخبز صاحت "أن تلك البغى التي تحكم المملكة تجر عليها الخراب". وارتفع صوت من الغوغاء في اليون دلاتورنل يقول "لو وقعت في أيدينا هنا لما تخلف منها ما يكفي لإحالتها إلى رفاة(4)". ولم تجرؤ على الظهور في شوارع باريس، وكان الأعداء يحيطون بها في فيرساي. وكتبت للمركيزة دفونتناي تقول "أنني وحيدة تماماً في وسط هذا الحشد من صغار النبلاء، الذين يبغضونني والذين أحتقرهم. أما النساء فحديثهن يصيبني بصداع أليم. فغرورهن، وخيلاؤهن، وسفالتهن، وخياناتهن، تجعلني لا أطيقهن(5)".

فلما استطالت الحرب، ورأت فرنسا كندا والهند تختطفان منها، وضيق فرديناند البرنزويكي الخناق على الجيش الفرنسي، وظهر الجنود العائدون، جرحى أو مشوهين، في شوارع باريس، وضح للملك أنه ارتكب خطأ محزناً بالإصغاء لكاونتز وبومبادور، وفي 1761 التمس العزاء في أحضان خليلة جديدة هي الآنسة رومان، التي ولدت له الولد الذي سيصبح الابيه دبوربون. وأرجفت الشائعات أن بومبادور ثأرت لنفسها بقبول شوازيل عشيقاً لها(6)، ولكنها كانت أضعف، وشوازيل كان أذكى، من أن يسمحا بهذا الغرام؛ لقد أسلمت لشوازيل قوتها لا حبها، ولعلها فاهت الآن بهذه النبوءة اليائسة "بعدي الطوفان(7)".

كانت على الدوام واهنة الجسد، بصقت الدم حتى في شبابها، ومع أننا لسنا واثقين من أنها كانت تشكو السل، فأننا نعلم أن سعالها ازداد ازدياداً مؤلماً وهي تقترب من الأربعين، واستحال الصوت المرنم الذي كان يوماً ما يأسر قلب الملك وحاشيته صوتاً مبحوحاً متوتراً، وأفزع هزالها أصدقائها. وفي فبراير 1764 لزمت فراشها بحمى مرتفعة والتهاب دموي في الرئتين. وفي إبريل ساءت حالتها حتى إنها استدعت موثقاً لتكتب وصيتها الأخيرة. فتركت فيها هبات لأقربائها، وأصدقائها، وخدمها، وأضافت "إن كنت قد نسيت أياً من أقربائي في هذه الوصية فأني أرجو أخي أن يدبر معاشهم". وأوصت للويس الخامس عشر بقصرها الباريسي، الذي يشغله الآن رئيس جمهورية فرنسا باسم قصر الإليزيه. وكان الملك ينفق الساعات الكثيرة بجوار فراشها، وندر أن ترك حجرتها في أيامها الأخيرة، وكتب الدوفين (ولي العهد) الذي كان عدوها دائماً إلى أسقف فردان يقول "إنها تموت بشجاعة يندر أن توجد بين الرجال أو النساء ورئتاها مملوءتان ماء أو صديداً، وقلبها محتقن أو متضخم. إنه موت قاسٍ مؤلم إلى حد لا يطاق(8)". وكانت-حتى لهذه المعركة الأخيرة، ترتدي الثياب الفاخرة وتحمر خديها الجافين. وظلت تملك حتى النهاية تقريباً. وأحاط أفراد الحاشية بأريكتها، وراحت توزع الأنعامات، وتعين الأشخاص في المناصب الكبرى، وكان الملك ينفذ الكثير من توصياتها.

وأخيراً سلمت بالهزيمة. ففي 14 إبريل تلقت شاكرة القربان الأخير الذي حاول التخفيف من الموت بالرجاء. وحاولت الآن، وهي التي ظلت طويلاً صديقة للفلاسفة، أن تستعيد أيمان طفولتها. فصلت كما يصلي الطفل:

  "أستودع الله روحي، متوسلة إليه أن يرحمها، وأن يغفر لي آثامي، وأن يمنحني نعمة الند عليها والموت جديرة بمراحمه، راجية أن أرضي عدله ببهاء الدم الثمين، دم يسوع المسيح مخلصي، وبشفاعة العذراء مريم وجميع القديسين في الفردوس(9)".  

وهمست في أذن القسيس الذي كان يبرح الحجرة وهي تعالج سكرات الموت: "انتظر لحظة" سنبرح البيت معاً(10). وماتت في 15 إبريل 1764 مختنقة باحتقان في رئتيها، وكانت في عامها الثاني والأربعين.

وليس صحيحاً أن لويس تقبل موتها في غير مبالاة، فهو إنما أخفى حزنه فقط(11) قال الدوفين: "أن الملك في كرب شديد وإن تمالك نفسه أمامنا وأمام جميع الناس"(12). ففي 17 إبريل، حين حمل جثمان المرأة التي ظلت نصف حياته طوال عشرين عاماً، من قصر فرساي في يوم قارس البرد شديد المطر خرج إلى الشرفة ليطل عليه وهي تبرح القصر وقال لتابعه شامبلوست "ستلقى المركيزة جواً رديئاً جداً" ولم تكن هذه ملاحظة عابثة فقد روى شامبلوست أن في عيني الملك دموعاً تترقرق، وأن لويس أضاف قائلاً في حزن "هذه هي التعزية الوحيدة التي أستطيع تقديمها لها(13)". ودفنت بناء على رغبته جنباً إلى جنب مع طفلتها الكسندرين، وفي كنيسة الكبوشيين التي اختفت الآن-في ميدان فاندوم.

واغتبط البلاط لتحرره من سلطانها، أما الشعب الذي لم يحس بسحرها فقد لعن إسرافها الشديد، ولم يلبث أن نسيها؛ وأما الفنانون والكتاب الذين ساعدتهم فقد حزنوا لفقد صديقة منعمة متفهمة. على أن ديدرو كان قاسياً في حديثه عنها إذ قال: "إذن ماذا بقي من هذه المرأة التي كلفتنا هذا الثمن الغالي من المال والرجال، وتركتنا دون شرف ولا همة، وقلبت نظام أوربا السياسي بأسره؟ حفنة من التراب" وأما فولتير فقد كتب من فرنيه يقول:

  "يحزنني جداً موت مدام دبومبادور. كنت مديناً لها بالفضل، وأنا أبكيها عرفاناً بصنيعها، ويبدو من السخف أنه في الوقت الذي يظل فيه على قيد الحياة كاتب عجوز لا يكاد يقوى على المشي، تموت امرأة حسناء في عنفوان مجدها وهي بعد في الأربعين. ولو أنها استطاعت أن تعيش كما أعيش في هدوء، فربما كانت اليوم حية...لقد أوتيت إنصافاً في عقلها وقلبها...إنها نهاية حلم...(14)".  


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الثقافة العامة

على الشاشة

Madame de Pompadour has been depicted on screen in film and television on many occasions, beginning with Madame Pompadour in 1927, in which she was played by Dorothy Gish. Other actresses to have played her include:

أخرى

  • Madame Pompadour, a German operetta with music by Leo Fall and book and lyrics by Rudolph Schanzer and Ernst Welisch that also had successful adaptations in London (1923) and Broadway (1924).
  • She was the subject of several portraits throughout her lifetime.[2]
  • During the musical Evita by Andrew Lloyd Webber and Tim Rice, she is mentioned by an Argentine senator, comparing Eva Perón to her.
  • In the anime "Le Chevalier d'Eon", she is portrayed as a character that monitors the movements of d'Eon and his men against the Revolutionary brethren. She is voiced by Mayumi Yangisawa in Japanese and by Shelley Calene-Black in the English dub.
  • According to legend, the navette-cut or marquise diamond was commissioned by Louis XV to resemble the mouth of Madame de Pompadour.
  • In the Robert A. Heinlein novel "Have Spacesuit Will Travel", the female protagonist 'Peewee' is accompanied by her 'nurosis', a rag doll named Madame Pompadour.

معرض الصور

انظر أيضا

المصادر

  • ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  1. ^ [1]
  2. ^ وزارة التربية والتعليم السعودية
  3. ^ أ ب Holmes, Richard (2002). Redcoat (paperback). لندن: HarperCollins. p. 43. ISBN 0-00-653152-0. {{cite book}}: |format= requires |url= (help)
  4. ^ Adams, Cecil (1985-09-27). "Were champagne glasses modeled on the breasts of Madame de Pompadour?". Straight Dope. Retrieved 2007-05-06.
  5. ^ Pixley, Andrew (2006-11-06, cover date). "Episode 4: The Girl in the Fireplace". Doctor Who Magazine — Series Two Companion (Special Edition 14): 44–50. {{cite journal}}: Check date values in: |date= (help)

وصلات خارجية