مقصورة ابن دريد

مقصورة ابن دريدهي قصيدةٌ للشاعر ابن دريد يمدحُ بها ابنَي ميكال، ويصفُ مسيرَه إلى فارس ويتشوق إلىالبصرة وإخوانِه بها، وحظيت بشهرة واسعة بين الأدباء والمثقفين، واقترنت شهرتُها بابن دريد، كما اقترنت شهرتُه بها، حتى صار لا يُذكَر أحدُهما إلا ورد الآخرُ على الخاطر.

بنيت المفصورة على بحر الرجز وجعل حرفَ الرويِّ فيها ألفاً مقصورةً، وضمَّنَها كثيراً من الأمثالِ السائرةِ والأخبار النادرة والحكم البالغةِ، والمواعظ الإنسانية واستخدم فيها نحو ثلثَ الأسماء العربية المقصورة. يقول المسعودي: "وشعرُه أكثر من أن نحصيَه، فمن جيد شعره قصيدتُه المقصورة التي مدح بها الشاه ابنَ ميكال، ويقال: إنه قد أحاطَ فيها بأكثر المقصور".

يبدؤها بمقدمة غزلية، يقول:

يا ظَبيَةً أَشبَه شَيءٍ بِالمَها تَرعى الخُزامى بَينَ أَشجارِ النَقا

ثم ينتقل إلى تصوير قسوة الدهر وشدته وهو المعروف بالتجلد والصبر، ثم يصف الخيل والسيف والإبل والسحاب والمطر والمفاوز والجبال والليل والنهار.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مواضيعها

أهم المواضيع التي تضمنتها المقصورة:

  • الفخر: حيث يفخر ابن دريد بصبره وصموده وشجاعته وخبرته وقوة عزيمته، يقول:
لا تَحسبَن يا دَهرُ أَنّي جــازِ لِنَكبَةٍ تُعرِقُني عرقَ المُدى
مارَستُ مَن لَو هَوَتِ الأَفلاكُ مِن جَوانِبِ الجَوِّ عَلَيهِ ما شَكا
  • المدح: وهو الغرض الأساسي للمقصورة، فقد مدح ابني ميكال، ومدح العراق وأهله ومدح بقايا الناس الطيبين، يقول:
حاشا الأَميرَينِ الَّلذينِ أَوفَدا عَلَيَّ ظِلّاً مِن نَعيمٍ قَد ضَفا
هُما اللَذانِ أَثبَتا لي أَمــلاً قَد وَقَفَ اليَأسُ بِهِ عَلى شَفا
  • الغزل، حيث قال:
وَلاعَبَتني غادَةٌ وَهنــانَةٌ تُضني وَفي ترشافِها بُرءُ الضَنى


تَفري بِسَيفِ لَحظِها إِن نَظَرَت نَظرَةَ غَضبى مِنك أَثناءَ الحَشا


في خَدِّها رَوضٌ مِنَ الوَردِ عَلى النـ نسرينِ بِالأَلحاظِ مِنها يُجتَنى
لَو ناجَتِ الأَعصَمَ لاِنحَطَّ لَها طَوعَ القِيادِ مِن شَماريخِ الذُرى


أَو صابَتِ القانِتَ في مُخلَولِقٍ مُستَصعَبِ المَسلَكِ وَعرِ المُرتَقى
ألهاهُ عَن تَسبيحِهِ وَدينِهِ تَأنيسُها حَتّى تَراهُ قَد صَبا


  • الخمريات، يقول:
أَنَّما الصَهباءُ مَقطوبٌ بِها ماءُ جَنى وَردٍ إِذا اللَيلُ عَسا
يَمتاحُهُ راشِفُ بَـــردِ ريق بَينَ بَياضِ الظَلمِ مِنها وَاللمى
  • الحكمة والأمثال، يقول:
فَإِن أَمُت فَقَد تَناهَت لَذَّتي وَكُلُّ شَيءٍ بَلَغَ الحَدَّ اِنتَهى
وَإِن أَعِش صاحَبتُ دَهري عالِماً بمااِنطَوى مِن صَرفِهِ وَما انسرى
  • الرحلة، يقول:
وَفِتيَةٍ سامَرَهُم طَيفُ الكَرى فَسامَروا النَومَ وَهُم غيدُ الطُلى
وَاللَيلُ مُلقٍ بِالمَوامي بَركَهُ وَالعيسُ يَنبُثنَ أَفاحيصَ القَطا

7- وأهم أغراضها التعليم وهو غرض ينتظم المقصورة من أولها إلى آخرها، تعليم اللغة والمعارف والمعلومات التاريخية.

وعدد أبياتها (229) بيتاً.


شروحها

قد عارضه فيها: جماعة من الشعراء، واعتنى بها خلق كثير، فأخذوا في معارضتها والنسج على منوالها وتشطيرها وتخميسها وتسميطها وشرحها وتفسير غريبها، فتراكم حولها تراث ضخم قل أن تحظى به قصيدة أخرى.

الأجود من شروحها وأبسطها: 1- شرح الفقيه أبي عبد الله المعروف بابن هشام اللخمي وقد سماه: (الفوائد المحصورة في شرح المقصورة)، قال: " رأيت كثيرا من أهل الأدب قد صرفوا إلى مقصورة ابن دريد عنايتهم واهتمامهم؛ لسهولة ألفاظها ونيل أغراضها واشتمالها على نحو الثلث من المقصور ، ولما ضمنها: من المثل السائر والخبر النادر والمواعظ الحسنة والحكم البالغة، وقد عارضه فيها جماعة من الشعراء، فما شقوا غباره ولا بلغوا مضماره، هو عند أهل الأدب أشعر العلماء وأعلم الشعراء وقد انتدب قديما وحديثا إلى شرح مقصورته علية الأدباء، فمنهم المسهب المطول والمختصر المقل".

2- شرح الإمام أبو عبد الله: محمد بن أحمد المعروف: بالقزاز توفي سنة 412.

3- شرح ابن خالويه حسين بن أحمد النحوي المتوفى سنة 370 ، سبعين وثلاثمائة.

4- شرح حسن بن عبد الله السيرافي المتوفى: سنة 368 ، ثمان وستين وثلاثمائة.

5- شرح شمس الدين بن الصائغ وهو محمد بن الحسن بن سباع بن أبي بكر الجذامي الدمشقي المتوفى: سنة 725 ، خمس وعشرين وسبعمائة، وكان شرحه في مجلدين شرح تقي الدين أبو العباس: أحمد بن مبارك النصيبي الحوفي النحوي، المتوفى: سنة 664 ، أربع وستين وستمائة.

6- شرح أبي زكريا: يحيى بن علي المعروف بابن الخطيب التبريزي المتوفى سنة 502 ، اثنتين وخمسمائة وهو شرح مختصر.

7- شرح عبد الرحمن بن أحمد بن مسك السخاوي المتوفى: بعد سنة 1025 ، خمس وعشرين وألف.

وخمَّسها موفق الدين: عبد الله بن عمر الحكيم الأنصاري المتوفى: سنة 667 ، سبع وستين وستمائة. وهناك شرح القلادة السطمية في توشيح المقصورة الدريدية ، للإمام حسن بن محمد الصغاني المتوفى سنة 650 ، خمسين وستمائة .

8- وهناك شرح لعبد الله إسماعيل الصَّاوي ألف عام 1952، وهو شرح صغير، وقد اعتمد شرح عبد القادر المبارك عليه، ونراه ينقل منه في كثير من المواضع، وإنه إذا قال: يقول أحد شراح المقصورة فإنه يقصد بذلك شرحَ الصاوي.

9- شرح لعبد القادر المبارك المتوفى سنة 1945، وهو شرح لغوي في معظمه، اعتمد فيه مؤلفه على المعجمات، ولا سيما أساس البلاغة ، و المصباح المنير ، و لسان العرب ، و تاج العروس ، ولا يزال مخطوطاً.

نسخ المقصورة المخطوطة

1- نسخة في باريس أول 3088.

2- في المتحف البريطاني برقم 6211.

3- في بطرسبرغ برقم 77.

4- في مكتبة المتحف الآسيوي في بخارى برقم 855 .

5- نسخة عاطف أفندي برقم 853 .

6- نسخة بايزيد 2521.

7- في المكتبة العمومية 717.

8- في آيا صوفيا 4210.

9- نسخة شهيد على باشا 2134: طبعت مع ترجمة وشرح ب اللاتينية في فرانكيري سنة 1773، وفي هيروفيكي سنة 1786، وفي غيرها .

المصادر والمراجع: