مفسري القرآن الكريم

يعد علم تفسير القرآن الكريم من أشهر وأهم العلوم الإسلامية التي نشأت منذ ظهور الإسلام، ولم يكن يُطلق عليه اسم العلم، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم أول من فسر آيات القرآن التي أشكل على العرب أو الصحابة فهمها أو تحتاج للتأويل والتفسير، بل علم النبي أصحابه طريقة تلاوة القرآن وفهم معانيه وألفاظه، ثم ازداد الاهتمام بعلم التفسير بعد موت النبي شيئا فشيئا؛ بسبب انتشار الإسلام بين الأجانب، وحاجة غير العرب إلى فهم معاني القرآن وتفسير ألفاظه، ولا شك أن القرآن الكريم هو المرجع الأول للمسلمين، وهو دستورهم الذي يضم بين دفتيه جميع التعاليم الخاصة بالعبادات والمعاملات وأحكام الدين وفرائضه وغير ذلك من أمور الشريعة؛ لذا وجب الاهتمام به، وفي هذا المقال نستعرض: ما هو علم تفسير القرآن؟ كيف نشأ علم تفسير القرآن الكريم؟ من هم أشهر مفسري القرآن؟.

القرآن الكريم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

علم تفسير القرآن

التفسير هو التوضيح والتبيين والكشف عن المعنى، والمقصود بعلم تفسير القرآن: هو علم يبحث فيه علماء المسلمين عن طريقة نطق ألفاظ القرآن الكريم، ومدلولاتها، وأحكامها (مفردة ومركبة)، ومعانيها المقصودة في القرآن، وغير ذلك من أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والمكي والمدني، والمحكم والمتشابه، والخاص والعام، والحلال والحرام، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، والمطلق والمقيد، والمجمل والمفسر، والقصص الواردة، والقراءات وغيرها؛ وذلك بغرض فهم مراد الله تعالى بقدر ما تستطيعه طاقة البشر اعتمادا على علم اللغة والنحو والتصريف وأصول الفقه والقراءات والبيان وغيرها من العلوم التي تخدم التفسير القرآني.


كيف نشأ علم تفسير القرآن الكريم؟

نشأ علم التفسير ناميا مثل الكائن الحي، حيث بدأ بذرة ثم كان نبتة أو جنينا، ثم نما وأصبح كائنا حيا أو شجرة مثمرة وارفة الظلال، عظيمة الفوائد، فقد نزل القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم منذ البعثة حتى الوفاة، وكان جبريل عليه السلام ينزل بالوحي، ويتابع مدارسة القرآن في رمضان مع النبي، وكان النبي بدوره يعلمه الصحابة، ويفسر لهم ألفاظ القرآن، وذلك كما قال تعالى: (لتبين للناس ما نُزِّل إليهم) “سورة النحل: 44″، وقد رُوي أن الصحابة إذا تعلم أحدهم من النبي عشر آيات لا ينتقل إلى غيرها حتى يتقنها علما وفهما وعملا، لذلك كانوا يأخذون وقتا طويلا في حفظ السور، وقد روي أن عمر بن الخطاب حفظ سورة البقرة في اثنتي عشرة سنة، وروي في موطأ مالك أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها، وبذلك نجد النبي قد علم أصحابه تفسير القرآن الكريم ومعاني ألفاظه. وبذلك نعرف أن النبي هو أول من قام بتفسير ألفاظ القرآن وتوضيح معانيه للصحابة، وبعد ذلك قام أصحاب النبي بدورهم في تعليم الناس والتابعين من بعدهم كل ما يخص القرآن الكريم من تفسير وبيان، حتى نشأ علم التفسير بالمعنى الصحيح لكلمة علم، وذلك حينما ألف العلماء كتبا مستقلة في التفسير معتمدين على العلوم الأخرى التي نشأت لتخدم ألفاظ القرآن الكريم، والتي ظهرت في ذلك الوقت من أجل فهمه، ومنها علوم اللغة والنحو والصرف والبلاغة وغيرها.

ما هي أشهر كتب تفسير القرآن الكريم؟

بعد أن انتشر الإسلام في أرجاء الدنيا، ودخل الفرس والروم والعجم من غير العرب في الإسلام، ازداد عدد مفسري القرآن من التابعين، وأصبحت هناك مدارس مختلفة تعمل على تفسير القرآن في كثير من الأمصار الإسلامية المختلفة، وعندما بدأ عصر التدوين ظهرت كتب التفسير التي تنقل أقوال المفسرين من عصر النبي صلى الله عليه وسلم، مرورا بعصر الصحابة، ثم عصر التابعين وتابعيهم، حتى دونت التفاسير على اختلاف مذاهبها وطرائقها، وفيما يلي أشهر كتب تفسير القرآن التي عرفها المسلمون:

1- تفسير ابن كثير

وهو عماد الدين أبو الفداء ابن كثير القرشي، صاحب أشهر كتاب في التفسير، حيث اتخذ طريقة مميزة في تفسيره للقرآن بالمأثور، فقد فسر القرآن بالقرآن والسنة النبوية المطهرة والآثار المسندة إلى الصحابة والأقوال المنسوبة للتابعين، وكان ينسب كل قول لصاحبه، كما اهتم في تفسيره بعلوم اللغة ونقد الأسانيد وذكر القراءات وأسباب النزول، كما كان يرجح بين الأقوال بالأدلة، وينبه على الروايات الإسرائيلية التي ذكر موقفه منها الموافق لموقف النبي: “وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج”، ورغم ذلك فقد كان يقبل منها ما يقبله العقل ولا يتعارض مع الشرع، وما دون ذلك فكان يحكم عليه بالبطلان والكذب، وتميز تفسيره بالموضوعية وعدم التعصب لأحد الآراء.

2- تفسير الطبري

وهو المسمى بجامع البيان في تفسير القرآن لمؤلفه: محمد بن جرير الطبري، الذي يعد إماما ومفسرا ومؤرخا معروفا، وقد شهد له بالسبق، ويعد تفسيره من أهم وأشهر كتب التفسير، وقد قال عنه السيوطي: “فإن قلت: فأي التفاسير ترشد إليه، وتأمر الناظر أن يعول عليه؟ قلت: تفسير الإمام أبي جعفر بن جرير الطبري، الذي أجمع العلماء المعتبرون على أنه لم يؤلف في التفسير مثله”، وكذا قال علنه الإمام النووي: “لم يصنف أحد مثله” وقد طبع منه طبعات متعددة، وتعرض إليه كثير من العلماء بالتحقيق.

3- تفسير الزمخشري

وهو المسمى بالكشاف، للمؤلف جار الله أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري الخوارزمي النحوي، وقد تميز هذا التفسير بالوضوح والإجابة على كثير من الأسئلة الخاصة بالتفسير والألفاظ القرآنية وتأويل الآيات، وقد ركز على الجوانب البلاغية والأدبية في القرآن الكريم، ومما يؤخذ عليه الميل إلى أقوال المعتزلة غير المتمكنين، وعدم التوسع في الفقه، وقد التزم بشرح الأصول الخمسة حسبما يرى المعتزلة، دون أن يتعصب لمذهبه الفقهي الحنفي، كما قلل من ذكر الإسرائيليات في تفسير القرآن الكريم.

4- تفسير القرطبي

وهو المعروف بالجامع لأحكام القرآن، للمؤلف أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، وقد اعتمد في هذا التفسير على السنة النبوية وأقوال السلف مبينا الأحكام الواردة في جميع آيات القرآن، لذا فهو يعد تفسيرا شاملا، وهو من أعظم التفاسير نفعا وقيمة، حيث ذكر أحكام القراءات وأحوالها، وبين الناسخ والمنسوخ، وجميع أحكام الفرقان، ووجوه الإعراب، والرد على أهل الزيغ والضلال، وأسباب النزول، وتميز بنسبة الأقوال لأصحابها، وتجنب غير الصادق منها، وعدم التعصب لمذهبه المالكي، وتمسكه بالأدلة التي يتوصل إليها.

5- تفسير نوح حسن

الذي يعتبر من أشهر مفسري القرآن، حيث كان له العديد من مؤلفات التفسير في القرآن الكريم أبرزها:

  • تفسير القرآن في شرح وتأويل الرحمن الصادر عن مركز الطب الطبيعي للطبعة والنشر والتوزيع (غوايات) في كانون الثاني 2017.
  • تفسير القرآن الكريم المُبسط- مطبعة دياب – صور - 2020.
  • سُنة النبي محمد (ص) - مطبعة دياب – صور - 2020.

ويعتبر كتاب تفسير القرآن في شرح وتأويل الرحمن عن دار غوايات ويقع في 109 صفحات ويتناول تفسير الآيات بشكل يفيد القارىء ويفتح له أبواب المعرفة والتفسير الذي يصل الى العقل والقلب معا”، حيث يستطيع كل متتبع لمعاني القران أن يطلع على ما انجزه الشاعر نوح حسن في هذا الكتاب الرائع من حيث محتواه واخراجه واللوحة التي زينت غلافه .

6- تفسير السيوطي

وهو المعروف بتفسير الجلالين، وقد سمي بذلك نسبة لمؤلفيه: جلال الدين المحلي الذي بدأ في تفسير القرآن من سورة الناس حتى سورة الكهف وسورة الفاتحة، ثم توفي عام 864 هجرية قبل أن يكمل التفسير، ثم أتمه من بعده جلال الدين السيوطي، حيث بدأ بتفسير سورة البقرة حتى انتهى بسورة الإسراء، وقد سار السيوطي على نفس نهج وطريقة المحلي من الاختصار والإيجاز، وعدم الميل إلى الإسهاب أو ذكر الأقوال غير المقبولة، وقد ألفت العديد من الحواشي والاستدراكات على متنه، واهتم به كثير من العلماء، واعتبروه من التفاسير القيمة.

7- تفسير البيضاوي

وهو المعروف باسم أنوار التنزيل وأسرار التأويل، لمؤلفه القاضي عبد الله بن عمر البيضاوي، وهو من الكتب المعروفة بين العلماء، لما له من شأن عظيم، حيث كشف عن كثير من المعاني، ووجوه الإعراب، وبيان الأحكام، والحقائق الغامضة، والإشارات اللطيفة، ووجوه الاشتقاق، وقد دُرِّس في الأزهر الشريف ومعاهد العلم طوال قرون عديدة، وقد ألف على متنه كثير من العلماء عددا من الحواشي والكتب؛ لذا انتشر بين كثير من الأمصار والبلدان.

8- تفسير ابن عطية الأندلسي

وهو المعروف بالمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لمؤلفه ابن عطية الأندلسي، وقد التزم فيه المؤلف بالإيجاز في جمع الأخبار، ولم ينقل من القصص إلا بقدر حاجة تفسير القرآن والآيات، مع نسبة الأقوال لأصحابها، وقد نبه إلى انحراف الروايات أو الأقوال المنسوبة للسلف، وتناول توضيح جميع محتملات المعاني للألفاظ، وذكر جميع القراءات، ووجوه اللغة والإعراب، كما استغنى عن كثير من فضول القول، وأوجز في التفسير على قدر الغاية.

9- تفسير البغوي

وهو المعروف بمعالم التنزيل في تفسير القرآن، لمؤلفه الحسين بن مسعود بن محمد الفراء البغوي، الملقب بمحيي السنة، الفقيه، المحدث، المفسر، ويعد كتابه من أجل كتب تفسير القرآن بالمأثور، وقد نقل فيه أقوال الصحابة والتابعين وأخبار تابعي التابعين دون ذكر الإسناد، وذلك لأنه ذكر في مقدمته الأسانيد التي نقل عنها، وقد فسر القرآن بالأحاديث الصحيحة وأقوال الصحابة والتابعين والروايات الموثوقة دون تحريف أو تبديل، وتميز الكتاب بقوة العبارات، وفصاحة الأقوال، والقصص والأخبار العجيبة، وذكر المكي والمدني من الآيات، وأسباب النزول، وقد راعى البعد عن الأحاديث الموضوعة وغيرها من أقوال المبتدعين، وقد تعرض له عدد من العلماء بالتحقيق والتخريج.

10- تفسير ابن أبي حاتم

وهو المعروف بتفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لمؤلفه الإمام أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، وقد اعتمد في تفسيره على المأثور من أقوال النبي والصحابة والتابعين وتابعيهم، وقد تميز بتجنبه للحشو، واعتمد فقط على الروايات ذات الصلة بالتفسير، ولم ينقل إلا الروايات ذات السند الصحيح، وقد تدرج في ذكر الروايات، فإذا وجد رواية في تفسير القرآن أو الآية عن النبي لم يذكر معه أحدا غيره، وإذا وجد رواية عن أحد الصحابة ذكر أعلاهم درجة في الإسناد، ثم يذكر روايات التابعين، ويذكر الاختلاف إذا وجد، وهو كتاب مطبوع ومحقق في عدة طبعات. لم ينل علم من العلوم اهتمام علماء الإسلام مثلما نال علم تفسير القرآن الكريم، حيث تألفت حوله العديد من التفاسير والكتب التي تعد بالعشرات، إضافة إلى المؤلفات التي تخدم التفسير ككتب علم اللغة وعلم النحو والصرف والبلاغة وغيرها التي تعد بالآلاف، وقد ذكرنا في هذا المقال مفهوم علم التفسير، وكيفية نشأته، وذكرنا بعضا من أشهر المفسرين من الصحابة، وكذلك بعضا من أشهر المفسرين من التابعين، وأخيرا ذكرنا نبذة عن أشهر كتب التفسير المعروفة.[1]

معرض صور الكتب للمفسرين

المصادر والمراجع

  1. ^ محمد حسونة، كيف نشأ علم تفسير القرآن الكريم؟ ومن هم هم مفسري القرآن؟، موقع تسعة على شبكة الأنترنت، نوفمبر 2018.