معاهدة السماوات المفتوحة

معاهدة السماوات المفتوحة، دخلت حيز التنفيذ في 1 يناير 2002، وتضم حالياً 34 دولة. تأسس بموجبها برنامجاً لعمليات الاستطلاع الجوية الغير مسلحة على كامل أراضي الدول الأعضاء. تعهد المعاهدة إلى تعزيز التفاهم المتبادل والثقة عن طريق إعطاء جميع المشتركين بها، بغض النظر عن حجم الدولة المشاركة، دور مباشر في جمع المعلومات عن القوات العسكرية والأنشطة التي تهمها. تعتبر معاهدة السماوات المفتوحة من أهم الجهود الدولية واسعة النطاق حتى يومنا هذا والتي تعزز الانفتاح والشفافية للقوات والأنشطة العسكرية. مفهوم "الرصد الجوي المتبادل" قد اقترح من قبل رئيس الورزاء السوڤيتي نيقولاي بولگانين في مؤتمر جنيڤ 1955 الذي ترأسه الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور؛ إلا أن السوڤييت رفضوا على الفور هذا المفهوم وظل مجمداً لسنوات. تم التوقيع على المعاهدة في نهاية المطاف كمبادرة من الرئيس الأمريكي (والمدير السابق للمخابرات المركزية) جورج بوش عام 1989. بعدها نوقشت المعاهدة من قبل أعضاء الناتو وحلف وارسو، وتم التوقيع عليها في هلسنكي، فنلندا في 24 مارس 1992.[2]

معاهدة السماوات المفتوحة
Treaty on Open Skies
{{{image_alt}}}
  الدول التي وقعت وصدقت على المعاهدة
  الدول التي وقعت، لكن لم تُصدق
وُقـِّعت24 مارس 1992[1] (also start of provisional application)
المكانهلسنكي
سارية منذ1 يناير 2002
الحالة20 تصديق
المصدقون34
الإيداعحكومة كندا والمجر
اللغاتالإنگليزية، الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، الروسية والإسپانية

لا تتعلق المعاهدة باتفاقيات السماوات المفتوحة الخاصة بالطيران المدني.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العضوية

الدول الأعضاء الـ35 في معاهدة السماوات المفتوحة هم: بلاروس، بلجيكا، البوسنة والهرسك، بلغاريا، كندا، كرواتيا، التشيك، الدنمارك (بما يشمل گرينلاندإستونيا، فنلندا، فرنسا، جورجيا، ألمانيا، اليونان، المجر، آيسلندا، إيطاليا، لاتڤيا، لتوانيا، لوكسمبورگ، هولندا، النرويج، پولندا، سلوڤنيا، إسپانيا، السويد، تركيا، أوكرانيا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة.

وقعت قيرغيزستان على المعاهدة لكنها لم تصدق عليها بعد. كندا والمجر هما جهتي إيداع للمعاهدة تقديراً لإسهاماتهما الخاصة في معاهدة الأجواء المفتوحة. تحتفظ دول "الإيداع" بوثائق المعاهدة وتقدم الدعم الإداري.


العناصر الأساسية في المعاهدة

الأراضي

تغطي تنظيمات السماوات المفتوحة الأراضي التي تمارس عليها الدول الأطراف سيادتها، وتشمل البر الرئيسي، الجزر، والمياه الداخلية والإقليمية. تنص المعاهدة على أن أراضي الدولة العضو بأكملها مفتوحة للمراقبة. لا يجوز تقييد رحلات المراقبة إلا لأسباب تتعلق بسلامة الطيران وليس لأسباب تتعلق بالأمن القومي.[2]

الطائرات

َ يمكن توفير طائرات المراقبة إما من قبل الطرف المُراقـِب أو من قبل الطرف المُراقـَبة ("خيار التاكسي")، حسب اختيار الطرف الأخير. يجب على جميع الطائرات ومجسات السماوات المفتوحة اجتياز شهادة محددة إجراءات فحص ما قبل الطيران للتأكد من توافقها مع معايير المعاهدة.[2] طائرة السماوات المفتوحة الأمريكية المعتمدة رسمياً هي الطائرة بوينگ أو سي-135 بي أوپن سكايز.

تستخدم كندا الطائرة سي-130 هركيوليز المزودة بحجيرة مجس "سامسون" لإجراء الرحلات الجوية على أراضي دول المعاهدة الأخرى. الحجيرة هي خزان وقود CC-130 المعدل ليتحمل المجسات المسموح بها، بالإضافة إلى الأجهزة المرتبطة بالمهمة على متن الطائرة. يمتلك هذا النظام مجموعة من الدول تتألف من بلجيكا وهولندا ولوكسمبورگ وكندا وفرنسا واليونان وإيطاليا والپرتغال وإسپانيا. تكاليف صيانة المجس سامسون مشتركة، وتعتمد على حصة كل بلد في التحليق والاستخدام الفعلي له.[بحاجة لمصدر]

 
طائرة المراقبة آن-30.

تستخدم بلغاريا، رومانيا، روسيا وأوكرانيا في طلعاتها الجوية الطائرة أنطونوڤ آن-30. كما تستخدم التشيك الطائرة آن-30 لكن يبدو أن جميع طائرتها قد خرجت من الخدمة عام 2003.[بحاجة لمصدر]

كما تستخدم روسيا طائرة المراقبة تو-154 إم-أون. وكانت ألمانيا تستخدم هذا النوع أيضاً حتى فقدت إحدى الطائرات في حادث عام 1997. تتخلص روسيا تدريجياً من الطائرتين آن-30 وتو-154 إم-أون ليحل محلهما طائرتين من طراز تو-214 أون برقمي تسجيل RA-64519 وRA-64525؛ على الرغم من أن مجموعة المستشعرات الجديدة لهذه الطائرة تحدياً من الولايات المتحدة حالياً.[بحاجة لمصدر]

تستخدم السويد الطائرة ساب 340 ("OS-100") التي اعتمدت في 2004.

حتى 2008، كانت الطائرة البريطانية المعينة هي الطائرة أندوڤر C.1(PR)، المسجلة بالرقم XS596. منذ ذلك الحين كانت المملكة المتحدة تستخدم مجموعة من الطائرات منها ساب 340، آن-30 وأو سي-135.[3]

عام 2017، اشترت القوات الجوية الألمانية إيرباص إيه 319 كطائرتها المستقبلية للسماوات المفتوحة.[4]

المجسات

قد تتضمن طائرات السماوات المفتوحة كاميرات ڤيديو، وكاميرات پانورامية بصرية وتأطير للتصوير في ضوء النهار، ماسحات ضوئية بالأشعة تحت الحمراء لتوفير إمكانات الرؤية النهارية/الليلية، رادار الفتحة التركيبية للرؤية النهارية/الليلية في جميع الظروف الجوية. ستسمح جودة الصور الفوتوغرافية بالتعرف على المعدات العسكرية الرئيسية (على سبيل المثال، السماح للدول الأعضاء بالتمييز بين الدبابت والشاحنات)، مما يتيح شفافية كبيرة فيما يتعلق بالقوات والأنشطة العسكرية. يمكن إضافة أنواع من المجسات وتحسين القدرات بالاتفاق بين الدول الأعضاء. ينبغي أن تكون جميع المجسات المستخدمة في السماوات المفتوحة متوافرة تجارياً لجميع الموقعين.[2] تقتصر جودة التصوير على 30 سنتيمتر.[بحاجة لمصدر]

الحصص

تلتزم كل دولة طرف باستقبال طلعات المراقبة حسب حصتها السلبية المخصصة لها. يجوز لكل دولة طرف إجراء أكبر عدد ممكن من طلعات المراقبة - حصتها النشطة - كجزء من حصتها السلبية.[2] خلال السنوات الثلاث الأولى بعد بدء دخولها حيز التنفيذ، ستكون كل دولة ملزمة بقبول ما لا يزيد عن خمسة وسبعين في المائة من حصتها السلبية. نظراً لأن إجمالي الحصة السنوية السلبية للولايات المتحدة يبلغ 42 طلعة، فإن هذا يعني أنها ستكون ملزمة بقبول ما لا يزيد عن 31 طلعة مراقبة سنوياً خلال فترة الثلاث سنوات هذه. خلال عام 2005، لم تُطلب سوى طلعتين فقط على الولايات المتحدة، من قبل روسيا وبلاروس ضمن مجموعة الدول الأطراف (التي تعمل ككيان واحد لأغراض تخصيص الحصص). يحق للولايات المتحدة الحصول على 8 من 31 طلعة سنوية متاحة على روسيا/بلاروس. بالإضافة إلى ذلك، يحق للولايات المتحدة طلعة واحدة فوق أراضي أوكرانيا، والتي تتشاركها مع كندا.

تقاسم واتاحة البيانات

الصور التي تجمعها بعثات السماوات المفتوحة متاحة لأي دولة طرف بناءاً على طلب تكلفة الاستنساخ. ونتيجة لذلك، فإن البيانات المتاحة لكل دولة طرف أكبر بكثير من البيانات التي يمكن أن تجمعها بموجب نظام حصص المعاهدة.[2]

التاريخ

أثناء مؤتمر جنيڤ في لقاء مع رئيس الوزراء السوڤيتي نيقولاي بولگانين عام 1955، اقترح الرئيس أيزنهاور أن تقوم الولايات المتحدة والاتحاد السوڤيتي طلعات جوية على أراضي بعضهما البعض لطمأنة كل بلد أن الآخر لم يكن في حالة الإعداد للهجوم.[5]

أدت مخاوف وشكوك الحرب الباردة إلى رفض أمين عام الحزب الشيوعي السوڤيتي نيكيتا خروشوڤ اقتراح أيزنهاور.[5][6]

خلال اليوم الخامس من القوة التي عقدت في جنيڤ بسويسرا في نهاية يوليو 1955، عقد الاتحاد السوڤيتي والولايات التحدة سلسلة من المحادثات حول نزع الأسلحة وتقدمت الولايات المتحدة بمقترحات لطلعاات استطلاع متبادلة فوق المجال الجوي لكل منهما، والمعروفة بمقترحات "السماوات مفتوحة". كان لدى الولايات التحدة عدد ضخم من طائرات الاستطلاع آر بي-47 وآر بي-46 تحت تصرفها لمثل هذه الأنشطة، ومع ذلك رفض السوڤيت هذا الاقتراح. ومع ذلك، لاقى مؤتمر جنيي هذا قبولاً عالمياً باعتباره نقطة تحول في الحرب الباردة. وكان الطريق أمام التوترات في أوروپا مسدود. ومع ذلك، كان كل من الاتحاد السوڤيتي والولايات المتحدة على استعداد للحديث عن خلافاتهما، بدلاً من أن تتصاعد إلى حالة حرب.

بعد مرور أربعة وثلاثين عاماً، أعاد الرئيس جورج بوش إدارة مفهوم السماوات المفتوحة كوسيلة لبناء الثقة والأمن بين جميع البلدان الأعضاء في منظمة معاهدة شمال الأطلسي (الناتو) وحلف وارسو. في فبراير 1990، أفتتح مؤتمراً دولياً عن السماوات المفتوحة يضم جميع دول حلف الناتو ووارسو في أوتاوا، كندا. وعقدت جولات لاحقة من المفاوضات في بوداپشت، المجر؛ ڤيينا، النمسا؛ وهلسنكي، فنلندا.[6]

في 24 مارس 1992،[1] تم التوقيع على معاهدة السماوات المفتوحة في هلسنكي من قبل وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر ووزراء خارجية 23 بلد آخر. دخلت المعاهدة حيز التنفيذ في 2 يناير 2002، بعد انتهاء روسيا وبلاروس إجراءات التصديق عليها.[6]

في نوفمبر 1992، أسند الرئيس بوش مسؤولية التدريب الشامل والإدارة والقيادة والتنسيق والدعم لبعثات مراقبة السماوات المفتوحة في الولايات المتحدة، وأسندت عمليات مراقبة السماوات المفتوحة لوكالة التفتيش الميداني (OSIA)، حالياً جزء من وكالة الحد من تهديدات الدفاع. حتى دخول المعاهدة حيز التنفيذ في يناير 2002، كان دعم وكالة الحد من تهديدات الدفاع يتعلق بالمشاركة في التدريب والطلعات التجريبية المشتركة. عقدت الولايات المتحدة أكثر من 70 طلعة تدريب وتجريب مشتركة، ونجحت وكالة الحد من تهديدات الدفاع في اعتماد 16 تكوين كاميرا على الطائرات آن-30 البلغارية، آن-26 المجرية، الطائرة سي-130 إتش المستخدمة من قبل مجموعة POD (تتألف من بلجيكا، كندا، فرنسا، اليونان، إيطاليا، لوكسمبورگ، هولندا، النرويج، الپرتغال، وإسپانيا)، آن-30 الرومانية، آن-30 الروسية، وآن-30 الأوكرانية. أطلقت الولايات المتحدة بنجاح أول مهماتها ضمن معاهدة السماوات المفتوحة فوق الأراضي الروسية في ديسمبر 2002.[6]

مع دخول المعاهدة حيز التنفيذ، بدأت طلعات المراقبة الرسمية في أغسطس 2002. أثناء السنة الأولى للمعاهدة، أطلقت الدول الأعضاء 67 طلعة مراقبة. في 2004، نفذت الدول الأعضاء 74 مهمة، وكان هناك 110 مهمة مزمعة للعام 2005. في 8 و8 مارس 2007، قامت روسيا بموجب المعاهدة بطلعات على الأراضي الكندية.[7] واصلت اللجنة الاستشارية للسماوات المفتوحة معالجة طرق إجراء مهام المراقبة وغيرها من القضايا التنفيذية.[2]

منذ 2002 تم تنفيذ 40 مهمة في أجواء المملكة المتحدة. كان هناك 24 مهمة حصة قامت بها: روسيا-20؛ أوكرانيا-3؛ والسويد-1. وكانت هناك 16 طلعة تدريبية قامت بها: بنلوكس (بالإشتراك مع إستونيا)؛ إستونيا (بالإشتراك مع بنلوكس)؛ جورجيا-3 (واحدة بالاشتراك مع السويد)؛ السويد-3 (واحدة بالاشتراك مع جورجيا)؛ الولايات المتحدة-3؛ لاتڤيا؛ لتوانيا؛ رومانيا؛ سلوڤنيا؛ ويوغسلاڤيا.[8] ومنذ 2002 قامت المملكة المتحدة بـ51 مهمة سماوات مفتوحة. 38 من مهمات الحصص للبلدان التالية: أوكرانيا (5)؛ جورجيا (7) وروسيا (26). وكانت هناك 13 مهمة تدريبية للبلدان التالية: بلغاريا؛ يوغسلاڤيا؛ إستونيا؛ سلوڤنيا (3)؛ السويد (3)؛ الولايات المتحدة؛ لاتڤيا، لتوانيا وبنلوكس. كانت تكلفة الطلعات حوالي 50.000 جنيه إسترليني لكل مهمة عملياتية، وحوالي 25.000 جنيه إسترليني للمهمات التدريبية مع تكلفة سنوية تقارب 175.000 جنيه إسترليني.[9]

صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية في 4 فبراير 2016 أن تركيا رفضت مهمة سماوات مفتوحة روسية، كان من المقرر تنفيذها في 1-5 فبراير 2016، للتحليق فوق الأراضي المتاخمة لسوريا، فضلاً عن التحليق فوق قواعد طيران تابعة للناتو. تبعاً لروسيا، فلم تقدم تركيا تبريراً فيما يتعلق بالقيود، وطالبها بالإشارة إلى نشاط عسكري غير قانوني في الأراضي السورية.[10] لم تعلق اللجنة الاستشارية للسماوات المفتوحة على الانتهاك المزعوم للمعاهدة من قبل تركيا.[11]

بحلول 2016، كانت الطائرة الروسية تستخدم معدات محدثة عن المعدات الأولية.[12][13][14]

تحديات المعاهدة

زعمت كل من روسيا والولايات المتحدة أن الأخرى تنتهك أحكام المعاهدة.[15] في أغسطس 2018، رفض الكونگرس الأمريكي تمويل عملية تحديث الطائرات الأمريكية المستخدمة لطلعات السماوات المفتوحة.[16]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الانسحاب الأمريكي المحتمل

في أبريل 2020، تواردت أنباء عن أن وزير الخارجية الأمريكي مايك پومپيو ووزير الدفاع مارك إسپر قد اتفقا على المضي قدماً في إنسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية السماوات المفتوحة.[17] في 21 مايو 2020، أعلن الرئيس ترمپ أن الولايات المتحدة ستنسحب من الاتفاقية بسبب الانتهاكات الروسية المزعومة.[18] انسحابٌ أميركي جديد من معاهدة دولية. خبرٌ لم يعد غريباً على مُتابعي النَسَق الأميركي المُرتبط بإدارة الرئيس دونالد ترامب وأسلوبه تجاه العلاقات الخارجية، وقضايا الأمن القومي. المعاهدة هذه المرة لم تكن سوى اتفاقية "الأجواء المفتوحة" المُبرَمة مع روسيا و32 دولة أغلبها منضوية في حلف شمال الأطلسي "الناتو" (بالإضافة إلى قرغيزيا التي وقّعت الاتفاقية ولم تصادق عليها)، والتي أعلن ترامب قرار انسحاب بلاده منها في 21 أيار/مايو، وقد مرّ على توقيعها 18 عاماً، لتُضاف إلى معاهدتين أخريين قرّر ترامب الانسحاب منهما منذ استلامه مقاليد الحُكم في عام 2016 (انسحب ترامب من الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران في 2015، ومن معاهدة الصواريخ النووية متوسّطة المدى مع روسيا التي تعود إلى 1988). بالإضافة إلى انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ، وهي واحدة من الاتفاقيات التي لها أثر حاسم على البيئة العالمية بصورةٍ مباشرة، وعلى الأمن العالمي الذي يتزايد الترابُط بينه وبين قضايا البيئة بشدّة.

ويزيد هذا الانسحاب من مخاطر تفكيك قواعد الأمن المُتّفق عليها بين الولايات المتحدة والقوى الغربية من جهة، وروسيا من جهةٍ ثانية، مع ما يتضمّنه ذلك من تهديدات للأمن الأوروبي بالدرجة الأولى، والأمن العالمي عبر الأطلسي تالياً.

الذريعة الأميركية أرادها ترامب أن تكون على شكل عدم وفاء موسكو بالالتزامات التي تنصّ عليها الاتفاقية، ما يُضفي تهديداً جديداً على حال التزام واشنطن بمعاهدة "ستارت" الجديدة للحد من كمية الصواريخ النووية لدى كلٍ من البلدين. وهذا إن أضيف إلى تصريحات وزير الخارجية الصيني الأخيرة التي تتحدَّث عن نشوب حرب بارِدة بين بلاده والولايات المتحدة، ستكون له مفاعيل ومخاطر أخرى، غير تلك التي تظهر حتى الآن.

فالبيئة الاستراتيجية بين القوى الكُبرى تتحرّك بسرعةٍ، على وَقْع خطواتٍ أحادية الجانب، أغلبها يسبق بها ترامب القوى الأخرى، فتردّ هذه الأخيرة بإجراءاتٍ مُقابلة، الأمر الذي باتت له انعكاساتٌ ملموسة وشديدة على الثقة بقدرة القوى الكبرى على حفظ الأمن الدولي، من باب حفظ العلاقات المُشتركة بينها، فضلاً عن قُدرتها على إدارة نظامٍ عالمي يشكّل ضمانةً أمنية للقوى الأقلّ شأناً.

وتسير هذه الأحداث في مجرى أكثر اتّساعاً يتضمّن أزماتٍ عالمية بالغة الخطورة، ليس أقلّها انتشار فايروس "كوفيد19" وتهديده حياة ملايين البشر، وضربه لقُدرات الدول الاقتصادية، بمُوازاة أزمة مالية عالمية باتت تؤْرِق المُتابعين وقادة الرأي وصانعي السياسة عبر العالم كله.

موقف روسيا

تبدو روسيا مُتحفّظةً بعض الشيء في التعاطي مع القرار الأميركي الجديد. لكن تقديرها لانعكاساته عليها لا بد من أن يأخذ بالحسبان أنه سيلقي بلائمة الأوروبيين على واشنطن، الأمر الذي قد يزيد من الشقاق المُتّسع في الآونة الأخيرة بين القوى الأوروبية الرئيسة وأميركا. خصوصاً وأن الجماعات اليمينية واليسارية في أوروبا تبدو في بحثٍ دائمٍ عن أسباب جديدة تستطيع من خلالها إقناع الرأي العام الأوروبي بضرورة بلورة شخصية أوروبية مستقلّة عن الأميركيين في مختلف الشؤون، بما فيها مسائل الأمن القومي.

ولأن التدابير التي تسمح بها هذه الاتفاقية لم تعد فائقة الأهمية من الناحية الأمنية (بعد تطوّر تقنيات الأقمار الصناعية وبسبب محدودّية الطلعات التي تسمح بها لكل واحدة من الدول الأعضاء)، فإن جانبها المتعلّق ببناء الثقة بات أكثر أهمية من ذي قبل. ومع ذلك فإن مفاعيل الاتفاقية كانت مهمة جداً بالنسبة إلى الأوروبيين خلال الأزمة الأوكرانية. وهذا ما يمكن رؤيته من جانب روسيا على أنه نقطة إيجابية يمكن الاستفادة منها من جرّاء انسحاب واشنطن أحادي الجانب، خصوصاً وأن التطوّر التقني في الأقمار الصناعية بات يشكّل مساراً مهماً من مسارات العمل الحثيث لدى الجيش الروسي وقوى الاستخبارات هناك، الأمر الذي يشير إلى خياراتٍ واسعةٍ من البدائل لدى موسكو عن فوائد البقاء ضمن "الأجواء المفتوحة".

ولطالما رفضت روسيا تزايد القيود على رحلاتها بموجب المعاهدة، والتي تهدف بالأساس إلى الحد من حركتها فوق مناطق النزاعات؛ وبالمقابل فإن الأميركيين وحلفاءهم الأوروبيين يسعون بصورةٍ مُتزايدة إلى تطويق روسيا من خلال توسّع حلف شمال الأطلسي. وفي وقتٍ يشكّك فيه أحد الأطراف في الائتلاف الحاكم في ألمانيا بوجود أسلحة نووية أميركية في أوروبا، فإن تمسّك الأوروبيين بالمعاهدة، بعد انسحاب الولايات المتحدة منها سيدفع بالكرملين إلى الخروج منها أيضاً.

وفي الواقع، حاول العديد من الدول الأوروبية إنقاذ الاتفاقية من خلال معالجة قضايا الامتثال بزيادة نشاط اللجنة الاستشارية للمعاهدة. لكن ذلك لم يفلح في حماية الإطار الذي لا يزالون يرون فيه ضماناً إضافياً لأمنهم الذي تتزايد التهديدات المُحْدِقة فيه، مع تزايُد حدّة المُنافسة بين القوى الكبرى على الأسواق والموارد والتوسّع الجيوسياسي، والنَهم إلى النفوذ والسيطرة العابرة للقارات. وهذه التنافُسية الحادّة لم يبدُ في الآونة الأخيرة أنها تقيم اعتباراً لرأي الأوروبيين بالدرجة المرغوب بها.

ولا يبدو أن هناك أفقاً واضحاً لما يمكن للأوروبيين القيام به لإقناع روسيا بالبقاء في إطار المعاهدة، بعد انسحاب الولايات المتحدة منها. ومع ذلك، فإن محاولاتهم قد تتركّز على التواصل مع روسيا البيضاء لمحاولة إقناعها بالبقاء، كون هذه الأخيرة كانت قد تقدّمت بطلب للحصول على حصص مستقلّة (عن حصّة روسيا) وفاعلة من الطلعات الجوية التي تتيحها الاتفاقية. فعلى الرغم من عدم قدرة روسيا البيضاء على تقديم الضمانات المُطمئنة للأوروبيين، والتي لا يمكن لأحد غير موسكو أن يقدّمها، لكن باستطاعتها – من وجهة نظر أوروبية- أن تُسهم في إظهار موسكو وحيدةً فيما لو لحقت بالولايات المتحدة وانسحبت من الاتفاقية. وعلى هذا الأساس، تتزايد تعقيدات مواقف الأطراف الثلاثة، أوروبا وروسيا والولايات المتحدة، بعد قرار ترامب هذا.

وأبعد من ذلك، فإن إضافة هذا الانسحاب إلى سياق الانسحابات السابقة من معاهدات أكثر أهمية، سيفضي إلى تفكّك نظام المعاهدات التي كانت تشكّل حداً أدنى من شبكة أمانٍ تعاقدية بين هذه الأطراف، الأمر الذي سيزيد من تسارُع الانزلاق نحو عالمٍ بلا قيود، سيُسرّع بدوره في تحديد معالم النظام العالمي الجديد، أو قُل حال اللانظام التي دخل العالم في طورها، قبل أن يكتمل رَسْم القواعد الجديدة.

انسحاب روسيا

في 15 يناير 2021، أعلنت روسيا بدء انسحابها من معاهدة السماوات المفتوحة، التي أُبرمت عام 1992، بعد أن غادرتها الولايات المتحدة من جانب واحد عام 2020. وشددت الخارجية الروسية في بيان لها على أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية في 22 نوفمبر 2020 جاء "بذرائع واهية"، مؤكدة أن ذلك "نسف توازن مصالح الدول الأطراف في الاتفاقية وألحق ضررا كبيرا بفعاليتها وقوض دورها كآلية لتعزيز الأمن والثقة".[19]

وأشار البيان إلى أن الجانب الروسي من جانبه طرح مقترحات جوهرية تتماشى مع البنود الأساسية للاتفاقية بهدف إنقاذها من الانهيار في الظروف الجديدة، لكنها للأسف لم تحظ بدعم حلفاء الولايات المتحدة. وتابع البيان: "في ظل غياب تقدم في إزالة العوائق التي تحول دون استمرار سريان الاتفاقية في الظروف الجديدة، تم تفويض وزارة الخارجية بالإعلان عن بدء الإجراءات الداخلية في سبيل انسحاب روسيا من اتفاقية السماء المفتوحة، ولدى استكمالها سيتم إبلاغ جهات الإيداع بذلك".

وتسمح معاهدة السماء المفتوحة التي تضم أكثر من 30 دولة بتحليق طائرات مراقبة غير مسلحة في أجواء الدول الأعضاء، بهدف تعزيز التفاهم المتبادل والثقة عن طريق منح جميع الأطراف دورا مباشرا في جمع المعلومات عن القوات العسكرية والأنشطة التي تهمها.

وأصبحت الاتفاقية ثالث اتفاقية دولية في مجال الرقابة على الأسلحة انسحبت منها إدارة ترامب التي سبق أن تركت عام 2018 الاتفاق النووي مع إيران ثم خرجت العام الماضي من معاهدة التخلص من الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى المبرمة مع موسكو عام 1987، كما أصبحت اتفاقية ستارت الجديدة التي تنقضي فترة سريانها في فبراير 2021 على وشك الانهيار أيضا، رغم مبادرة موسكو لتمديدها عاما إضافيا.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ أ ب "Open Skies Treaty". U.S. Department of State. Retrieved May 21, 2020.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ One or more of the preceding sentences incorporates text from a الولايات المتحدة Government publication in the public domain: Open Skies Treaty Fact Sheet published by the United States Department of State Bureau of Arms Control on March 23, 2012, last accessed on April 11, 2012.
  3. ^ "Surveillance".
  4. ^ http://augengeradeaus.net/2017/01/flugbereitschaft-erhaelt-zusaetzlichen-airbus/
  5. ^ أ ب "Foreign Affairs". American Experience. WGBH Educational Foundation. Retrieved 28 July 2013. The two sides would not meet face-to-face until the Geneva summit of 1955. At the summit, Eisenhower asserted, "I came to Geneva because I believe mankind longs for freedom from war and the rumors of war. I came here because my lasting faith in the decent instincts and good sense of the people who populate this world of ours." In this spirit of good will, Eisenhower presented the Soviets with his Open Skies proposal. In it he proposed that each side provide full descriptions of all their military facilities and allow for aerial inspections to insure the information was correct. The Soviets rejected the proposal. Eisenhower was disappointed, but not surprised. In truth, the Open Skies proposal would have benefited the U.S. much more so than the Soviets -- the Russians already knew the location of most American strategic defense facilities, it was the Americans who stood to gain new information.
  6. ^ أ ب ت ث One or more of the preceding sentences incorporates text from a الولايات المتحدة Government publication in the public domain: On-Site Inspection Operations: Treaty on Open Skies page at the United States Defense Threat Reduction Agency, last accessed on July 19, 2009.
  7. ^ "Russian military to inspect Canada from above". Archived from the original on March 10, 2007. Retrieved March 8, 2007. {{cite web}}: Unknown parameter |deadurl= ignored (|url-status= suggested) (help)
  8. ^ "Military Intelligence".
  9. ^ "Surveillance".
  10. ^ Briefing of the Russian Defence Ministry spokesman concerning activities of Rus aircraft in the Syrian Arab Republic : Ministry of Defence of the Russian Federation
  11. ^ "News and press releases".
  12. ^ Liewer, Steve (27 March 2016). "Russia's 'ahead of us' on technology used in Open Skies observation flights, StratCom warns". Omaha World-Herald. Omaha, Nebraska, United States. Retrieved 18 April 2017.
  13. ^ Sharkov, Damien (8 June 2015). "NEW RUSSIAN SURVEILLANCE JETS ABLE TO 'SEE UNDERGROUND'". Newsweek Europe. Retrieved 18 April 2017.
  14. ^ "Russia wants to fly surveillance planes over US with advanced cameras, congressional staffer says". Fox News. New York, New York, United States. Associated Press. 22 February 2016. Retrieved 18 April 2017.
  15. ^ "U.S., Russia Trade Charges Over Open Skies Treaty Compliance". AINOnline. 27 September 2017. Retrieved 14 August 2018.
  16. ^ "Critics of the Open Skies Treaty seek to block the Pentagon's request for funding to modernize U.S. reconnaissance aircraft and sensors". Arms Control Association. 1 July 2018. Retrieved 14 August 2018.
  17. ^ "Trump administration determined to exit treaty reducing risk of war". The Guardian (in الإنجليزية). 2020-04-05. Retrieved 2019-04-10.
  18. ^ Riechman, Deb (May 21, 2020). "US says it's pulling out of Open Skies surveillance treaty". Associated Press. Archived from the original on May 21, 2020. Retrieved May 21, 2020.
  19. ^ "روسيا تعلن انسحابها من اتفاقية "السماء المفتوحة"". روسيا اليوم. 2021-01-15. Retrieved 2021-01-15.

وصلات خارجية