مدونة:أزمة المدمرة البريطانية بالبحر الأسود 2021

0

المدمرة البريطانية دفندر التي أطلقت البحرية الروسية النار عليها في البحر الأسود في 19 يونيو 2021، وصلت إلى ميناء أوديسا الأوكراني في 14 يونيو 2021، ترافقها الفرقاطة الهولندية “إڤرتسن”، وعندما دخلتا منطقة البحر الأسود، وانضمتا إلى المدمرة الصاروخية “لابون” التابعة للبحرية الأمريكية. وفي ميناء أوديسا، وقعت بريطانيا في 17 يونيو 2021 اتفاقا لتطوير البحرية الأوكرانية، ثم شاركت المدمرة في تدريب مشترك مع البحريات الأوكرانية والأمريكية والهولندية، لضمان حرية الملاحة. وبعدها في 19 يونيو كانت في طريقها إلى جورجيا، حين أعلنت روسيا أن أسطول البحر الأسود وحرس الحدود فتحا النار على المدمرة البريطانية “دفندر”، التي توغلت بشكل غير قانوني المياه الإقليمية لروسيا، بالقرب من رأس فيولنت، جنوب ميناء سڤاستوپول، مقر أسطول البحر الأسود.

المدمرة البريطانية دفندر، بالقرب من القرم، 19 يونيو 2021.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الاستراتيجية


التاريخ

حرب القرم، 1853.

المرور البريء

 
المناطق التي أعلنت روسيا إغلاقها في وجه المرور البريء بالبحر الأسود من 24 أبريل حتى 31 أكتوبر 2021، ومنها المياه المقابلة لرأس فيولنت.[1]

يصر البريطانيون أنهم كانوا يمارسون حقهم في ما يسمى بـ”المرور البريء” عبر المياه الإقليمية الروسية، إلا أنهم يتجاهلون حقيقة أنّ الدولة التي تمتلك المياه الإقليمية يمكنها تقييد مثل هذا المرور عبر بعض أقسامها. وفي هذا السياق، فقد سبق أن أصدرت وزارة الدفاع الروسية في 24 أبريل الماضي بياناً أعلنت فيه إغلاق بعض مناطق البحر الأسود أمام السفن الأجنبية حتى الساعة 21:00 من يوم 31 أكتوبر.[1][2]

أوكرانيا مقابل القصير

زيارة المدمرة لأوديسا تُغضب روسيا ربما أكثر من التوغل البريطاني في المياه الإقليمية للقرم، فالصراع المكتوم بين روسيا والناتو حول وصول روسيا للمياه الدافئة بعد انكفاء المعارضة الإسلامية في معركة القصير، بسوريا في أبريل-يونيو 2013، والذي أحبط مخططات توريد غاز الخليج العربي وشرق المتوسط (الإسرائيلي) عبر سوريا إلى أوروبا لينافس الغاز الروسي. فقامت ثورة ملونة (يورو ميدان) في أوكرانيا في نوفمبر 2013 ينادي بفرض المزيد من الرسوم والشروط على مرور الغاز الروسي عبرها إلى أوروبا. وأسفرت تلك الثورة في (21 فبراير 2014) عن انقلاب غربي الهوى في كييف أطاح بيانوكوڤيتش، حليف روسيا.

القرم والنقطة الخماسية

قامت روسيا في نفس اليوم بالاستيلاء على القرم. فأصبحت روسيا تزعم أن المياه الإقليمية للقرم تتلامس مع المياه الإقليمية لرومانيا، وبالتالي فلا يوجد منفذ بحري لأوكرانيا، مما يخنق أوكرانيا ويتيح لروسيا مد خطوط غاز إلى رومانيا وبلغاريا ثم باقي أوروبا. أوكرانيا وتركيا تعارضان قائلتين أن هناك نقطة حدود خماسية تتلاقى عندها روسيا وأوكرانيا ورومانيا وبلغاريا وتركيا، أي أن لأوكرانيا منفذ بحري ولو كان عرضه مجرد نقطة.

رباعية أم خماسية

رومانيا وبلغاريا لم تتغير حدودهما البحرية منذ صدور قانون البحار الدولي في 1980، حيث كانت توجد نقطة حدود رباعية. التغيرات حدثت خارج مياههما الاقتصادية، أولا باستقلال أوكرانيا في 1990، حلت أوكرانيا محل الاتحاد السوفيتي. وبانضمام القرم لروسيا 2014، ترى روسيا أنها حلت محل الاتحاد السوفيتي (ثم أوكرانيا) في النقطة الرباعية. ولكن أوكرانيا (وتركيا) يريان أن أوكرانيا تشارك في تلك النقطة التي أصبحت خماسية. أي أن الخلاف هو روسي-أوكراني، لا شأن لرومانيا وبلغاريا به.

 
المناطق الاقتصادية الخالصة في البحر الأسود قبل وبعد ضم روسيا للقرم.

التنقيب

امتيازات التنقيب البحرية منذ 2014 في رومانيا (أعلى) ثم بلغاريا.
السيل الجنوبي

منذ ضم روسيا للقرم في 2014، تحولت الأنظار إلى مسارات أنابيب الغاز من روسيا إلى بلغاريا ورومانيا، والتي أسمتها روسيا السيل الجنوبي.

رومانيا وبلغاريا

بدأ سباق محموم لشركتي النفط إكسون موبل الأمريكية ولوك أويل الروسية في لاقتناص رقع التنقيب في المياه الرومانية والبلغارية، لإخلاء المسار من العقبات أو خلق عقبات، حسب جنسية الشركة.


ومنذ ذلك الحين تقوم تركيا بنشاط بحري متواصل، تارة كأسطول بحري وتارة كنشاط تنقيب عن الغاز تحديداً عند تلك النقطة. ولعل اقتناء تركيا لثلاث سفن تنقيب لم يبدأ إلا بعد احتلال القرم، والسفن الثلاثة تمضي أكثر من 80% من وقتها في البحر الأسود وخصوصا عند نقطة الحدود الخماسية، التي لا تعترف بها روسيا. وحتى حين أعلنت تركيا في يوليو 2020، عن قراءات سيزمية مبشرة بالغاز، فقد كانت مباشرة عند النقطة الخماسية.

 
خريطة توضح موقع حقول الغاز المكتشفة في البحر الأسود، ويظهر حقل تونا-1 المؤمل، بالقرب من نقطة الحدود الخماسية، في أغسطس 2020.

السفينة التركية فاتح تقوم بأعمال التنقيب في منطقة تونا -1، الواقعة عند تقاطع الحدود البحرية البلغارية والرومانية والأوكرانية والتركية منذ يوليو 2020.[3] وفي اليوم التالي وقبل حفر أي آبار للتأكد، أعلن الرئيس التركي أردوغان عن أكبر اكتشاف من الغاز الطبيعي في البحر الأسود. وأضاف أن الاحتياطيات المتوقعة للحقل تبلغ 320 بليون متر مكعب من الغاز.[4]


ولعل هذا الدور التركي هو أكبر الخدمات التركية للمعسكر الغربي من بعد معركة القصير، بسوريا في ربيع 2013.

حرية الملاحة

 
تزعم البحرية الأمريكية أن البحرية الروسية زوّرت بيانات تعريف (AIS) موقع المدمرة البريطانية ومرافقتها الفرقاطة الهولندية إڤرتسن لها في يوم 19 يونيو 2021.[5]

عندما أعلنت بريطانيا، في 17 يونيو 2021، عن توقيعها اتفاق لتطوير البحرية الأوكرانية، أرسلت المدمرة دفندر إلى ميناء أوديسا الأوكراني، للتأكيد على بقاء منفذ بحري لأوكرانيا، أي التأكيد على ما تسميه الولايات المتحدة حرية الملاحة، والذي يشبه تدريبات حرية الملاحة التي تقوم بها البحرية الأمريكية والناتو في كلٍ من بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان بشكل مستمر، مما يثير حنق الصين بشكل متصاعد، حدى بالقائد المتقاعد للبحرية الأمريكية، جيمس ستاڤريدس، التوقع، في روايته 2034 أن الحرب العالمية الثالثة ستنشب أثناء قيام البحرية الأمريكية بأحد تلك التدريبات على حرية الملاحة في مضيق تايوان. وهذا التدريب للناتو في البحر الأسود أثار حنق روسيا، بغض النظر عما إذا كانت المدمرة قد توغلت في المياه الروسية أم لم تفعل، حسبما تصر البحرية الملكية البريطانية وتؤيدها البحرية الأمريكية.[5]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قلق من سي بريز

الحادث سيضفي مزيداً من السخونة على تدريب "Sea Breeze" السنوي الذي سيجرى في البحر الأسود بين 28 يونيو و 10 يوليو 2021، ضمن الشراكة من أجل السلام والحوار المتوسطي في حلف الناتو، بمشاركة أوكرانيا والولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وهولندا ورومانيا وبلغاريا واليونان وتركيا ومصر والإمارات وإسرائيل ودول أخرى، ونفت تونس مشاركتها في هذا التدريب، بالرغم من اعلان وزارة الدفاع الأمريكية ذلك، كما في الرسم المرافق. المناورات الواسعة النطاق سيشارك فيها حوالي 4 آلاف عسكري و40 سفينة حربية وقارب وسفينة مساعدة، بالإضافة إلى 30 طائرة، وأكثر من 100 وحدة من المركبات العسكرية والعربات المدرعة.[1]

 
شعار تدريب "سي بريز".


انظر أيضاً

الهامش

  1. ^ أ ب ت وسام متى (2021-06-24). "أخطر حادث بحري في مياه القرم.. "بروفه" صدام روسيا ـ "الناتو" المقبل". 180پوست.
  2. ^ Maria KiselyovaAndrew Macaskill (2021-06-23). "Russia says it chases British destroyer out of Crimea waters with warning shots, bombs". رويترز.
  3. ^ "الإعلان عن اكتشاف تركيا حقول غاز في البحر الأسود". روسيا اليوم. 2020-08-20. Retrieved 2020-08-21.
  4. ^ "Turkey discovers large natural gas reserve off Black Sea". دويتش فيله. 2020-08-21. Retrieved 2020-08-21.
  5. ^ أ ب H I Sutton (2021-06-21). "Positions of Two NATO Ships Were Falsified Near Russian Black Sea Naval Base". USNI News.

<comments />