محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم عام 1959

هي محاولة حزب البعث بالتعاون مع المخابرات المصرية اغتيال عبد الكريم قاسم في 7 أكتوبر تشرين الأول عام 1959 .

حيث تعرض رئيس الوزراء ووزير الدفاع الزعيم عبد الكريم قاسم لمحاولة اغتيال في شارع الرشيد نفذتها مجموعة من البعثيين من بينهم صدام حسين أصيب فيها قاسم بجروح وقتل سائقه واحد المنفذين وهو عبد الوهاب الغريري ونفذ العملية حزب البعث بدعم من المخابرات المصرية وجمال عبد الناصر.

ففي تمام الساعة 6،30 من مساء يوم الاربعاء ، الموافق 7 تشرين الاول من عام 1959 اطلق عبدالوهاب الغريري الرصاصة الاولى نحو سيارة عبدالكريم قاسم، ثم تلتها اطلاقات بقية المجموعة المكلفة بعملية التنفيذ المؤلفة من سمير عزيز النجم وعبدالكريم الشيخلي وحاتم حمدان العزاوي وسليم عيسى الزيبق واحمد طه العزوز وصدام حسين التكريتي وطه ياسين العلي، وبلحظة قتل السائق واصيب المرافق قاسم الجنابي بعدة طلقات.

اما صاحب الطلقة الاولى عبدالوهاب الغريري فقد سقط قتيلاً ، بعد ان نفذ مهمته التي ادت الى مقتل السائق واصابته المرافق. أما مقتل الغريري فقد تم برصاصات اطلقها صدام حسين بعد ان خالف مجموعة التنفيذ، حيث وقف باتجاه معاكس واطلق رصاصات عشوائية. كما تعرض صدام وسمير النجم لنيران رفاقهما، فأصيبا ببعض الجروح، علماً بان صدام كان مكلفا بحماية مجموعة التنفيذ بعد اكمال مهمتها، لكنه خالف كل التعليمات التي يجب ان يلتزم بها، فكان امره مريباً للغاية.

اطلقت مجموعة التنفيذيين من عيادة طبيب الاسنان حازم البكري بعد ان تلقى الطبيب حازم كلمة السر عبر الهاتف، لينطلق سليم الزئبق نحو الشارع، حيث اوكلت إليه مهمة اعتراض سيارة عبدالكريم قاسم بسيارته الخاصة اثناء مرور قاسم في شارع الرشيد، كما ينطلق في الوقت نفسه طه ياسين العلي ليوصل الامر الى رفاقه البعثيين المسؤولين عن عملية التنفيذ في الشقة المقابلة لعيادة الدكتور حازم. وفعلاً تسلم طه ياسين كلمة السر وهي (شكري أو محمود) فإذا كانت محمود فمعنى ذلك ان سيارة قاسم انطلقت من جهة باب المعظم باتجاه شارع الرشيد، وإذا كانت كلمة السرّ (هل اتاك شكري)، فمعنى ذلك ان سيارة قاسم انطلقت من جهة الباب الشرقي بتجاه شارع الرشيد وكانت الكلمة (هل اتاك محمود) وذلك عن طريق احد المخبرين وهو عبدالمنعم قدوس العزواي.

ومثلما خطط له ركب سليم الزيبق سيارته مسرعاً ليعترض في الوقت المناسب سيارة عبدالكريم قاسم اثناء مرورها، إلا ان السيارة وجدها (محشورة) بين سيارتين، ولم يتمكن اخراجها ما احرج موقف المنفذين. في تلك اللحظة اطلق عبدالوهاب الغريري نار رشاشته على سيارة قاسم، فحسم الموقف بلحظة، فقضى على السائق، واصاب المرافق. وهنا تحرك الاخرون واطلقوا نيران رشاشاتهم على قاسم، ورمى احد المنفذين ومن المحتمل ان يكون الغريري قبل مقتله قنبلة على سيارة قاسم فسقطت في الشارع. واثناء التنفيذ وبعد ان دوت الاطلاقات النارية في ارجاء شارع الرشيد سمع احد رجال شرطة المرور الذي كان يقف على بعد 50 متراً من مكان الحادث، فأسرع بإطلاق عيارات من مسدسه عشوائياً من دون ان تصيب احداً.

كان الدور المرسوم لعبد الوهاب الغريري هو ان يقوم بإلقاء قنبلتين، الاولى لنسف السيارة التي تقل عبدالكريم قاسم، والثانية قنبلة دخان لإلقائها في الشارع لكي يتمكن المنفذون من الهروب، خصوصاً ان الشارع اصلاً كان مظلماً بسبب قطع التيار الكهربائي عمداً من قبل احد البعثيين، ولكن عبدالوهاب الغريري اصيب برقبته بطلقة اطلقها صدام حسين من الجهة المعاكسة، وتمكن الغريري قبل مقتله من إلقاء قنبلة الدخان، وقد وقعت القنبلة وقتها تحت شرفة عيادة الدكتورة حازم البكري وتطايرت الشظايا.

وقد اشيع في البداية ان الضربة كانت موجهة من الشيوعيين، إلا ان الصدفة لعبت دورها في توجيه الانظار نحو البعثيين، حيث تركت جثة عبدالوهاب الغريري في مكانها من دون ان تتمكن مجموعة التنفيذيين من سحبها، اضافة الى ان الانظار توجهت نحو البعثيين، حيث طرق رجال الامن منطقة الاعظمية المعروفة بمحاربتها للشيوعيين، وتقريباً كانت منطقة الاعظمية مغلقة على القوميين، وكان لدى دائرة الامن معلومات عن (شاكر حليوة) الذي كان يسكن الاعظمية، وهو من القادة البعثيين، حيث كان عضو قيادة بغداد وقتها، وقد القي القبض عليه. واثناء التحقيق اعترف شاكر حليوة بأنه كان هارباً الى سوريا، وعاد قبل أيام من محاولة الاغتيال وقيل وقتها انه اعترف نكاية برفاقه؛ لأن المخطط له كان ان يشرف على المحاولة في البدء شاكر حليوة، وان التنفيذ كان قبل شهرين من وقتها، إلا ان خلافاً حصل داخل التنظيم أدى الى تأجيل العملية، وهذا ما دفعه الى السفر الى سوريا لعرض الخلاف على قيادة الحزب هناك، فبقي شاكر حليوة حانقاً على تنظيمه الذي أبعده عن المشاركة في العملية الثانية، ولأنه بعثي فكانت عنده معلومات عن تفاصيل الخطة واسماء المنفذين والقائمين بالعلمية، وقد ذكرهم جميعاً اثناء التحقيق وتمكنت الشرطة من الوصول اليهم وإلقاء القبض على الذين كانوا موجودين في الوكر وخارج الوكر، حيث بلغ عدد الذين تم القاء القبض عليهم 42 شخصاً منهم من شارك في نقل السلاح ومنهم من احتفظ به، وبعضهم شاركوا في تدريب المنفذين على حمل السلاح وغيرهم وهرب آخرين منهم صدام حسين خارج العراق.

اما من وضع خطة العملية بتفاصيلها فهو فؤاد الركابي، وشكلت على اثر ذلك لجنة من اعضاء القيادة هم: اياد سعيد ثابت، وخالد علي الصالح الدليمي ، وعبدالله الركابي ، وفؤاد الركابي. كانت مهمة هذه اللجنة متابعة الخطة خطوة خطوة ومناقشتها مع المخابرات المصرية الداعمة للعملية حيث ابلغ الركابي جمال عبد الناصر بالعملية دون إبلاغ ميشيل عفلق والقيادة القومية للبعث وهو بمثابة انشقاق الحزب عن القيادة القومية.

أما اعمال تدريب مجموعة التنفيذ فقد كلف بها اياد سعيد ثابت وهلال ناجي، وحدد لها مكان بعيد، داخل الصحراء الممتدة وراء المسيب بالتعاون مع عدد من العناصر القومية من ابناء المسيب.