محافظة الشماسية

محافظة الشماسية هي محافظة تقع شرق منطقة القصيم في وسط المملكة العربية السعودية و تبعد مسافة حوالي 35 كيلومترا تقريباً من بريدة. وهي تقع على خط عرض 23"19-26درجة شمالاً وخط طول 04"15-44درجة شرقاً وعند أخذنا بعين الاعتبار حدود إمارة الشماسية وتوابعها مثل الربيعية وأم حزم والنبقية وأم طليحة والمستوي فإن موقعها الفلكي يكون محصوراً بين خطوط عرض 00-26درجة و30-26درجة شمالاً وخطي طول 10-44درجةو33-44درجة شرقاً .

ويطلق على الشماسية كذلك اسم المدا وهوأسم لطيف يطلقه أهالي الشماسية على بلدتهم ويحبون أن ينادوا بهذا الاسم ، وهو مأخوذ من الإمتداد حيث أن الشماسية تأخذ شكل شريط يزيد عن سبعة عشر كيلو مترا طولاً .

وقد استفادت الشماسية من هذا الموقع استفادة كبيرة ، فإن طريق الرياض - المجمعة - بريدة يمر بها ويخترقها من الجنوب إلى الشمال ، كما أن طريق الرياض - القصيم السريع يخترق إمارة الشماسية فيما بين أم سدرة ومزارع السويق ، وقد سهلت هذه الطرق من تحرك سكان الإمارة وساعدت المزارعين على نقل منتجاتهم بسرعة وسهولة إلى أسواق بريدة وعنيزة والزلفي والرياض والخليج العربي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نشأة الشماسية

انتقل ال شماس وهم ثله من ذرية شماس بن غانم بن ناصرمن فخذ الوداعين من قبيلة الدواسر من وادي الدواسر وتواجهوا صوب سديروكانت سدير آنذاك بلاد عامرة ذات حواضرمتعددة البلدان تتوفر فيها مقومات الحياة الإقتصادية من زراعة وتجارة ولاتتوفر لدينا معلومات هل استقرمن ال شماس أحد في سديرغـيرال حسين وال شماس أهل عودة سديروال دباس وال راجح وال زيد وال سعيد وال شويش وال ضويحي وال فيصل ام أن الجميع غير هؤلاء واصلوا السير إلى القصيم وعند وصولهم القصيم وقع إختيارهم على موقع بلدة الشماس وكان الموقع خالياً من السكان والعمران وارضـه رياضاً خصبة تتجمع فيها سيول الأودية ووتتوفر فيها مقومات الحياة الإقتصادية من وفرة المياة وخصوبة التربة وغير ذلك..... لذا فقد استقروا وعمروا بلدة الشماس وسموها بإسمهم وذلك في القرن الثامن الهجري وعاشوافترة من الزمن وحدهم بالمنطقة وقد احاطوا بلدتهم بسور عظيم واقاموا ابراج لحماية البلدة وكان آخر أثارهم برج الشماس الشاهق- وقد شاهدت برج الشماس لم يسقط ولم تؤثر فيه عوامل التعرية وإنما هدم في وقت قريب رغبة في الحصول على أحجاره وتم هدمه بواسطة المعدات الحديثة ولوسلم لأصبح من أهم الآثار لارتفاعه وجودة تشييده..... ثم انتقل ال أبوعليان من ثرمـداء ومرات بسبب حروب بين بــنــي تــــمـيـــم على الرئاسة (الإمارة) وذلك في حدود القرن التاسع الهجري إلى القصيم ورئيسهم راشد الدريبي وكان أول نزوحهم إلى ضرية فلم يطيب لهم المقام وانتقلوا إلى بريدة بالقرب من الشماس ثم انتقلوا إلى مكان آخر تحت ضغط أهل الشماس ثم إنتقلوا إلى الموقع الحالي ويذكر بعض المؤرخين أن الموقع كان مورد لإبن هذال من عنزة اشتراه منهم راشد الدريبي،وعند ذلك انتقل ال أبوعليان إلى موقع بريدة الحالي وعمروا البلدة وكان موقعها قديماً الجامع الكبير وماحوله يعرف بسور راشد الدريبي الأول وتوالت هجرات بني تميم وغيرهم إلى بريدة...

ونشـأ في المنطقة بلدتان متجاورتان يفصل بينهما بعض المزراع والأراضي الفضاء وهما الشماس وهي الأقدم والأقوى والأخرى بريدة وأخذت بريدة تنموا ويكثر سكانها بسبب الهجرات إليها.


ثبت أن الشماسية تـنـسب إلى الشماس ، وذلك لأن الذين عمروها قوم من أمراء الشماس ، وقد أسموها بالشماسية نسبة لكونهم من أهل الشماس ، ويوضح هذا خطأ الاعتقاد السائد بأن الشماسية عمرت بعد تدهور أمر بلد الشماس والذي إنتهى أمره عام 1196 هـ والدليل على ذلك أن حميدان الشويعر الذي عاش أول القرن الحادي عشر الهجرى قد ذكر اسم الشماسية في إحدى قصائده بقوله

ووعده مع وقيان لك ناقة

خليت في نفود الشماسية

وينقل الشيخ محمد العبودي (1400: 72-1283 ) عن أهل الشماسية قصة ابتداء العمارة بالشماسية على النحو التالي ( لما كثر النزاع والمحاربة بين أهل الشماس وبين أمير بريدة وخاف أهل الشماس على أنفسهم من أن يغلبهم أهل بريدة فكروا في أن يوجدوا له مكانا آخر أبعد من بريدة يكونون فيه في مأمن أكثر مماهم عليه في الشماس ، فأرسلو من يرتاد لهم مكاناً صالحاً للعمران فكان أول ما وقع عليه اختيارهم مكان بلدة الربيعية وكانت آنذاك روضة غير معمورة فوجدوها صالحة وعزموا على عمارتها إلا أنهم وجدو أنها أضيق من أن تتحملهم وجيرانهم الذين افترضوا أنهم سينضمون إليهم في المستقبل فتركوها متجهين جنوباً منها فلما وصلوا إلى شمال الشماسية في المكان الذي يسمى الآن بالملاح نزلوا فيه ، وكان فيه أشجار ملتفة من الطلح والسدر وفيه صيد من الظباء وهو موقع حصين لأنه يحد من جهة الشرق بجبال ومن الغرب بكثبان رملية .

وأرسلو رواداً منهم إلى جهة الجنوب علهم يجدون أنسب منه فذهبوا مع البطين حتى وصلوا إلى وادي بقر ثم عادوا إلى قومهم مخبرين بأنهم لم يجدوا أحسن من المكان الذي نزلو فيه ، ثم عندما رأى جماعتهم من أهل الشماس ذلك المكان وافقوهم على رأيهم فأول ما عملوه أن حفروا آباراً واختبروا ماءها فوجدوه كافياً واستقروا فيه وبنوا أول بناء في الشماسية وهو {الخربة} .


الشماسية بعيون الأجانب الرحالة

كتب ج.ج. لوريمر في حوالي مطلع القرن الرابع عشر الهجري في كتابه ، دليل الخليج ، القسم الجغرافي ( ص 73 - 1874 ) ، عن الشماسية مايلي :

الشماسية على بعد 18 ميلاً جنوب شرقي بريدة وبها 100 منزل لخليط من العرب معظمهم من الدواسر ، والقرية مسورة وبها ستة محلات تجارية وثلث المنازل ذات طابقين وتزرع بها الحبوب والخضروات والنخيل ، وتروى جميعها من مياه الآبار التر يتراوح عمقها ما بين ثمان وتسع قامات ، والمياه صالحة للشرب .

كما كتب هاملتون Hamilton عن الشماسية وكان قد زارها مع بلدان أخرى من القصيم عام 1335هـ - 1917 م فقال ما يلي :

بدأنا في التقدم بعد ذلك بنصف ساعة أخرى من النفود إلى سهل عريض مغطى بالشجيرات ، وإلى ناحية اليمين تقع (برمة) وهي هضبة داكنة ، بلا ارتفاع كبير ولكنها بارزة للغاية في تموجها السطحي ، ثمة سهل في مواجهتنا ويسمونه ( المستوي ) وهذا السهل طويل ومنبسط يجري للجنوب الشرقي بالقرب من الرياض وعلى الجانب الغربي من جبل طويق ، وهذا هو أسرع طريق للرياض إلا أنه يتخلله قفر حتى سدوس .

وصلنا طرف النفود جوالي السادسة بعد الغروب مباشرة حيث توقفنا لتأدية الصلاة وتناول القهوة ، تقدمنا من ذلك المكان إلى السهل حيث يتوفر الكلأ للإبل ولم نخيم إلا في الساعة التاسعة والربع ليلاً في الوادي ، والنفود بين الزلفي وبريدة بقعة خضراء للغاية تتوفر فيها شجيرات وأعشاب .

وفي 29 أكتوبر بدأنا بالسير من الساعة السادسة والربع صباحاً إلى الساعة التاسعة والنصف صباحاً ، وقد خيمنا على أرض صخرية ، وبعد ثلاثة أرباع الساعة واصلنا المسير وتقدمنا لمنخفض عميق وعريض فيه أربع دعائم حجرية بنيت فوق شعيب ( أبو برقي ) وكان محمد بن الرشيد قد جاء إلى هنا بجيشه حينما تغلب على القصيم *.

  • : المعروف أن منزل محمد بن رشيد كان في الفرق ، شمالي النبقي اما المنزل المشار إليه في أبو الربقي فهو لعبدالعزيز بن رشيد .

توقفنا هنا الساعة العاشرة والنصف صباحاً ثم واصلنا السير مرة أخرى حوالي الساعة الثالثة إلا ربعاً حتى الغروب حيث توقفنا كالعادة حوالي نصف ساعة ثم واصلنا السير حتى التاسعة مساءً وخيمنا في واد ضيق جميل في النفود ، وكان تقدمنا إما فوق سهل وإما وسط تلال ، وقبل الغروب بحوالي ساعة ونصف الساعة فوجئنا بدخولنا منخفضاً عميقاً يمتد على خط مستقيم نحو الشمال والجنوب ، هناك حيث توجد سلسلة طويلة من القرى والحدائق المسورة تلك التي شاهدناها حينما تسلقنا التل المقابل ، وتمتد الرمال بقدر ما تمتد الرؤية في كل الإتجاهات ، وتسمى القرية التي حللنا بها ( الشماسية ) ، وارتوت جمالنا من القناة المائية التي سحبت مياهها في الأساس من البئر الذي يبلغ عمقه حوالي 70 إلى 75 قدماً وثمة صورة فوتوغرافية لهذا البئر منشورة في صحيفة من كتاب ( مختصر الجزيرة العربية ) الجزء الأول ، وكذلك ذكرها ( رونكيير ) في كتابه ( عبر أرض الوهابية على ظهر جمل ) ، المياه عذبة ولكنها فاترة ، وهذا الوادي شديد الإنحدار وهو يبدو صخرياً من الناحية الشرقية أو ناحية الزلفي وناعما رمليا من الجهة الغربية ( السيد علي ، 1401 : 103-104 ).

وقد مر باركلي رونكيير Barcly Raunkiaer في (1912 : 92 - 93 ) في عام 1328هـ ( 1912م) بالشماسية وكان معجباً بالتغاير في المظهر الطبيعي بين الجبال من ناحية الشرق والرمال من ناحية الغرب حيث قام برسم المناظر



الشماسية كما رسمها رونكيير عام 1328هـ -1912م ويمكن تمييز النفود من الجبال ويوحي الرسم بأنه أحد قصور بطين الشماسية

ومما ذكره عن الشماسية مايلي :

في متصف الظهيرة وقفنا قريباً من جال شديد الانحدار ولكن سرعان ما يتغير المنظر فجأة ، كما حصل أثنا مرورنا بالزلفي ، إلى رمال هائلة مرتفعة ، وفي هذه المنطقة يبدو الوادي أضيق ولكن حدوده مشابهة لوادي الزلفي حيث تحده الجبال من جهة الشرق والرمال العظيمة من الغرب ومن تحتنا من أسفل المنخفض توجد واحة الشماسية والتي وصلنا إليها بعد هبوط صعب جداً عبر الجرف الجبلي ، وخارج المزارع وقفنا عند بئر لنروي إبلنا ونملأ قربنا من الماء ويقوم بسحب الماء من هذا البئر بعير واحد يساعده ثور صغير هزيل جداً ذو سنام صغير لونه يميل إلى اللون الذهبي البني يشبه الثور الهندي{ زيبر }

والصوت الوحيد المسموع في هذا الوادي الضيق الواقع بين الصخور والرمال تحت أشعة الشمس المحرقة هو الصوت المستمر لصرير المحال والدراج وخرير الماء عندما تصب الغروب في قنوات الري ، وتهتز أشجار النخيل في الضباب الحراري ( السراب ) وبين مزارع النخيل توجد بقع خضراء غنية بمحصول الذرة وخلف المناطق المزروعة زراعة خفيفة تظهر أسوار وبرج القرية .

وبعد أن ارتوينا رحلنا عبر الوادي إلى النفود ، وفي خلال نصف ساعة وصلنا قمة النفود ومن هنا ألقيت نظرة أخيرة على واحة الشماسية الخصبة موطن الرجال الشجعان الذي يقال بأنهم دافعو عن بلدتهم بنجاح ضد جيش إبراهيم باشا لمدة خمسة عشر يوماً .

واما جون فيلبي John Philby الذي زار منطقة نجد والقصيم عام 1336 هـ ( 1918م) فكتب عن زيارته للشماسية ما يلي :

سرنا لمسافة ميلين على أرض مغطاة بشجيرات الرمث حتى وصلنا إلى منطقة في النفود جرداء ومرتفعة ويتخلل النفود بعض الكثبان الرملية التي تمتد محاورها شرقاً وغرباً نتيجة تعرضها لرياح الشمال ، ويجد المرء في هذا الجزء أن النباتات توجد فقط في المنخفضات بين الرمال ( النقر ) ، ومن قمة هذا النفود وما بعده نستطيع أن نرى أول نخيل الشماسية وخلفها يبدو حد المستوي مظلماً وهو يتكون من حافة جبلية مدرجة مع رف مستو سعته حوالي ربع الميل يربط قمة الجبل الأول واقدام الجبل الثاني وتقع الواحة نفسها في منخفض بين رمال النفود وهذه الحافات .

بعد الساعة الثانية ظهراً بوقت قصير وبعد أن قطعنا حوالي 15 ميلا خيمنا في وسط الواحة وقد دعينا لتناول القهوة في مجلس مواطن من أهالي القرية ، وبدا المجلس داكنا ذو جدران من الطين قد لطخها الدخان باللون الأسود ولا يوجد بها أي زخرفة ، وقد كان مضيفنا والذين أتوا لرؤيتنا وديدين وبشوشين لدرجة مفرطة وصريحين للغاية وذوو نزعات خيرة ، وقد أخبرونا بأن أهل القرية معظمهم من بني تميم * ، أهل الوشم ، وأمير القرية هو ابن فوزان

  • الصحيح أن أغلب سكان الشماسية من الدواسر مع بعض الأسر من القبائل الأخرى كقبيلة شمر وعنزة ومطيرة وغيرها


ويبلغ سكان الشماسية حوالي الخمسمائة نسمة يتوزعون في مجموعة من القرى الصغيرة المنفصلة ، ويقع في أطراف الشماسية الشمالية والجنوبية مجموعة من القرى الصغيرة والتي تشبه قصوراً قد اتسع حجمها وجميعها مسورة ولها أبراج بينما نجد القرية المركزية بدون أسوار وذات بيوت طينية متواضعة ، ومزارع نخيل الشماسية تبدو بأنها ليست مثل ازدهار ومزارع نخيل روضة الربيعية ولكنها على أية حال أحدث زراعة ويعتبر المكتومي الصنف الرئيسي المنتج هنا ، وقد اشترينا منه ( مندا ) والمندا وحدة وزن هندية تعادل 37.32 كيلو جرام ) بدولار واحد .

والجزء الجنوبي من القرية يبدو أكثر أجزائها ازدهاراً والآبار هنا يتراوح عمقها من 60 إلى 84 قدماً ، وقد حفرت في الصخور الصلبة نوعاً ما والمتكونة من الأحجار الرملية الصلبة ، وقد صف في أعلى البئر مجموعة من الأحجار والصخور ولعمق ستة إلى عشرة أقدام فقط من فوهة البئر ، وماء هذه الآبار جيد وكثير وتستعمل الإبل والبقر في الأغلب لسحب الماء للأغراض الزراعية ، ولكن أفضل الآبار والذي خسمنا بجانبه يسحب منه الماء باليد عن طريق الدلاء لأغراض الشرب فقط ، وسعة آبار الزراعة يتراوح بين 6 إلى 12 قدماً وتستطيع تحمل أربع بكرات تركب عليها وتطعم الحيوانات المستعملة لسحب الماء كثيراً من العلف ومعظمه من النصي الممتاز والذي يحضر من نفود الثويرات ، وقد اشترينا لجمالنا حمل بعير من النصي بثمانية دولارات .

وهناك مجموعة مزارع على أبعاد مختلفة من القرية الرئيسية يمكن عدها على أنها ضواحي للشماسية وهي : الرويضات وهي عبارة عن مجموعة من القصور في أرض تزرع قمحاً تبعد حوالي نصف الميل ناحية الجنوب ، تليها قصور البرجسيات على بعد حوالي الميلين في الإتجاه نفسه ، وبعدها نجد قصور الدويحرة على بعد ميل واحد من البرجسيات وعبرها يمر طريق للقوافل القادمة من عنيزة إلى الزلفي .

وكل هذه المزارع تدار من قبل أهل الشماسية الذين يديرون - أيضاً - بعض المزارع والقصور شمال القرية المركزية ، ومن مخيمنا لانستطيع رؤية برج المراقبة المسمى بالأبرق المقام على أحد خشوم الشماسية الشمالية حوالي الميلين من روضة الربيعية وهناك برج مراقبة آخر يطل على طرف الشماسية الجنوبي .

ويقال بأن المستوطنة أقدم من بريدة نفسها وأنها أشتقت أسمها من الشماس التي تعتبر الآن أطلال خارج جدران مدينة بريدة من الشمال ويفترض بناء على ذلك أن الذين قدموا من هناك من الشماس أحضروا معهم أسماً جديداً لقريتهم .

وكان بودي أن نبدأ رحلتنا مبكرين في الصباح التالي ولكن لم نتحرك إلا بعد ارتفاع الشمس لرحلة يوم كامل من المقرر أن نقطع فيها 26 ميلا ، ولقد صعدنا الحافة الجبلية الأولى بدون أي مشقة ولكن الحافة الجبلية الأخرى لايمكن صعودها إلا عن طريق السير في صف طويل عبر الحافة شديدة الانحدار والتي يتميز سطحها بحصى وجلاميد من الأحجار الرملية ، وبعد ربع ساعة وصلنا إلى قمة الحافة الجبلية ومن هنا نستطيع النظر بشمولية أكثر إلى المنظر الطبيعي أمامنا ، فتحتنا تقع مزارع الشماسية وقراها المستطيلة المرتبة ترتيباً أنيقاً وخلفها نجد النفود حيث يمتد بعيداً لايقطعه سوى منخفض وادي الرمة ، وأمامنا يقع سطح مستو فاصل أجرد من الأحجار الرملية مع سطح جيري قامت عوامل التعرية بتعريته وتكسيره إلى جلاميد تنتشر هنا وهناك ، وخلفه يظهر خيط طويل أصفر ، إنه نفود الثويرات ، تميل الصحراء التي أمامنا برفق إلى الشرق وتقطعها شعاب ضيقة المجاري تتجه إلى الخلف نحو منخفض الشماسية وبعد هذا يتحول السطح إلى سطح خشن مع بعض مواقع تتكون من الحصى والحصباء مما يغير من رتابة المنظر العام ، وعندما تقدمنا إلى الأمام تحول المظهر إلى سطح متموج مع بعض الضلوع والمنخفضات الصخرية الجرداء والتي تتجه من الجنوب إلى الشمال نحو وادي الرمة أو إلى الشرق نحو منخفض المستوي ، ولقد مررنا بجانب رابية من جلاميد سوداء كبيرة جداً وبعدها يقع منخفض به مجرى للسيول منحوت في الصخر ، وبعد حوالي 200 ياردة يخترق المجرى عدداً من الضلوع التي يقل إرتفاع كل واحد منها عن سابقه وفي وسطه وصلنا إلى موقع يسمى ( رجوم الشيوخ ) والذي عسكر فيه الملك عبدالعزيز أثناء حملاته ضد شمر قبل سنين قليله ، وقد بقيت مواقد النيران مع أحجارها لكي تنبئ عن القصة كما كان رؤية دوائر من الرمل الذي يوضع حول الخيام .

ولقد مررنا ببعض الصخور الظاهرة السوداء مما نوع من المظهر العام عند دخولنا وادي المستوي عند ( برمه ) فخلالها قطعنا عددا كبيرا من الشعاب الصغيرة ، والمستوي في الحقيقة عبارة عن سهل منبسط أكثر منه وادياً وعرضه حوالي الثلاثة أميال وهو منطقة إنتقالية من الصفراء الصخرية خلفنا إلى رمال نفود الثويرات أمامنا.

كان يوجد لأبناء أحمد بن مسعود الجشي في مدينة القطيف بالمنطقة الشرقية من السعودية نخل كبير يسمى الشماسية يقع شمال القلعة المسورة وملاصقا لها وهو وقف ذري أي للصالح من ذرية أحمد بن مسعود الجشي يبقى وقفا دائما ولم قامت الحكومة بنزع سور القلعة ولتكبير المدينة تم نزع كثير من النخيل شمال وغرب وجنوب القلعة ، ونظراً لأن نخل الشماسية وقف فقد تم أخذ الأذن من أحد الشيوخ لبيعه حيث لايجوز بيع الوقف، وقالوا نضع عند كل ركن من اركان النخل بيت ومحلات للأيجار يعود ريعه لأبناء الطبقة العليا من ذرية أحمد الجشي وهكذا سمي الحي الجديد المليء الآن بالبيوت بالشماسية.

مصادر

مواقع ذات صلة بالموضوع

موقع الأعظمية الأول .