أپوليوس

(تم التحويل من لوكيوس أبوليوس)
أپوليوس لا يجب الخلط بينه وبين لوكيوس أپوليوس ساتورنينوس، الغوغائي الروماني أو الكاتب المنتحل أپوليوس الكاذب.

لوكيوس أپوليوس افلاطونيكوس Lucius Apuleius Platonicus (عاش من ح.125 م- ح.180 م) خطيب أمازيغي[1] روماني وفيلسوف وعالم طبيعي وكاتب أخلاقي وروائي ومسرحي وملحمي وشاعر غنائي. وقد وصف نفسه بأنه نصف نوميدي ونصف گيتولي. أشهر ما خلـَّده هو روايته اللاتينية الصعلوكية الفاحشة، التحولات Metamorphoses، التي تـُعرف كذلك باسم الحمار الذهبي أو باللاتينية: Aureus Asinus (حيث الكلمة اللاتينية aureus - ذهبي - تعني كذلك شيء من الحظ المبارك).

لوكيوس أپوليوس
Lucius Apuleius
صورة زيتية لأپوليوس
صورة زيتية لأپوليوس
وُلِدح. 123
مداور
توفيح. 180
قرطاج
الوظيفةروائي
أهم الأعمالالحمار الذهبي
اسكتش للخطيب لوكيوس أبوليوس

ولد في عام 124 أو 125 بعد الميلاد ، في مدينة مداور، (التي يطلق عليها اليوم مداورش، الجزائرمستعمرة رومانية في نوميديا على ساحل شمال أفريقيا، تجاور گيتوليا. وهذه المستعمرة هي ذاتها التي تلقى فيها القديس أوغسطين جزء من تعليمه الأساسي، وبالرغم من بعدها عن الساحل المرومن، فهي اليوم موقع لآثار رومانية لم تتأثر بالزمن. وقد أظهر أبوليوس منذ صغره ولعاً بكشف المعارف على مختلف أنواعها، فدرس البلاغة في قرطاجة، والفلسفة في أثينة، وأولى الطقوس والشعائر الدينية اهتماماً كبيراً، ولاسيما تلك التي كانت متبعة في عبادة آلهة مصر إيزيس Isis. تفاصيل حياته يأتي معظمها من خطبة دفاعه (انظر أدناه) وعمل عنوانه "فلوريدا،" يتألف من مقتطفات من بعض أفضل خطبه.

Apuleii Opera omnia (1621)

أسهمت قراءات أبوليوس ومطالعاته في تعدد مواهبه، وساعدته في الإلمام بالثقافة المصرية، وبأعمال الكتّاب الإغريق واللاتين، حتى صار أثرها واضحاً في أعماله البلاغية والفلسفية. وقد شهر بمحاضراته التي تتصف بأسلوبها وفصاحتها وقدرتها الفائقة على الإثارة والتسلية مما حببها إلى الناس. ومن أشهر كتبه، كتاب «الدفاع» Apologia الذي يعد مرجعاً في الفصاحة القضائية اللاتينية، إضافة إلى كونه مصدراً أساسياً لسيرة أبوليوس الذاتية، ويتضمن هذا الكتاب ردّ أبوليوس على اتهام أسرة الأرملة أميليا بودنتلا Amelia Pudentela، بممارسة السحر للفوز بقلبها، والزواج منها طمعاً في ثروتها.[2]

وقد لاقت كتبه، وما تزال، نجاحاً منقطع النظير، ولاسيما كتابه «الحمار الذهبي» L'âne d'or الذي عرف فيما بعد بعنوان «التحولات» Métamorphoses، ويعتمد هذا الكتاب على الخيال، لكنه يحوي بعض التفاصيل عن سيرة أبوليوس الذاتية، وأفكاراً كثيرة مليئة بالرؤى والأسرار السحرية الجليلة التي تعكس التأثير المصري في وصفه لمغامرات الشاب الذي مسخ حماراً بفضل مرهم سحري، ثم عاد بعد مدة إنساناً سوياً بمساعدة إيزيس مع تناوله نوعاً من الأزهار، ورافق عملية التحول هذه كثير من المغامرات والمخاطر.

أما أعماله الفلسفية فقد كان لها تأثير عظيم كذلك لتناولها موضوعات متعددة، أظهرت بوضوح تأثره بفلسفة أفلاطون، التي جعلت منه أفلاطونياً مُحدَثاً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أعماله

أهم هذه الأعمال:

«نظرية أفلاطون» Platon et son dogme و«شيطان سقراط» Le démon de Socrate، وعمل ثالث مفقود عنوانه «حول العالم».

إن أعمال أبوليوس هذه، وأعمالاً أخرى مثل «فلوريدا» Florida إلى جانب عبقريته جعلت منه مرجعاً خصباً لأجيال الأدباء والفلاسفة حتى هذه الأيام، فقد كرر الشعراء الإنكليز محاكاة أعمال أبوليوس ومنهم وليم موريس William Morris في كتابه «الجنة الأرضية» وسنكلير. لويس S.Lewis في رواية «مادمنا نملك وجوهاً» 1956.

وقد ظهرت بعض مغامرات أبوليوس في رواية سرفانتس «دون كيشوت»، وفيما كتبه بول فاليت Paul Valette عن «أبولوجيا أبوليوس» عام 1908.

كان يسمي نفسه في مخطوطاته ، " أبوليوس المداوري الأفلاطوني " حيناً و " الفيلسوف الأفلاطوني " حيناً أخرى.


مرافعة صبراتة

أغرم أپوليوس بالعلوم والمعارف، فبدد ثروات عائلته الثرية في تنقلاته وتجواله تلميذا وأستاذا وخطيبا من موطنه مدورا حتى أثينا مرورا بقرطاج وطرابلس. جال لوسيوس أپوليوس في العالم وسار في آفاقه صانعا لنفسه مجدا أدبيا وعلميا, وتاركا لمن خلفه قصة مثيرة للإعجاب عن رجل سار خلف المعرفة فرفعت قدره وخلدت اسمه, بقيت مغامراته وخطبه كما كتبه محفوظة ليومنا هذا, من اشهرها وأهمها “مرافعة صبراتة” الشهيرة، جيء به متهما إلى المحكمة, فأبهر الجميع بفصاحة وبلاغة وقوة حجة وتبحر في الفلسفة والعلوم, تحولت “مرافعة صبراتة” من جلسة محاكمة إلى كتاب لازال يطبع إلى يومنا هذا كأحد أقدم كتب الأدب العالمي .

يقول المؤرخ والكاتب الأمريكي “ويل ديورانت” مؤلف الموسوعة الشهيرة “قصة الحضارة” :-

“ولكن الأدب الأفريقي لم تكن له الزعامة على آداب العالم إلا أيام مجده في عهد المسيحية. وكان لوسيوس أپوليوس شخصية غريبة جديرة بالتصوير، أكثر من غيره. وكان مولده في مدورا Madaura من أسرة عريقة النسب (124م)، وقد درس فيها وفي قرطاجنة وأثينا، وبدد ثروة كبيرة ورثها عن أسرته، وأخذ يتنقل من مدينة إلى مدينة ومن دين إلى دين، وانضم إلى الجماعات ذات الطقوس الدينية الخفية ومارس السحر وألف كتباً كثيرةً في موضوعات تختلف من اللاهوت إلى مسحوق الأسنان، وألقى محاضرات في الفلسفة والدين في روما وغيرها من المُدن.

ثم عاد إلى أفريقيا وتزوج في طرابلس من سيدة تكبره وتفوقه في الثراء. فلما فعل هذا رفع أصدقائها وورثتها المنتظرون الأمر إلى القضاء مطالبين بإلغاء الزواج، واتهموه بأنه حصل على موافقة السيدة عليه بفنون السحر؛ ودافع الرجل عن نفسه أمام المحكمة بخطبة وصلت إلينا بعد أن أدخل عليها بعد أيامه كثيراً من الصقل والتنميق، وكانت نتيجتها أن كسب القضية والزوجة، ولكن الناس أصروا على الاعتقاد بأنه ساحر؛ وقضى الرجل بقية حياته يمارس صناعتي المحاماة والطب، وكتابة الرسائل والخطب، ولكن معظم ما كتب كان في الموضوعات العلمية والطبيعية؛ وقد أقامت له مدينته نصباً تذكارياً نقشت عليه باللاتينية العبارة الآتية: الفيلسوف الأفلاطوني، ولو أنه استطاع العودة إلى الحياة لساءه ألا يذكره الناس إلا بكتابه الحمار الذهبي.” أهـ

وزوجته هذه كانت تسمى ( إميليا بودنتيلا Emelia Pudentilla ) وهي أرملة ثرية من أويا “طرابلس” كانت ترفض الزواج لفترة طويلة من الزمن, لكن عندما طلبها لوسيوس وافقت على الزواج منه, وبدا زواجهما سعيداً أول الأمر, ولكنه لم يلبث أن تعكر نتيجة المؤامرات التي بدأ أقارب إميليا يدبرونها لأن مطامعهم في ثروتها قد خابت بسبب هذا الزواج.

ولذلك فقد شنوا حملة تشهير ضد أبوليوس انتهت باتهامه رسمياً بأنه إنما حمل إميليا على الموافقة على الزواج منه بوساطة السحر، وبموجب تلك التهمة قدم أبوليس للمحاكمة في صبراته حيث وقف يدافع عن نفسه أمام رئيس المحكمة ( كلوديوس مكسيموس Claudius Maximus ) والخطبة التي ألقاها أبوليس في محكمة صبراته في هذه المناسبة، تجلى ذكاؤه وبلاغته بشكل أدهش مستمعيه ومكنه من الفوز بالبراءة.

من هناك في صبراتة أصبحت تلك المحاكمة واحدة من أشهر المحاكمات في التاريخ القديم, وكتبت في كتب وانتشرت وبقيت ليومنا هذا متداولة، رد فيها على تهم متنوعة مفصلة, اتهمه خصومه فيها بالتحايل للحصول على مالها كونه فقيرا، واستعمال السحر وشبهات فيما يتعلق بصنع بعض الموادـ واستعماله للأسماك, وبعض الأدوات .. رد عليها كلها بصيغة بليغة، وحجج قوية متناسقة، من بين كلامه في مرافعة صبراتة قوله :-

  "أمّا الفصاحة، فإن لي فيها حظّا، فلا ينبغي أن يُعدّ ذلك أمرا غريبا ولا مكروها، إذ عكفت منذ فجر العمر على دراسة الأدب على أبرز رجاله، مزدريا في سبيل ذلك كلّ ملاذّ الحياة الأخرى.

ثمّ إنّه عاب عليّ كذلك الفقر، وهي تهمة أقبلها مسرورا بل وأحبّ إعلانها أمام الملإ، أقول إنّ الفقر كان عبر القرون الماضية مؤسّس كلّ المدائن ومبتكر كلّ الفنون، خِلوا من أيّ عيب وافيا لحظّ من كلّ مجد، محلّ ثناء وإجلال لدى كلّ الأمم. الفقر هذا عينه هو الذي كان عند اليونان استقامة في أرستيدس وحلما في فوكيون وبأسا في إيبامِننْداس وحكمة في سقراط وفصاحة في هوميروس وهو الذي وضع الأسس لسلطان الشّعب الرّومانيّ، واعترافا بفضله مازال يقدّم حتّى اليوم القرابين للآلهة الخالدين في قدح وجفنة من الفخّار. "

 

وفي نهاية المرافعة لخص بإيجاز وبلاغة كامل التهم ورده عليها في كلمتين لكل تهمة قائلاً:

  "فماذا يأتي تُرى بعد ذلك ؟ هات إذن واحدة من تلك الجرائم العديدة، هات واحدة ظنّيّة أو غامضة تماما من تلك الجرائم البيّنة! هأنذا أردّ على كلّ واحدة من تهمهم بكلمتين لا أكثر فعُدّ :

“تلمّع أسنانك !”- اغفر نظافتي.

“تتأمّل المرآة !”– واجب الفيلسوف.

“تنظم شعرا !”– عمل مباح.

“تدرس الأسماك !”– يعلّمني أرسطوطاليس.

“تقدّس خشبة!”– يوصيني به أفلاطون.

“تزوّجتَ امرأة!”– تفتضيني القوانين.

“تكبرك سنّا!”– يحصل كثيرا.

“تنشُد المال!”– خذ الصّداق، تذكّر الهبة، اقرأ الوصيّة.

إن رددتُ كلّ تهمهم باستفاضة، إن دحضتُ كلّ الافتراءات، إن برّأت نفسي لا فقط من كلّالتّهم، بل وكذلك من كلّ ما يشاع عنّي نمّا واغتيابا، إن لم أُنقص أبدا شرف الفلسفة الذي هو عندي أفضل من سلامتي، بل صنته بحرص أينما كنتُ، ماسكا إيّاه بسبع ريشات كما يقال، إن كان ذلك كما أقول فبوسعي أن أنتظر مطمئنّا حكمك بإجلال وبلا وجل من سلطتك فلأن يدينني والٍ أهون في اعتقادي وأقلّ رهبة من أن يستهجنني رجل بمثل فضلك واستقامتك. والسّلام."

 

وعن تاريخ وقوع مرافعة صبراتة وأهميتها يقول الأستاذ “عمار الجلاصي” أحد من ترجموا الكتاب : –

“لا توجد قرائن تاريخيّة خارجيّة على وقوع هذه المحاكمة التي ربّما تمّت في سنة 158/159 م كما يُستنتج من بعض القرائن، وللنّصّ بجانب أهمّيّته الأدبيّة وما يتضمّن من معلومات حول سيرة حياة أبوليوس وشخصيّته، قيمة تاريخيّة هامّة فهو يفيد في مجالات كدراسة الأسرة والقانون والسّحر والأديان في العالم الرّومانيّ”.

آثاره

  1. الدفاع - مرافعة أو خطبة مطولة .
  2. الأزاهير Florida - مجموعة من الخطب و الملخصات النثرية .
  3. عن اله سقراط - رسالة عن القوى .
  4. عن أفلاطون وأعماله .
  5. عن العالم - خلاصة لكتاب أرسطو عن الكون .
  6. التحولات Metamorphoses - هي نفسها رواية " الحمار الذهبي " .


المصادر

  1. ^ "Berbers : ... The best known of them were the Roman author Apuleius, the Roman emperor Septimius Severus, and St. Augustine", Encyclopedia Americana, Scholastic Library Publishing, 2005, v.3, p.569
  2. ^ الموسوعة العربية, أبوليوس (لوشيوس -)(نحو 125-180ق.م)
  • Finkelpearl, Ellen D., Metamorphosis of Language in Apuleius: A Study of Allusion in the Novel (Ann Arbor: The University of Michigan Press, 1998), Pp. viii, 241.
  • S. J. Harrison, Apuleius: A Latin Sophist (Oxford, Oxford University Press, 2000), 281 pp.
  • S. Frangoulidis, Roles and Performances in Apuleius' Metamorphoses (Stuttgart, J. B. Metzler, 2001).
  • O. Pecere, A. Stramaglia, Studi apuleiani. Note di aggiornamento di L. Graverini (Cassino: Edizioni dell' Universita\ degli Studi di Cassino, 2003). Pp. 300.
  • David Sick, "Apuleius, Christianity, and Virgin Birth," Wiener Studien, 118 (2005), pp. 91-116.
  • Monika Asztalos, "Apuleius' Apologia in a Nutshell: The Exordium," Classical Quarterly, 55,1 (2005), pp. 266-276.
  • Regine May, Apuleius and the Drama. The Ass on Stage (Oxford: Oxford University Press, 2007. Pp. 379.
  • Julia Haig Gaisser, The Fortunes of Apuleius and the Golden Ass: A Study in Transmission and Reception (Princeton (NJ), 2008), 404 pp.
  • Robert H. F. Carver, The Protean Ass: The 'Metamorphoses' of Apuleius from Antiquity to the Renaissance (Oxford: Oxford University Press, 2007), xvi + 545 pp.

وصلات خارجية

  اقرأ اقتباسات ذات علاقة بأپوليوس، في معرفة الاقتباس.
Wikisource has original works written by or about: