تنمية إدارية

التنمية الإدارية Development management تتعامل مع عمليات التنسيق وإدارة برامج برامج ومشاريع التنمية الدولية. المعيار الأكثر أهمية في إدارة التنمية هو التدخل في هيئة نقل المساعدات الخارجية من قبل الوكالة المانحة والإشراف على دورة المشاريع ذات الصلة ، أي تحديد المشاريع والتخطيط (صياغة وتقييم) ، والتنفيذ والرصد والتقييم.[1]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة والتطور

نشأت الحاجة إلى التنمية development مع تطور حجم وحدات الأعمال ونشوء المشروعات الكبرى التي تضم أعداداً هائلة من العاملين، وتستخدم لتسيير أعمالها رؤوس أموال ضخمة. ومع تعقد طبيعة الأسواق واتساعها، صار من الصعب على شخص واحد، هو المالك، أن يدير تلك المشروعات الضخمة.[2]

وقد دعا ذلك إلى فصل الملكية عن الإدارة وبروز الحاجة إلى توفير قيادات بديلة. وبرزت أولى لبنات العلوم الإدارية مع الرواد الأوائل الذين كان معظمهم يتولى مناصب إدارية في وحدات الأعمال الكبيرة، فأدخلوا المبادىء العلمية في الإدارة. وفي الوقت نفسه، اهتم المتخصصون من مختلف العلوم الاجتماعية، وقاموا بأبحاث تشمل أهم الظاهرات الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع المعاصر وتأثير المؤسسات الكبيرة واتساع حجومها وطرق اتخاذ قراراتها والعلاقات التي تنميها فيما بينها، ومع الزمن نمت العلاقة، وتوافرت القاعدة المعرفية للتعاون بين الشركات الكبرى والعناصر الأكاديمية في الجامعات، فسمح ذلك بتطوير وسائل التدريب ووضع البرامج التي تساعد في تكوين المهارات الضرورية وتطويرها لتوفير الأطر اللازمة للوظائف الإدارية بوحدات الأعمال.

وبعد الحرب العالمية الثانية نما النشاط التعليمي والتدريبي والاستشاري والبحثي المتعلق بالإدارة، ولاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تبوأت مؤسسات الأعمال المركز القيادي في العالم، واهتمت بقضية التنمية الإدارية. ومع بداية الستينات وبفضل جهود نخبة من علماء الإدارة العامة المقارنة وكبار مفكريها المعاصرين وعلى رأسهم فريد ريغز F.Riggs، ووليم سيفن W.Siffin، ولا بالومبارد La Palompard، وآخرون غيرهم ممن أسهموا في تنظيم حركة جماعة الإدارة المقارنة Comparative Administation Group صارت التنمية الإدارية من مسؤولية وحدات الأعمال التي تستعين بخدمات المؤسسات العلمية والبحثية والاستشارية.

ولم تقتصر عملية التنمية على المؤسسات فقط بل امتدت إلى نطاق الدولة، إذ أخذت الحكومات بزمام الأمور في هذا المجال ولجأت إلى بناء المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بغية القيام بوظائفها عن طريق هذه المؤسسات والأجهزة الإدارية.


تعريف التنمية الإدارية

من الطبيعي أن ينال مصطلح التنمية الإدارية نصيبه من الغموض الذي اكتنف مصطلح التنمية بمعناها الشامل، وأن تنعكس الاختلافات في وجهات النظر الأكاديمية والتطبيقية والفلسفية على مضمونه ومحتواه.

يشير لفظ التنمية إلى العمليات المخططة الهادفة إلى إجراء التحسين والتطوير في المجالات المختلفة. وفي مجال الأفراد يقصد بها بالمعنى الواسع جميع العمليات الرسمية وغير الرسمية التي تؤدي إلى زيادة معارف الأفراد وتنمية مهاراتهم وتغيير اتجاهاتهم. وتحدث التنمية الرسمية عندما يتعلم الفرد نتيجة للمشاركة في البرامج التعليمية التي تتم في إطار تنظيمي رسمي. أي إن هناك شكلاً معيناً لهذه العملية يجمع الأفراد في فصل دراسي. في حين تحدث التنمية غير الرسمية من خلال المواقف التي يواجهها الفرد في حياته. أما مفهوم التنمية الإدارية فينصرف إلى معنيين:

الأول: هو المعنى الشامل الذي يتضمن عمليات التطوير في جميع النواحي الإدارية من تخطيط وتنظيم وإعداد الأفراد وحسن اختيارهم وتبسيط الإجراءات ووضع نظم الرقابة السليمة. أو بمعنى آخر إنها تشير إلى عمليات الإصلاح الإداري والتطوير التنظيمي للارتقاء بالمؤسسة.

أما المعنى الثاني للتنمية الإدارية، وهو المعنى الضيق، فيشير إلى تدريب القيادات الإدارية في المؤسسة.

إن استخدام اصطلاح التدريب في مجال العمال والصناعة سابقاً، يشير إلى عمليات تنمية المهارات والمعارف لدى جميع العاملين بمن فيهم شاغلو المستويات الإدارية، أما في السنوات الأخيرة فيشير التدريب إلى تنمية معارف العاملين ومهاراتهم في المستوى الأقل في حين تشير عملية التنمية الإدارية إلى الأنشطة التدريبية التي تقدم للقيادات الإدارية، ومن هنا يتضح أن معيار التفريق بين كل من التدريب والتنمية الإدارية هو اختلاف المستويات التنظيمية للأفراد المتدربين.

يقول خبراء الأمم المتحدة في الإدارة العامة إن مفهوم التنمية الإدارية يرتكز على عنصرين أساسيين هما: إدارة التنمية development administration، والتنمية الإدارية administrative development،

ويشير العنصر الأول إلى الأساليب التي تستخدمها المنظمات الكبرى لاسيما الحكومات في تنفيذ السياسات والخطط الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية. ويشير العنصر الثاني إلى تعزيز القدرات وسيلةً لزيادة فرص النجاح في تنفيذ برامج التنمية المطلوبة.

وهكذا، فإن إدارة التنمية تعد، بوجه عام، أداة لتحقيق أهداف مرغوب فيها لرفع مستوى السكان عن طريق البرامج الاقتصادية والاجتماعية. أما التنمية الإدارية فتعني تكوين القدرة الإدارية، وتوسيعها وتطويرها برفع قدرة المؤسسات والمنظمات الإدارية على القيام بوضع الخطط والأهداف والبرامج المتعلقة بالتنمية، وتنفيذها. كما تشمل تحسين مقدرة الإداريين العاملين على القيام بمهام التنمية بكفاية عالية.

ويمكن أن يُستخلص من المفهومين السابقين أن التنمية الإدارية هي جهد يهدف إلى تطوير القدرة الإدارية وتنميتها في المؤسسات والأجهزة المعنية بتنفيذ مشروعات التنمية بالقدر الذي يؤدي إلى جعل إدارة التنمية ذات كفاية عالية وفاعلة في تحديد الأهداف العامة للتنمية واختيار البدائل، وتحديد الأولويات ووضعها موضع التنفيذ.

التنمية الإدارية في الدول النامية

تشير تجارب كثير من الدول النامية إلى أن مستوى أجهزتها الإدارية كان قاصراً عن إدارة تنمية الخطط التي تبنتها هذه الدول. ذلك أن الفرق الكبير بين طموحات برامج التنمية والقدرة على القيام بأعباء التنمية، لم يكن إلا نتيجة لضعف الجهاز الإداري للدولة. هذا الضعف يعود إلى أنّ هذه البلدان تعرضت عهوداً طويلة للسيطرة الاستعمارية المباشرة أو غير المباشرة، وألحقت بالأسواق الرأسمالية. وترتب على ذلك كثير من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

كما أن نظام الإدارة في الدول المستعمرة بُنيَ على أساس شكلي يتفق وأنظمة الخدمة المدنية على غرار الأنظمة الإدارية.

أسباب التخلف الإداري في الدول النامية

أما أسباب التخلف الإداري في الدول النامية فتعود إلى عدة عوامل:

1ـ السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي لمدد متفاوتة. مما جعل النشاط الإداري يتركز بأيدي الكوادر الأجنبية المسؤولة عن الإدارات في هذه الأقطار.

2ـ التخلف الموروث في جميع الدول النامية في مرحلة ما قبل الغزو الاستعماري، الذي يشمل الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية. إضافة إلى الجهل والمرض مما جعل هذه الأمصار غير قادرة على إدارة شؤونها.

3ـ تخلف النظم الإدارية في الدول النامية وعدم قدرتها على تحقيق التنمية الشاملة.

4ـ ثقل المهام المطلوبة من الإدارة في الدول النامية في مرحلتها الحالية بوصفها إدارة تنمية في الدرجة الأولى، بمعنى إدارة تطوير، ويجب أن تخطط وتعد لتحمل عبء تحقيق التنمية بوصفها هي الأداة التي تحقق وظيفة الدولة.

5ـ إن البيروقراطية في الدول النامية كنظام موروث، انعكاس للأمور الأربعة السابقة، وهي من ثمّ ناتج للتخلف والاستعمار، وربما تكون هي ذاتها المشكلة، هذه البيروقراطية غير قادرة على أداء الوظائف العادية للدولة بعد زوال الاستعمار لأسباب كثيرة منها: أنها تفتقر إلى الكفاية وإلى التدريبات، والوسائل الحديثة في الإدارة العامة.

من هنا برزت ضرورة الإصلاح الإداري وإعادة التنظيم في الدول النامية لتؤكد استقلالها السياسي. وهذا ما يؤلف مضمون التنمية الإدارية.

إذا كانت مظاهر التخلف الإداري في الدول النامية تعزى بالأساس إلى التبعية والاستعمار والتخلف فإن الوجه الحديث للتخلف الإداري ينطلق من مساوىء عدة منها:

التضخم في الجهاز الإداري لدى الحكومة وقطاعها العام، وتعدد مستويات التنظيم والإهمال، والروتين والتمسك بحرفية القانون والتحايل عليه، والهدر والمحاباة وضعف الخلق الإداري والمركزية الشديدة، وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب....الخ.

العوامل المساعدة في التنمية الإدارية للدول النامية

إن مهمة تكوين جهاز إداري تتركز وظيفته في التنمية تكمن في العمل على سد الفجوة الموجودة بين آمال السياسة العامة الوطنية، وإمكانية تنفيذها. وهكذا تكون التنمية الإدارية أحد الأمور الأساسية المتممة للتنمية الوطنية. لذا لابد من تطوير الجهاز الإداري القائم لكي يتمكن من القيام بأعباء التنمية المسندة إليه، لأنه الوسيلة لتحقيق التغيير الاقتصادي والاجتماعي والحضاري الذي تعيشه الدول النامية ولكن حتى تنجح أيّ تجربة في مجالي الإصلاح والتنمية الإدارية لابد من مراعاة الأمور الآتية:

1ـ دعم القيادة السياسية لبرامج الإصلاح الإداري وتبنٍ كامل لجميع النشاطات المتعلقة ببرامج الإصلاح.

2ـ توفير المعلومات والإحصاءات الدقيقة لمصممي برامج الإصلاح الإداري.

3ـ رضا مختلف المنظمات والمؤسسات الإدارية وقبولها لبرامج وسياسات الإصلاح الإداري.

4ـ وجود مستوى معقول من المرونة في وضع التشريعات وصوغ القوانين بما يحقق قدراً كافياً من التجديد والتغيير.

5ـ ضرورة مراعاة إعادة توزيع القوى العاملة بحسب برامج الإصلاح وإعادة تأهيلها وتدريبها بما يتناسب واحتياجات العمل، ويتمشى مع ظروف وتائر التغيير.

6ـ إعادة النظر في برامج التعليم والتدريب وربطها باحتياجات التنمية ومستلزماتها وبقدرات المتدربين على استيعاب المعلومات وتوظيفها لأغراض التنمية.

إن جهود التطوير الإداري في الدول النامية يجب أن تنطلق من أن الإدارة صارت علماً له قواعده وأدواته ووسائله التي تطبق ويمكن استخدامها في كل الظروف والأحوال، وأن اتباع مبادىء الإدارة العلمية كفيل بتحقيق النجاح في قيادة كل أنواع المؤسسات الإدارية، وأن وسائل التدريب الإداري وتطوير القدرات الإدارية التي استخدمت بنجاح في الدول الصناعية المتقدمة يمكن أن تساعد في نقل الخبرة والمعرفة واكتساب المهارات والقدرات في البلدان النامية، ما قد يكون هناك من فروق في الظروف الاقتصادية والاجتماعية، واختلاف في الثقافة والتقاليد والعادات بين الدول النامية والدول المتقدمة يجب أخذها في الحسبان.

مؤسسات التنمية الإدارية

إن عملية التنمية الإدارية مترابطة الحلقات تهدف إلى تطوير القدرات وزيادة فاعلية الأجهزة الإدارية من أجل تحقيق التنمية الشاملة، ويتطلب ذلك بطبيعة الحال تضافر جهود المؤسسات الإدارية ولاسيما المعنية منها بالتنمية الإدارية. ويمكن القول إن متطلبات التنمية الشاملة هي من التشعب والكثرة بحيث تتطلب أجهزة إدارية فعالة لتحمل أعبائها ومطالبها التي أهمها:

آ ـ الفعالية في إعداد الخطط وتنفيذها.

ب ـ الفعالية في توفير المصادر المالية وحسن إدارتها فنياً وسلوكياً.

ج ـ تحقيق فاعلية القوى العاملة إعداداً وتأهيلاً.

د ـ القابلية للتطوير التنظيمي وكسر حدة مقاومة التغيير لمجابهة متطلبات التنمية.

هـ ـ تطوير الأنظمة والأساليب والتقنية الحديثة، وجعلها أدوات لخدمة أهداف التنمية.

ز ـ الانفتاح على حصيلة المعرفة والفكر والبحث العلمي واستخدام المفيد منها لأغراض التنمية.

ومن هنا نشأت أهمية إيجاد أجهزة ومؤسسات للتنمية الإدارية تتولى هذا الجانب المهم من جوانب التنمية ولهذه المؤسسات تسميات مختلفة، وهي، في سورية على سبيل المثال:

1ـ أجهزة التخطيط المركزية: وتتبع هيئة تخطيط الدولة التي مهمتها اقتراح الخطة الخمسية، للسنوات الخمس القادمة. ومن المهام الأساسية لهذه الأجهزة دراسة المشروعات الاقتصادية التي تعتمد عليها الخطة وتقدير مدى حاجة البلاد إليها، وهذا يستتبع بالضرورة تكوين الأطر القيادية التي تستطيع أن تقود عملية التنمية المطلوبة. وتزويدهم بالمعلومات التي تساعدهم على استنباط طرق جديدة مبتكرة لقيادة الجهاز الإداري ومن ثمّ تزويد مؤسسات الدولة بالإرشادات في مختلف المجالات ولاسيما إعداد الخطط وبرامج التنمية الوطنية ومتابعة تنفيذها. كما تستفيد من المنح المقدمة لإعداد القيادات الإدارية وتدريبها.

2ـ السجل العام للعاملين في الدولة.

3ـ الهيئة العامة للرقابة والتفتيش.

4ـ مديرية التنظيم والإدارة.

5ـ الجهاز المركزي للرقابة المالية.

6ـ المكتب المركزي للإحصاء.

7ـ المعاهد المتوسطة ومراكز التدريب في الوزارات.

8 ـ الجامعات والمعاهد العليا.

محاور التنمية الإدارية

تعددت المحاور المطروحة للبدء بالتنمية، وتنوعت الأساليب والكيفيات التي اعتمدت عليها الدول المتقدمة والنامية من أجل تحقيقها. ففي بعض الأحيان اتسمت هذه الأساليب بالارتجال والعفوية عند بعض الدول، في حين حاول بعضها الآخر أن ينتقي المنهجية الأكثر ملاءمة لظروفه وإمكانيته. لذا فإن الأولويات عند انتقاء أحد المحاور كانت تأتي تبعاً لما تراه الدولة أو الإدارة مناسباً لظروفها. إلا أنه مهما كانت السبل المؤدية إلى تحقيق التنمية الإدارية متعددة، فإنها في النهاية يجب أن تؤدي إلى إحداث التغيير الجذري في سلوك الجهاز الإداري بهدف رفع كفايته وجاهزيته من خلال تحريك وتحديث كل مكوناته وعناصره ومستوياته.

هذه المحاور يجب أن يُنظر إليها كوسيلة للدخول في عملية التنمية الإدارية، وذلك بحسب الأهمية التي يعطيها القائمون على التنمية لهذا المحور أو ذاك.

المحور القانوني

يؤكد بعض المتأثرين بالاتجاه القانوني والتشريعي الذين ينظرون إلى السلوك الإداري على أنه تصرف قانوني قبل كل شيء، أنه من الضروري البدء بتغيير القوانين والتشريعات والنظم واللوائح التي تضبط العمليات الإدارية وتنظمها وتوضح المسؤوليات وتقسم الصلاحيات والسلطات.

وحتى يكون هناك أي تغيير يجب أن يكون منسجماً مع التشريعات والقوانين. إن لهذا الرأي مسوغاته، ولكن تغيير القوانين واللوائح والنظم لا يؤدي بالضرورة إلى تغيير فعلي وواقعي في رفع كفاية الجهاز الإداري.

المحور التنظيمي

أنصار هذا المحور يقولون إنه يجب البدء ببناء المؤسسات والأطر التنظيمية الجديدة أو إعادة تنظيم الجهاز الإداري بجميع وحداته وأقسامه لجعلها أكثر تخصصاً من جهة، وإزالة الازدواجية والتضارب بين أعمالها من جهة أخرى، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات وتنميط نظمها ووضع النماذج التي تساعد على تقييم الأداء وقياس العمل.

هذه الأطر الهيكلية والمنظمات كلما كانت مرنة وواضحة وملائمة لطبيعة العاملين وللوظائف التي ينفذونها، ازدادت فاعلية المؤسسات وارتفعت إنتاجية الأفراد. يقول أصحاب هذا المحور بضرورة إنشاء جهاز للإصلاح يتولى مسؤولية تنفيذ الإصلاح الإداري الذي تقره السلطات السياسية.

إن هذا المحور يستند إلى معطيات معقولة ومقبولة الأمر الذي دعا بعض الخبراء والاختصاصيين إلى الاهتمام بتطبيقه، وقد أعطى بعض النتائج الملموسة. غير أنه لوحظ أن إعادة بناء الهياكل والأطر التنظيمية (البنية الداخلية) وحده لا يمكن أن يحقق ما هو مرجو من عملية التنمية الإدارية ما لم يرافق ذلك تغير جذري في الإنسان الذي يعمل وسط هذه البيئة ويتفاعل مع متغيراتها.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المحور البشري

إن إجراء التعديلات في القوانين والتشريعات والأنظمة وكذلك إعادة بناء المنظمات وإيجاد المؤسسات الإدارية لا يكفيان لخلق تنمية إدارية، ما لم يصاحبها تغيير جوهري في السلوك الإنساني سواء أكان ذلك على مستوى الفرد أم الجماعة، فالإنسان هو القوة الحية والمحركة لكل المتغيرات المادية والقانونية والتنظيمية. لذا فإن أي جهد يبذل من أجل تدريب العنصر البشري يؤدي لا محالة إلى زيادة كفاية التنظيم ورفع فاعليته.

ودعت معظم النظريات الإنسانية إلى فهم الإنسان واحترامه وإتاحة فرص المشاركة الفعالة أمامه لإشعاره بأهميته وتقوية ارتباطه بالمؤسسة التي يعمل فيها، والعمل على تهيئته مادياً ومعنوياً تحقيقاً لذاته وضماناً لراحته النفسية والجسدية، التي ستؤدي في النهاية إلى تحقيق أهدافه، ومن ثم أهداف المنظمة التي يعمل فيها.

وهكذا عُدَّت تنمية الموارد البشرية المدخل الأول لتحقيق التنمية الإدارية، بربط سياسة التعليم والتدريب بسياسات الاختبار والتعيين والتحفيز، والحث على ضرورة توسيع المشاركة في اتخاذ القرارات وتنمية القادة الإداريين باستخدام أسلوب العمل كفريق من أجل إحداث التغيير المنشود في منظماتهم.

المحور التقني

بدأ الاهتمام بهذا المحور في بداية الستينات عندما بدأت الأمم المتحدة برامجها التنموية في دعم البلدان النامية التي لا تستطيع أن تعتمد على نفسها في المجالات التنموية، لاسيما التقنية والفنية منها فراحت ترسل الخبراء والفنيين مع بعض النماذج من الأجهزة التقنية التي أريد منها تطوير أجهزة الإدارة ومستوى الأداء للمؤسسات الاقتصادية في البلدان النامية غير أنها في الوقت نفسه كانت عامل ربط مستقبل هذه الأقطار صناعياً وتقنياً وتجارياً وعلمياً بالبلدان الصناعية المتقدمة وشركاتها العالمية بسبب كون أغلب خبرائها من هذه البلدان. وعلى الرغم من هذه المحاذير وما ينتج عنها فإن الدول النامية ارتضت بهذه المساعدات لافتقارها إلى مصادر التمويل الذاتية. كما أنه من الصعب إيجاد البديل عن ذلك بحكم الحاجة المادية. ويرى أصحاب هذا المحور أن التقنية الحديثة ستحدث تغيراً جوهرياً في أنماط السلوك سواء أكان ذلك السلوك استهلاكياً أم اجتماعياً أم ثقافياً. بالإضافة إلى ذلك فإن أجهزة الإدارة في العالم النامي تضخمت وتوسعت وصارت في حاجة إلى تقنيات تسهم في حل المشكلات الكبيرة، وكمثال على ذلك (البرامج الخطية والميزانيات و دراسة الجدوى الاقتصادية، ومعدلات النمو والحسابات القومية) كما أصبحت أجهزة الإدارة في هذه البلدان تعتمد على الحواسب الآلية. كل هذا أسهم ويسهم في وضع عملية التنمية الشاملة وتسريعها.

المحور البيئي

وينطلق هذا المحور من أن للمحيط الخارجي، بكل متغيراته، من سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، تأثيراً في عمل المنظمات أولاً، وبالتالي في العاملين فيها ثانياً. فإذا كانت المنظمة تعمل في بيئة متخلفة فإن ذلك سيؤثر فيها بحكم الظروف الموروثة من تخلف يتسم بضعف واضح في المستوى التعليمي مما سيدفع هذه المنظمة إلى الاعتماد على الآخرين من خارج بيئتها التي تعمل فيها ويجعلها من ثمّ غير قادرة على التغيير بحكم تبعيتها.لذا فإن أصحاب هذا المحور يؤمنون بأن الدعم السياسي والحياة الديمقراطية والمؤسسات الشرعية والقيادات الوطنية المتفهمة لأهمية التنمية ودورها في دفع عجلة التقدم تسهم إلى حد كبير في تحقيق أهداف التنمية الإدارية.

المصادر

مراجع للاستزادة

  • إبراهيم درويش، التنمية الإدارية، الطبعة السادسة، دار النهضة العربية (القاهرة 1988).
  • حسن ابشر الطيب، مؤسسات التنمية الإدارية العربية، أوضاعها الراهنة وآفاق المستقبل، منشورات المنظمة العربية للعلوم الإدارية (عمان 1984).
  • W.L.rench, C.H.B LLJR, R,A.Z w LKI, Organisation Development, Theory ,Practice and Research, Universal Book Stall (New Delhi 1992).