تاريخ اليهود في روسيا

يعود تاريخ اليهود في روسيا وتطور أراضيها والمناطق المرتبطة بها تاريخيًا إلى ما لا يقل عن 1500 سنة. شكل اليهود في روسيا تاريخيًا جالية دينية وعرقية كبيرة؛ حيث استضافت الإمبراطورية الروسية في وقت من الأوقات أكبر عدد من اليهود في العالم.[1] داخل هذه الأراضي، ازدهرت جاليات اليهود الأشكناز في العديد من المناطق المختلفة وطورت العديد من التقاليد اللاهوتية والثقافية الأكثر تميزًا في اليهودية الحديثة، بينما واجهت أيضًا فترات من السياسات التمييزية والاضطهاد المعادية للسامية، بما في ذلك الپوگرومات العنيفة. وصف البعض "النهضة" التي شهدتها الجالية اليهودية في روسيا منذ بداية القرن الحادي والعشرين؛[2] ومع ذلك، شهد عدد اليهود في روسيا انخفاضًا حادًا منذ حل الاتحاد السوڤيتي والذي لا يزال مستمرًا حتى يومنا هذا، على الرغم من أن يهود روسيا لا زالوا يشكلون العدد الأكبر في أوروپا.[3]

يهود روس
היהודים הרוסיים / יהדות רוסיה
Русские Евреи
Sholom Aleichem listens.jpgIsaac Levitan selfportrait1880.jpgBakst self.JPG
Golda Meir 03265u.jpgChagall France 1921.jpgOsip Mandelstam Russian writer.jpg
Sergei Eisenstein 01.jpgBoris Pasternak cropped.jpgLandau3.jpg
Isaac.Asimov01.jpgAyn Rand1.jpgJoseph Brodsky.jpg
Kasparov-29.jpgSergey Brin.JPGMila Kunis 2008.jpg
المناطق ذات التجمعات المعتبرة
 الولايات المتحدة2.000.000
 إسرائيل825.000–1.150.000
 روسيا275.000
 ألمانيا100.000
 كندا50.000
 أستراليا20.000
اللغات
الروسية، العبرية، اليديشية.
الدين
يهودية، مسيحية
الجماعات العرقية ذات الصلة
روس، يهود، يهود أشكناز، يهود أشكناز، يهود مزراحيون

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نظرة عامة

المجموعة الأكبر بين اليهود الروس هم اليهود الأشكناز، لكن الجالية تشمل أيضًا نسبة كبيرة من غير الأشكناز من الشتات اليهودي الآخر بما في ذلك يهود الجبال، واليهود السفارديم، واليهود الجورجيون، وقرائيو القرم، والكريم‌چاق، ويهود بخارى.

يعود تاريخ وجود اليهود في الجزء الأوروپي من روسيا إلى القرنين السابع والرابع عشر. وفي القرنين الحادي عشر والثاني عشر، كان السكان اليهود في كييڤ، في أوكرانيا حالياً، إقامتهم مقصورة على حي منفصل. وقد تم توثيق أول دليل على وجود اليهود في روسيا الموسكوڤي في سجلات عام 1471. في عهد كاترين الثانية في القرن الثامن عشر، كان التواجد اليهودي مقتصراً على تخوم الاستيطان (1791–1917) داخل روسيا، وهي المنطقة التي يمكنهم العيش فيها أو الهجرة إليها. وقد جلبت التقسيمات الثلاثة لپولندا الكثير من الأراضي الإضافية إلى روسيا، إلى جانب اليهود الذين استوطنوا تلك الأراضي لفترة طويلة. صعّد ألكسندر الثالث من سياساته المعادية لليهود. فبدءًا من ثمانينيات القرن التاسع عشر، اجتاحت موجات من الپوگرومات المعادية لليهود مناطق مختلفة من الامبراطورية لعدة عقود. بين عامي 1880 و1920 فرّ أكثر من مليوني يهودي من روسيا، معظمهم إلى الولايات المتحدة وفلسطين. وقد سلب نظام الاستيطان العديد من الحقوق التي كان يتمتع بها الشعب اليهودي في أواخر القرن السابع عشر في روسيا. وفي ذلك الوقت، كان الشعب اليهودي محصورًا في منطقة ما يُعرف حاليًا ببلاروسيا ولتوانيا وشرق پولندا وأوكرانيا.[4] في الوقت الذي كانت فيه غرب أوروپا تشهد تحرراً، كانت القوانين التي تحكم حياة اليهود في روسيا تزداد صرامة. فقد سُمح لهم بالانتقال إلى الشرق، نحو منطقة أقل ازدحاماً، رغم أن أقلية من اليهود فقط هم الذين اختاروا هذا الخيار للهجرة.[4] كانت الجاليات المتفرقة والفقيرة التي تشكلت في كثير من الأحيان تُعرف باسم الشتتلات.[4]

قبل عام 1917، كان هناك 300.000 صهيوني في روسيا، بينما بلغ عدد أعضاء المنظمة الاشتراكية اليهودية الرئيسية المعروفة باسم الاتحاد، 33.000 عضو. ولم ينضم سوى 958 يهوديًا إلى الحزب الڤلشفي قبل عام 1917؛ وانضم الآلاف بعد الثورة.[5]:565 لقد خلقت سنوات الفوضى التي شهدتها الحرب العالمية الأولى، وثورتي فبراير وأكتوبر، والحرب الأهلية الروسية اضطرابات اجتماعية أدت إلى ظهور معاداة السامية. فقد قُتل نحو 150.000 يهودي في پوگرومات 1918-1922، منهم 125.000 في أوكرانيا، و25.000 في بلاروسيا.[6] كانت معظم الپوگرومات تُرتكب من قبل القوات المناهضة للشيوعية؛ وفي بعض الأحيان، كانت وحدات الجيش الأحمر تشارك في الپوگرومات أيضًا.[7] كان الجيش الأبيض بقيادة أنطون دنيكين معقلاً لمعاداة السامية، وكان شعاره "اضربوا اليهود وأنقذوا روسيا!".[8] كان لدى الجيش الأحمر البلشڤي، على الرغم من ارتكاب جنوده انتهاكات معادية للسامية بشكل فردي، سياسة معارضة لمعاداة السامية، نتيجة لذلك، فاز بدعم جزء كبير من السكان اليهود. بعد فترة قصيرة من الارتباك، بدأ السوڤيت في إعدام الأفراد المذنبين وحتى حل وحدات الجيش التي هاجم رجالها اليهود. وعلى الرغم من استمرار ارتكاب الپوگرومات بعد ذلك، إلا أن اليهود اعتبروا الجيش الأحمر بشكل عام القوة الوحيدة القادرة والراغبة في الدفاع عنهم. صدمت پوگرومات الحرب الأهلية الروسية يهود العالم وحشدت العديد من اليهود للجيش الأحمر والنظام السوڤيتي، مما عزز الرغبة في تأسيس وطن للشعب اليهودي.[7]

في أغسطس 1919، اعتقلت الحكومة السوڤيتية العديد من الحاخامات، واستولت على ممتلكات اليهود، بما في ذلك المعابد اليهودية، وحلت العديد من الجاليات اليهودية.[9] وصف القسم اليهودي في الحزب الشيوعي استخدام اللغة العبرية بأنه "رجعي" و"نخبوي"، كما حُظر تدريس اللغة العبرية.[10] تعرض الصهاينة للاضطهاد الشديد، وكان الشيوعيون اليهود هم من يقودون الهجمات.[5]:567

لكن في أعقاب الحرب الأهلية، أدت سياسات الحكومة البلشڤية الجديدة إلى ازدهار الثقافة اليهودية العلمانية في بلاروسيا وغرب أوكرانيا في العشرينيات. وحظرت الحكومة السوڤيتية جميع أشكال التعبير عن معاداة السامية، وعاقبت الاستخدام العلني للإهانة العرقية "жид" ("ييد") بالسجن لمدة تصل إلى سنة،[11] وحاولت تحديث الجالية اليهودية من خلال إنشاء 1100 مدرسة باللغة اليديشية، و40 صحيفة يومية باللغة اليديشية، وتوطين اليهود في المزارع في أوكرانيا والقرم؛ وقد تضاعف عدد اليهود العاملين في هذا القطاع بين عامي 1926 و1931.[5]:567 في بداية الثلاثينيات، كان اليهود يشكلون 1.8% من السكان السوڤيت، لكنهم كانوا يشكلون 12-15% من إجمالي طلبة الجامعات.[12] عام 1934، أنشأت الدولة السوڤتية الأوبلاست اليهودي الذاتي في أقصى شرق روسيا. لم تحظ هذه المنطقة قط بأغلبية سكانية يهودية.[13] وكان الأوبلاست اليهودي هو الأوبلاست الذاتي الوحيد في روسيا[14] وخارج إسرائيل، هي المنطقة اليهودية الوحيدة في العالم التي تتمتع بوضع رسمي.[15] عام 1929 حُظر الاحتفال بيوم الشبات،[5]:567 مما أنذر بحل قسم يڤسكتسيا الناطق باليديشية التابع للحزب الشيوعي عام 1930 وما تلاه من قمع أسوأ. فقد وقع العديد من اليهود ضحايا لعمليات التطهير التي شنها ستالين باعتبارهم "مضادين للثورة" و"قوميين رجعيين"، على الرغم من أن اليهود كانوا أقل تمثيلاً في سكان الگولاگ في الثلاثينيات.[5]:567[16]

لقد تراجعت نسبة اليهود في النخبة الحاكمة السوڤيتية خلال الثلاثينيات، لكنها ظلت أكثر من ضعف نسبتهم في عموم السكان السوڤيت. ووفقاً للمؤرخ الإسرائيلي بنيامين پينكوس، "يمكننا القول أن اليهود في الاتحاد السوڤيتي حصلوا على المكانة المتميزة التي كان يشغلها في السابق الألمان في روسيا القيصرية".[17]:83

في الثلاثينيات، شغل العديد من اليهود مناصب رفيعة في القيادة العليا للجيش الأحمر: الجنرالات إيونا ياكير، يان گامارنيك، ياكوڤ سموشكڤيتش (قائد القوات الجوية السوڤيتية) وگريگوري شترن (القائد العام في الحرب ضد اليابان وقائد الجبهة في حرب الشتاء).[17]:84 أثناء الحرب العالمية الثانية، كان هناك ما يقدر بنحو 500.000 جندي يهودي في الجيش الأحمر؛ وقُتل نحو 200.000 منهم في المعركة. وتم تكريم نحو 160.000 جندي، وحصل أكثر من مائة منهم على رتبة جنرال في الجيش الأحمر.[18] مُنح أكثر من 150 منهم لقب كأبطال الاتحاد السوڤيتي، وهو أعلى تكريم في البلاد.[19] يُعتقد أن أكثر من مليوني يهودي سوڤيتي لقوا حتفهم أثناء الهولوكوست في القتال وفي الأراضي التي احتلها النازيون. وفي أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، استغل العديد من اليهود السوڤيت فرصة سياسات الهجرة المحررة، حيث غادر أكثر من نصف السكان، معظمهم إلى إسرائيل والغرب: ألمانيا والولايات المتحدة وكندا وأستراليا. لعدة سنوات خلال هذه الفترة، كان معدل الهجرة إلى إسرائيل في روسيا أعلى من أي بلد آخر.[20] لا يزال عدد اليهود في روسيا ثالث أكبر عدد في أوروپا، بعد فرنسا والمملكة المتحدة.[21] في نوفمبر 2012، افتُتح في موسكو متحف ومركز التسامح اليهودي، أحد أكبر متاحف التاريخ اليهودي في العالم.[22]


الإمبراطورية الروسية

 
خريطة تخوم الاستيطان، توضح نسبة السكان اليهود.
 
إيڤان الرهيب، أول حاكم روسي يقرر طرد اليهود من روسيا.

يعود وجود الجماعات اليهودية في روسيا إلى القرن التاسع الميلادي حين توسعت مملكة الخزر اليهودية في وادي الفولجا ومناطق أخرى من روسيا. وقد اشترك يهود الخزر، حسبما ورد في الموروثات الشعبية الروسية، في المناظرة الدينية التي عقدت بين ممثلي الديانات التوحيدية الثلاث عام 986 أمام أمير كييف وقد اعتنق بعدها المسيحية وأصبحت الأرثوذكسية هي الدين الرسمي لروسيا. وبعد أن استقر اليهود في المدينة باعتبارها مركزاً تجارياً يربط بين منطقة البحر الأسود وآسيا وغرب أوربا وأصبح لهم جيتو خاص بهم، قوبلوا بعداوة شديدة من بلد اعتنق المسيحية لتوه ويضم طبقة تجار بدائية للغاية.

وبعـد غزو التتار لروسيا في القرن الثالث عشر وتدهور إمارة كييڤ، زاد النشاط التجاري لأعضاء الجماعة لأن الإمبراطورية التترية جمعت الجماعات اليهودية كافة داخل إطار سياسي واحد سهَّل عملية انتقالهم. كما يبدو أن التتار كانوا يعتبرون اليهود من ذوي القربى باعتبار أن الجميع من أصل تركي.

وفي القرن الخامس عشر، ظهرت فرقة متهودة بين الروس في مدينة نوڤگورود. ورغم أنه تم القضاء عليها، فإنها عمقت مخاوف المؤسسة الدينية الأرثوذكسية من اليهود. واستمرت الحركة التجارية لأعضاء الجماعة اليهودية، مع هذا، من وإلى روسيا.

وكان إيڤان الرهيب (1533 ـ 1584) أول حاكم روسي يقرر طرد أعضاء الجماعة اليهودية من روسيا، ويعود هذا إلى رغبته في استبعاد أية عناصر تجارية أجنبية. وبعد الفترة التي تُعرف باسم «زمن المتاعب» في التاريخ الروسي (1598 ـ 1613) والتي شهدت اعتلاء أمير بولندي العرش الروسي، ونشوب حرب أهلية، زاد عمق الرفض الروسي لليهود حيث إن مغتصبي العرش من البولنديين أحضروا معهم كثيراً من صنائعهم اليهود. لكل هذا، مُنع أعضاء الجماعات اليهودية من دخول روسـيا إلا لأسـباب خاصة مثل حضـور سـوق تجاري أو غيره من الأسباب. وظل هذا الحظر أحد ثوابت السياسة الروسية حتى تقسيم بولندا في أواخر القرن الثامن عشر.

ولعل خوف روسيا القيصرية من أعضاء الجماعات اليهودية هو خوف العناصر الزراعية التقليدية من عنصر غريب له علاقات دولية واسعة في دولة جديدة لم تكن سلطتها قد تدعمت بعد (ولم تتدعم لمدة طويلة نظراً لترامي أطراف البلاد ونظراً لأنه عنصر تجاري له مصالحه المالية الخاصة التي لا تتفق بالضرورة مع مصالح الدولة). كما أن هناك قوى اجتماعية داخل روسيا لم يكن في صالحها البتة السماح لليهود بالاستقرار، من أهمها التجار الروس الذين كانوا يرزحون تحت عبء الضرائب والذين كان عليهم أن يدخلوا منافسة غير متكافئة مع بعض أعضاء طبقة النبلاء الذين اشتغلوا بالتجارة والذين كانوا يتمتعون بمزايا عديدة وبمساندة البيروقراطية الحكومية. بل كان هؤلاء التجار يجدون أنفسهم (أحياناً) في منافسة مع الفلاحين الذين كانوا يشتغلون بالتجارة والصناعات المنزلية، كل هذا داخل سوق محدودة مكبلة بالقوانين الإقطاعية الاستبدادية التي لا حصر لها. وإذا أضفنا إلى هذا كله أن الحجم المالي للتجار الروس كان صغيراً في معظم الأحوال، لأدركنا سبب وقوف التجار الروس ضد دخول العنصر اليهودي التجاري النشيط الذي لا تكبله القيم المسيحية أو القوانين الطبقية والذي يتحكم في رأسمال سائل لا بأس به. ووجد هذا الموقف صدى في نفس حكومة كانت تكتسب شيئاً من شرعيتها باعتناقها الأرثوذكسية. ورغم أن الفكر المركنتالي وجد طريقه إلى روسيا في مرحلة لاحقة، إلا أن التجار استمروا في معارضة نشاط اليهود التجاري وفي المطالبة بالحد منه حتى اندلاع الثورة البلشفية.

ومن الثوابت الأخرى التي كانت عنصراً قوياً ومحدداً في السياسة الروسية القيصرية أن اليهود كانوا يشكلون عنصراً متحركاً غير مستقر على رقعة أرض مقصورة عليهم، كما هو الحال مع الشعوب والأقوام والأقليات والطوائف الأخرى داخل الإمبراطورية، الأمر الذي خلق لهم وضعاً خاصاً ومشاكل معينة.

وقد ضمت روسيا مقاطعة روسيا البيضاء في أول تقسيم لبولندا عام 1772، وضمت في التقسيم الثاني منطقة منسك في الشمال وفولينيا (في مقاطعة كييف) ومنطقة بودوليا في الجنوب، أي أنها ضمت بذلك أوكرانيا كلها. ثم ضمت في التقسيم الثالث ليتوانيا. وقد ضمت كل هذه المقاطعات (وضمن ذلك كورلاند وبيالستوك التي حصلت عليهما روسيا فيما بعد) إلى روسيا نفسها، بينما أصبحت بولندا المركزية (التي كانت تضم نحو ثلاثة أرباع دوقية وارسو النابليونية) تكوِّن ما يُسمَّى «بولندا المؤتمر» أو «بولندا الروسية» (وكان اسمها الرسمي «مملكة بولندا» حتى عام 1830 كما كان لها دستورها الخاص). وكانت هذه المقاطعات تضم أغلبية يهود شرق أوربا (يهود اليديشية) الذين انطلقوا من هذه المناطق بعد ضمها، واستوطنوا المناطق الجنوبية من روسيا وساحل البحر الأسود ومقاطعة بيساربيا، وهي مناطق كانت تابعة للدولة العثمانية، وقامت روسيا بضمها باسم «روسيا الجديدة» (كانت توجد جماعات يهودية أخرى فيها ولكنها كانت جماعات صغيرة للغاية ولم يكن لها مسألة يهودية فقد كانت مندمجة تماماً في محيطها الحضاري). ولذا فرغم وجود جماعات يهودية إلا أننا نتحدث في معظم الوقت عن «الجماعة اليهودية» وحسب، وتعني «يهود اليديشية» لأنهم كانوا الأغلبية الساحقة وكذلك كانوا أصحاب «المسألة اليهودية». كما تسللت مجموعات صغيرة من اليهود إلى وسط روسيا نفسها.

وكان وضع أعضاء الجماعة اليهودية في المناطق البولندية متميِّزاً تماماً من الناحية الثقافية والاجتماعية والوظيفية. إذ كانت أعداد كبيرة منهم تعمل بنظام الأرندا (استئجار عوائد القرى وضمنها الضرائب والمطاحن والغابات والحانات من النبلاء البولنديين الغائبين) كما كان بين اليهـود تجار وأصـحاب حـوانيت وباعـــة جائلون. وكان الباقون حرفيين يعملون للنبيل الإقطاعي والفلاح. وحســب التقديرات، كان التركيب الوظيفي لليهود على النحو التالي: 1% فقط كانوا يعملون في الزراعة، و3% في الأعمال الدينية، و30% يعملون في نظام الأرندا، و30% يعملون في التجارة والرهونات، و15% في الحرف المختلفة.

وكان من أهم الوظائف التي يضطلع بها اليهود، والتي أصبحت جزءاً أساسياً من مشكلتهم، تقطير الخمور وبيعها في الحانات التي استأجروها من النبلاء في إطار نظام الأرندا. كما يُلاحَظ أن التجارة اليهودية كانت تجارة طفيلية، وكان التجار اليهود يشتغلون بتهريب البضائع ويتهربون من الضرائب نظراً لوجودهم في المنطقة الحدودية وبسبب استخدامهم اليديشية وسيلة للتفاهم، الأمر الذي يسَّر لهم عمليات التهريب والتهرب والتلاعب بالأسعار. ومع هذا، ظلت نسبة كبيرة من أعضاء الجماعة تعاني من الفاقة، فكان هناك 21% منهم بدون وظيفة محدَّدة.

من تقسيم پولندا حتى 1855

أدَّى تقسيم پولندا إلى ضم أجزاء كبيرة منها إلى روسيا، وبذلك ضمت روسيا أجزاء كبيرة من الكتلة البشرية اليهودية اليديشية. ولأن النبلاء البولنديين كان محرماً عليهم التجارة (حيث تفرغوا لأعمال السياسة والحرب)، وكان الأقنان ملتصقين بالأرض، كما كانت طبقة التجار ضعيفة للغاية، اضطلع اليهود بوظيفة طبقة التجار والحرفيين وأصبحوا جماعة وظيفية وسيطة. هذا على عكس روسيا إذ لم تكن التجارة هناك مهنة وضيعة، وكانت هناك طبقة من الحرفيين تزداد قوة. كما كانت الحكومة نفسها تقوم بالتجارة ويضطلع بعض النبلاء بالوظيفة نفسها.

وكانت روسيا، من الناحية الاقتصادية، مستعمرة إنجليزية أو منطقة نفوذ للاقتصاد الإنجليزي. وبعد الحصار الذي فرضه نابليون على إنجلترا على نطاق القارة كلها، حدث تَقدم صناعي وتجاري نظراً لاضطرار روسيا إلى الاعتماد على نفسها. وعلى سبيل المثال، كانت روسـيا تملك عـام 1804 نحو 199 مصـنع قطـن زاد إلى 423 عام 1814، وزادت واردات القطن من الولايات المتحدة من 204 أطنان عام 1809 إلى 3787 طناً عام 1811.

ومن كل هذه الحقائق، يمكن القول بأن الاقتصاد الروسي لم يكن في حاجة إلى أعضاء الجماعة اليهودية. ومع هذا، تم ضمهم نتيجة توسُّع الدولة القيصرية. ولم تكن المسألة اليهودية المسألة الوحيدة التي جابهتها الحكومة القيصرية، فقد كان هناك مسألة إسلامية ومسألة تترية ومسألة بولندية ومسألة أوكرانية، إذ كانت الإمبراطورية القيصرية مترامية الأطراف تضم مئات الأقليات والتشكيلات الحضارية المختلفة التي كانت تحاول أن تفرض عليها ضرباً من الوحدة حتى تتمكن الحكومة المركزية من التعامل معها. وقسَّمت الحكومة القيصرية هذه الأقليات إلى قسمين أساسيين: الأقليات السلافية (أوكرانيا وبولندا وغيرهما)، والأقليات غير السلافية. وكان يُطلَق على الأقليات غير السلافية مصطلح «الإينورودتسي inorodtsy». وهذه كلمة روسية كانت تشير في بادئ الأمر إلى قبائل السكان الأصليين التي تقطن سيبيريا، ثم اتسع نطاق الكلمة الدلالي فأصبحت تشير إلى كل الشعوب غير السلافية. وكانت السياسة العامة تهدف إلى ترويسهم. وغني عن البيان أن إجراءات الترويس، بالنسبة للأقليات غير السلافية، كانت أكثر راديكالية وعنفاً، وخصوصاً إذا كانت تلك الأقليات لا تدين بالمسيحية (ومع هذا ينبغي الإشارة إلى أن اللون أو العرْق بدأ يكتسب دلالة محورية مع تصاعد معدلات العلمنة في الإمبراطورية الروسية وتعمُّق الرؤية العرْقية. وحيث إن يهود اليديشية كانوا من البيض، ومع تَزايُد معدلات ترويسهم، أُعيد تصنيفهم بحيث أصبحوا «روساً» ووُطنوا على هذا الأساس في روسيا الجديدة وفي الخانات التركية التي ضمتها روسيا وذلك باعتبارهم عنصراً روسياً استيطانياً). ومهما كان الأمر، فإن الإمبراطورية القيصرية كانت «سجناً للشعوب».

وقد بدأت الحكومة القيصرية علاقتها بأعضاء الجماعات اليهودية بالاعتراف بالقهال وبصلاحياته الدينية والقضائية، كما تم الاعتراف بالجماعة اليهودية (اليديشية) بوصفها جماعة مستقلة في المدن والقرى. وفي عام 1783، صُنِّف اليهود ضمن سكان المدن وأصبحت لهم حقوق غير اليهود نفسها (مثلاً: انتخاب مجالس المدن والبلديات وحق التمثيل فيها).

واستقر بعض التجار اليهود في موسكو وسمولنسك، فدخلوا في منافسة مع التجار المسيحيين بطرق شرعية وغير شرعية. وحينما اشتكى تجار موسكو من هذا الوضع، صدر فرمان عام 1791 يحظر على اليهود الاتجار خارج روسيا البيضاء. ويُعَدُّ هذا الفرمان الأساس القانوني لمنطقة الاستيطان، وقد سُمح لمجالس القهال بأن تستمر في عملها بكل صلاحياتها.

وشهدت هذه المرحلة قيام روسيا بضم بعض الإمارات الإسلامية التابعة لتركيا على ساحل البحر الأسود، وسُمِّيت هي ومناطق أخرى باسـم «روسـيا الجديـدة». ولما كان أعضـاء الجماعات اليهودية يُنظَر إليهم، في التشكيل الحضاري الغربي، باعتبارهم عنصراً ريادياً حركياً وجماعة وظيفية استيطانية يمكن استخدامها في مثل هذه العملية، كما فعل شارلمان من قبل وكما فعلت القوات المسيحية في إسبانيا والنبـلاء البولنـديون في أوكرانيا والاسـتعمار الغربي في فلسـطين فيما بعد، قامت الحكومة القيصرية بتشجيعهم على الاستيطان في المناطق الجديدة، باللجوء إلى طريقة الطرد والجذب، فضوعفت الضريبة المفروضة على التجار اليهود في الإمبراطورية، بينما أُعفي المستوطنون في روسيا الجديدة من الضرائب كافة. واستثنى هذا المرسوم اليهود القرّائين، وكان هذا أيضاً أحد ثوابت السياسة القيصرية تجاه اليهود. وفي الوقت نفسه، تفاقمت مشكلة السُكْر بين الفلاحين، وساعدت المجاعة التي وقعت عام 1797 على تعميق المشكلة. ورغم أن اليهود كانوا السبب الواضح والمباشر أمام الجميع (إذ أن أغلبية صانعي الخمر وبائعيها كانوا من اليهود، كما أنهم هم الذين كانوا يديرون معظم الحانات)، إلا أنهم لم يكونوا في واقع الأمر السبب الحقيقي لإدمان الفلاحين الروسيين المشروبات الكحولية. وشُكِّلت لجنة لبحث المسألة اليهودية في روسيا برئاسة الشاعر الروسي السناتور جافريل ديرجافين (1743 - 1816) الذي رأى أن اليهود يستغلون الفلاحين الروس وأن عزلتهم الطبقية والحضارية هي سبب العداء ضدهم. وبناء على ذلك، طالب ديرجافين بضرورة ترويسهم بالقوة وتغيير بنائهم الاقتصادي والوظيفي حتى يتسنى استيعابهم كيهود نافعين في المجتمع الروسي. ووضع بذلك الإطار الأساسي لجميع المحاولات التي بذلتها الحكومة القيصرية لحل المسألة اليهودية.

وبعد أن اعتلى ألكسندر الأول العرش (1801 ـ 1825)، شُكِّلت لجنة تدعى مجلس الشئون اليهودية التي أصدرت قراراتها عام 1804، والتي سمىت «قانون اليهود الأساسي» أو «دستور اليهود». وجاء ضمن هذه القرارات أن اليهود يجب نقلهم خارج المناطق الزراعية بين عامي 1807 و 1808، كما أوصت القرارات بضرورة إبعادهم عن استئجار الحانات أو استئجار الأراضي الزراعية بهدف الربح (حتى يمكن تحويلهم إلى عنصر اقتصادي منتج). ولتنفيذ هذا المخطط، وُضع تحت تصرفهم بعض أراضي القيصر، وأُعفي المزارعون اليهود من الضرائب لمدة تتراوح بين خمسة وعشرة أعوام، كما أنهم لم يُصنَّفوا كأقنان مرتبطين بالأرض، بل احتفظوا بحقوقهم في حرية الحركة والسكنى. ووعدت الحكومة كذلك بتقديم العون للمصانع التي تقوم باستئجار العمال والحرفيين من أعضاء الجماعة اليهودية. وسُمح للعاملين بالصناعة من أعضاء الجماعة اليهودية أن يستقروا داخل روسيا، وضمن ذلك موسكو وسانت بطرسبرج. كما حدَّ القانون الأساسي من سلطة القهال، وأصبح تنظيم الأمور الدينية والعبادات من اختصاص الحاخامات الذين كان يتم اختيارهم دون الرجوع إلى القهال. ولم تتجاوز صلاحيات القهال، في القانون الأساسي، تحديد الضرائب وجمعها وإحصاء عدد السكان اليهود. وتقرر ألا يوجد سوى قهال واحد في كل مدينة، كما سُمح لكل فرقة دينية بأن يكون لها معبدها اليهودي وحاخامها الخاص (الأمر الذي أدَّى إلى تحسين وضع الحسيديين) وفُتحت أبواب المدارس الحكومية العلمانية أمام أعضاء الجماعة اليهودية. وتقرر أنه ما لم يرسل اليهود أولادهم فإنه سيتم فتح مدارس يهودية علمانية خاصة على حسـاب أعضـاء الجماعـة اليهودية. وأصبح من شروط شـغل وظيفة حاخام، أو عضوية مجلس إدارة القهال أو البلدية، معرفة الألمانية أو الروسية أو البولندية. كما تقرر أن يكتب أعضاء الجماعة جميع وثائقهم وأوراقهم التجارية بإحدى اللغات الثلاث دون العبرية أو اليديشية. وأكد القانون حق اشتراك اليهود في الانتخابات الخاصة بالحكومات المحلية ومُنع ارتداء الأزياء اليهودية التقليدية وقص الشعر على الطريقة اليهودية وترك السوالف، وأصبح توجيه تهمة الدم جريمة يعاقب عليها القانون (1818). وكانت استجابة الجماعات اليهودية سلبية إلى أقصى درجة، وصاموا حداداً على صدور هذه القرارات بل اقترحت بعض القهالات تأجيل الإصلاحات إلى فترة تتراوح بين خمسة عشر وعشرين عاماً.

تخوم الاستيطان اليهودية في روسيا

 
خريطة توضح تخوم الاستيطان وپولندا المؤتمر ونسب السكان اليهود (ح. 1905).

تخوم الاستيطان ترجمة للعبارة الروسية «كرتا أوسدلوستي Cherta Osedlosti» حيث تُترجم كلمة «كرتا» إلى «نطاق» أو «حدود» أو ربمـا «حظيرة» وهي الترجمـة الدقيقـة. ولأن هذا النطاق كان يتسع ويضيق، فتضم إليه مناطق وتستبعد أخرى، فإننا نفضل استخدام كلمة «منطقة».

تخوم الاستيطان هي منطقة داخل حدود روسيا القيصرية لم يكن يُسمَح لمعظم أعضاء الجماعة اليهودية بالسكنى أو الاستقرار خارج المدن الواقعة فيها. وكانت الحكومة القيصرية تقوم بفرض مثل هذه القيود وهو أمر كان يُعَد جزءاً أساسياً من سياستها العامة ومن موقفها من حرية الأفراد في التنقل، وهي سياسة لم تكن تُطبَّق على أعضاء الجماعة اليهودية وحسب وإنما كانت تُطبَّق على معظم سكان روسيا سواء أكانوا من الأقنان أم كانوا سكان مدن أو تجاراً. فكان على هذه القطاعات، التي تشكل أغلبية السكان، البقاء في مواطن استيطانها لا تغادرها إلا لسبب محدد وبإذن خاص. ويبدو أن هذه القوانين صدرت بسبب طبيعة روسيا كإمبراطورية مترامية الأطراف تُوجَد بها مناطق شاسعة غير مأهولة بالسكان، الأمر الذي جعل بوسع أي مواطن أن يترك محل إقامته ليستوطن إحدى المناطق غير المأهولة بعيداً عن سلطة الحكومة. ولما كانت الحكومة المركزية ضعيفة نظراً لرغبتها في تدعيم أسس الإمبراطورية وضمان شيء من الثبات، ظهرت فكرة ربط المجموعات البشرية بمواطن محددة كما حدث مع الفلاحين حينما تم تحويلهم إلى أقنان، ثم مع أعضاء الجماعة اليهودية حين تم ضم أعداد كبيرة منهم إلى الإمبراطورية بعد تقسيم بولندا.

 
ضحايا پوگروم 1905 في يكاترينوسلاڤ.

ولكن، إلى جوار هذه الأسباب العامة المتعلقة بسياسة روسيا القيصرية تجاه رعاياها، هناك أسباب خاصة بيهود روسيا من أهمها الصراع الاجتماعي الناشب بين التجار اليهود الذين كانوا يشتغلون بتقطير الخمور وبيعها وبأعمال الرهونات والالتزام من جهة، والفلاحين السلاف الذين كانوا يتعاطون الخمر بشراهة (ربما بسبب تزايد بؤسهم) وضعف النظام الإقطاعي من جهة أخرى. وكانت البيروقراطية الروسية متخلفة غير مدركة لأبعاد المشكلة الاجتماعية في الريف الروسي أو البولندي. ولذا، أُلقي باللوم على أعضاء الجماعة اليهودية باعتبارهم مسئولين عن سُكْر الفلاحين وإفقارهم. كما كان تجار روسيا يجأرون بالشكوى دائماً من العناصر اليهودية التجارية التي تلجأ إلي الغش والتهريب لتحقيق الربح. لكل هذا، حُظر على أعضاء الجماعة اليهودية أن يتحركوا خارج تلك المناطق التي ضُمَّت من بولندا، ولكنهم مُنحوا حق الاستيطان في المناطق التي ضُمَّت من تركيا في أواخر القرن الثامن عشر باعتبارهم عنصراً استيطانياً نافعاً، وهي التي كانت تقع أساساً حول البحر الأسود وسُمِّيت «روسيا الجديدة». وقد ضمَّت منطقة الاستيطان منطقة كبيرة امتدت من ليتوانيا وبحر البلطيق في الشمال إلى البحر الأسود في الجنوب، ومن بولندا وبيساربيا في الغرب إلى روسيا البيضاء وأوكرانيا في الشرق، وتضم خمساً وعشرين مقاطعة تشكل مساحة قدرها مليون كيلو متر مربع، أي ما يساوي مساحة فرنسا تقريباً. وكان أعضاء الجماعة اليهودية يشكلون نحو 11.6% من سكان منطقة الاستيطان عام 1897، وبلغ عددهم 4.899.427من مجموع يهود روسيا البالغ عددهم 5.054.300، ويُلاحَظ أنه كان يوجد 161.500 فقط من يهود الجبال وجورجيا، وهم ليسوا من يهود اليديشية، أي أن منطقة الاستيطان كانت تضم أغلبية يهود روسيا الذين كان معظمهم يتحدث اليديشية.

وكانت منطقة الاستيطان تتكون من ثلاث مناطق تتميَّز الواحدة عن الأخرى تماماً:

1 ـ ليتوانيا وبيلوروسيا أو روسيا البيضاء: وتضم جرودنو منسك وفلنا وفايتبسك (بوكوتسك سابقاً) وكوفنو وموجيليف.

2 ـ أوكرانيا: وتضم فولينيا وبودوليا ومقاطعة كييف (ماعدا مدينة كييف) وتشرينجوف وبولتافا.

3 ـ روسيا الجديدة: وتضم خرسون (ماعدا مدينة نيقولاييف) وإيكاتيرينوسلاف وتاوريدا (القرم) وبيساربيا التي تضم أوديسا، أهم مدن اليهود في روسيا.

واستقرت حدود المنطقة عام 1835. وكانت منطقة الاستيطان تضم رسمياً كل المناطق التي ضمت من بولندا ما عدا مقاطعات وسط بولندا والتي ظلت رسمياً خارج النطاق وداخله من الناحية الفعلية.

 
لفائق توراة قدمتها الجالية اليهودية في كيشينڤ إلى نيقولاي الثاني، 1914.

وكانت منطقة الاستيطان تضم أوكرانيين وبولنديين وروسيين وليتوانيين ومولدافيين وألماناً. وكان لكل جماعة قاعدتها الإقليمية أو أرضها المتركزة فيها ما عدا أعضاء الجماعة اليهودية والألمان. ومن هنا ظهرت إحدى السمات الخاصة للمسألة اليهودية في روسيا. وقد قررت الحكومة القيصرية (عام 1843)، لاعتبارات أمنية، عدم السماح لأعضاء الجماعة اليهودية بالسكنى على مسافة 50 فرسخاً (نحو 33 ميلاً) من الحدود. وحسب القانون الصادر لتنظيم منطقة الاستيطان، لم يُسمَح لليهود بالانتقال خارجها ولم يُسمح لهم بالدخول إلى وسط روسيا إلا مدة سـتة أسـابيع للقيام بأعمال محدَّدة على أن يرتدوا الأزيـاء الروسية. وكان متاحاً لتجار الدرجة الأولى أن يمكثوا ستة أشهر، كما كان مسموحاً لتجار الدرجة الثانية أن يمكثوا ثلاثة أشهر. ومع حكم ألكسندر الثاني، بدأت الحكومة القيصرية في تخفيف القيود عن بعض العناصر اليهودية النافعة والمندمجة، وذلك بهدف تحويل اليهود إلى قطاع منتج مندمج في المجتمع. فسُمح لتجار الفئة الأولى (عام 1859) بأن يستوطنوا خارج منطقة الاستيطان، وكذلك لخريجي الجامعات عام 1861 وللحرفيين عام 1865، كما سُمح للمشتغلين بالطب عام 1879 وللجنود المُسرَّحين بهذه الميزة. ولم يزد العدد المسموح لهم بها حسب تعداد 1897 على مائتي ألف يهودي.


وكان من بين الفئات المسموح لها بمغادرة منطقة الاستيطان الفتيات اليهوديات اللائي كن يعملن بالبغاء، فكان بوسع الفتاة أن تنتقل إلى موسكو أو أية مدينة أخرى لتمارس هذه الوظيفة وتحقق قدراً من الحراك الاجتماعي والجغرافي دون أن يكون في إمكان أسرتها اللحاق بها.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

روسيا 1855 - 1881

 
كان يوسف تروپلدور، الجندي اليهودي الأكثر حصولاً على أوسمة في الجيش الإمبراطوري الروسي لشجاعته في الحرب الروسية اليابانية.

تغيَّرت الصورة كثيراً مع اعتلاء ألكسندر الثاني (1855 ـ 1881) العرش إذ تميَّز حكمه بأن حركة التحديث في روسيا خطت خطوات واسعة واتخذت شكلاً ليبرالياً بعد هزيمة روسيا في حرب القرم. فعلى سبيل المثال، تم تحديث النظام القضائي عام 1864 ونظام البلديات عام 1870 وكذلك نظام التجنيد، بل بدأ الحديث عن قيام حكومة دستورية. ولعل أهم القرارات قرار إلغاء نظام الأقنان عام 1861 الذي صدر نزولاً على إرادة النبلاء الإقطاعيين الذين ظهرت بينهم تطلعات نحو الانتقال إلى صفوف البورجوازية الكبيرة سواء من خلال إقامة المزارع الحديثة ورسملة الزراعة أو من خلال التوجه للعمل في المجالات التجارية والصناعية.

ويشكل هذا القرار أخطر منعطف في تاريخ المجتمع الروسي حيث شهدت هذه الفترة زيادة معدلات التصنيع والتحديث بشكل كبير، فمُدت السكك الحديدية وفُتحت أبواب الحراك الاجتماعي أمام الكثيرين، ولكن بدأت أيضاً معالم أزمة النظام القيصري في الظهور. لقد حرَّرت الدولة الروسية الأقنان ولكنها لم توفر لهم أرضاً، وبدأت القرى تقذف الملايين إلى المدن ليعيشوا تحت ظروف اقتصادية أشد وأقسى مما كانت عليه في عهد الإقطاع. ولم تكن هناك أية مؤسسات وسيطة (الأسرة أو الكنيسة) لتحميها وتوفر لها شيئاً من الطمأنينة النفسية (الحقيقية أو الوهمية). كما أن هؤلاء الملايين كانوا يتقاضون أجوراً منخفضة لم تكن تفي بحاجاتهم بقدر ما كانت تؤدي إلى التراكم الرأسمالي السريع الذي كان يؤدي بدوره إلى تَصاعُد عملية التحديث وازدياد إفقار الجماهير وانتشـار الحركات الثوريـة وزيادة الأوتوقراطية من جـانب النظام السياسي، وهي الحلقة المفرغة التي أدَّت في نهاية الأمر إلى الثورة البلشفية.

وقد فُتحت أبواب الحراك الاجتماعي والاقتصادي أمام أعضاء الجماعة اليهودية وغيرهم من القطاعات والأقليات في المجتمع. ورُبطت عملية إعتاق اليهود بمدى تحوُّلهم إلى عنصر نافع وعنصر اقتصادي منتج. ولتشجيع أعضاء الجماعة على تَقبُّل التحديث والترويس، قامت الحكومة بتوسيع نطاق حقوق اليهود النافعين، وخصوصاً حق السكنى في روسيا بأكملها، خارج منطقة الاستيطان بالنسبة للتجار الأثرياء الذين يُعتبَرون تجاراً من الدرجة الأولى (عام 1859) ولخريجي الجامعة (عام 1861) والحرفيين (عام 1865) والجنود اليهود المُسرَّحين (عام 1867). ومن الأشياء المؤسفة أن العاهرات كن يُعتبَرن نافعات وهو ما شجع كثيراً من الفتيات اليهوديات، داخل منطقة الاستيطان، على امتهان البغاء كوسيلة للحراك الاجتماعي والجغرافي. وصُرح ليهود منطقة الاستيطان بالسكنى في بولندا عام 1868. وفي عام 1879، أصبح لكل من يعمل بمهنة الطب حق السكنى في أي مكان. ووُسع نطاق منطقة الاستيطان نفسها فأُبطل العمل بالقانون الذي يحظر على أعضاء الجماعة اليهودية السكنى في المنطقة الممتدة خمسين فرسخاً داخل الحدود.

وفي عام 1856، أُلغيت القوانين الخاصة بتجنيد أعضاء الجماعة اليهودية والعقوبات الخاصة التي كانت تُوقَّع عليهم، وتمت مساواتهم ببقية الشعب الروسي. وفي عام 1874، اعتُمد نظام التجنيد الإجباري العام لمدة أربع سنوات ولم يَعُد مقصوراً على الفقراء، وانضم آلاف الشباب اليهودي إلى الجيش ومُنحوا حقوقاً ومزايا عديدة، كما خُفِّضت مدة خدمة المجندين الذين أنهوا دراستهم من أربع سنوات إلى سنة واحدة.

 
ضحية التعصب. لوحة بريشة نيقولاي پيموننكو، 1899. لا تصور اللوحة پوگروماً، بل توثق في الواقع حدثًا في أوكرانيا، قرأ عنه الفنان: تعرضت امرأة يهودية لهجوم من قبل أفراد من جاليتها (اليهودي) لأنها وقعت في حب رجل اعتنق المسيحية. يرفع سكان البلدة العصيان وأشياء أخرى، ويظهر والداها على اليمين وهما يعنفانها.

وفي حقل التعليم، بعد فشل تجربة أوفاروف، أُغلقت المدارس اليهودية الحكومية عام 1873 ماعدا مائة مدرسة، وفُتحت المدارس الحكومية المعادية أمام أعضاء الجماعة اليهودية واعتبرت هذه الطريقة الأسلوب الأمثل لعملية الترويس. وأخذ عدد اليهود الذين التحقوا بهذه المدارس في التزايد. كما فتحت الجامعات أبوابها لهم، فزاد عدد الطلبة اليهود في الجامعات بين عامي 1853 و1872 من 1.25% من مجموع الطلبة إلى 13.2%.

وظهر فكر حركة التنوير الذي كان من أقطابه ليفنسون ومابو ويهودا ليب جوردون. وكانوا في البداية معارضين لليديشية على النمط الألماني، لكن بعضهم تبناها كلغة قومية لا كلغة دينية. وظهر أدب يديشي من أعلامه منديل موخير سفاريم وغيره. وظهرت مطبوعات يهودية بالعبرية واليديشية والروسية. وتركت الثقافة اليهودية الروسية العلمانية الجديدة أعمق الأثر في أعضاء الجماعة اليهودية، حتى وصل ذلك الأثر إلى المدارس الدينية نفسها.

ونشأ إحساس عام لدى يهود روسيا بأن الحكومة تأخذ مسألة الدمج بشكل جدي ومعقول، فاشتركوا في الحياة الروسية العامة، وظهر من بينهم عازفون موسيقيون، كما نشأت طبقة من التجار الأثرياء والمثقفين الداعين إلى الدمج والترويس. وقد أسَّسوا جمعية نشر الثقافة الروسية بين يهود روسيا عام 1863. وقام كبار المموِّلين اليهود ببناء الطرق والقلاع والسكك الحديدية وبتزويد الجيش بالتموين والغذاء، وامتلكوا المناجم وصناعات الطعام والنسيج وتصدير الأخشاب، وساهموا في تأسيس شبكة المصارف الجديدة في روسيا. وكانت هذه الطبقة تتركز في سانت بطرسبرج وموسكو وأوديسا ووارسو. وكان من أقطابها أسرتا جونزبرج وبولياكوف اللتان اعتبرتا نفسيهما قيادة الجماعة اليهودية. وارتبطت هذه الطبقة بالمثقفين اليهود الروس من المشتغلين بالمهن الحرة ومحرري الصحف والعلماء والكتاب. وكانت ثقافة هذه الطبقة والشرائح المحيطة بها روسية تماماً. ويُلاحَظ أن عدداً كبيراً من الشباب اليهودي بدأوا في هذه المرحلة يعملون ضباطاً في الجيش الروسي.

وساهمت هذه الجيوب الحديثة في عملية تحديث بقية يهود روسيا، إذ كانوا يرفضـون الحديث باليديشـية كما كانوا يتعاونون مع الحكومة في عملية التحديث، ويساهمون في نشر الثقافة الروسية بين اليهود. ولكنهم، مع هذا، ونظراً لوضعهم الطبقي المتميِّز، كانوا منعزلين عن بقية الجماهير اليهودية التي كانت تدفع وحدها ثمن التحديث بينما كانوا يجنون هم ثمراته.

ومما ساعد على ازدهار أعضاء الجماعة اليهودية داخل منطقة الاستيطان أن هذه المنطقة لم تشهد أية حروب في الفترة 1812 ـ 1914، كما أن وجود يهود روسيا داخل إمبراطورية واحدة سهَّل الحركة بين الجماعات المختلفة وأكد تَماسُك الجماعة اليهودية. وقد تزايد عدد يهود روسيا بسرعة تفوق معدل زيادة السكان، ففي عام 1825 بلغ عددهم 1.600.000 أي 3% من مجموع سكان الإمبراطورية و12% من سكان المناطـق التي تواجـدوا فيها. وفي عام 1850، بلغ عددهم 2.350.000. وبلغ عددهم عام 1880 أربعة ملايين، أي أن عددهم زاد بنحو 150% خلال 50 عاماً تقريباً. ومع هذا تعثَّر التحديث في روسيا وبدلاً من دمج أعضاء الجماعة اليهودية تحوَّلت روسيا القيصرية إلى قوة طاردة لهم في الوقت الذي كانت أعدادهم آخذة في التزايد.

وكانت استجابة يهود روسيا لتعثُّر التحديث هي الهجرة التي كانت حتى عام 1870 هجرة داخلية من ليتوانيا وروسيا البيضاء إلى جنوب روسيا (روسيا الجديدة ). فحتى عام 1847، كان 2.5% من يهود روسيا يعيشون في هذه المنطقة. ومع حلول عام 1897، كانت نسبتهم تصل إلى 13.5%. ولكن نمط الهجرة اختلف بعد عام 1880 إذ اتجهت كليةً إلى خارج شرق أوربا. فهاجر 2.750.000 يهودي تركوا شرق أوربا خلال 1881 ـ 1914 (نحو مليونين من روسيا وحدها) بينما كان عدد يهود العالم عشرة ملايين، وهو ما يعني أن ربع يهود العالم كانوا في حالة هجرة. وظهرت حركة حزب البوند الثورية الذي كان يُعَد أكبر تنظيم ثوري اشتراكي في أوربا، كما ظهرت الحركة الصهيونية، وهما تعبيران مختلفان عن تعثُّر التحديث.

ولعل أكبر دليل على تعثُّر محاولات الدمج والتحديث أن الهرم الوظيفي لأعضاء الجماعة، رغم تصاعد معدلات التحديث الاقتصادي، كان لا يزال بلا تغيير كبير إذ كان 38% من أعضاء الجماعة يعملون بالتجارة و35% يعملون بالحرف اليهودية والصناعات المرتبطة بها و3% فقط يعملون بالزراعة. ولذلك، كانت عملية اغتيال القيصر (ألكسندر الثاني) عام 1881 على يد مجموعة من الشباب الروسي الثوري، من بينهم فتاة يهودية ملحدة، تعبيراً عن المشاكل البنيوية العميقة التي يواجهها المجتمع الروسي، وخصوصاً مشكلة التناقض بين البنية الاقتصادية المتطورة والأشكال السياسية والاجتماعية المتكلسة. فشُكِّلت لجنة لإعادة النظر في المسألة اليهودية أعلنت فشل سياسة التسامح، أي فشل عملية التحديث القيصرية، وأصدرت قوانين مايو التي طُرد اليهود بموجبها من موسكو عام 1891 وحُدِّدت نسبتهم في المدارس الثانوية. وأدَّت هذه القوانين إلى طرح المسألة اليهودية على العالم الغربي بأسره إذ بدا أن روسيا بدأت تُصدِّر فائضها اليهودي إلى الجميع.

تعثر التحديث روسيا القيصرية

لم يُقدَّر لمحاولات دمج أعضاء الجماعات اليهودية في روسيا النجاح لأسباب عدة، من أهمها ما يلي:

1 ـ خلق الانفجار السكاني بين أعضاء الجماعات اليهودية فائضاً بشرياً ضخماً لم يكن من الممكن توفير الفرص الكافية للعمل والتعليم له. كما أن الانفجار السكاني كان يخلق تجمعات يهودية مركزة يتعامل من خلالها أعضاء الجماعة مع بعضهم البعض دون حاجة إلى العالم الخارجي، الأمر الذي كان يُبطئ عملية الاندماج ويعوقها.

2 ـ كما يُلاحَظ أن عملية التحديث نفسها كانت لها جوانب سلبية عديدة. فحظر الاتجار في الخمور على أعضاء الجماعة اليهودية كان يهدف إلى تقليل الاحتكاك بين اليهود والفلاحين، ولكن مع هذا حُرم آلاف اليهود من مصادر الدخل الوحيدة المتاحة لهم، فكان منهم مقطرو الخمور وموزعوها وتجارها. كما أن إنشاء السكك الحديدية التي مولها كبار الرأسماليين اليهود كما تَقدَّم، قضى على مصادر الدخل الأساسية لآلاف اليهود الذين كانوا يعملون في صناعة وتجارة العربات التي تجرها الخيول.

3 ـ ومما عقَّد الأمور أن عملية إعتاق أعضاء الجماعة اليهودية تزامنت مع إعتاق الأقنان، الأمر الذي جعل رقعة الأرض المتاحة للزراعة ضيقة جداً، وخصوصاً أن التاجر أو المرابي اليهودي لم يكن من السهل تحويله إلى مزارع. وأدَّى إعتاق الأقنان أيضاً إلى وجود عمالة رخيصة في السوق، الأمر الذي أدَّى بالتالي إلى طرد اليهود من كثير من وظائفهم التقليدية وإلى انحدارهم إلى مستوى الطبقة العاملة وتحوُّلهم إلى عمال، هذا مع ملاحظة أن المستوى المعيشي لغالبية أعضاء الجماعة اليهودية، حتى في أكثر أيامهم فاقة وفقراً، كان أعلى بكثير من مستوى القن الروسي أو القن البولندي.

4 ـ وكلما ازدادت معدلات التحديث، ازدادت صعوبة التكيف مع الاقتصاد الجديد، الأمر الذي كان يزيد عدد ضحايا التقدم، ففي مرحلة ما قبل 1880 خفَّف آلام الانتقال إلى النمط الرأسمالي في الإنتاج أن هذا النمط احتفظ في مراحله الأولى بأشكال إنتاج بسيطة وهو ما أتاح لعدد من أعضاء الجمـاعة اليهـودية أن يجدوا مجالاً رحباً للعمل (في المدن الصناعية) في التجارة الجديدة وللعمل في الحرف.

غير أن النمو الرأسمالي لم يتوقف عند هذه المرحلة، فقد اتسعت رقعة الصناعة لتشمل الصناعة الخفيفة أيضاً، فكان ذلك بمنزلة ضربات قاضية دمرت الاقتصاد الإقطاعي ودمرت معه الفروع الرأسمالية الحرفية حيث كان اليهود يتركزون بنسبة مرتفعة. وهكذا تشابكت عملية تحويل التاجر اليهودي لمرحلة ما قبل الرأسمالية إلى عامل حرفي أو تاجر رأسمالي مع عملية أخرى هي القضاء على عمـل اليهــودي الحرفي نفسـه. وحينما كان اليهودي يتحول إلى عامل، فإنه كان يواجه منافسة الفلاحين الروس المُقتلَعين الذين كانوا يقنعون بأجور منخفضة بسبب أسلوب حياتهم البسيط.

ومما زاد الأمور تشابكاً وتعقداً أن الحرفي اليهودي (كما يبيِّن أبراهام ليون) كان يعمل فيما يمكن تسميته «الحرف اليهودية» التي وُلدت بالشتتل. فالحرفي اليهودي لم يكن يعمل من أجل الفلاحين المنتجين بل كان يعمل من أجل التجار والصيارفة والوسطاء. ولذلك، نجد أن إنتاج السلع الاستهلاكية هو الشاغل الرئيسي للحرفي اليهودي لكون زبائنه يتألفون من رجال متخصصين في تجارة الأموال والبضائع، أي غير المنتجين أساساً. أما الحرفي غير اليهودي، فإن ارتباطه بالاقتصاد الزراعي جعله لا ينتج سلعاً استهلاكية لأن الفلاح كان يكفي نفسه بنفسه. وهكذا، إلى جانب الفلاح، كان هناك الحرفي غير اليهودي (الحداد مثلاً)، وإلى جانب رجل المال اليهودي كان هناك الحرفي اليهودي (الترزي مثلاً). وقد ساعد على تطوُّر الحرفي غير اليهودي ارتباطه بالتاجر المسيحي الذي كان يوظف أمواله في حرف متخصصة غير مرتبطة بالنظام الإقطاعي مثل نسج الأصواف، وهي حرف كان الغرض منها الإنتاج للتصدير لا الاستهلاك المباشر، أي أنها حرف تقع خارج نطاق النظام الإقطاعي وتمثل نواة الاقتصاد الجديد، وبالتالي فإنها لم تسقط مع الاقتصاد القديم. وانعكس هذا الوضع على أعضاء الطبقة العاملة من اليهود، فالحرف الأقل قابلية للتطور إلى صناعة كانت محصورة في أيدي الحرفيين اليهود، بينما انحصرت المهن الأكثر قابلية لهذا التطور في أيدي الحرفيين غير اليهود.

5 ـ وقويت شوكة الطبقة الوسطى الروسية، وخصوصاً بعد تَدفُّق رؤوس الأموال الأوربية الغربية على روسيا، بحيث فُتحت آفاق جديدة أمامها وأصبحت قوة اقتصادية لها وزنها يمكنها التفاهم مع البيروقراطية الحكومية (الروسية الأرثوذكسية) التي كانت تحابيها وتعطيها الأولوية والأفضلية. وتسبب كل هذا في إضعاف المموّلين اليهود وأعاق عملية تحوُّل كثير من أعضاء الجماعة اليهودية إلى أعضاء في الطبقة الوسطى الروسية.

6 ـ أدَّى القضاء على ثورة بولندا عام 1863 إلى حرمان آلاف اليهود ممن كانوا يعملون في نظام الأرندا وكلاء للنبلاء البولندين (شلاختا) من وظائفهم.

7 ـ وفي الحالات القليلة التي كان بعض أعضاء الجماعة يحققون فيها مكانة مرموقة أو حراكاً اجتماعياً، كانوا يصبحون محط الحقد الطبقي في وقت كانت الضائقة الاجتماعية آخذة في التزايد. ومن هنا، كان اتهام اليهود بالسيطرة الاقتصادية واستغلال غير اليهود، ومن هنا أيضاً ارتسمت صورة اليهودي كرأسمالي جشع.

8 ـ ومن قبيل المفارقات أن عدداً كبيراً من أعضاء الجماعة اليهودية سقط ضحية التقدم وتحولوا إلى أعضاء في الطبقة العاملة الحضرية التي فقدت جذورها الثقافية ونمط حياتها وانتماءها الديني ومصدر حياتها. وقد وصل الفقر إلى درجة أن ثلث يهود روسيا عاشوا على معونات المنظمات اليهودية الغربية. وكل هذا يعني أن الجماهير الفقيرة لم تكن مستفيدة تماماً من عمليات التحديث ولم تكن ترى فيه حلاًّ لمشاكلها الحضارية. ولذا، التفت قطاعات كبيرة منهم، وخصوصاً صغار التجار، حول القيادات الحسيدية التي منحتها شيئاً من الطمأنينة في عالم لم تكن تفهمه البتة.

9 ـ ولكن، بالنسبة للعمال اليهود الروس والمثقفين العلمانيين، أدَّى تردِّي وضعهم إلى انخراطهم بمعدلات كبيرة في صفوف الحركات الثورية، وخصوصاً أن مستواهم الثقافي كان، كما تَقدَّم، أعلى من مستوى الأقنان. ففي عام 1899، كانت نسبة اليهود في الحركات الثورية تبلغ 24.8% في وقت كانت نسبتهم إلى عدد السكان 4.1%.

10 ـ ويمكن أن نضيف بعض العناصر الثقافية التي أدَّت إلى فشل عملية التحديث، من بينها أنها كانت تتم رغم أنف اليهود. وقد بدأت هذه العملية بقضها وقضيضها من داخل المجتمع الروسي لا من داخل الجماعة اليهودية التي ظلت رافضة إياها. ولاقت هذه العملية مقاومة شديدة من جانب الجماهير اليهودية المتخلفة التي رفضت إرسال أطفالها إلى المدارس الروسية العلمانية، وخصوصاً أن عملية التحديث كانت كما تَقدَّم تضيرها اقتصادياً في كثير من الأحوال وتحولها إلى طبقة عاملة حضرية مفتقدة للمعنى الذي كانت تجده في وجودها التقليدي.

روسيا من 1881 حتى الثورة البلشڤية 1917

اتسمت عملية التحديث في روسيا القيصرية بالتنافر الشديد بين الأشكال السياسية الاستبدادية السائدة في المجتمع ومعدلات التنمية الاقتصادية السريعة التي كانت تتزايد وتدفع بالملايين من القرى إلى السوق، تاركين أنماط حياتهم التقليدية حيث يتحولون من أقنان وفلاحين وحرفيين صغار إلى عمال أجراء، مع ما يتبع ذلك من آلام وضياع ثم إحساس بالفردية ورغبة في المشاركة في السلطة. ولم تقدم الحكومة القيصرية أية صيغ عقائدية تساهم في تقليل آلام الانتقال أو في توسيع نطاق المشاركة في تسيير دفة الحكم. بل إنه مع اعتلاء ألكسندر الثالث الحكم (1881 ـ 1894)، ازداد التشدد والأوتوقراطية، وخصوصاً تحت تأثير بُوبيدونستسيف الذي كان يرفض المثل الديموقراطية تماماً. وقد تلقى القيصر نفسه تعليماً دينياً تقليدياً، كما ظهر عديد من المفكرين الرجعيين (مثل كاتكوف وليونتييف) الذين طالبوا بضرورة وضع حدود صارمة على الشعب الروسي وضرورة الحد من حرياته من جديد. فقد نمت روسيا وتطورت ـ في رأيهم ـ مع نمو التفاوت بين الطبقات في المجتمع الروسي، ومع تأسيس نظام الأقنان وتَطوُّر الوظائف التي تُشغَل بالوراثة. وسيطرت تلك الروح الرجعية على جميع مجالات الحياة في روسيا ووصل أثرها إلى حياة الفئات والطبقات والجماعات كافة، فأُعيدت التشريعات التي تحدد التعليم على أساس طبقي، وأصبح من العسير على أبناء الطبقات الفقيرة أن يلتحقوا بالمدارس. وفي منشور صادر من وزارة التربية معروف باسم «منشور أبناء الطباخين»، جاء أن من الواجب عدم قبول « أبناء قائدي العربات والخدم والطباخين وأصحاب الحوانيت الصغيرة والغسالات ومن شابههم ». كما زيدت مصاريف الجامعات حتى تقلل فرص الالتحاق بها أمام الفقراء. وأُلغي الفصل بين السلطتين التنفيذية والقضائية، فعُيِّن في العادة بدلاً من القضاة في الريف رؤسـاء قرويون من طبقـة النبـلاء يقومون بإصـدار الأحكام وتنفيذها. وتم تقييد حرية الصحافة تماماً، وطورد أعضاء الجماعات المسيحية التي لا تدين بالأرثوذكسية. وفي كثير من الأحيان، كانوا يُمنعون تماماً من إقامة شعائرهم بل كان يتم خطف أطفالهم منهم. وتجلت السياسة القومية الرجعية أيضاً في القيود الشديدة التي فُرضت على مختلف الجماعات غير الروسية (السلافية وغير السلافية) الموجودة على الحدود، مثل البولنديين، إذ فُرض عليهم برنامج قاس للترويس. وانتهى عصر القيصر ألكسندر الثالث بمجاعة وقعت عام 1891 زادت بؤس الجماهير.

ولم يكن أعضاء الجماعة اليهودية سوى أحد القطاعات البشرية المنكوبة التي وقعت ضحية عملية القمع الرجعية هذه. فقد بدأ عهد ألكسندر الثالث بسلسلة من الهجمات على كثير من مراكز اليهود السكانية استمرت نحو ثلاثة أعوام وتأثر بها نحو 60 ألف يهودي. وقد وقعت الهجمات بعد أن قامت بعض الصحف الروسية الرسمية بشحن الجو ضدهم باعتبارهم مستغلي الفلاحين. وتشكلت لجنة للتحقيق في الحوادث توصلت إلى أن نشاط اليهود الاقتصادي هو السبب في هذه الهجمات (ولكن اللجنة، مع هذا، لاحظت أن سلوك الشرطة والجيش لم يكن فوق الشبهات). ثم شُكِّلت لجنة أخرى لإعادة النظر في المسألة اليهودية طرحت اقتراحات لا تختلف كثيراً عن اقتراحات وتوصيات اللجان السابقة. وبناء عليه، أصدر وزير الداخلية الكونت إجناتييف قوانين مايو المؤقتة عام 1882 باعتبارها إجراءات استثنائية تنطبق على منطقة الاستيطان وتهدف إلى حماية المواطنين الروس من اليهود باعتبارهم عنصراً أجنبياً غريباً. ولكن، ظهرت صعوبات كثيرة عند تطبيق هذه القوانين، فشُكِّلت لجنة أخرى عام 1883 لمناقشتها واستمرت اللجنة الجديدة في اجتماعاتها خمسة أعوام وأوصت عام 1888 بضرورة رفع القيود عن اليهود وإعتاقهم. ولكن البيروقراطية تجاهلت تلك التوصيات وقامـت بطرد اليهود من موسـكو عام 1891 وتحـديد عددهـم في المدارس، وهو ما أدَّى إلى سفر أعداد متزايدة من الشباب اليهودي إلى الخارج حيث تم تسييسهم وتثويرهم. ولم يتغيَّر الوضع كثيراً في حكم نيقولا الثاني (1894 ـ 1918) آخر قياصرة آل رومانوف. وقد شهدت المرحلة تصاعداً في تطور الصناعة الرأسمالية والتصنيع لم يواكبها تحديث في النظام، فشهد عام 1893 تصاعداً في تطور الصناعة الرأسـمالية بقدر لم يسـبق له نظير، وتضاعـف عدد أعضاء الطبقة العاملة. وقد زاد إنتاج الفولاذ والبترول ثلاثة أضعاف، وزاد طول السكك الحديدية من 28 ألفاً إلى 49 ألف فرسخ. ورغم السياسة التي اتبعتها الحكومة التي تهدف إلى تقليل فرص التعليم أمام الفقراء، زاد عدد الطلبة في المدارس وقلت نسبة الأمية. ففي بلد كانت الأمية فيه كاملة تقريباً في بداية القرن، وصل عدد الذين يعرفون القراءة والكتابة عام 1897 إلى 27.8%. وزاد حجم الطبقة العاملة، فكانت الألوف تهجر القرى وتنضم إلى الطبقة العاملة الحضرية.

وكرد فعل لهذه التغيرات، زادت النزعات القومية السلافية الروسية وزاد قمع الأقليات والشعوب التابعة، وخصوصاً غير السلافية، فتم قمع الأوكرانيين والبولنديين والمسلمين في الإمارات الإسلامية، وكذلك تم قمع أعضاء الجماعة اليهودية. ومن أشهر الأحداث التي شهدتها الفترة حادث يوم الأحد الأسود في 9 يناير 1905 حين قام مائتا ألف عامل من الرجال والنساء والأطفال يقودهم الأب جابون بالسير إلى قصر الشتاء ليقدموا شكواهم لأبيهم القيصر. وبدلاً من أن يقابلهم القيصر، انهالت عليهم رصاصات الحرس القيصري فحصدت نحو سبعين منهم وجرحت ما يزيد على الألف.

الجناة عدد الپوگرومات أو التجاوزات أعداد القتلى القتلى في كل پوگروم[23]
فرق هريگوليڤ 52 3.471 67
المديرية 493 16.706 34
الجيش الأبيض 213 5,235 25
فرق متنوعة 307 4.615 15
الجيش الأحمر 106 725 7
آخرون 33 185 6
الجيش الپولندي 32 134 4
الاجمالي 1.236 31.071 25


واستمر الفوران، فشهد أكتوبر 1905 إضراباً عاماً شل الحياة تماماً. واضطر القيصر إلى أن يمنح الشعب الحريات البرلمانية بعد هزيمة القوات الروسية أمام اليابان، ولكنه ظل يماطل ويُعدِّل القوانين إلى أن تم تعديلها بشكل جعلها تفقد كثيراً من فعاليتها. وظهرت جماعات إرهابية مثل جماعات المائة السود التي اغتالت زعماء المعارضة وهاجمت تجمعات اليهود.

وبلغ النظام القيصري نهايته مع ظهور راسبوتين (1872 - 1916) وسيطرته على زوجة القيصر ثم على القيصر نفسه بحلول عام 1905. وكان راسبوتين، كما يقول سكرتيره اليهودي آرون سيمانوفيتش، شخصية كاريزمية جاء من صفوف الفلاحين وكان يتلذذ بإذلال أعضاء الطبقة الأرستقراطية، وخصوصاً النساء، ولا يعيِّن منهم إلا من يروقه أو من يدفع له الثمن. وقد اغتيل راسبوتين عام 1916، بعد أن كان قد هزَّ النخبة الحاكمة القيصرية من جذورها وبعد أن كان قد تم تصفية عناصر كثيرة منها.

وقد كان يهود روسيا جزءاً من هذه العملية الانقلابية، فوقعت مذبحة كيشينيف عام 1903 (ويُقال إنها تمت بتحريض من وزير الداخلية فون بليفيه، وهو أمر غير مستبعد تماماً، فقد كانت الحكومة القيصرية تلجأ إلى مثل هذه الأساليب في قمع معارضيها). وكانت مذبحة كيشينيف هذه جزءاً من سلسلة من الهجمات دُبرت ضد أعضاء الجماعة اليهودية وغيرهم، كما وُجِّهت تهمة الدم الشهيرة إلى بيليس عام 1911، ولكن العناصر الليبرالية دافعت عنه وتمت تبرئته تماماً.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الاتحاد السوڤيتي

قبل الحرب العالمية الثانية

 
الثوار البلاشڤة: ليون تروتسكي، ليڤ كامنيڤ، وگريگوري زينوڤييڤ، أُعدم الأخير أو أغتيل بأوامر من ستالين.

استمرارًا لسياسة البلاشڤة قبل الثورة، أدان لنين والحزب البلشڤي الپوگرومات بشدة، بما في ذلك الإدانات الرسمية عام 1918 من قبل مجلس مفوضي الشعب. كانت معارضة الپوگرومات ومظاهر معاداة السامية الروسية في ذلك العصر معقدة بسبب السياسة البلشڤية الرسمية المتمثلة في استيعاب جميع الأقليات القومية والدينية، والمخاوف بشأن المبالغة في التأكيد على المخاوف اليهودية خوفًا من تفاقم معاداة السامية الشعبية، حيث كانت القوات البيضاء تربط علنًا النظام البلشڤي باليهود.[24][25][26]

عام 1919 سجل ليين ثمانية من خطبه على أسطوانات جرامافون. ولم يعاد تسجيل سوى سبعة منها لاحقًا وطرحها للبيع. أما الخطبة التي تم قمعها في عهد نيكيتا خروشوڤ فقد سجلت مشاعر لنين تجاه معاداة السامية:[27]

"لقد نظمت الشرطة القيصرية، بالتحالف مع ملاك الأراضي والرأسماليين، پوگرومات ضد اليهود. وحاول ملاك الأراضي والرأسماليون تحويل كراهية العمال والفلاحين الذين عذبهم الفقر ضد اليهود... فقط أكثر الناس جهلاً وظلماً يمكنهم تصديق الأكاذيب والافتراءات التي تُنشر عن اليهود... ليس اليهود هم أعداء العمال. أعداء العمال هم الرأسماليون في جميع البلدان. ​​بين اليهود هناك عمال، وهم يشكلون الأغلبية. إنهم إخوتنا الذين يضطهدهم رأس المال مثلنا، وهم رفاقنا في النضال من أجل الاشتراكية. بين اليهود هناك فلاحون ومستغلون ورأسماليون، كما هو الحال بين الروس وبين شعوب جميع الأمم... إن اليهود الأثرياء، مثل الروس الأثرياء، والأغنياء في جميع البلدان، متحالفون لقمع العمال وسحقهم وسرقتهم وتفريقهم... عار على القيصرية الملعونة التي عذبت واضطهدت اليهود. عار على أولئك الذين يحرضون على كراهية اليهود، والذين يحرضون على الكراهية تجاه الأمم الأخرى.[28]

على الرغم من معارضة الدولة السوڤيتية الرسمية لمعاداة السامية، شهد ربيع عام 1918 أعمال عنف واسعة النطاق ضد اليهود ارتكبها أعضاء الحرس الأحمر في تخوم الاستيطان السابقة. في فبراير 1918، مع تقدم القوات الروسية نحو العاصمة پتروگراد، وقعت الحكومة السويتية على معاهدة برست-لتوڤسك، التي نصت على انسحاب روسيا من الحرب العالمية الأولى والتنازل عن مساحات شاسعة من الأراضي في شرق روسيا للامبراطورية الألمانية. ومع ذلك، حتى بعد توقيع المعاهدة، استمر الألمان في التقدم والاستيلاء على الأراضي، حيث لم يكن أمام السوڤيت خيار سوى التراجع عبر أوكرانيا. في هذه المرحلة من الحرب، كان الحرس الأحمر يتألف في الغالب من عمال وفلاحين غير مدربين بدون هيكل قيادة شامل، مما ترك الدولة بدون سيطرة تقريبًا على القوات المتطوعة.[29] في الفترة ما بين مارس ومايو 1918، هاجمت فرق الحرس الأحمر المختلفة، التي شعرت بالمرارة بسبب هزيمتها العسكرية وحركتها المشاعر الثورية، اليهود في المدن والبلدات في مختلف أنحاء منطقة تشرنيهيڤ في أوكرانيا. ووقعت واحدة من أكثر حالات العنف وحشية في مدينة نوڤهورود-سيڤرسكي، حيث وردت أنباء عن مقتل 88 يهوديًا وإصابة 11 آخرين في پوگروم نفذه جنود الحرس الأحمر.[30] وعلى نحو مماثل، بعد الاستيلاء الناجح على مدينة هلوخيڤ، قتل الحرس الأحمر ما لا يقل عن 100 يهودي، اتهمهم الجنود بأنهم "مستغلون للپروليتاريا".[31] بصفة إمالية، قدر الناشط اليهودي ناحوم گرگل أن القوات الحمراء كانت مسؤولة عن حوالي 8.6% من الپوگرومات خلال الأعوام 1918-1922، في حين كانت القوات الأوكرانية وقوات الجيش الأبيض مسؤولة عن 40% و17.2% على التوالي.[32]

 
السياسي والإداري السوڤيتي لازار كاگانوڤيتش عام 1936.

كان لنين مدعومًا من قبل الحركة الصهيونية العمالية (Poale Zion)، التي كانت تحت قيادة المنظر الماركسي بير باراخوڤ، والتي كانت تناضل من أجل تأسيس دولة عمالية يهودية في فلسطين وشاركت أيضًا في ثورة أكتوبر (وفي المشهد السياسي السوڤيتي اللاحق حتى حظرها ستالين عام 1928). وبينما ظل لنين معارضًا للأشكال الخارجية من معاداة السامية (وجميع أشكال العنصرية)، مما سمح لليهود بالارتقاء إلى أعلى المناصب في كل من الحزب والدولة، يزعم بعض المؤرخين مثل ديمتري ڤولكوگونوڤ أن سجل حكومته في هذا الصدد كان غير متكافئ للغاية. يزعم ڤولكوگونوڤ، المؤرخ السوڤيتي الرسمي السابق (الذي تحول إلى معادٍ شرس للشيوعية)، أن لنين كان على علم بالپوگرومات التي نفذتها وحدات من الجيش الأحمر أثناء الحرب مع پولندا، وخاصة تلك التي نفذتها قوات سيميون بوديوني،[33] على الرغم من تجاهل القضية برمتها بشكل فعال. يكتب ڤولكوگونوڤ أن "لنين، على الرغم من إدانته لمعاداة السامية بشكل عام، لم يتمكن من تحليل انتشارها في المجتمع السوڤيتي، ناهيك عن القضاء عليها".[34] وبالمثل، لم يستثنِ العداء الذي أبداه النظام السوڤيتي تجاه جميع الطوائف اليهودية، وشهدت حملة عام 1921 ضد الأديان الاستيلاء على العديد من الكنيسات اليهودية (سواء كان ينبغي اعتبار هذا معاداة للسامية أم لا، فهذا أمر قابل للتعريف ــ لأن الكنائس المسيحية الأرثوذكسية نالت نفس المعاملة). وفي كل الأحوال، كان هناك قدر لا بأس به من التسامح مع الممارسات الدينية اليهودية في العشرينيات: ففي العاصمة البلاروسية مينسك، على سبيل المثال، كان 547 كنيساً يهودياً من أصل 657 كانت قائمة عام 1917 لا تزال تعمل حتى عام 1930.[35]

 
كولخوز يهودي. لتعزيز الزراعة اليهودية، أسس الحزب الشيوعي السوڤيتي عام 1925 مفوضية حكومية (الكومزيت) وجمعية عمومية (الأوزيت).

بحسب تصڤي گيتلمان: "لم يحدث من قبل في تاريخ روسيا - ولم يحدث من قبل بصفة عامة أن بذلت حكومة مثل هذا الجهد لاستئصال معاداة السامية والقضاء عليها".[36]

وفقًا لتعداد 1926، بلغ العدد الإجمالي لليهود في الاتحاد الاتحاد السوڤيتي 2.672.398 - 59% منهم يعيشون في أوكرانيا السوڤيتية، و15.2% في بلاروسيا السوڤيتية، و22% في جمهورية روسيا الاشتراكية الاتحادية السوڤيتية، و3.8% في الجمهوريات السوڤيتية الأخرى.

لفترة طويلة كان اليهود الروس يعتبرون جماعة عرقية غير أصلية بين الروس السلاڤيين، وقد ترسخت هذه التصنيفات عند تصنيف الأقليات العرقية في الاتحاد السوڤيتي بحسب العرقية (национальность). في عمله النظري الماركسية والمسألة القومية الصادر سنة 1913، وصف ستالين اليهود بأنهم "ليسوا أمة حية ونشطة، بل هم شيء صوفي وغير ملموس وخارق للطبيعة. وأكرر، أي نوع من الأمة هي الأمة اليهودية التي تتألف من اليهود الجورجيين والداغستانيين والروس والأمريكيين وغيرهم، الذين لا يفهم أعضاؤها بعضهم بعضاً (لأنهم يتحدثون لغات مختلفة)، ويسكنون أجزاء مختلفة من العالم، ولن يروا بعضهم بعضاً أبداً، ولن يتصرفوا معاً أبداً، سواء في زمن السلم أو في زمن الحرب؟!"[37]

بحسب ستالين، الذي أصبح بعد الثورة مفوض الشعب لشؤون القوميات، فإن الأقلية لكي تتأهل كأمة، يجب أن يكون لديها ثقافة ولغة ووطن.

 
المدعي العام ڤيشينسكي (وسط الصورة)، يقرأ لائحة الاتهام ضد كارل راديك أثناء محاكمة موسكو الثانية 1937.

اللغة اليديشية، وليس العبرية، هي اللغة الوطنية، وستحل الأدب والفنون الاشتراكية الپروليتارية محل اليهودية باعتبارها جوهر الثقافة. في العشرينيات وجد استخدام اليديشية تشجيعاً قوياً في مناطق الاتحاد السوڤيتي ذات أعداد كبيرة من السكان اليهود، وخاصة في جمهوريتي أوكرانيا وبلاروسيا السوڤيتية. كانت اليديشية واحدة من اللغات الرسمية الأربع في بلاروسيا السوڤيتية، إلى جانب البيلاروسية والروسية والپولندية. تم أخذ المساواة بين اللغات الرسمية على محمل الجد. يرى الزائر الذي يصل إلى محطة القطار الرئيسية في العاصمة البلاروسية مينسك اسم المدينة مكتوبًا باللغات الأربع فوق مدخل المحطة الرئيسية. كانت اليديشية لغة الصحف والمجلات ونشر الكتب والمسرح والإذاعة والأفلام ومكتب البريد والمراسلات الرسمية ومواد الانتخابات وحتى المحكمة اليهودية المركزية. في العشرينيات، أحتفي بالكتاب اليديشيين مثل شولم أليخيم ومندلي موشر سيفوريم باعتبارهم أبطالًا يهودًا سوڤيت.

كان لدى مينسك نظام مدارس حكومية باللغة اليديشية مدعوم من الدولة، يمتد من رياض الأطفال إلى قسم اللغة اليديشية في جامعة بلاروسيا الحكومية. وعلى الرغم من أن الطلبة اليهود كانوا يميلون إلى التحول إلى الدراسة بالروسية مع انتقالهم إلى التعليم الثانوي والعالي، إلا أن 55.3% من طلبة المدارس الابتدائية اليهودية في المدينة التحقوا بمدارس باللغة اليديشية عام 1927.[38] في ذروتها، كان هناك 160.000 طالب في المدارس اليديشية السوڤيتية.[39] كانت المكانة المرموقة التي اكتسبتها جامعة مينسك في مجال دراسة اللغة اليديشية عالية إلى الحد الذي دفع الباحثين الذين تلقوا تدريبهم في وارسو وبرلين إلى التقدم بطلبات لشغل مناصب أعضاء هيئة التدريس في الجامعة. وكل هذا يقود المؤرخة إليسا بيمپوراد إلى استنتاج مفاده أن هذه "المدينة اليهودية العادية للغاية" كانت في العشرينيات "إحدى عواصم العالم للغة والثقافة اليديشية".[40]

كما لعب اليهود دوراً غير متناسباً في السياسة البلاروسية من خلال فرع الحزب البلشڤي الناطق باليديشية، يڤسكستيا. ولأن البلاشڤة اليهود كانوا قليلين قبل عام 1917 (باستثناءات بارزة قليلة مثل زينوڤييڤ وكامنيڤ)، فإن زعماء يفسكستيا في عشرينيات القرن العشرين كانوا في الغالب من أعضاء البوند السابقين، الذين سعوا باعتبارهم بلاشفة إلى حملتهم من أجل التعليم والثقافة اليهودية العلمانية. وعلى سبيل المثال، على الرغم من أن ما يزيد قليلاً عن 40% فقط من سكان مينسك كانوا يهوداً في ذلك الوقت، إلا أن 19 من سكرتيري خلايا الحزب الشيوعي البالغ عددهم 25 كانوا يهوداً عام 1924.[41] كانت الهيمنة اليهودية في خلايا الحزب بحيث عقدت العديد من اجتماعات الخلايا باليديشية. وفي واقع الأمر، كان الحديث باليديشية مستمراً في اجتماعات الحزب على مستوى المدينة في مينسك حتى أواخر الثلاثينيات.[42]

للتعويض عن التطلعات القومية والدينية اليهودية المتنامية للصهيونية ولتصنيف اليهود السوڤيت بنجاح وفقًا لتعريف ستالين للجنسية، عام 1928 تم تأسيس بديل لأرض إسرائيل بمساعدة الكومزيت وأوزيت. كان من المقرر أن يصبح الأوبلاست الذاتي اليهودي بمركزه في بيروبيجان في الشرق الأقصى الروسي "صهيونياً سوڤيتياً".[43] على الرغم من حملة الدعاية الحكومية المحلية والدولية الضخمة، إلا أن عدد السكان اليهود في الأوبلاست اليهودي الذاتي لم يصل أبدًا إلى 30% (عام 2003 كان حوالي 1.2% فقط)[44]). توقفت التجربة في منتصف الثلاثينيات، خلال حملة التطهير الأولى التي شنها ستالين.

في الواقع، عام 1930 تم حل يڤسكستيا، الفرع الناطق باليديشية التابع للحزب البلشڤي، كجزء من تحول النظام بشكل عام عن تشجيع اللغات والثقافات الأقلية ونحو الترويس. أُعتقل العديد من الزعماء اليهود، وخاصة أولئك الذين لديهم خلفيات اتحادية ، وتإعدامهم في عمليات التطهير اللاحقة في الثلاثينيات،[بحاجة لمصدر] كما أُغلقت المدارس اليديشية. عام 1938 أغلت بلاروسيا السوڤيتية شبكة مدارسها اليديشية بالكامل.

في رسالته المؤرخة في 12 يناير 1931 بعنوان "معاداة السامية: رد ستالين على استفسار وكالة الأنباء اليهودية في الولايات المتحدة" (التي نشرتها صحيفة پراڤدا محلياً عام 1936)، وأدان ستالين رسمياً معاداة السامية قائلاً:

ردًا على استفساركم: إن التعصب القومي والعنصري هو من بقايا العادات المعادية للبشر التي ميزت فترة أكل لحوم البشر. ومعاداة السامية، باعتبارها شكلاً متطرفًا من أشكال التعصب العنصري، هي أخطر بقايا أكل لحوم البشر.

إن معاداة السامية مفيدة للمستغلين باعتبارها بمثابة مانع صواعق يصد الضربات التي يوجهها العمال إلى الرأسمالية. ومعاداة السامية تشكل خطراً على العمال باعتبارها طريقاً زائفاً يقودهم بعيداً عن الطريق الصحيح ويهبط بهم إلى الغابة. ومن ثم فإن الشيوعيين، باعتبارهم أمميين ثابتين، لا يمكن إلا أن يكونوا أعداءً لدودين لمعاداة السامية.

في الاتحاد السوڤيتي، يعاقب القانون على معاداة السامية بأقصى درجات الشدة باعتبارها ظاهرة معادية للنظام السوڤيتي. وبموجب قانون الاتحاد السوڤيتي، فإن معادين السامية النشطين معرضون لعقوبة الإعدام.[45]

 
صورة اعتقال قوات الأمن السوڤيتية للشاعر أوسيپ ماندلستام عام 1938، والذي توفي في گولاگ.

لقد خلق حلف مولوتوڤ-ريبن‌تروپـ معاهدة عدم الاعتداء التي أبرمت عام 1939 مع ألمانيا النازية ـ المزيد من الشكوك فيما يتصل بموقف الاتحاد السوڤيتي تجاه اليهود. فوفقاً للمعاهدة، تم تقسيم پولندا، الدولة التي تضم أكبر عدد من اليهود في العالم، بين ألمانيا والاتحاد السوڤيتي في سبتمبر 1939. ورغم أن المعاهدة لم يكن لها أساس في التعاطف الأيديولوجي (كما يتضح من الدعاية النازية حول "البلشڤية اليهودية")، فإن احتلال ألمانيا لغرب پولندا كان بمثابة كارثة بالنسبة ليهود شرق أوروپا. وتشير الأدلة إلى أن بعض اليهود في منطقة الاحتلال السوڤيتي الشرقية رحبوا بالروس باعتبارهم يتبنون سياسة أكثر تحرراً تجاه حقوقهم المدنية مقارنة بالنظام الپولندي السابق المعادي للسامية.[46] تم ترحيل اليهود من المناطق التي ضمها الاتحاد السوڤيتي شرقًا في موجات كبيرة؛[بحاجة لمصدر] وبما أن هذه المناطق ستغزوها ألمانيا النازية قريباً، فإن هذه الهجرة القسرية، التي استنكرها العديد من ضحاياها، أنقذت بشكل متناقض أيضاً حياة مئات الآلاف من المرحلين اليهود.

 
صورة من قوات الأمن الروسي للكاتب إسحاق بابل بعد اعتقاله أثناء التطهير الكبير في عهد ستالين.

ومن بين اليهود الذين نجوا من عمليات التطهير لازار كاگانوڤيتش، الذي لفت انتباه ستالين في العشرينيات باعتباره بيروقراطيًا ناجحًا في طشقند وشارك في عمليات التطهير في الثلاثينيات. واستمر ولاء كاگانوڤيتش حتى بعد وفاة ستالين، عندما طُرد هو ومولوتوڤ من صفوف الحزب عام 1957 بسبب معارضتهما لإزالة الستالينية.

وبعيدًا عن الخلافات طويلة الأمد، التي تراوحت بين حلف مولوتوڤ-ريبن‌تروپ ومعاداة الصهيونية، فقد منح الاتحاد السوڤيتي رسميًا "المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن الوضع أو الجنس أو العرق أو الدين أو الجنسية". وكانت السنوات التي سبقت الهولوكوست عصرًا من التغيير السريع لليهود السوڤيت، تاركين وراءهم الفقر المدقع الذي كان يسود تخوم الاستيطان. فقد رحل أربعون في المائة من سكان تخوم الاستيطان السابقة إلى المدن الكبرى داخل الاتحاد السوڤيتي.

إن التركيز على التعليم والانتقال من الشتتلات إلى المدن الصناعية الحديثة سمح للعديد من اليهود السوڤيت بالتمتع بالتقدم الشامل في عهد ستالين وأن يصبحوا من أكثر الفئات السكانية تعليماً في العالم.

 
ياكوڤ كريزر، قائد ميداني في الجيش الأحمر.

وبسبب التركيز الستاليني على سكان المناطق الحضرية، أنقذت الهجرة بين الحربين عن غير قصد أعداداً لا حصر لها من اليهود السوڤيت؛ فقد اخترقت ألمانيا النازية كامل التخوم اليهودية السابقة ـ لكنها كانت على بعد كيلومترات قليلة من لنين‌گراد وموسكو. أنقذت هجرة العديد من اليهود إلى الشرق من التخوم اليهودية، التي احتلتها ألمانيا النازية، ما لا يقل عن 40% من السكان اليهود الأصليين في المنطقة.

بحلول عام 1941، قُدِّر أن الاتحاد السوڤيتي كان موطنًا لنو 4.855 مليون يهودي، أي حوالي 30% من إجمالي اليهود في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، كانت غالبية هؤلاء من سكان المناطق الريفية الغربية في بلاروسيا وأوكرانيا - الذين عانوا كثيرًا بسبب الاحتلال الألماني والهولوكوست]. عاش حوالي 800.000 يهودي فقط خارج الأراضي المحتلة، وفي النهاية أُجلي 1.200.000-1.400.000 يهودي شرقًا.[47] ومن بين الثلاثة ملايين شخص المتبقين في المناطق المحتلة، يُعتقد أن الغالبية العظمى منهم لقوا حتفهم في معسكرات الإبادة الألمانية.

الحرب العالمية الثانية والهولوكوست

 
الجنرال سميون كريڤوشين، من أبرز قادة الدبابات في الجيش الأحمر.
 
كنيس الحرفيين في روستوڤ على الدون، احترق عام 1942، أثناء الحرب الوطنية العظمى.
 
الكاتب والصحفي السوڤيتي إيليا إهرنبورگ برفقة الجنود السوڤيت عام 1942.

لعب السكان المحليون في المناطق تحتل الاحتلال الألماني، وخاصة الأوكرانيين واللتوانيين واللاتڤيين، أحيانًا أدوارًا رئيسية في الإبادة الجماعية لللاتڤيين الآخرين واللتوانيين والأوكرانيين والسلاڤ والرومانيين والمثليين واليهود على حد سواء. في ظل الاحتلال النازي، نفذ بعض أعضاء الشرطة النازية الأوكرانية واللاتڤية عمليات الترحيل في گيتو وارسو، وسار اللتوانيون باليهود إلى حتفهم في پوناري. وحتى مع مساعدة البعض للألمان، ساعد عدد كبير من الأفراد في الأراضي الخاضعة للسيطرة الألمانية اليهود أيضًا على الهرب من الموت (انظر الصالحون بين الأمم). في لاتڤيا، على وجه الخصوص، كان عدد المتعاونين مع النازيين أكبر قليلاً من عدد المنقذين اليهود. تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 1.4 مليون يهودي قاتلوا في جيوش الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية؛ 40% منهم في الجيش الأحمر.[48] بصفة إجمالية، فقد ما لا يقل عن 142.500 جندي سوڤيتي من القومية اليهودية حياتهم وهم يقاتلون ضد الغزاة الألمان وحلفائهم.[49]

 
1946. الرد الرسمي على استفسار المفوضية اليهودية المناهضة للفاشية حول الأوسمة العسكرية التي حصل عليها اليهود أثناء الحرب (1.8% من العدد الإجمالي). حاول بعض المعادين للسامية اتهام اليهود بالافتقار إلى الوطنية والاختباء من الخدمة العسكرية.

كانت السياسة السوڤيتية النموذجية فيما يتعلق بالهولوكوست تتمثل في تقديمها باعتبارها فظائع ضد المواطنين السوڤيت، وليس التأكيد على أنهالإبادة جماعية لليهود. على سبيل المثال، بعد تحرير كييڤ من الاحتلال النازي، تشكلت "المفوضية الاستثنائية للدولة" (Чрезвычайная Государственная Комиссия؛ "Chrezv'chaynaya Gosudarstvennaya Komissiya") للتحقيق في الجرائم النازية. رسمياً، فُرضت الرقابة على وصف مذبحة بابي يار على النحو التالي:[50]

مسودة التقرير (25 ديسمبر 1943) النسخة المراقبة (فبراير 1944)

"ارتكب قطاع الطرق الهتلريون إبادة جماعية وحشية للسكان اليهود. وأعلنوا أنه في 29 سبتمبر 1941، طُلب من جميع اليهود الوصول إلى زاوية شارعي ملنيكوڤ ودوكتريڤ وإحضار وثائقهم وأموالهم ومقتنياتهم الثمينة. وساقهم الجزارون إلى بابي يار، واستولوا على ممتلكاتهم الثمينة، ثم أطلقوا النار عليهم".

""لقد قام قطاع الطرق الهتلريون بحشد الآلاف من المواطنين السوڤيت إلى زاوية شارعي ملنيكوڤ ودوكتريڤ . وقام الجزارون باقتيادهم إلى بابي يار، وسلبوا ممتلكاتهم الثمينة، ثم أطلقوا النار عليهم".

الحملاات الستالينية المعادية للسامية

لقد رحب ستالين بحذر بإحياء الهوية اليهودية بعد الحرب، والذي حفزه تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، كوسيلة للضغط على الإمبريالية الغربية في الشرق الأوسط، لكن عندما أصبح من الواضح أن العديد من اليهود السوڤيت يتوقعون أن يعزز إحياء الصهيونية تطلعاتهم الخاصة إلى التنمية الثقافية والدينية المنفصلة في الاتحاد السوڤيتي، انطلقت موجة من القمع.[51]

في يناير 1948، قُتل سولومون ميخويلس، الممثل والمخرج الشعبي في مسرح موسكو اليهودي الحكومي ورئيس المفوضية اليهودية المناهضة للفاشية، في حادث سيارة مشبوه.[52] وقد تلى ذلك اعتقالات جماعية للمثقفين اليهود البارزين وقمع للثقافة اليهودية تحت رايات الحملة ضد "المثقفين بلا الجذور" ومعاداة الصهيونية. وفي 12 أغسطس 1952، وفي الحدث المعروف باسم ليلة الشعراء القتلى، أُعدم ثلاثة عشر من أبرز الكتاب والشعراء والممثلين وغيرهم من المثقفين اليهود بأمر من يوسف ستالين، ومن بينهم پرتس ماركيش، وليب كڤيتكو، وديڤيد هوفشتاين، وإيتزيك فيفر، وديڤيد برگلسون.[53] وفي دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1955، نفى مسؤول سوڤيتي رفيع المستوى "الشائعات" حول اختفائهم.

كان ادعاء مؤامرة الأطباء عام 1953 سياسة معادية للسامية بشكل متعمد: استهدف ستالين "القوميين البرجوازيين اليهود الفاسدين"، متجنبًا الكلمات الرمزية المعتادة مثل "المثقفين العاليين بلا جذور" أو "المثقفين العالميين". ومع ذلك، توفي ستالين قبل أن تُطلق هذه الموجة التالية من الاعتقالات والإعدامات على محمل الجد. يزعم عدد من المؤرخين أن مؤامرة الأطباء كانت تهدف إلى إطلاق حملة كانت ستؤدي إلى ترحيل جماعي لليهود السوڤيت لو لم يتوفى ستالين في 5 مارس 1953. بعد أيام من وفاة ستالين، أعلنت الحكومة السوڤيتية أن المؤامرة خدعة.

ربما كانت هذه الحالات تعكس جنون العظمة الذي كان يتسم به ستالين، وليس أيديولوجية الدولة ــ وهو التمييز الذي لم يحدث أي فرق عملي طالما كان ستالين على قيد الحياة، لكنه أصبح بارزاً بعد وفاته.

في أبريل 1956، نشرت صحيفة فولكشتيم اليهودية الصادرة في وارسو باللغة اليديشية قوائم طويلة مثيرة للدهشة لليهود السوڤيت الذين لقوا حتفهم قبل وبعد الهولوكوست. وبدأت الصحافة العالمية تطالب القادة السوڤيت بإجابات، فضلاً عن الاستفسار عن الحالة الحالية للنظام التعليمي والثقافة اليهودية. وفي نفس الخريف، طلبت مجموعة من الشخصيات اليهودية الرائدة في العالم علناً من رؤساء الدولة السوڤيتية توضيح الموقف. وبما أنه لم يتم تلقي إجابة متماسكة، فقد زاد قلقهم. وبرز مصير اليهود السوڤيت كقضية رئيسية لحقوق الإنسان في الغرب.

الاتحاد السوڤيتي والصهيونية

 
إسحاق فيفر (يسار)، ألبرت أينشتاين وسولومون ميخويلس في الولايات المتحدة عام 1943. أُعدم فيفر في ليلة الشعراء القتلى ورُد اعتباره بعد وفاته عام 1955، بعد وفاة ستالين.

كان لمعاداة القومية[vague] ومناهضة الكهنوت الماركسية تأثير مختلط على اليهود السوڤيت. كان اليهود هم المستفيدون المباشرون، لكنهم كانوا أيضًا ضحايا على المدى الطويل، للفكرة الماركسية القائلة بأن أي مظهر من مظاهر القومية هو أمر "رجعي اجتماعيًا". من ناحية، تحرر اليهود من الاضطهاد الديني لسنوات القيصرية "الأرثوذكسية، والاستبداد، والقومية" ومن ناحية أخرى، كان هذا المفهوم يهدد المؤسسات الثقافية اليهودية، والاتحاد، والذاتية اليهودية، واليهودية، والصهيونية.

لقد تم القضاء رسميًا على الصهيونية السياسية كشكل من أشكال القومية البرجوازية على مدار تاريخ الاتحاد السوڤيتي بأكمله. وعلى الرغم من أن اللينينية تؤكد على الاعتقاد في "تقرير المصير"، إلا أن هذه الحقيقة لم تجعل الدولة السوڤيتية أكثر تقبلاً للصهيونية. تحدد اللينينية تقرير المصير من خلال الإقليم أو الثقافة، وليس من خلال الدين، مما سمح للأقليات السوڤييتية بامتلاك أقاليم أو مناطق مستقلة أو جمهوريات منفصلة، ​​والتي كانت مع ذلك رمزية حتى سنواتها الأخيرة. لكن اليهود لم يناسبهم هذا النموذج النظري؛ فلم يكن لليهود في الشتات حتى قاعدة زراعية، كما ادعى ستالين في كثير من الأحيان عندما حاول إنكار وجود أمة يهودية، ولم تكن لديهم بالتأكيد وحدة إقليمية. بل إن المفاهيم الماركسية أنكرت وجود هوية يهودية تتجاوز وجود الدين والطائفة؛ فوصف ماركس اليهود بأنهم "أمة خيالية".


 
منوره ضخمة في الساحة الرئيسية في بيروبيژان، في الأوبلاست الذاتي اليهودي الذي تأسس في الشرق الأقصى الروسي عام 1936.

كان لنين، الذي ادعى التزامه العميق بمبادئ المساواة وعالمية البشرية، يرفض الصهيونية باعتبارها حركة رجعية، و"قومية برجوازية"، و"رجعية اجتماعياً"، وقوة متخلفة تستهين بالانقسامات الطبقية بين اليهود. وعلاوة على ذلك، فإن الصهيونية تستلزم الاتصال بين المواطنين السوڤيت والغربيين، وهو ما كان يشكل خطرا في مجتمع مغلق. وكانت السلطات السوڤيتية أيضا تخشى أي حركة جماهيرية مستقلة عن الحزب الشيوعي الاحتكاري، وغير مرتبطة بالدولة أو بأيديولوجية الماركسية-اللنينية.

دون أن يغير موقفه الرسمي المعادي للصهيونية، تبنى يوسف ستالين من أواخر عام 1944 حتى 1948 سياسة خارجية مؤيدة للصهيونية بحكم الأمر الواقع، معتقدًا على ما يبدو أن الدولة الجديدة سوف تكون اشتراكية وسوف تعمل على تسريع تراجع النفوذ البريطاني في الشرق الأوسط.[54]

في خطاب ألقاه أثناء مناقشة خطة تقسيم الأمم المتحدة لعام 1947 في 14 مايو، ونشرته في صحيفة إزڤستيا بعد يومين، أعلن السفير السوڤيتي أندريه گروميكو:

"كما نعلم، فإن تطلعات جزء كبير من الشعب اليهودي مرتبطة بمشكلة فلسطين وإدارتها المستقبلية. وهذه الحقيقة لا تحتاج إلى إثبات... فخلال الحرب الأخيرة، عانى الشعب اليهودي من حزن ومعاناة غير عاديين..."

لا يجوز للأمم المتحدة، ولا ينبغي لها، أن تنظر إلى هذا الوضع بلا مبالاة، لأن هذا يتعارض مع المبادئ العليا المعلنة في ميثاقها...

إن حقيقة عدم تمكن أي دولة في غرب أوروپا من ضمان الدفاع عن الحقوق الأساسية للشعب اليهودي وحمايته من عنف الجلادين الفاشيين تفسر تطلعات اليهود إلى إنشاء دولتهم الخاصة. وسيكون من الظلم عدم أخذ هذا في الاعتبار وإنكار حق الشعب اليهودي في تحقيق هذا الطموح.[55]

كانت الموافقة السوڤيتية في مجلس الأمن حاسمة لتقسيم لفلسطين الانتدابية، والذي أدى إلى تأسيس دولة إسرائيل.

بعد ثلاثة أيام من إعلان إسرائيل استقلالها، اعترف الاتحاد السوڤيتي بها بحكم القانون. بالإضافة إلى ذلك، سمح الاتحاد السوڤيتي لتشيكوسلوڤاكيا بمواصلة إمداد القوات اليهودية بالأسلحة أثناء حرب 1948، ​​على الرغم من أن هذا الصراع وقع بعد الانقلاب التشيكوسلوڤاكي 1948 المدعوم من السوڤيت. في ذلك الوقت، حافظت الولايات المتحدة على حظر الأسلحة على كلا جانبين الصراع. انظر شحنات الأسلحة من تشيكوسلوڤاكيا إلى إسرائيل 1947-1949.

بحلول نهاية عام 1957، غير الاتحاد السوڤيتي موقفه في الصراع الإسرائيلي العربي، وخلال فترة الحرب الباردة، دعم بشكل لا لبس فيه مختلف الأنظمة العربية ضد إسرائيل. كان الموقف الرسمي للاتحاد السوڤيتي والدول والوكالات التابعة له هو أن الصهيونية كانت أداة يستخدمها اليهود والأمريكيون لتحقيق "الإمبريالية العنصرية".

 
شهادة ميلاد سوڤيتية من عام 1972 تشير إلى عرقية والدي شخص على أنها "يهودية".

ومع ظهور إسرائيل كحليف غربي وثيق، أثار شبح الصهيونية مخاوف من الشقاق والمعارضة الداخلية. وخلال السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، كان اليهود السوڤيت يُشتبه في كونهم خونة محتملين، أو متعاطفين مع الغرب، أو يشكلون عبئًا أمنيًا. وأغلقت القيادة الشيوعية العديد من المنظمات اليهودية وأعلنت الصهيونية عدوًا أيديولوجيًا. وكثيرًا ما كانت الكنيسات اليهودية تخضع لمراقبة الشرطة، سواء علنًا أو من خلال استخدام المخبرين.[بحاجة لمصدر]

نتيجة للاضطهاد، سواء الغير رسمي أو برعاية الدولة، ترسخت معاداة السامية في المجتمع وظلت لسنوات: حيث عانى اليهود السوڤيت العاديون في كثير من الأحيان من صعوبات، تجسدت في عدم السماح لهم في كثير من الأحيان بالتسجيل في الجامعات، أو العمل في مهن معينة، أو المشاركة في الحكومة. ومع ذلك، يجب أن نذكر أن هذا لم يكن الحال دائمًا وأن هذا النوع من الاضطهاد كان يختلف حسب المنطقة. ومع ذلك، شعر العديد من اليهود بأنهم مجبرون على إخفاء هوياتهم من خلال تغيير أسمائهم.

كما تجنبت وسائل الإعلام استخدام كلمة "يهودي" عند انتقاد مشاريع إسرائيل، التي اتهمها السوڤيت غالبًا بالعنصرية والشوڤينية وما إلى ذلك. فبدلًا من كلمة "يهودي"، استُخدمت كلمة "إسرائيلي" بشكل حصري تقريبًا، وذلك لتصوير انتقاداتها القاسية ليس باعتبارها معاداة للسامية بل معاداة للصهيونية. والأمر الأكثر إثارة للجدل هو أن وسائل الإعلام السوڤيتية، عند تصوير الأحداث السياسية، استخدمت أحيانًا مصطلح "الفاشية" لوصف القومية الإسرائيلية (على سبيل المثال، وصف گابوتنسكي بأنه "فاشي"، وزعم "نشوء منظمات فاشية جديدة في إسرائيل في السبعينيات" وما إلى ذلك).

الصراع الإسرائيلي العربي

المواطنون الإسرائيليون من الهجرة الروسية الأخيرة، في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، يتخذون مواقف معادية من العرب ومواقف يمينية متطرفة عموماً في السياسة مع أنهم يحافظون جداً على تميزهم عن بقية اليهود الإسرائيليين ويتمسكون بثقافتهم الروسية القديمة ويستخفون بالثقافة الإسرائيلية ولا يعترفون حتى بوجود ثقافة كهذه. ويتساءلون: «أين هي هذه الثقافة؟ وهل تسمون هذا التخلف ثقافة؟!».

المجتمع الروسي في إسرائيل بغالبيته الساحقة يعيش في هذه البوتقة. والدليل على ذلك يظهر في بحث علمي جديد أجراه البروفيسور ماجد الحاج، مدير معهد التعددية الثقافية في جامعة حيفا بالاشتراك مع د. أولگا بجنو، لينشر لأول مرة على صفحاتها. وهو في الواقع، بحث مقارن، يعتبر امتداداً للبحث الذي أجراه عام 1999 مع البروفيسور إيلي لشيم، في المعهد نفسه. والحاج هو أول عربي يهتم ببحث قضايا غير عربية في إسرائيل. ويقول في هذا: «إنه تحدٍّ علمي أكبر، يجعلك أكثر انفتاحاً على الآخر وأكثر تأثيراً فيه أيضاً». وقد تناول هذه الشريحة من المجتمع الإسرائيلي لقناعته في حينه بأنها ستصبح ذات أثر بالغ في الحياة وفي السياسة الإسرائيلية، وهذا ثبت فعلاً خلال السنوات العشرين الماضية، ولقناعته بأن هذا الدور سيتعاظم في المستقبل: «اليهود الروس سيزيدون من قوة تأثيرهم أكثر وأكثر».[56]

ومن يتابع أحداث السياسة في إسرائيل، يرى أن نفوذ اليهود الروس فيها، يزيد عن حجمهم في الواقع. رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يحتفظ لهم بوزارة الخارجية (يخصصها للنائب أڤيگدور ليبرمان، الذي لا يستطيع الآن أن يعين وزيراً بسبب لائحة الاتهام الموجهة إليه بقضية فساد). رئيس الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، روسي هو يولي أدلشتاين، ورئيس الوكالة اليهودية روسي، هو نتان شرانسكي، ورئيس لجنة الخارجية والأمن روسي، هو لبرمان، ونائب وزير الخارجية، زئڤ ألكين، روسي.

البحث أجري على عينة نموذجية من 605 أشخاص، ممن هاجروا إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، وهم في جيل 18 عاماً فصاعداً، ابتداء من عام 1989. وبموازاة ذلك أجري استطلاع مقارن مع مجموعة من 500 مواطن يهودي إسرائيلي ممن ولدوا ويعيشون في إسرائيل في شكل ثابت، مع استثناء اليهود المقبلين من روسيا.

ويتضح من نتائج البحث أن الروس، وعلى رغم مرور أكثر من عقدين على هجرتهم إلى إسرائيل، ما زالوا يستخدمون اللغة الروسية في تخاطبهم في بيوتهم. فقد قال 77 في المئة منهم إن اللغة الروسية هي لغة التخاطب الوحيدة أو الأساسية عندما يلتقون متكلماً بالروسية. وقال 22 في المئة إنهم يتكلمون الروسية والعبرية. وفقط 1 في المئة قالوا إنهم يتخاطبون بالعبرية. كما قال 54 في المئة من قراء الصحف بينهم إنهم يقرأون فقط بالروسية، وقال 22 في المئة إنهم يقرأون باللغتين وفقط 17 في المئة قالوا إنهم لا يقرأون إلا العبرية.

ويعتبر 79 في المئة من اليهود الروس أنفسهم يهوداً، و66 في المئة منهم يعتبرون أنفسهم إسرائيليين (كانت نسبة هؤلاء 44 في المئة في عام 1999). لكن 57 في المـــئة من الذين يعــــتبرون أنفسهم إسرائيليين يؤكدون أن هذا الانتماء لا يأتي على حســاب انتمائهم لروسيا وأنهم ما زالوا يعتبرون أنفسهم روساً (66 في المئة في استطلاع 1999). وفـــــقط 43 في المئة يعتبرون أنفسهم صهاينة (كانت النسبة في الاستطلاع السابق قبل 20 عماً 21 في المئة). يتضح من نتائج الاستطلاع أن الروس ازدادوا تطرفاً في شكل كبير في مواقفهم من هذا الصراع. فقد قال 5 في المئة منهم فقط إنهم مستعدون للتنازل عن هضبة الجولان السورية المحتلة مقابل سلام كامل مع سورية (25 في المئة في الاستطلاع الأول قبل 20 عاماً)، وفقط 13 في المئة مستعدون للتنازل عن أراض في الضفة الغربية (37 في المئة قبل 20 عاماً) وفقط 11 في المئة مستعدون لتقاسم القدس مع الفلسطينيين وفقط 4 في المئة مستعدون لإخلاء مستوطنات في إطار التسوية السلمية (24 في المئة في الماضي). للمقارنة، نشير إلى أن الاستطلاع الذي طرح الأسئلة نفسها على اليهود غير الروس في إسرائيل، أشار إلى أن 43 في المئة مستعدون للتنازل في الجولان و58 في المئة مستعدون للتنازل في الضفة الغربية مقابل التسوية و14 في المئة مستعدون لإخلاء المستوطنات. أي أن الروس يتخذون مواقف أكثر تطرفاً من الشرائح الأخرى اليهودية في المجتمع اليهودي.

هنا أيضاً يظهر التطرف الروسي، إذ إن 55 في المئة منهم يرون أنه يجب تخفيض عدد العرب في إسرائيل (41 في المئة من بقية المواطنين اليهود يفكرون بهذه الطريقة)، و48 في المئة من الروس فقط يؤيدون المساواة لفلسطينيي 48 (54 في المئة بين صفوف الشرائح الأخرى من اليهود). وقال 66 في المئة من اليهود الروس (59 في المئة من بقية اليهود)، إن المواطنين العرب في إسرائيل يشكلون خطراً على الأمن القومي للدولة العبرية. وفقط 34 في المئة من الروس قالوا إنهم يوافقون على أن يكون المواطنون العرب في إسرائيل شركاء في القرارات السياسية المصيرية التي يبت فيها بمصير المناطق الفلسطينية المحتلة. وقال 7 في المئة فقط من اليهود الروس إنهم تعرفوا إلى مواطنين عرب وتوجد معهم علاقات اجتماعية (النسبة تصل إلى 13 في المئة بين الشرائح الأخرى من اليهود). وقال فقط 5 في المئة إنهم يزورون عرباً في بيوتهم وقال 44 في المئة إنهم يشعرون بعدم الراحة برفقة العرب. وفقط 7 في المئة من الروس قالوا إنهم مستعدون للسكنى بجوار عائلات مسلمة و24 في المئة لعائلات مسيحية عربية.

ويعلق البروفيسور ماجد الحاج على نتائج البحث، فيقول: «إن الروس صاروا أكثر إسرائيلية وصهيونية مع الزمن، ولكنهم لم يصبحوا أقل روسية. إنهم تبلوروا كمجموعة إثنية في المجتمع الإسرائيلي، واتخذوا مواقع راسخة في صفوف اليمين العلماني».

ويفسر الحاج هذا التطور مؤكداً أن اليهود الروس قدموا إلى إسرائيل كمهاجرين وليس كمقبلين جدد، مثل بقية اليهود. أدركوا أنهم مقبلون من ثقافة عريقة تمسكوا بها وحافظوا عليها. كانوا يريدون بالأساس الهجرة من دول الاتحاد السوفياتي، بعدما انهارت الشيوعية هناك وينتقلون إلى العالم الواسع. وقد هجروا بداية إلى الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. وقد مارست إسرائيل ضغوطاً على واشنطن لوقف هذه الهجرة، حتى يضطروا إلى المجيء لإسرائيل. وبالفعل، منذ عام 1992، لم تعد الولايات المتحدة تستقبلهم. وألغيت المحطات الأوروبية، التي كانوا يصلون إليها ويقررون الانطلاق منها إلى دول أخرى، وحرصت الحركة الصهيونية وحكومة إسرائيل على نقلهم مباشرة إلى إسرائيل.

ووفقاً للإحصاءات الرسمية، بلغ عدد من هاجروا لإسرائيل 800 ألف يهودي روسي (يضاف إليهم حوالى 300 ألف من غير اليهود، بعضهم يعتبرون أنفسهم يهوداً ولكن المؤسسة الدينية اليهودية الأرثوذكسية في إسرائيل لا تعترف بيهوديتهم وبعضهم مسيحيون أو حتى مسلمون)، بينما هاجر إلى الولايات المتحدة 300 ألف، وألمانيا 100 ألف، وكندا 25 ألفاً. وبقي في دول الاتحاد السوفياتي سابقاً 395 ألفاً.

ويقول الحاج إن اليهود الروس الذين وصلوا إلى اسرائيل أرادوا الانخراط في المجتمع وانخرطوا فعلاً في كل مجالات الحياة، باستثناء الجيش. ولكن ذلك كان من أجل البقاء وليس بدافع الأيديولوجيا، إذ بقي بينهم وبين الثقافة الإسرائيلية اغتراب. بل إنهم لم يحترموا الثقافة الإسرائيلية ولم يعترفوا بها وتعاملوا معها بشيء من الاستخفاف وحتى الاستعلاء. وقد فرضوا أنفسهم في المجتمع الإسرائيلي على هذا النحو، وأقاموا لأنفسهم المسرح الروسي ولديهم 45 صحيفة باللغة الروسية وقناة تلفزيونية وإذاعات وعدد كبير جداً من مواقع الإنترنت وواصلوا الارتباط بروسيا وشــعبها، فحافظوا على زيارتها وهناك حوالى 60 ألف رجل أعمال من اليهود الروس في إسرائيل يعملون في روسيا وبقية دول الاتحاد السوفيتي سابقاً. والقيادة الروسية أدركت أهمية الحفاظ على اليهود الروس كجزء من الشعب الروسي، فاعتبرهم الرئيس ڤلاديمير پوتن مواطنين روس وأسماهم «الشتات الروسي في إسرائيل». وعندما نشأت أزمة صفقة الصواريخ الروسية المتطورة «إس 300» لسورية، قال إنه لا يسمح بأن تضرب إسرائيل بهذه الصواريخ لأن في إسرائيل مليون ونصف المليون روسي.

وأضاف الحاج «عندما أتوا إلى إسرائيل، لم يكونوا على عداء كبير مع العرب. لكنهم أرادوا أن يكونوا مقبولين في المجتمع الإسرائيلي فوجدوا أن العداء للعرب هو موقف إجماعي في إسرائيل. فأصبحوا أكثر تشدداً، حتى يتم قبولهم في المجتمع الإسرائيلي».

البحث السابق للبروفيسور الحاج، قبل 20 سنة، كان قد استخلص فيه أن اليهود الروس يمكن أن يجدوا أنفسهم في تحالف مع المواطنين العرب في إسرائيل، مقابل بقية العناصر في المجتمع الإسرائيلي، وهو فسر التناقض في النتائج قائلاً: «في السنوات العشرين الماضية، شهدت البلاد تحولات كبيرة على الصعيد السياسي، خلخلت هذه الإمكانية. فقد شهدت الانكسار الناجم عن مقتل إسحق رابين، رئيس الوزراء، والانعطاف الحاد إلى اليمين والعمليات التفجيرية الكبيرة، التي بدأت بمذبحة الخليل (إذ قام طبيب يهودي مستوطن في الخليل باقتحام الحرم الإبراهيمي خلال صلاة الفجر في رمضان 1994 وأطلق الرصاص من رشاشه على المصلين المسلمين فقتل على الفور 29 منهم، وحدثت صدامات فقتل الجيش الإسرائيلي 20 فلسطينياً آخر) وتفاقم إلى عمليات في تل أبيب والقدس وحيفا ونتانيا وتدهور الوضع الأمني وساد العداء للعرب. ثم جاء الفشل في مفاوضات السلام بين إيهود باراك وياسر عرفات في كامب ديفيد عام 2000 والانتفاضة الثانية التي أعقبت هذا الفشل. كل هذا جعل موضوع الصراع مع الفلسطينيين على رأس الأجندة الإسرائيلية كقضية شعبين متعاديين. وخلال هذه الفترة، كانت هناك إضافة مميزة لليهود الروس، يمكن اعتبارها نقطة التحول، جعلتهم يشددون العداء للعرب، أكثر من ذي قبل، وذلك عندما قام مسلح فلسطيني بتفجير نفسه على مدخل نادٍ للشباب الروس هو نادي الدولفيناريوم في تل أبيب. عندها وجدوا أنفسهم في صف واحد مع بقية اليهود في إسرائيل، يرددون ما يقال في المجتمع من أنهم ضحية للعداء العربي».

ومع ذلك، فإن البروفيسور الحاج، ما زال يرى في اليهود الروس قوة براغماتية لا تنغلق على شيء. ففي حال نشوء ظروف أخرى تتيح الانفتاح على الطرف الآخر، فسيكونون في صف القوى المتمتعة بالمرونة.

1967–1985

 
في رسالة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز عام 1965، قال حائز جائزة نوبل للفيزياء لڤ لانداو (أعلى الصورة) وإيڤسي ليبرمان أنهما باعتبارهما يهوديين سوڤيتيين يعارضان النضال الطلابي من أجل اليهود السوڤيت.[57]

بحسب تعداد عام 1959، بلغ عدد السكان اليهود في مدينة لنين‌گراد 169.000 نسمة، وكان الكنيس الكبير مفتوحًا في الستينيات، وكان يتسع لنحو 1200 مقعد. وكان الحاخام أڤراهام لوبانوڤ هو الحاخام. ولم يُغلق هذا الكنيس أبدًا. لم تكن الغالبية العظمى من يهود لنين‌گراد متدينين، لكن عدة آلاف اعتادوا زيارة الكنيس في الأعياد الكبرى، وخاصة في عيد سمحات توراه.[58]

كانت الهجرة الجماعية غير مرغوبة سياسياً بالنسبة للنظام السوڤيتي. ومع تزايد أعداد اليهود السوڤيت الذين تقدموا بطلبات الهجرة إلى إسرائيل في الفترة التي أعقبت حرب 1967، رُفِضَت طلبات العديد منهم رسمياً بالمغادرة. وكان العذر النموذجي الذي قدمته أوڤير ((ОВиР)) التابعة لوزارة الداخلية، وهي الإدارة المسؤولة عن إصدار تأشيرات المغادرة، هو أن الأشخاص الذين سُمح لهم في مرحلة ما من حياتهم المهنية بالوصول إلى معلومات حيوية للأمن القومي السوڤيتي لا يمكن السماح لهم بمغادرة البلاد.

بعد قضية اختطاف الطائرة ديمشيتس-كوزنتسوڤ عام 1970 والحملة القمعية اللاحقة، تسببت الإدانات الدولية القوية في دفع السلطات السوڤيتية إلى زيادة الحصة. من عام 1960 حتى 1970، غادر الاتحاد السوڤيتي 4.000 شخص فقط؛ وفي العقد التالي، ارتفع العدد إلى 250.000 شخص.[59]

عام 1972، فرض الاتحاد السوڤيتي ما يسمى بـ"ضريبة الدبلومة" على المهاجرين المحتملين الذين تلقوا تعليمًا عاليًا في الاتحاد السوڤيتي.[60] في بعض الحالات، كانت الرسوم تصل إلى عشرين راتبًا سنويًا. ربما كان هذا الإجراء مصممًا لمكافحة هجرة الأدمغة الناجمة عن الهجرة المتزايدة لليهود السوڤيت وغيرهم من أعضاء طبقة المثقفين إلى الغرب. على الرغم من أن اليهود يشكلون الآن أقل من 1% من السكان، فقد أشارت بعض الدراسات الاستقصائية إلى أن حوالي ثلث اليهود المهاجرين حصلوا على شكل من أشكال التعليم العالي. علاوة على ذلك، كان اليهود الذين يشغلون مناصب تتطلب تدريبًا متخصصًا يميلون إلى التركيز بشكل كبير في مجموعة صغيرة من التخصصات، بما في ذلك الطب والرياضيات والأحياء والموسيقى.[61] في أعقاب الاحتجاجات الدولية، ألغى الكرملين الضريبة، لكنه استمر في فرض قيود مختلفة بشكل متقطع. فضلاً عن ذلك، تم إدخال حصة غير رسمية لليهود في المؤسسات الرائدة للتعليم العالي من خلال إخضاع المتقدمين اليهود لامتحانات قبول أكثر صرامة.[62][63][64][65]

في البداية، تمكن جميع من تمكنوا من الحصول على تأشيرات المغادرة إلى إسرائيل من الهجرة فعلياً، لكن بعد منتصف السبعينيات، اختار معظم الذين سُمح لهم بالمغادرة إلى إسرائيل وجهات أخرى، وأبرزها الولايات المتحدة.

الگلاسنوست ونهاية الاتحاد السوڤيتي

في عام 1989 سُمح لعدد قياسي من اليهود السوڤيت بلغ 71.000 يهودي بالخروج من الاتحاد السوڤيتي، ولم يهاجر منهم إلى إسرائيل سوى 12.117 يهودياً. في البداية، كانت السياسة الأمريكية تعامل اليهود السوڤيت باعتبارهم لاجئين وتسمح لأعداد غير محدودة منهم بالهجرة، لكن هذه السياسة انتهت في نهاية المطاف. نتيجة لهذا، بدأ المزيد من اليهود في الانتقال إلى إسرائيل، لأنها كانت الدولة الوحيدة الراغبة في استقبالهم دون شروط.

في الثمانينيات، سمحت حكومة ميخائيل گورباتشوڤ الليبرالية بهجرة اليهود غير المحدودة، وانهار الاتحاد السوڤيتي نفسه عام 1991. نتيجة لذلك، حدثت هجرة جماعية لليهود من الاتحاد السوڤيتي السابق. منذ السبعينيات، هاجر أكثر من 1.1 مليون روسي من أصل يهودي إلى إسرائيل، هاجر منهم 100.000 إلى دول ثالثة مثل الولايات المتحدة وكندا بعد فترة وجيزة ولم يُعتبر 240.000 يهودًا بموجب الهالاخاه، لكنهم مؤهلون بموجب قانون العودة بسبب الأصول اليهودية أو الزواج اليهودي. منذ اعتماد تعديل جاكسون-ڤانيك، هاجر أكثر من 600.000 يهودي سوڤيتي.

الديموغرافيا التاريخية

البيانات الديموغرافية لليهود في الامبراطورية الروسية والاتحاد السوڤيتي ودول ما بعد الاتحاد السوڤيتي
السنة السكان اليهود (بما في ذلك يهود الجبال) الهوامش
1914 أكثر من 5.250.000 الامبراطورية الروسية
1926[66] 2.672.499 أول تعداد لعموم الاتحاد

نتيجة لتغيير الحدود (انفصال پولندا واتحاد بسارابيا مع رومانيا)، والهجرة والاستيعاب.

1939[67] 3.028.538 نتيجة للنمو الطبيعي للسكان والهجرة والاستيعاب والقمع.
أوائل 1941 5.400.000 نتيجة لضم غرب أوكرانيا وبلاروسيا وجمهوريات البلطيق وتدفق اللاجئين اليهود من پولندا.
1959 2.279.277 انظر الهولوكوست والهجرة إلى إسرائيل.
1970 2.166.026 نتيجة للانخفاض الطبيعي في عدد السكان (معدلات الوفيات أعلى من معدلات المواليد)، والهجرة، والاندماج (مثل الزواج المختلط).
1979 1.830.317 التراجع لنفس السبب كما حدث في عام 1970.
1989 1.479.732 التعداد السوڤيتي. التعداد الأخير في الاتحاد السوڤيتي بأكمله. تراجع لنفس السبب الذي حدث عام 1970.
2002 233.439 نتيجة للتغيرات الحدودية (وخاصة سقوط الاتحاد السوڤيتي، حيث تم أخذ روسيا فقط في الاعتبار في تعداد 2002 بدلاً من الاتحاد السوڤيتي بأكمله) الهجرة الجماعية، التراجع الطبيعي للسكان، الاستيعاب.
2010 159.348 المزيد من الهجرة الجماعية، والتراجع الطبيعي في أعداد السكان، والاستيعاب.
2021 83.896 تراجع لنفس السبب الذي حدث عام 2010. ومع ذلك، شمل هذا التعداد القرم، التي كان يعيش فيها 3.039 يهوديًا، بما في ذلك سڤاستوپول؛ يعني هذا أن عدد السكان زاد من جهة واحدة بسبب تغييرات الحدود. وبالتالي، مقارنة بعام 2010 بلغ عدد السكان 80.857 فقط، وهو انخفاض بنحو 50%.
عدد السكان اليهود في كل من الجمهوريات الاشتراكية السوڤيتية (SSR) والجمهوريات الاشتراكية السوڤيتية السابقة حسب السنة (باستخدام حدود الجمهوريات الاشتراكية السوڤيتية 1989)[68][a]
SSR 1897 1926 1939 1959 1970 1979 1989 1999-2001 2009-2011 2019-2022
روسيا الاشتراكية السوڤيتية/روسيا 250,000[69] 539.037 891.147 880.443 816.668 713.399 570.467 233.439 159.348 83.896
أوكرانيا السوڤيتية/أوكرانيا 2,680,000[70] 2,720,000[71] 2,700,000[72][73][c] 840.446 777.406 634.420 487.555 106.600 71.500 45.000[74]
بلاروسيا السوڤيتية/بلاروسيا 690.000[75][c] 150.090 148.027 135,539 112.031 24.300 12.926 13.705[76]
أوزبكستان السوڤيتية/أوزبكستان 37.896 50.676 94.488 103.058 100.067 95.104 40.000 15.000 9.865[77]
أذربيجان السوڤيتية/أذربيجان 59.768 41.245 46.091 49.057 44.345 41.072 8.916 9.084[78] 9.500
لاتڤيا السوڤيتية/لاتڤيا 95.675[79][b] 95.600[80] 36.604 36.686 28.338 22.925 9.600 6.454 8.094[81]
قزخستان السوڤيتية/قزخستان 3.548 19.240 28.085 27.676 23.601 20.104 6.823 3.578[82] 2.500[74]
لتوانيا السوڤيتية/لتوانيا 263.000[80] 24.683 23.566 14.703 12.398 4.007 3.050 2.256[83][e]
إستونيا السوڤيتية/إستونيا 4.309[80] 5.439 5.290 4.993 4.653 2.003 1.738 1.852[84]
مولدوڤا السوڤيتية/مولدوڤا 250.000[85] 95.107 98.072 80.124 65.836 5.500 3.628 1.597[86][d]
جورجيا السوڤيتية/جورجيا 30.389 42.300 51.582 55.382 28.298 24.795 2.333 2.000 1.405[87][f]
قيرغيزستان السوڤيتية/قيرغيزستان 318 1.895 8.607 7.677 6.836 6.005 1.571 604 433[88]
تركمانستان السوڤيتية/تركمانستان 2.045 3.037 4.102 3.530 2.866 2.509 1.000[89] 700[90] 200
أرمينيا السوڤيتية/أرمينيا 335 512 1.042 1.049 962 747 109 127 150
طاجيكستان السوڤيتية/طاجيكستان 275 5.166 12.435 14.627 14.697 14.580 197 36[91] 25
الاتحاد السوڤيتي/الاتحاد السوڤيتي السابق 5.250.000 2.672.499 3.028.538 2.279.277 2.166.026 1.830.317 1.479.732 460.000 280.678 180.478
الأعداد التاريخية لليهود الروس
السنةتعداد±%
1897250٬000—    
1926539٬037+115.6%
1939891٬147+65.3%
1959880٬443−1.2%
1970816٬668−7.2%
1979713٬399−12.6%
1989570٬467−20.0%
2002233٬439−59.1%
2010159٬348−31.7%
202183٬896−47.4%
المصدر: [68][92][93][69]
تتضمن بيانات السكان اليهود يهود الجبال، واليهود الجورجيين، ويهود بخارى (أو يهود آسيا الوسطى)، والكريم‌چاق (جميعهم وفقًا للتعداد السوڤيتي لعام 1959)، والتات.[94]
عدد السكان اليهود في كل من الجمهوريات الاشتراكية السوڤيتية (SSR) والجمهوريات الاشتراكية السوڤيتية السابقة حسب السنة (باستخدام حدود الجمهوريات الاشتراكية السوڤيتية 1989) كنسبة من إجمالي السكان[68][a]
SSR % 1926 % 1939 % 1959 % 1970 % 1979 % 1989 % 2002[92] % 2010[93]
روسيا السوڤيتية/روسيا 0.58% 0.81% 0.75% 0.63% 0.52% 0.39% 0.18% 0.11%
أوكرانيا السوڤيتية/أوكرانيا 6.55%[95][c] 2.01% 1.65% 1.28% 0.95% 0.20% 0.16%
بلاروسيا السوڤيتية/بلاروسيا 6.55%[96][c] 1.86% 1.64% 1.42% 1.10% 0.24% 0.14%[97]
مولدوڤا السوڤيتية/مولدوڤا 3.30% 2.75% 2.03% 1.52% 0.13% 0.11% 0.06%
أستونيا السوڤيتية/إستونيا 0.38%[80] 0.45% 0.39% 0.34% 0.30% 0.14% 0.13%
لاتڤيا/لاتڤيا 5.19%[79][b] 4.79%[80] 1.75% 1.55% 1.13% 0.86% 0.40% 0.31%[98]
لتوانيا السوڤيتية/لتوانيا 9.13%[80] 0.91% 0.75% 0.43% 0.34% 0.10% 0.10%[99]
جورجيا السوڤيتية/جورجيا 1.15% 1.19% 1.28% 1.18% 0.57% 0.46% 0.10% 0.08%
أرمينيا السوڤيتية/أرمينيا 0.04% 0.04% 0.06% 0.04% 0.03% 0.02% <0.01% <0.01%
أذربيجان/أذربيجان 2.58% 1.29% 1.25% 0.96% 0.74% 0.58% 0.10% 0.10%[78]
تركمانستان السوڤيتية/تركمانستان 0.20% 0.24% 0.27% 0.16% 0.10% 0.07% 0.01% <0.01%
أوزبكستان السوڤيتية/أوزبكستان 0.80% 0.81% 1.17% 0.86% 0.65% 0.48% 0.02% 0.02%
طاجيكستان السوڤيتية/طاجيكستان 0.03% 0.35% 0.63% 0.50% 0.39% 0.29% <0.01% <0.01%
قيرغيزستان السوڤيتية/قيرغيزستان 0.03% 0.13% 0.42% 0.26% 0.20% 0.14% 0.02% 0.01%
قزخستان السوڤيتية/قزخستان 0.06% 0.31% 0.30% 0.22% 0.16% 0.12% 0.03% 0.02%
الاتحاد السوڤيتي/الاتحاد السوڤيتي السابق 1.80% 1.80% 1.09% 0.90% 0.70% 0.52% 0.16% 0.10%

a^ تتضمن بيانات السكان اليهود لجميع السنوات يهود الجبال، اليهود الجورجيين، يهود بخارى (أو يهود آسيا الوسطى)، الكريم‌چاق (جميعهم وفقًا للتعداد السوڤيتي لعام 1959)، والتات.[100]
b^ بيانات من عام 1925.
c^ بيانات من عام 1941.
d^ بيانات من عام 2014.
e^ لا تتضمن 192 قرائياً.

العليا اليهودية الروسية والهجرة لبلدان خارج إسرائيل

إسرائيل

 
يولي إدلشتاين، من أبرز اليهود السوڤييت الذين رُفضت طلبات هجرتهم رسمياً، والذي شغل منصب رئيس الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) من عام 2013 حتى 2020.


السنة الاتحاد السوڤيتي السابق
2000 1.544
1999 1.612
1998 1.632
1997 1.723
1996 1.743
1995 1.731
1994 1.756
1993 1.707
1992 1.604
1991 1.398
1990 1.390


في الوقت الحاضر، يشكل العوليم (עוֹלים) والصبرا العدد الأكبر من اليهود الروس. عام 2011، كان الروس يشكلون حوالي 15% من سكان إسرائيل البالغ عددهم 7.7 مليون نسمة (بما في ذلك غير اليهود بحسب الهالاخاه الذين شكلوا حوالي 30% من المهاجرين من الاتحاد السوڤيتي السابق).[101] شكلت العليا في التسعينيات ما بين 85% و90% من هؤلاء السكان.

كان معدل النمو السكاني للعوليم-المولودين في الاتحاد السوڤيتي السابق من بين الأدنى بين جميع المجموعات الإسرائيلية، حيث بلغ معدل الخصوبة 1.70 ومعدل الزيادة الطبيعية +0.5% فقط سنويًا.[102] جزئياً، يرجع ارتفاع معدل المواليد اليهود في إسرائيل خلال الفترة 2000-2007 إلى ارتفاع معدل المواليد بين العوليم من الاتحاد السوڤيتي السابق، الذين يشكلون الآن 20% من السكان اليهود في إسرائيل.[103][104] ينتمي 96.5% من السكان اليهود الروس في إسرائيل إما إلى الديانة اليهودية أو غير متدينين، بينما ينتمي 3.5% (35000) إلى ديانات أخرى (معظمها مسيحية) وحوالي 10.000 يعتبرون أنفسهم يهود مسيحانيون منفصلين عن المسيحيين اليهود.[105]

يوضح الجدول أدناه معدل الخصوبة الإجمالي للعوليم المولودين في الاتحاد السوڤيتي السابق في إسرائيل. وقد ارتفع معدل الخصوبة الإجمالي بمرور الوقت، وبلغ ذروته عام 1997، ثم انخفض بشكل طفيف بعد ذلك ثم ارتفع مرة أخرى بعد عام 2000.[102]

عام 1999، كان هناك حوالي 1.037.000 من العوليم المولودين في الاتحاد السوڤيتي السابق، منهم 738.900 تقريباً هاجروا لإسرائيل بعد عام 1989.[106][107]

بلغ عدد ثاني أكبر مجموعة من اليهود المغاربة (עוֹלֶה) مليون نسمة فقط. وفي الفترة من عام 2000 حتى 2006، انتقل 142.638 من العوليم المولودين في الاتحاد السوڤيتي السابق إلى إسرائيل، بينما هاجر 70.000 منهم من إسرائيل إلى دول مثل الولايات المتحدة وكندا ـ وبذلك بلغ إجمالي عددهم 1.150.000 نسمة بحلول يناير 2007.[108] في أواخر التسعينيات كانت الزيادة الطبيعية حوالي 0.3%. على سبيل المثال، 2.456 عام 1996 (7.463 ولادة مقابل 5.007 وفاة)، و2.819 عام 1997 (8.214 مقابل 5.395)، و2.959 عام 1998 (8.926 مقابل 5967)، و2.970 عام 1999 (9.282 مقابل 6312). وفي عام 1999، بلغ النمو الطبيعي 0.385%. (الأرقام خاصة فقط بالعوليم المولودين في الاتحاد السوڤيتي السابق والذين انتقلوا إلى هناك بعد عام 1989).[109]

وتشير التقديرات إلى أن عدد المهاجرين غير الشرعيين من الاتحاد السوڤيتي السابق كانوا يعيشون في إسرائيل بحلول نهاية عام 2010 بلغ نحو 45.000 مهاجر، لكن ليس من الواضح عدد اليهود الفعليين منهم.[110]

عام 2013، هاجر 7.520 شخصًا، أي ما يقرب من 40% من إجمالي العوليم المهاجرين من الاتحاد السوڤيتي السابق.[111][112][113][114] عام 2014، انتقل 4.685 مواطناً روسياً إلى إسرائيل، وهو يفوق ضعف العدد المعتاد في أي من الأعوام الستة عشر السابقة.[115] عام 2015، جاء ما يقرب من 7.000 أو ما يزيد قليلاً عن عشرين بالمائة من إجمالي العوليم من الاتحاد السوڤيتي السابق.[116][117] نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا، أفادت الوكالة اليهودية في مارس 2022 أن مئات اللاجئين اليهود الذين لجأوا إلى پولندا ورومانيا ومولدوڤا من المقرر أن يغادروا إلى إسرائيل في الأسبوع التالي.[118] من بين ما يقدر بنحو 200.000 إلى 400.000 يهودي في أوكرانيا، فر أكثر من 26.3% منهم من البلاد؛ وما بين 10.000 [119] إلى 15.000 لاجئ وصلوا إلى إسرائيل.[120]

يشمل المهاجرين مؤخراً من الاتحاد السوڤيتي السابق العوليم والأولوت (עוֹלות) شخصيات بارزة مثل آنا زاك، ناتان شارانسكي، يوري فورمان، يولي-يوئيل إدلشتاين، زئڤ إلكن، ناحمان دوشانسكي، بوريس گلفاند، ناتاشا موزگوڤايا، أڤيگدور ليبرمان، رومان دزيندزيتشاشڤيلي، أناستاسيا ميخائيلي، حاييم ميگرلاشڤيلي، ڤكتور ميخالڤسكي، يڤگيني پوستني، ماكسيم رودشتاين، تاتيانا زاتولوڤسكايا، ماريا گوروخوڤسكايا، كاتيا پيستسكي، ألكسندر أڤربوخ، آنا سماشنوڤا، يان تالسنيكوڤ، ڤاديم ألكسييڤ، ميخائيل كولگانوڤ، ألكسندر دانيلوڤ، يڤگينيا لينتسكايا، مارينا كراڤتشنكو، ديڤيد كاژدان، ليونيد نڤزلين، ڤاديم أكولزين، رومان برونفمان، مايكل تشرني، أركادي گايداماك، سرگي ساكنوڤسكي، رومان زارتسكي، ألكسندرا زارتسكي، لاريسا تريمبوڤلر، بوريس تسيرلسون، أنيا بوكشاتين، ومارگريتا لڤيڤا.

الولايات المتحدة

 
المغنية الأمريكية رجينا سپكتور، التي تستشهد بشعراء مثل پاسترناك في أغانيها.

يوجد في الولايات المتحدة ثاني أكبر عدد من اليهود الروس. ووفقًا للرابطة الوطنية لليهود الروس، يبلغ عدد اليهود الروس في الولايات المتحدة 350.000 نسمة. ويقدر عدد اليهود الروس في الولايات المتحدة بنحو 700.000 نسمة.[121]

تشمل الشخصيات البارزة من اليهود الأمريكان المولودين في روسيا والامبراطورية الروسية والاتحاد السوڤيتي والاتحاد السوڤيتي السابق (الأحياء والمتوفين) ألكسي أبريكوسوڤ، إسحاق عظيموڤ، ليونارد بلاڤاتنيك، سرگي برين، جوسف برودسكي، سرگي دوڤلاتوڤ، أنتوني فدوروڤ، إسرائيل گلفاند، إيما گولدمان، ڤلاديمير هوروڤيتز، گريگوري كايدانوڤ، آڤي كاپلان، آنا خاتشيان، يان كوم، ساڤلي كراماروڤ، ميلا كونيس، ليونيد لڤينن، لڤ لوسيف، ألكسندر ميگدال، يوجين ميرمان، آلا نظيموڤا، ليونارد نيموي، أين راند، ماركوس روثكوڤيتش (مارك روثكو)، ديمتري ساليتا، مناحم مندل شنيرسون، ياكوڤ سيناي، ميخائيل شيفمان، ميخائيل شوفوتينسكي، ريجينا سپكتور، ويلي توكاريڤ، وأركادي ڤاينشتاين.

وتتمركز الجاليات اليهودية الروسية الكبرى في برايتون بيتش وشيپشيد باي في بروكلين بمدينة نيويورك؛ فير لاون والمناطق المجاورة في مقاطعة برگن، نيوجرزي؛ مقاطعتي بكس ومونتگومري بالقرب من فيلادلفيا؛ پايكس‌ڤيل، ماريلاند، ضاحية ذات أغلبية يهودية في بالتيمور؛ واشنطن هايتس في ضاحية صني آيلز بيتش بجنوب فلوريدا؛ ضاحية سكوكي وبافالو گروڤ، في شيكاغو؛ ووست هولي‌وود، كاليفورنيا.

ألمانيا

في ألمانيا توجد رابع أكبر جالية يهودية روسية بالعالم، ويبلغ عدد سكانها الأساسي 119.000 نسمة، ويصل عدد سكانها المتزايد إلى 250.000 نسمة.[122][123][124]

في الفترة 1991-2006، هاجر حوالي 230.000 يهودي من الاتحاد السوڤيتي السابق إلى ألمانيا. وفي بداية 2006، شددت ألمانيا برنامج الهجرة. وأشار استطلاع أجري بين حوالي 215.000 يهودي روسي (مع الأخذ في الاعتبار الانخفاض الطبيعي) إلى أن حوالي 81% من السكان المتزايدين كانوا يهودًا متدينين أو ملحدين، بينما حدد حوالي 18.5% أنفسهم كمسيحيين. وهذا يعطي عدد السكان اليهود الروس الأساسي 111.800 (يهود متدينون، 52%) أو 174.150 (يهود متدينون أو ملحدون).[125][126]

من بين اليهود الروس البارزين في ألمانيا ڤاليري بلنكي، ماكسيم بيلر، فريدريش گورنشتاين، ڤلاديمير كامينر، لڤ كوپليڤ، إلينا كوشنيروڤا، ألفرد شنيتكه، ڤلاديمير ڤوينوڤيتش، وليليا زيلبرشتاين.

كندا

تضم كندا خامس أكبر جالية روسيا في العالم. يبلغ عدد السكان اليهود الروس الأساسيين في كندا 30.000، ويبلغ عدد السكان اليهود الروس بشكل موسع أكثر من 50.000، معظمهم في مونتريال وتورنتو.[127] من بين السكان اليهود الروس البارزين لاعب الجودو مارك برگر، لاعب هوكي الجليد إليعازر شرباتوڤ، ممثلة الصوت تارا سترونگ،[128] وفرقة تاسيومانسي الموسيقية.

أستراليا

في أستراليا استقر اليهود من الاتحاد السوڤيتي السابق ضمن موجتين من الهجرة في السبعينيات والتسعينيات. هاجر حوالي 5.000 في السبعينيات و7.000-8.000 في التسعينيات.[129] ويقدر عدد اليهود من الاتحاد السوڤيتي السابق في أستراليا بنحو 10.000-11.000 نسمة، وهو ما يشكل نحو 10% من إجمالي عدد اليهود في أستراليا. ونصف اليهود من الاتحاد السوڤيتي السابق تقريباً من أوكرانيا وثلثهم من روسيا الاتحادية.[130]

فنلندا

انتقل مئات اليهود الروس إلى فنلندا منذ عام 1990 وساعدوا في وقف النمو السكاني السلبي للجالية اليهودية هناك.[131] ارتفع العدد الإجمالي لليهود في فنلندا من 800 عام 1980 إلى 1200 في 2006. ومن بين جميع الأطفال اليهود الذين يذهبون إلى المدرسة، 75% أحد والديهم على الأقل مولود في روسيا.

بلدان أخرى

 
مايا بليستسكايا تتسلم جائزة حكومية من الرئيس الروسي ڤلاديمير پوتن في 20 نوفمبر 2000.


يوجد في النمسا وبلجيكا والمملكة المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وهولندا ونيوزيلندا وسويسرا أعداد قليلة من اليهود الروس. وقد أدى إضافة اليهود الروس إلى تحييد التوجهات السكانية اليهودية السلبية في بعض الدول الأوروپية مثل هولندا والنمسا. ومن بين اليهود الروس البارزين في فرنسا ليون باكست، مارك شاگال، ليون پولياكوڤ وإيڤگني كيسين، ألكسندر كويري، إيدا روبنشتاين، لڤ شيستوڤ، وأناتولي ڤايسر. ومن بين اليهود الروس البارزين الآخرين رومان أبراموڤتش، ڤلاديمير أشكنازي، بوريس برزوڤسكي ، ماكسيم ڤنگروڤ (المملكة المتحدة)، گنادي سوسونكو (هولندا)، ڤكتور كورشنوي (سويسرا)، ومايا پليستسكايا (إسپانيا).

رؤساء وزراء روس من أصل يهودي

انظر أيضاً

المصادر

  • عبد الوهاب المسيري. "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية". موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية.
  1. ^ "Table of Ratios of Jewish to Total Population in the Principal Countries and Cities of the World". Jewish Encyclopedia. 1901–1906. Archived from the original on March 28, 2007. Retrieved September 13, 2016.
  2. ^ Renaissance of Jewish life in Russia Archived أبريل 30, 2018 at the Wayback Machine November 23, 2001, By John Daniszewski, Chicago Tribune
  3. ^ "Jews". Pew Research Center. 18 December 2012. Archived from the original on August 5, 2013. Retrieved 17 March 2021.
  4. ^ أ ب ت Gartner, Lloyd P. (2010). History of the Jews in Modern Times. Oxford: Oxford University Press. pp. 163–190.
  5. ^ أ ب ت ث ج Overy, Richard (2004). The Dictators: Hitler's Germany, Stalin's Russia. W. W. Norton Company, Inc. ISBN 978-0-14-191224-0. Archived from the original on February 6, 2017. Retrieved August 22, 2017.
  6. ^ Pogroms in the Ukraine (1919–1921) Archived سبتمبر 26, 2015 at the Wayback Machine Online Encyclopedia of Mass Violence, April 3, 2008, retrieved September 9, 2015.
  7. ^ أ ب Modern Jewish History: Pogroms Archived ديسمبر 3, 2016 at the Wayback Machine, Jewish Virtual Library, 2008, retrieved September 9, 2015.
  8. ^ Weiner, Rebecca. "The Virtual Jewish History Tour". Archived from the original on March 8, 2021. Retrieved July 31, 2020.
  9. ^ Simon, Rita James (1997). In the Golden Land: A Century of Russian and Soviet Jewish Immigration in America (First ed.). Westport, Connecticut: Praeger. p. 49. ISBN 978-0-275-95731-5. Archived from the original on June 2, 2021. Retrieved 30 March 2017.
  10. ^ Shneer, David (2004). Yiddish and the Creation of Soviet Jewish Culture: 1918–1930. Cambridge University Press. p. 43. ISBN 978-0-521-82630-3. Archived from the original on December 24, 2019. Retrieved August 22, 2017.
  11. ^ Berkhoff, Karel C. (2004). Harvest of Despair: Life and Death in Ukraine Under Nazi Rule. Harvard University Press. p. 60. ISBN 978-0-674-02078-8. Archived from the original on December 25, 2019. Retrieved August 22, 2017.
  12. ^ Arad, Yitzhak (2010). In the Shadow of the Red Banner: Soviet Jews in the War Against Nazi Germany. Gefen Publishing House, Ltd. p. 133. ISBN 9789652294876. Archived from the original on December 21, 2019. Retrieved August 22, 2017.
  13. ^ Brook, James (July 11, 1996). "Birobidzhan Journal; A Promised Land in Siberia? Well, Thanks, but ..." The New York Times. Archived from the original on August 16, 2017. Retrieved February 16, 2017.
  14. ^ Constitution of the Russian Federation, Article 65
  15. ^ Спектор Р., руководитель Департамента Евро-Азиатского Еврейского конгресса (ЕАЕК) по связям с общественностью и СМИ (2008). Гуревич В.С.; Рабинович А.Я.; Тепляшин А.В.; Воложенинова Н.Ю. (eds.). "Биробиджан – terra incognita?" [Birobidzhan – terra incognita?] (PDF). Биробиджанский проект (опыт межнационального взаимодействия): сборник материалов научно-практической конференции (in الروسية). Правительство Еврейской автономной области: 20. Archived (PDF) from the original on February 14, 2019. Retrieved September 9, 2015.
  16. ^ Martin, Terry (2001). The Affirmative Action Empire: Nations and Nationalism in the Soviet Union, 1923–1939. Cornell University Press. ISBN 978-0-8014-8677-7. Archived from the original on December 26, 2019. Retrieved August 22, 2017.
  17. ^ أ ب Pinkus, Benjamin (1990). The Jews of the Soviet Union: The History of a National Minority. Cambridge University Press. ISBN 978-0-521-38926-6. Archived from the original on December 27, 2019. Retrieved August 22, 2017.
  18. ^ Gutman, Israel (1988). Fighters Among the Ruins: The Story of Jewish Heroism During World War II. Bnai Brith Books.
  19. ^ Jewish Soldiers in the Allied Armies Archived ديسمبر 14, 2016 at the Wayback Machine, Yad Vashem, 2002-07-30, retrieved September 7, 2015.
  20. ^ Maltz, Judy. "One, two, three, four – we opened up the Iron Door". haaretz.com. Archived from the original on September 17, 2016. Retrieved September 13, 2016.
  21. ^ Jewish Population of the World Archived ديسمبر 24, 2018 at the Wayback Machine, Jewish Virtual Library, retrieved September 9, 2015.
  22. ^ Sokol, Sam (November 8, 2012). "Peres inaugurates Russian Jewish museum". The Jerusalem Post. Archived from the original on January 25, 2017. Retrieved August 23, 2016.
  23. ^ Henry Abramson, Jewish Representation in the Independent Ukrainian Governments of 1917–1920, Slavic review, Vol. 50, No. 3 (Autumn, 1991), pp. 542–550
  24. ^ Benjamin Pinkus. The Jews of the Soviet Union: The History of a National Minority. Cambridge University Press, 1988
  25. ^ Naomi Blank "Redefining the Jewish Question from Lenin to Gorbachev: Terminology or Ideology"!, in Yaacov Ro'i, (ed.) Jews and Jewish Life in Russia and the Soviet Union, Routledge, 1995
  26. ^ William Korey Russian Anti-semitism, Pamyat, and the Demonology of Zionism, Routledge, 1995
  27. ^ Ronald Clark (1988) Lenin: The Man Behind the Mask, p. 456
  28. ^ Lenin, Vladimir (1919). "Anti-Jewish Pogroms". Speeches on Gramophone Records. Archived from the original on March 19, 2020. Retrieved June 29, 2008.
  29. ^ McGeever, Brendan. Antisemitism and the Russian Revolution. New York, NY: Cambridge University Press, 2019.
  30. ^ Ibid.
  31. ^ Ibid.
  32. ^ Bemporad, Elissa. Legacy of Blood: Jews, Pogroms, and Ritual Murder in the Lands of the Soviets. New York: Oxford University Press, 2019.
  33. ^ Evan Mawdsley, The Russian Civil War
  34. ^ Dmitrij Volkogonov: Lenin. Počátek teroru. Dialog, Liberec 1996, p. 173
  35. ^ Elissa Bemporad, Becoming Soviet Jews: The Bolshevik Experiment in Minsk, Indiana University Press, 2013, p. 119
  36. ^ Gutelman, Zvi (1986). Curtis, M. (ed.). Antisemitism in the Contemporary World. Westview Press. pp. 189–190. ISBN 978-0-8133-0157-0.
  37. ^ Stalin, Joseph (1913): Marxism and the National Question Archived يوليو 28, 2011 at the Wayback Machine
  38. ^ Elissa Bemporad, Becoming Soviet Jews: The Bolshevik Experiment in Minsk, Indiana University Press, 2013, p. 110
  39. ^ "The Jews of the Soviet Union". The Museum of the Jewish People at Beit Hatfutsot. Archived from the original on June 25, 2018. Retrieved 25 June 2018.
  40. ^ Bemporad, op.cit., p. 9
  41. ^ Bemporad, op.cit., pp. 38, 40
  42. ^ Bemporad, op.cit., pp. 38, 40
  43. ^ OZET lottery posters and tickets Archived يوليو 6, 2008 at the Wayback Machine featured in Swarthmore College's online exhibition "Stalin's Forgotten Zion: Birobidzhan and the Making of a Soviet Jewish Homeland."
  44. ^ Mark Tolts: The Post-Soviet Jewish Population in Russia and the World. Archived مارس 27, 2009 at the Wayback Machine Published in: Jews in Russia and Eastern Europe, 2004, No. 1 (52). p. 51
  45. ^ Joseph Stalin. Works, Vol. 13, July 1930 – January 1934, Moscow: Foreign Languages Publishing House, 1955, p. 30
  46. ^ Saul Friedlander (2008) The Years of Extermination: Nazi Germany and the Jews 1939–1945. London, Phoenix: 43–8
  47. ^ Эвакуация и национальные отношения в советском тылу в годы Великой Отечественной Войны (in الروسية). Archived from the original on سبتمبر 28, 2011.
  48. ^ Lador-Lederer, Joseph. World War II: Jews as Prisoners of War, Israel Yearbook on Human Rights, vol.10, Faculty of Law, Tel Aviv University, Tel Aviv, 1980, pp. 70–89, p. 75, footnote 15. [1] Archived أغسطس 25, 2010 at the Wayback Machine
  49. ^ [2] Archived سبتمبر 14, 2005 at the Wayback Machine
  50. ^ Draft report by the Commission for Crimes Committed by the Nazis in Kiev from February 1944 Archived نوفمبر 9, 2017 at the Wayback Machine. The page 14 shows changes made by G. F. Aleksandrov, head of the Propaganda and Agitation Department, Central Committee of the Communist Party of the Soviet Union
  51. ^ Richard Overy (2004). The Dictators: Hitler's Germany, Stalin's Russia. W.W Norton Company, Inc. p. 568. ISBN 978-0-14-191224-0. Archived from the original on February 6, 2017. Retrieved August 22, 2017.
  52. ^ According to historian Gennady Kostyrchenko, recently opened Soviet archives contain evidence that the assassination was organized by L.M. Tsanava and S. Ogoltsov Archived نوفمبر 13, 2005 at the Wayback Machine of the MVD
  53. ^ Rubenstein, Joshua. "Stalin's Secret Pogrom: The Postwar Inquisition of the Jewish Anti-Fascist Committee (Introduction)". JoshuaRubenstein.com. Archived from the original on أكتوبر 28, 2005.
  54. ^ A History of the Jews by Paul Johnson, London, 1987, p. 527
  55. ^ UN Debate Regarding the Special Committee on Palestine: Gromyko Statement. 14 May 1947 77th Plenary Meeting Archived يناير 9, 2006 at the Wayback Machine Document A/2/PV.77
  56. ^ نظير مجلي (2013-09-03). "اليهود الروس في إسرائيل أكثر تطرفاً في السياسة وأكثر التصاقاً بالثقافة الروسية". جريدة الحياة اللبنانية.
  57. ^ Yaacov Ro'i, The Struggle for Soviet Jewish Emigration, 1948–1967 Archived فبراير 22, 2017 at the Wayback Machine, Cambridge University Press 2003, ISBN 0521522447 p. 199
  58. ^ "Refworld | Soviet Union: Whether synagogues in Leningrad were open and functioning during the 1960s". Archived from the original on October 7, 2021. Retrieved March 19, 2021.
  59. ^ History of Dissident Movement in the USSR Archived فبراير 22, 2017 at the Wayback Machine by Lyudmila Alexeyeva. Vilnius, 1992 (in Russian)
  60. ^ All Things Considered (October 30, 2010). "How A Quest To Save Soviet Jews Changed The World". NPR. Archived from the original on April 22, 2013. Retrieved March 5, 2013.
  61. ^ Buwalda, Petrus (1997). They Did Not Dwell Alone: Jewish Emigration from the Soviet Union 1967–1990. Washington, DC: Woodrow Wilson Center Press [u.a.] ISBN 978-0-8018-5616-7. Archived from the original on June 2, 2021. Retrieved March 5, 2013.
  62. ^ Mikhail Shifman, ed. (2005). You Failed Your Math Test, Comrade Einstein: Adventures and Misadventures of Young Mathematicians Or Test Your Skills in Almost Recreational Mathematics. World Scientific. ISBN 978-981-270-116-9.
  63. ^ Edward Frenkel (أكتوبر 2012). "The Fifth problem: math & anti-Semitism in the Soviet Union". The New Criterion. Archived from the original on 7 ديسمبر 2015. Retrieved 12 ديسمبر 2015.
  64. ^ Dominic Lawson (11 أكتوبر 2011). "More migrants please, especially the clever ones". The Independent. London. Archived from the original on 4 فبراير 2012. Retrieved 14 سبتمبر 2017.
  65. ^ Andre Geim (2010). "Biographical". Nobelprize.org. Archived from the original on 16 يونيو 2017. Retrieved 14 يونيو 2017.
  66. ^ "Всесоюзная перепись населения 1926 года". Demoscope.ru. Archived from the original on مارس 6, 2013. Retrieved أبريل 14, 2013.
  67. ^ "Всесоюзная перепись населения 1939 года". Demoscope.ru. Archived from the original on مارس 3, 2016. Retrieved أبريل 14, 2013.
  68. ^ أ ب ت "Приложение Демоскопа Weekly". Demoscope.ru. يناير 15, 2013. Archived from the original on أكتوبر 12, 2013. Retrieved أبريل 14, 2013.
  69. ^ أ ب "Archived copy". Archived from the original on October 16, 2013. Retrieved April 14, 2013.{{cite web}}: CS1 maint: archived copy as title (link)
  70. ^ "Archived copy". Archived from the original on May 18, 2013. Retrieved December 22, 2012.{{cite web}}: CS1 maint: archived copy as title (link)
  71. ^ "Archived copy". Archived from the original on May 18, 2013. Retrieved December 22, 2012.{{cite web}}: CS1 maint: archived copy as title (link)
  72. ^ Brandon, Ray; Lower, Wendy (May 28, 2008). The Shoah in Ukraine: History, Testimony, Memorialization. Indiana University Press. ISBN 978-0-253-00159-7. Archived from the original on June 2, 2021. Retrieved 2013-04-14.
  73. ^ Cohen, Susan Sarah (2005-01-01). 2002 – Google Books. Walter de Gruyter. ISBN 978-3-11-094417-4. Archived from the original on October 7, 2021. Retrieved 2013-04-14.
  74. ^ أ ب "Jewish Population of the World". jewishvirtuallibrary.org.
  75. ^ "YIVO | Belarus". Yivoencyclopedia.org. October 23, 1943. Archived from the original on October 25, 2012. Retrieved 2013-04-14.
  76. ^ 2019 Belarus Census
  77. ^ "Uzbek Census 2021". data.egov.uz.
  78. ^ أ ب "Ethnic composition of Azerbaijan 2009". Pop-stat.mashke.org. April 7, 1971. Archived from the original on July 29, 2013. Retrieved 2012-12-22.
  79. ^ أ ب "Ethnicities in Latvia. Statistics". Roots-saknes.lv. Archived from the original on May 24, 2013. Retrieved 2013-04-14.
  80. ^ أ ب ت ث ج ح "OSS Report on Wartime Population Changes in the Baltic [1939–1944]". Lituanus.org. Archived from the original on January 11, 2013. Retrieved 2013-04-14.
  81. ^ "Latvijas iedzīvotāju sadalījums pēc nacionālā sastāva un valstiskās piederības" (PDF). Pilsonības un migrācijas lietu pārvalde. Jan 18, 2021.
  82. ^ "UNdata | record view | Population by national and/Or ethnic group, sex and urban/Rural residence".
  83. ^ "Gyventojų ir būstų surašymai - Oficialiosios statistikos portalas".
  84. ^ "Rv0222U: Rahvastik Soo, Rahvuse Ja Maakonna Järgi, 1. Jaanuar. Haldusjaotus Seisuga 01.01.2018".
  85. ^ Levin, Nora (1990-12-01). Jews in the Soviet Union Since 1917: Paradox of Survival – Nora Levin – Google Books. NYU Press. ISBN 978-0-8147-5051-3. Archived from the original on June 2, 2021. Retrieved 2012-12-22.
  86. ^ "Republic of Moldova 2014 - Census de facto complete tabulation". Data.un.org.
  87. ^ "Archived copy" (PDF). Archived from the original (PDF) on 2017-02-05.{{cite web}}: CS1 maint: archived copy as title (link)
  88. ^ "Kyrgyz Census 2021". stat.kg.
  89. ^ "HISTORY AND GENERAL INFORMATION ON THE TURKMENISTAN JEWISH COMMUNITY". jewseurasia.org.
  90. ^ "Turkmenistan Virtual Jewish History Tour". jewishvirtuallibrary.org.
  91. ^ "Tajik Census 2010" (PDF). Archived from the original (PDF) on 2013-01-16.
  92. ^ أ ب "World Jewish Population, 2002" (PDF). Archived (PDF) from the original on July 21, 2020. Retrieved November 23, 2012.
  93. ^ أ ب "Powered by Google Docs". Docs.google.com. Archived from the original on June 2, 2021. Retrieved 2013-04-14.
  94. ^ YIVO | Population and Migration: Population since World War I Archived يناير 22, 2021 at the Wayback Machine. Yivoencyclopedia.org. Retrieved on 2013-04-14.
  95. ^ "The Consequences of the Second World War and the Stalinist Repression" (PDF). Archived (PDF) from the original on July 20, 2013. Retrieved October 13, 2012.
  96. ^ "Holocaust in Belorussia [Page 27]". Jewishgen.org. Archived from the original on October 24, 2012. Retrieved 2013-04-14.
  97. ^ "Ethnic composition of Belarus 2009". Pop-stat.mashke.org. Archived from the original on June 16, 2020. Retrieved 2012-12-22.
  98. ^ "Database". Data.csb.gov.lv. Archived from the original on ديسمبر 19, 2012. Retrieved أبريل 14, 2013.
  99. ^ "Rodiklių duomenų bazė". Db1.stat.gov.lt. Archived from the original on أكتوبر 14, 2013. Retrieved أبريل 14, 2013.
  100. ^ "YIVO | Population and Migration: Population since World War I". Yivoencyclopedia.org. Archived from the original on January 22, 2021. Retrieved 2013-04-14.
  101. ^ Sherwood, Harriet (17 August 2011). "Israel's former Soviet immigrants transform adopted country". The Guardian. Archived from the original on March 12, 2020. Retrieved 16 October 2018.
  102. ^ أ ب "Fertility behaviour of recent immigrants to Israel: A comparative analysis of immigrants from Ethiopia and the former Soviet Union" (PDF). Archived (PDF) from the original on July 12, 2007. Retrieved 2011-03-22.
  103. ^ Wayne State University Press – Jewish Studies: – Page 1 Archived سبتمبر 12, 2008 at the Wayback Machine
  104. ^ "Jewish Zionist Education" (PDF). Jafi.org.il. مايو 15, 2005. Archived from the original (PDF) on مارس 27, 2009. Retrieved مارس 22, 2011.
  105. ^ "Monthly Bulletin of Statistics". Cbs.gov.il. Archived from the original on أكتوبر 21, 2007. Retrieved مارس 22, 2011.
  106. ^ "Population" (PDF). Israel Central Bureau of Statistics. Archived (PDF) from the original on September 12, 2008. Retrieved October 28, 2007.
  107. ^ "Table 1. - Immigrant population from USSR (former) (1), by year of immigration" (PDF). Archived from the original (PDF) on سبتمبر 12, 2008. Retrieved أكتوبر 28, 2007.
  108. ^ "Monthly Bulletin of Statistics". Cbs.gov.il. Archived from the original on نوفمبر 4, 2007. Retrieved مارس 22, 2011.
  109. ^ "Mmigrant Population From The Former Ussr". CBS.gov.il. Archived from the original on أكتوبر 14, 2013. Retrieved أبريل 16, 2013.
  110. ^ Friedman, Ron (January 18, 2011). "Oz unit far from hitting deportation target for illegals". Jpost.com. Archived from the original on January 20, 2011. Retrieved 2013-04-14.
  111. ^ "Aliyah on the Rise: 19,200 New Immigrants Arrive in Israel in 2013". Algemeiner. December 30, 2013. Archived from the original on April 10, 2014. Retrieved March 11, 2014.
  112. ^ "Immigration to Israel Rises by 7% – Led by French". Forward. December 29, 2013. Archived from the original on March 11, 2014. Retrieved March 11, 2014.
  113. ^ "Aliyah Hits Ten-Year High: Approximately 26,500 New Immigrants Arrived in Israel in 2014". The Jewish Agency. January 2, 2015. Archived from the original on July 2, 2015. Retrieved June 28, 2015.
  114. ^ "Aliyah Figures at Highest in a Decade; France Leads the Way". Arutz Sheva. December 31, 2014. Archived from the original on June 1, 2015. Retrieved June 28, 2015.
  115. ^ Jews Are Fleeing Russia Because Of Putin Archived يوليو 4, 2015 at the Wayback Machine, Radio Free Europe (July 3, 2015)
  116. ^ Eylon Aslan-Levy (December 30, 2015). "Aliyah Numbers Rise, but Majority Coming From Just Three Countries". Tablet. Archived from the original on April 29, 2016. Retrieved April 21, 2016.
  117. ^ Omri Efraim (December 29, 2015). "Aliyah to Israel increases in 2015". Ynetnews. Ynet News. Archived from the original on April 6, 2016. Retrieved April 21, 2016.
  118. ^ Gross, Judah Ari. "Hundreds of Jews fleeing Ukraine to arrive in Israel next week". www.timesofisrael.com. Retrieved 10 May 2022.
  119. ^ "In time for Passover: Israeli immigration minister visits Ukraine to get Jews to Israel". Israel365 News | Latest News. Biblical Perspective. 7 April 2022. Retrieved 10 May 2022.
  120. ^ Kershner, Isabel (23 March 2022). "Ukraine War Ignites Israeli Debate Over Purpose of a Jewish State". The New York Times. ISSN 0362-4331. Retrieved 26 March 2022.
  121. ^ Kliger, Sam (يونيو 14, 2004). "Russian Jews in America: Status, Identity and Integration" (PDF). AJCRussian.org. The American Jewish Committee. Archived from the original (PDF) on فبراير 1, 2017. Retrieved سبتمبر 13, 2016.
  122. ^ Sergio DellaPergola, "World Jewish Population 2002" Archived ديسمبر 22, 2004 at the Wayback Machine, American Jewish Year Book, 102, New York, 2002
  123. ^ Zentralrat der Juden in Deutschland. "Central Council of Jews in Germany". Zentralratdjuden.de. Archived from the original on December 26, 2017. Retrieved 2013-04-14.
  124. ^ Foreigners in Wonderland: Jewish immigration from the former Soviet Union Archived أكتوبر 18, 2007 at the Wayback Machine by Judith Kessler
  125. ^ (in روسية) В Германии началась депопуляция еврейских общин Archived أكتوبر 22, 2007 at the Wayback Machine (In Germany, Depopulation of Jewish Community Has Begun) by Pavel Polian. Demoscope
  126. ^ (in روسية) Новое о еврейских иммигрантах из б. СССР в Германию. Результаты государственного обследования Archived أكتوبر 22, 2007 at the Wayback Machine (New About Jewish Immigrants from FSU to Germany.) by Pavel Polyan. Demoscope
  127. ^ http://jewishtoronto.org/getfile.asp?id=13787[dead link]
  128. ^ Headapohl, Jackie (17 May 2018). "Hero In Disguise". Detroit Jewish News.
  129. ^ Gruzman, Emmanuel (May 12, 2018). "Russian-speaking Jews in Australia: more difficulties at first but more satisfied at last". plus61j.net.au. 2018-05-12. Retrieved 2018-06-08.
  130. ^ "Australian Bureau of Statistics". abs.gov.au. Archived from the original on February 23, 2011. Retrieved 2018-06-08.
  131. ^ Matt Siegel (مارس 12, 2007). "In Finland, immigrants from FSU revitalize a dying Jewish community". Jewishtoronto.net. Archived from the original on مارس 10, 2008. Retrieved أبريل 14, 2013.

وصلات خارجية