مدينة الزبارة مدينة قطرية تاريخية تقع في بلدية الشمال. سميت بهذا الاسم بسبب أرتفاع ارضها فيقال لها الزبارة أي الأرض المرتفعة و يقال كذلك انها سميت بالزباره نسبه لاهالي الزبير الذين وفدو اليها من جنوب العراق حيث حل الطاعون بهم.

قلعة الزبارة
بلدية الشمال، قطر
موقع مدينة الزبارة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

 
Line drawing of a dhow

تأسيس الزبارة

في عام 1188هـ وصل من القرين مرورا بالبحرين والاحساء الشيح أحمد بن رزق الخالدي (ابن رزق) وكان العتوب في ذلك العام يسكنون بلدة فريحة القريبة من الموقع الذي تأسست عليه بلدة الزبارة، وكان أمير العتوب الشيخ محمد بن خليفة العتبي (جد آل خليفة حكام البحرين حاليا) يسكن في قلعة مرير التي أنجز تأسيسها سنة 1182هـ، فتشاور ابن رزق مع خليفة العتبي بخصوص موضوع تأسيس الزبارة فوافق امير العتوب فباشر ابن رزق في تاسيس مدينة الزبارة وكان من أشهر سكانها الذين ذكرهم الشيخ عثمان بن سند البصري مؤلف مخطوطة سبائك العسجد، وهم آل جامع وابن فيروز وال العباسي (باش اعيان) وغيرهم.

 
قلعة الزبارة

وكان انتقالهم إثر وباء الطاعون الذي حلّ بالبصرة سنة 1773م ومحاصرة الفرس لها سنة 1775م ثم احتلالهم لها، وفي السنة التالية هاجر العديد من تجار البصرة إلى الزباره مما ساعد على سرعة نموها فتركزت فيها وحدها تقريباً تجارة اللؤلؤ والتجارة عامة بين شرق الجزيره العربية والهند خلال هذه الفترة والفترة اللاحقة إمتدت المنازل والقصور إلى خارج الأسواق وبنى سوق آخر حول المدينة الجديده يبلغ طوله حوالي 2 كيلومتر يتخلله عشرون برجاً (نصف دائري) كما تم حفر القناة التي كانت تصل بين البحر وأطراف قلعة مرير، وشيدت عدة قلاع حول الزبـاره في الفريحة وليشا وحلوان وعين محمد وركيات وأم الشول والثغب أثر الحرب التي نشبت بين السيد سعيد سلطان عمان والموحدين (الوهابيين) دمرت المدينة عام 1810 – 1811 م، وقد كتب الكابتن ج. ب. براكس عام 1824م بأن الزاره مدينة كبيرة تحولت إلى خرائب وقد سبقة الكابتن روبرت تيلور عام 1818م الذي قدر أنه كان بالمدينة حوالي 400 منزل.

بعد هجرة الشيخ محمد بن خليفة العتبي إلى الزبارة تزوج من أل بوكوارة وأنجبت زوجته هذه ولديه "علي" و"إبراهيم" وكان علي من أبطال معركة الزبارة وفتح البحرين في سنة 1197هـ. كان لزواجه من آل بوكوارة ما يدل على بعد نظره لأنه أراد أن يجلب إليه قبائل قطر بمصاهرته معهم، وهكذا أصبح للشيخ محمد بن خليفة إمرة بلدية الزبارة ومن سكنها وقام ببناء قلعة على الماء الذي يستقون منه وسماها "صبحا" على اسم قلعة الجميلات في الهدار التي عمرها فارس الجميلات (فيصل الجميلى) وهو من جميلة من عنزة. وعادة ينتقل الناس فيحملون معهم مسمياتهم فحين انتقل آل خليفة بنوا قلعة في الزبارة على غرار قلعة آبائهم وأجدادهم في نجد وسموها (صبحا) بنفس الاسم لقلعتهم في الهدار.[1]


قام الشيخ خليفة بتعمير الزبارة وجعل وفي كل جهة منها ثلاثة أبراج عظام وفي كل برج فتحات للمدافع. ويقول شاهد عيان من المسنين: "أنا ذرعت ساس هذه القلعة فكانت خمسة اذرع وبها مسجد للجمعة مطوي سقفه بالقباب وبها بئر ماء عذب"، وأتم بناءها الشيخ محمد بن خليفة في سنة 1182هـ وأرخ بناءها بجملة "تمت بعز وعون الله حاميها" سنة 1182هـ ثم أضاف الشيخ حمد بن محمد آل خليفة (الفاتح) إلى هذه القلعة سورين من باب الزبارة إلى القلعة : سور من الجنوب مستطيل يمتد من البلد شرقاً إلى القلعة ، والثاني يمتد من الشمال ويتصل من القلعة إلى باب البلد من الغرب.

وقد حفروا من جنوب البلد خليجياً للسفن كالقناة ومسافة هذه القناة أو الحفر نحو ميلين وتجرى فيه السفن الصغيرة . لقد شقوا من البحر هذه القناة و أحاطوها بسورين يمتدان من البلد إلى القلعة وتحمي السفن الداخلية أو الخارجية فيها أبراج على جانبي هذه القناة حتى تصل إلى القلعة. وفي داخل القلعة سانية والبيوت أي بيوت الشيوخ مع بيوت اعوانهم في الداخل وعددها يتراوح ما بين 50-60 بيتاً وبين هذه البيوت وبين الجدار و القلعة وللقلعة جدار أو سور عريض يكفي أن يسير عليه ستة أنفار كما أنه مرتفع إذ يبلغ ارتفاعه نحو عشرة أذرع، وفي جنوب القلعة باب صغير بينما الباب الكبير يقع في شماليهما عند المسجد مقابل هذا الباب الكبير هناك حفر أو مدخل للبحر حيث تصل السفن الصغيرة إلى قرب الباب لأجل إيصال المواد الغذائية إلى القلعة من السفن الكبيرة ، وأتم الشيخ أحمد الإضافات والتحصينات المذكورة في عام 1208هـ.

وفي لمع الشهاب أن أحمد الفاتح الذي كان الحكم في الكل والبحرين بعد أن قال تجار الزبارة أن يبني أبراجاً على الماء وأكواتاً مستطيلة يخلف بعضها بعض إلى قرب سور الزبارة ورتب على كل كوت كذا رجلاً على الدوام وجعل في كل كوت أربعة مدافع حتى يمشي الساقي للماء والحطب، ثم يستطرد صاحب لمع الشهاب بقوله: فأتم بنيانها – أي الأبراج – وتوفي ذلك العام أحمد بن محمد الخليفة (الفاتح) سنة 1209هـ.

تطور الظروف السياسية والاقتصادية

ساعدت الظروف السياسية والإقتصادية على ازدهار الزبارة وعمرنها واتساعها حتى ِأصبحت أكبر مدينة في قطر ومن تلك الظروف مطالبة الشيخ محمد بن خليفة بدفع بعض الرسوم وقد دفعها له عدة سنوات، وبعد أن أتم بناء القلعة امتنع عن الدفع وانضمت له قبائل قطر فامتنعت هي الأخرى عن دفع الرسوم للمسلمين مما أدى إلى نشوب معركة بين أل خليفة وأعوانهم من جهة والمسلمين وأعوانه من جهة أخرى وعلى اثر هذه المعركة انهزم فيها المسلمين في واقعة السميسمة في قطر وبعد هذه الواقعة برز دور الزبارة واضمحل نفوذ الحويلة التي كان فيها أل مسلم.

وفي حوالي سنة 1186هـ توفي الشيخ محمد بن خليفة وخلفه ابنه الشيخ خليفة، وكان الشيخ بن محمد ورعا تقيا وأديبا شاعرا ينظم الشعر وله إلمام بفقه الإمام مالك وفي عهده اتسعت الزبارة وذلك لأسباب منها هجوم الزنديين على البصره في عهد كريم خان الزندي ومحاصرتها حوالي سنة ونصف منذ سنة 1188هـ وقيل سنة 1189 هـ وقيل دام الحصار أربعة عشر شهرا حتى سنة 1190هـ ودافع أهل البصرة عن مدينتهم ببسالة نادرة رغم نقص الطعام وقلة الذخيرة عندهم ونهب العجم البصرة وفعلوا بها الأفاعيل وكان متسلمها يومئذ سليمان بك الكبير ومعه فيها مشايخ المنتفك، فلما كانت سنة 1190هـ استولى العجم على البصره صلحا ثم غدروا بأهلها ونهبوها وساروا إلى بلد الزبير ونهبوه ودمروه وتركوه خاليا و أهله ما بين منهزم طالب النجاة وقتيل وهكذا أدى إلى انتقام كثير من أصحاب رؤوس الأموال والعلماء من البصرة الكويت إلى الزبارة والاحساء ومناطق الجنوب لبعدها عن الأحداث خاصة وان البصرة وقتئذ كانت مركزا تجاريا وفيها حركة اقتصادية نشيطة كما أن الرفاه الاقتصادي أدى إلى التقدم في العلوم والعمران فيها فلما انتقل بعض التجار بخبرتهم وأموالهم إلى الزبارة انتعشت المدينة. ثم أن تحول طائفة من فحول العلماء والأدباء الشعراء إليها ساعد على التقدم العلمي حيث فتحوا المدارس فيها شأن ما ألفوه في بصرة. فعمرت الزبارة اقتصاديا وثقافيا. وممن هاجر إليها بسبب هذه الأحداث محمد بن رزق التاجر المعروف.

وتعرضت البصرة لمرض الطاعون. حيث كتب شاهد عيان في حوادث سنة 1185/ 1772م وهو عبد الرحمن بن عبدالله السويدي المؤرخ المعاصر لانتشار المرض الطاعون في العراق والذي انتقل من بغداد إلى البصرة مع أهله ثم إلى الزبير بعدها إلى الكويت ووصف الكويت فأقام بها شهراً فقال أن فيها أربعة عشر مسجداً جامعين وأرخ لوريمر هذا الحدث في سنة 1186هـ فقال أن وباء الطاعون قتل الآلاف من سكان البصره ولم يبق من أهل البصره إلا القليل ، ومن أهل الزبير ستة آلاف نفس . وهذا الوباء دفع بالكثير من سكان البصره إلى النزوح إلى الزبارة حتى قيل – خراب البصره عمار الزبارة – لأن كثير من علماء الذين عاشوا في الزبارة كانوا في فترة من حياتهم في البصرة مثل بكر بن أحمد حاصري الزباري المتوفى سنة 1202هـ ومعاصره أحمد بن درويش العباسي ومحمد بن عبداللطيف الشافعي الاحسائي وابنه عبدالله ومحمد بن فيروز والبيتوشي والعتيق هجري والطباطبائي وابن جامع وآخرين غيرهم أوردنا ذكرهم في الجدول وظرفا من بعضهم ودورهم في التقدم الزبارة الحضاري.

كذلك ظهر أل سعود وحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاح بينما في سلطان آل عريعر نتيجة الخلافة الخلافات الأسرية بين آل عريعر وهم من بني خالد بن الأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود على نجد والبادية. هذا النزاع الأسري إلى نمو الزبارة والى التقدم الاقتصادي عند العتوب في ضل ذلك النزاع الذي كان إلى نمو الزبارة والى التقدم الاقتصادي عند العتوب في ظل ذلك النزاع الذي كان الأمير الأثر في عدم الاستقرار واضطراب الأمن مما دفع بعض سكان الاحساء ونجد إلى الرحيل عنها وسكنى الزبارة والكويت ، وتاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد وعند ابن بشير وابن غنام مما يؤكد انه حصل في سنة 1187هـ قتال عظيم ووقائع عديدة إذ خرج دهام بن دواس بن عبدالله بن شعلان من الرياض وقصد الاحساء. وفي سنة 1188هـ سار عريعر بن دجين آل حميد الخالدي رئيس الأحساء والقطيف بالجنود العظيمة من الحاضرة والبادية واتجه نحو نجد وقصد بريده وعنيزة وحاصرها واجلى بعض اهلها ومات وهو في الطريق وخلفة ابنه ((بطين)) ولم يستقيم له حال إذ قتلة أخوه سعدون خنقا فلما تولى سعدون حارب قبيلة مطير وحالفته الدهامشة من عنزه ضد مطير واستمرت الحال حتى 1195هـ. هذه الأحوال المضطربة في الأحساء ونجد أدت إلى جلاء بعض أهاليها إلى الزبارة وخاصة التجار والعلماء منهم.

إن الفترة التي عاصرت نشوء وازدهار الزبارة وقد شهدت حدوث قحط وغلاء. ففي سنة 1181 هـ ارتفعت الآثمان ونفق الزاد في جميع البلدان واستمرت الغلاء في السنة التي تليها وسمي ذلك القحط والغلاء العظيم سوقة مات فيه خلائق كثيرة جوعا كثير من أهل نجد إلى البصرة والزبير والحساء، ومن قحط إلى وباء وطواعين وحروب حتى سنة 1197هـ حيث بدأ القحط والغلاء العظيم المسمى " دولاب" واستمر ثلاث سنين.

وقد ساعد نزول آل خليفة ومن والاهم للزبارة على نمو الثروة لسكناهم بقرب المصدر الأساسي لثروة الخليج وهو اللؤلؤ، وتمتعت الزبارة بنوع من حرية التجارة فإن عدم فرض ضرائب على السلع التجارية فيها شجع التجار على الدخول إليها بتجارتهم فأصبحت وقتئذ منطقة جذب إذ ترد إليها البضائع للاستهلاك ثم يصدر الفائض منها إلى نجد والاحساء وغيرها كما إن ازدهار الزبارة أدى إلى جذب كثير من تجارة البحرين التي كانت وقتئذ تحت حكم آل مذكور وجاء في وثائق " منتخبات سالدنها" أن حكومة الزبارة كانت تعفي السلع من المكوس ولا تجمع أي نوع من الرسوم الجمركية على البضائع التجارية خاصة إذا علمنا إن الزبارة تشتهر حينئذ بتجارة اللؤلؤ فهو قريبة من المصائد الغنية بصيده. كل ذلك مما هيأ للزبارة أن تتبوأ مكانتها في التجارة والملاحة فدرت عليها الخيرات من كل مكان.

معركة الزبارة

إن الازدهار والتقدم والثروة التي حصلت عليها موانئ العتوب في الزبارة والكويت لمشاركتهم الفعالة في الغوص على اللؤلؤ والمتاجرة به والنقل البحري أثارت عليهم مشايخ الهولة وأحسوا بمزاحمتهم فتعرضوا لهم ولسفنهم فازدادت المنافسة بينهم وكان علي مراد خان في أصفهان يحرض شيوخ الهولة في جميع السواحل الفارسية بالقضاء على قوة العتوب الناشئة في الكويت والزبارة وحدثت معركة الرقة حيث أنه وفي الوقت الذي كان فيه الخوالد يتطلعون لاستعادة سلطتهم على الكويت ، تعرضت مشيخة الكويت لخطر الغزو من قبل الكعبيين الذين كانوا يزاولون نوعاً من النفوذ على بعض المقيمين على شواطئ الخليج ممن كانت تصل إليهم السفن الكعبية، فلما قدم العتوب إلى الكويت رفضوا الامتثال للكعبيين الذين عولوا على ربط الكويت ببلادهم ، فسعوا لدى الشيخ عبد الله الصباح حاكم الكويت لكي يقبل بمصاهرة حاكم الكعبيين، غير أنه رفض ذلك وسانده الكويتيون في رغبته تلك.

وتشير المصادر إلى أن جماعة آل خليفة كان من رأيها تلك المصاهرة إرضاء للكعبيين اعتقاداً منهم بعدم مقدرة العتوب على مواجهة الخصوم، وفي رأي تلك المصادر أن الخلاف في الرأي بين جماعتي آل صباح وآل خليفة كان دفاعاً للجماعة الأخيرة للرحيل عن الكويت عام 1187هـ، على أن الخلاف في الرأي على هذا النحو لم يمنع الكويت من مواجهة تحدي الكعبيين الذين سيروا سفنهم الكبيرة نحو الكويت لغزوها، في الوقت الذي خرجت فيه السفن الكويتية الصغيرة لمواجهتها حيث تلاقت سفن الجانبين بالقرب من جزيرة فيلكا عند منطقة رقت مياهها لحدوث جزر مفاجئ ، وفي وقت توقفت فيه الرياح ، مما أفقد السفن الكعبية حرية الحركة، وقد أتاح ذلك الفرصة أمام السفن الكويتية لكي تحيط بسفن الخصوم وتشعل فيها النيران، فانهزم الكعبيون على هذا النحو ، وتمكن الكويتيون من الاستيلاء على بعض سفن خصومهم وأسلحتهم ومن بينها بعض المدافع التي حملوها معهم إلى الكويت حيث نصبوها على ساحل مدينتهم كذكرى عزيزة لهذا الانتصار الكبير.

في هذه الظروف بعد معركة الرقة هاجم العتوب وهم مجتمعون من الزبارة والكويت والبحري ، وكتب بذلك لاتوش تقريره المؤرخ 27 ذي القعدة 1196هـ والمواجه إلى ديوان الإدارة بلندن والذي جاء فيه:

أن بعض سكان الزبار وقرين قاموا أخيراً بغارة على البحرين كما استولوا على عدة قوارب لبوشهر وبندر ريق عند مدخل هذا النهر (شط العرب، وكان رد الفعل أن جمع الشيخ نصر قوة من بوشهر وبندر ريق والموانئ الفارسية الأخرى وتظاهر بأنه ينوي أخذ الثأر لهذه الاعتداءات بشن هجوم على الزبارة فأرسل خطاباً إلى علي مراد خان في أصفهان يطالب فيه أن يمده بالأموال لتحقيق هذا الغرض.

كما وجه الشيخ نصر البوشهري نداء إلى شيخ القرين يعرض عليه إحلال السلام بينهما فرفض شيخ القرين هذه المبادرة إلا إذا وافق الشيخ نصر على دفع نصف إيرادات البحرين له مع نسبة كبيرة من مدخل بوشهر. ومع ذلك لم تمض سنوات كثيرة على الوقت الذي كانت فيه القرين مضطرة لدفع إتاوة كبيرة لبني كعب وكان اسم الزبارة قلما يعرف.

وعند هجوم الفرس على البصرة تحول أحد شيوخ القرين إلى الزبارة ومعه عدد كبير من الشخصيات الكبيرة وعدد من التجار من البصرة إلى هناك فأصبحت الزبارة مركزاً لتجارة اللؤلؤ والسلع الهندية وكذلك زادت أهمية القرين التجارية إلى حد ما ، وفي وقت لاحق استطاع شيوخ الزبارة والقرين أن تتحدى بني كعب وتكسب منها امتيازات عديدة كما أنها لم تعد تخشى تهديدات الشيخ نصر.

وبتحليل وثيقة لاتوشالوارد ذكرها نرى أنه في أواخر 1196هـ دب خلاف شديد بين العتوب من جهة ومشايخ الساحل الفارسي من جهة أخرى بتحريض من ((علي مراد خان))والسبب في ذلك يرجع للمنافسة على مصادر الرزق كالغوص والملاحة والقطاعة فأدت إلى نشوب غارات بين الطرفين ، وأهم مصدر لدينا عن ذلك ما كتبه لاتوش في رسالته المؤرخة في 27 ذي الحجة 1196هـ والتي ورد فيها أنه قبل تاريخ رسالته هذه حدث أن غار أهل القرين وأهل الزبارة على البحرين وأورد أنهم أحدثوا خسائر في المنامة وساقوا معهم سفينة كانت قادمة من بوشهر وبني كعب، مما نستدل منه على أن هذه السفن التي ذكر غرقها لاتوش هي المعركة التي حدث في الرقة قرب فيلكا بين عتوب الكويت القرين في عهد الشيخ عبد الله بن صباح الذي حكم من 1171هـ إلى 1229هـ وبين بني كعب وحلفائهم ، ثم ذكر لاتوش أنه بعد هذه الغارة وهذا الانتصار في وجه النهر أصبح العتوب في قوة لا يخشون معها بني كعب أو تهديدات الشيخ نصر بن مذكور ، مع أنه لم يمض وقت طويل على الوقت الذي كانت فيه القرين مجبرة أن تدفع جزية لبني كعب والذي كانت فيه الزبارة وقتئذ لم تشتهر بعد.

والعتوب الآن في الزبارة والقرين لا يخشون من التهديدات كما ذكر لاتوش أن الشيخ نصر بن مذكور تظاهر بأنه سيغزو الزبارة وقد كتب رسالة إلى علي مراد خان في أصفهان وفيها يطلب المساعدة منه على غزو الزبارة ، وفي نفس الوقت كتب إلى شيخ القرين يطلب منه عقد صلح معه لكن شيخ القرين طلب منه نصف إيراد البحرين وقسماً كبيراً من دخل بوشهر ونحن نعتقد أن طلبه للصلح كان خدعة أو أنه يريد أن يفصل بين الحليفتين الزبارة والكويت ليتفرغ لغزو الزبارة والتي فعلاً ينوي غزوها وقد أتم استعداداته فغزاها في ذي الحجة 1196هـ.

ويقول لوريمر لاتوش: نتيجة لرد الفعل للأحداث التي ذكرناها فقد أمر حاكم اصفهان علي مراد خان في أواخر سنة 1196هـ بأن يقوم الشيخ نصر أل مذكور بمحاصرة الزبارة بعد أن يعد حملة قوية ضد عتوب الزبارة مستعيناً بحكام ريق وجنابه ودشستان وسواها ، وكان قوام هذه الحملة ألفي رجل والمشهور أن الذي أراد المعركة هو الشيخ نصر آل مذكور وقد وقع سيفه بيد سلامة بن سيف آل بنعلي بعد أن انكسر جيشه وهزمت قواته وتراجعت إلى سفنها متكبدة خسائر جسيمة كما قتل الشيخ محمد ابن اخي الشيخ نصر آل مذكور.


أحداث وقعة الزبارة

لأسباب أورد ذكرها تضافرت مع بعضها أدت إلى وقعة الزبارة فجمع الشيخ نصر قوة كبيرة قوامها ألفا مقاتل وقيل 4000 مقاتل بقيادة محمد بن أخ الشيخ نصر وحاصرت هذه القوة الغازية الزبارة، ورغم أن الشيخ نصر اعتبر هذه القوة كافية لغزو الزبارة إلا أنه أراد تقويض قوة العتوب بمجرد محاصرته لمينائهم وقام لذلك بدوريات يقوم بها أسطوله بين البحرين والزبارة باستمرار ودام الحصار للزبارة نحو شهر وقد توسط ميرغني من بندر ريج بين الشيخ نصر وآل خليفة حقناً للدماء ولكن الشيخ نصر قدم شروطاً قاسية للصلح فلم تنجح الوساطة فحل محله الشيخ راشد بن الشيخ رحمة القاسمي شيخ جلفار رأس الخيمة وحاول تسوية النزاع بين الطرفين بصورة سليمة ولكن محاولاته باءت بالفشل وكان الشيخ عبد الله بن خليفة بن محمد آل خليفة يمثل الزبارة في المفاوضات وقد وافق على شروط الصلح إلا أن الشيخ نصر آل مذكورة ومن يمثله رفضوا تلك الشروط وطلب استسلام أهل الزبارة

بدون قيد أو شرط واشترط له الحق في التحكم برقاب أهلها فلما لم تجد المفاوضات نفعاً مع الشيخ نصر طلب الشيخ عبد الله بن خليفة منه أن ينزل قواته واخبره بأن حصاره للزبارة غير مجد مادامت القوافل وهي تحمل الغذاء تأتي باستمرار من الصحراء، كما أنه استنفر خصمه بقوله أنه من العار عليه وهو يمثل دولة العجم أن يبقى محاصراً للزبارة دون أن ينزل للحرب فأجابه شيخ آل مذكور أنه يخشى أن يهرب أهل الزبارة عندما تنزل قواته ولكن الشيخ عبد الله بن خليفة وعده بالصمود والحرب حتى النصر أو الشهادة فانزل الشيخ نصر قواته بين الزبارة وفريحة في وقت صلاة الجمعة وقد اتخذ هذا الوقت لانشغال الناس بأداء الصلاة فيفاجئهم وهم بالمساجد دون أن يعلم أن اجتماعهم هذا أدى لقوتهم كما أن المصلين في فريحة توجهوا بسيوفهم لنجدة إخوانهم في الزبارة وحدثت المعركة في يوم الجمعة من أيام شهر ذي الحجة 1196هـ.

هكذا فوجئت القوات الغازية بهجوم مضاد قوي ضدها فور نزولها وبعد قتال عنيف اجبر الغزاة على الفرار إلى قواربهم وقتل الشيخ محمد ابن أخ الشيخ نصر كما قتل ابن أخ الشيخ راشد وبعض الرجال البارزين م جماعة شيخ هرمز فرفع ذلك الانتصار من معنويات آل خليفة ومن معهم من القبائل الذين اتجهوا لفتح البحرين . وكان آل خليفة في موقف قوي:

1- لتأييد آل بنعلي لهم.

2- لموقعهم العسكري المحصن والمحكم حيث توجد القلعة والأسوار ذات الجدران المتينة والعالية حول المدينة ، وورائها قلعة ذات تحصينات متينة.

3-ومما زاد في معنويات جند آل خليفة طلب الشيخ نصر منهم الاستسلام وإلا يقتلهم جميعا حتى نساءهم وأطفالهم وخدمهم وهذا مما أثار حفيظة القبائل العربية فانضمت لآل خليفة الذين وضعوا النساء والأطفال في القلعة وعينوا عليهم كبار السن من رجالهم ليحرسوا حتى إذا ما انهزم آل خليفة في المعركة يقتلونهم لكيلا يقعوا في أيدي الأعداء. لذلك قاتل آل خليفة ومن والاهم بكل شجاعة وقساوة مستخدمين السيوف والرماح بدون رحمة وهم على تلال الرمال التي عرفوا مسالكها خارج أسوار الزبارة فأدت تلك الملحمة إلى هزيمة جيش نصر تاركين قتلاهم وراءهم هاربين إلى بقية سفنهم ومنهم نصر آل مذكور الذي ولى بوشهر حيث كان قد ترك ابنه في البحرين.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أسباب فشل حصار الزبارة

1- العتوب يحاربون في أرضهم فيستطيعون التحرك إلى الداخل بيسر وسهولة بينما العدو في البحر.

2- وجود قلعة ((مرير)) والتحصينات الأخرى.

3 تسرب أسرار الحرب إذ أن أنباء وصول حملة آل مذكور قد وصلت لآل خليفة قبل وصول الحملة نفسها فتحصنوا في معاقلهم واتخذوا الاستعدادات اللازمة من سلاح وعتاد وطعام وماء.

4- سهولة تموين جيش العتوب لأنهم في بلادهم وهي الزبارة سواء من الماء والزاد ، بينما تبعد مراكز تموين أعدائهم في بوشهر مئات الأميال أو في البحرين عشرات الأميال.

5- استماتة آل خليفة قلة من رجالهم وهم الشيوخ المتقدمون السن عند نسائهم وأطفالهم أوصوهم إما النصر او أن يقتلوا النساء والأطفال جميعاً ولا يدعوهم يقعون أسرى ويسبون من قبل أعدائهم ، خاصة وأن الأعداء طلبوا الاستسلام وسبي نسائهم وأطفالهم وخدمهم جميعاً وإلا وضعوا السيوف في رقابهم حتى يفنوهم عن آخرهم فعظمت المحنة لديهم واستكبروا هذه الشروط فهان عليهم الموت في حفظ عرضهم ونسائهم وأطفالهم ، فأما حياة كريمة أو الردى.

6- لقد نزلت قوات الشيخ نصر عند اكتمال مد البحر حتى إذا ما اكتمل نزول هذه القوات بدأت المعركة، ولما انهزم جنده واتجهوا صوب سفنهم فوجدوا أكثرها قد جزر عنها الماء ولم يستطيعوا الإبحار فيها حتى إن هناك جزيرة صغيرة قرب الزبارة تسمى ((مجيتيله)) وقد سميت كذلك لتجمع بعض الرجال وقد استعر القتل فيهم بهذه الجزيرة فغلب عليها هذا الاسم ، وهرب من هرب منهم إلى السفن التي كانت في عرض البحر.

7-. مقتل قائد الحملة محمد ابن أخي الشيخ نصر آل مذكور ، وكذلك مقتل ابن أخي الشيخ راشد بن مطر القاسمي شيخ رأس الخيمة ، وسواهما من وجهاء هرمز الذين صحبوا الحملة مما أوهن الأفراد المقاتلين في المعركة ، ومن المشهور أن الشيخ نصر اشترك في المعركة وسقط سيفه في يد سلامة آل بنعلي وهرب الشيخ نصر إلى بوشهر تاركاً البحرين ليس فيها قوة تحميه.

8- تعرضت قوات الشيخ نصر المهاجمة لهجومين، الهجوم المضاد من الزبارة، وهجوم من الخلف شنه أهل فريحة عليهم وأوقعوهم بين نارين فاضطربت صفوفهم و أوقعوا بهم خسائر مما أدى إلى تقهقرهم فانسحابهم مدحورين تاركين قتلاهم.

10- هرب الشيخ نصر آل مذكور إلى بوشهر تاركاً حتى سيفه خسره في المعركة فآل إلى سلامه بن سيف آل بنعلي ثم آل السيف إلى الشيخ سلطان بن سلامة ثم إلى مريم بنت سيف بن سلطان، واستطرد راشد بن فاضل آل بنعلي بقوله: ثم وهبتني إياه وأهديته هذه الأبيات من الشعر إلى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود فقلت:

المآثر تبني ذكر صاحبها بما عليه من الأفعال مذكور
لما أتى ناصر المذكور في ملأ يقود جيشا" من الاعجام مغرور
يبغي الزبارة والعرب الذين بها من العتوب قومي وهو مكسور
حتى رمى بجميع السلب منهزما فصار تذكار هذا سيف نصور
يهدى إلي ملك أسن الفضائل من قد كان بين ملوك الأرض مشهور
بالعلم والحلم والدين الحنيف ومن لواءه لحمى الإسلام منشور
عبد العزيز حمى الإسلام قاطبة حقا" يقينا" وليس الحق منكور
فاقبل هدية من قد حل ساحكم جهد المقل وقل لي أنت معذور

10- استخدام الخدعة بتحميل الجمال حمولات لإيهام العدو بوصول الإمدادات من الطعام والعتاد لأهل الزبارة

فتح البحرين

بعد هزيمة الشيخ نصر وفراره إلى بوشهر ومحاولاته الفاشلة بتجميع قوة يسترد بها هيبته في الخليج ووصول تلك الأخبار إلى الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة في الزبارة المتضمنة ضعف الحامية في البحرين واضطراب الأمن فيها وانشقاق أهلها على أنفسهم ووجود بعض الموالين له وأعوانهم من العتوب في البحرين قرر مهاجمة البحرين فأخذ يستعد لفتحها حيث اطمأن أنه ليس للشيخ القوة لحمايتها أو استردادها.

خاصة أن إيران كانت تواجه حرباً عائلية بين أفراد الأسرة الحاكمة فيها، وبعد أن استكمل الشيخ أحمد قوته هاجم البحرين في عام 1197هـ ولم يجد قوة تذكر لحمايتها وعند دخوله البحرين التجأت حاميتها الصغيرة وعائلة الشيخ نصر ومن والاهم إلى قلعة الديوان بالمنامة وقلعة البحرين في الجابور فحوصرت وقد تم اقتحام قلعة الديوان بالطريقة التالية:

كانت في وسط القلعة عين جارية يشرب منها سكان القلعة ويجري ماءها في جدول متجهاً شمالاً خارج القلعة والجدول مسقوف وبه عدة فتحات للنور والهواء تعرف بالتناقيب ويمر بفريق المشبر في المنامة ثم يسقي بستاناً داخل المنامة يعرف بالباخشة، باغجة تصغير كلمة باغ الفارسية وتعني البستان وكان أهل المنامة يشربون وينتفعون من مياه هذا الجدول الجارية إلى البستان والمارة ببيوتهم وقد وضع الشيخ أحمد مع الخاصة من رجاله خطة لاقتحام القلعة عن طريق هذا الجدول أو المشبر كما كان يسمى فاختار نخبة من رجاله الأشداء يحملون السيوف وأمرهم أن يدخلوا القلعة من هذا الجدول أو (المشبر) وفعلاً دخل الرجال في الجدول وهو يشبه النفق حيث كان مسقوفاً ولما وصل أولهم إلى فتحة العين فوجئ رجل كان يغتسل في العين بخروج الرجل عليه من جدول الماء وفعلاً خرج الرجال من العين واتجهوا للبوابة وفتحوها ودخلت القوات القلعة واستسلمت الحامية التي فيها بمن فيهم النساء والأطفال من عائلة الشيخ نصر فأمر الشيخ أحمد بتجهيز سفن لنقل الجميع إلى بوشهر وطلب من الشيخ علي بن خليفة الفاضل أن يصاحب الحملة وأن يوصلهم آمنين إلى أهلهم في بوشهر.

وهكذا وصلت عائلة الشيخ نصر وجميع أتباعه إلى بوشهر مكرمين معززين، واكبر الشيخ نصر هذا العمل الطيب وكان له الأثر في نفوس أعدائه الذين اكبروا فيه هذه الروح العربية الإسلامية. أما أفراد حامية قلعة البحرين وهم الذين تحصنوا من اتباع الشيخ نصر فقد استسلموا بعد مضي شهر واحد على استسلام قلعة الديوان في المنامة وعين الشيخ حمد عليها أميراً يسمى عجاج فأطلق عليها قلعة عجاج وعجاج هذا هو جد أبناء عجاج المعروفين اليوم في المحرق ، واتخذ الشيخ أحمد هذه القلعة سجنا. وهكذا أطلق على الشيخ أحمد بن محمد الخليفة لقب الفاتح لفتحه البحرين يؤرخ أحدهم هذا الفتح في سنة 1197هـ .

وبدخول أحمد الفاتح البحرين عادت البحرين إلى الحكم العربي حتى الوقت الحاضر. ولما استتب حكم الشيخ أحمد ورتب أمور البلد عاد إلى الزبارة بعد أن جعل على البحرين أميراً من قبيلته وهو الشيخ علي بن فارس الشاعر الأديب قال ابن ند : لقد وزر والي أوال الشيخ أحمد بن محمد الخليفة للشيخ علي بن فارس فزين رئيس الوزارة وجملها تلك الإمارة بآرائه الثاقبه وسيرته الحسنة وجعل مقره قلعة الديوان الكائنة في المنامة وصار الشيخ أحمد يأتي إلى البحرين صيفاً وفي الزبارة شتاءً ، وإذا حل الربيع كان الشيخ أحمد يرتاد (جرى الشيخ أحمد ) وهي روضة مستطيلة تخضر بعد سقوط المطر وفيها عين ماء جارية ، ومن الأحداث التي عاصرها الشيخ أحمد الفاتح في مطلع القرن الثاني عشر الهجري توسع الدولة السعودية الأولى في شرق الجزيرة العربية ومحاربتها لآل عريعر وهم من ( بني خالد ) في الإحساء والقطيف و التي أدت إلى التجاء آل عريعر إلى الدولة العثمانية، وقد أمدوهم بقوة كبيرة اتجهت لمحاربة الإمام سعود في الاحساء والقطيف وذلك عن طريق البحر.

ونشبت الحرب بين الطرفين، وبدأت الزبارة تستعد للدفاع عن نفسها ، فجمع الشيخ أحمد الفاتح قومه في الزبارة والبحرين واخذ يتشاور معهم للدفاع عن بلادهم ففكروا بحفر قناة تصل بين العديد وسلوى فتجعل من قطر جزيرة ولكنهم استصعبوا الأمر واكتفوا بحفر خندق من البحر إلى قلعة مرير في الزبارة، وجمع رجاله وأشار عليهم أن يبني على طرفي هذا الخندق أو القناة حصوناً أو أبراجاً لتحمي السفن حتى تصل إلى القلعة وتعهد جماعة الشيخ أحمد الفاتح من أهل الزبارة والبحرين بتحمل مصارف الحفر ولما تم إنجاز هذا المشروع الدفاعي انتقل الشيخ أحمد بن محمد الخليفة الفاتح إلى جوار ربه في عام 1209هـ وأرخت سنة وفاته بكلمة رندة ودفن في المنامة وخلفه ابنه الشيخ سلمان بن أحمد خليفة الذي حكم الزبارة والبحرين وكان عادلاً أحبته الرعية ودانت له القبائل. ولكنه رأى الدولة السعودية والقواسم ضده حيث انتشرت الدعوة الوهابية من السعودية واصبحت دوله قوية برئاسة الإمام عبد العزيز بن محمد آل سعود) ولكن استقر بهم الأمر إلى التقارب بين العتوب والقواسم والخضوع لنفوذ الدرعية لعاصمة الموحدين كما أشار عليهم سلطان مسقط وحكومة شاه إيران. هنا لم تسلم البحرين من التطلعات والأخطار الخارجية فتعرضت البحرين لظروف قاسية نتيجة الهجمات محلية وأجنبية ولكن الشيخ سلمان قابلها بحكمة وسياسة مستفيداً من توازن القوى في التخلص منها فكان كثيراً ما يعمل إلى الرواية في المستقبل حقن الدماء ، وقد بذل جهوداً جليلة للحفاظ على البحرين آمنه مستقر .

الجغرافيا

تقع مدينة الزباره على الشاطيء الشمالي الغربي لقطر، وتبعد عن مدينة الدوحة بحوالي 105كم، يحوي الموقع خرائب مدينة الزباره بقصورها ومنازلها ومخازنها وهي مقامة على أرض سبخة، وتمتد فوق مساحة تبلغ حوالي 60 هكتاراً داخل الأسوار التي تحيط بالمدينة من جهاتها الثلاث (الجهة الرابعة مفتوحة على البحر)، يتخللها (20 برجاً) أقيمت على مسافات غير متساوية تتراوح ما بين 90 و 115 متر.

تشرف على المدينة قلعة حديثة شيدت عام 1938 م تقريباً لتحل مكان القلعة السابقة التي كانت قد أقيمت بالقرب منها، وهي تتصل بالمدينة بسورين تتخللهما أبراج، ويشكل السوران ممراً عرضة حوالي 400م من جهة السور الخارجي للمدينة يضيق عند التقائه بالقلعة القديمة، كما شق عند الطرف الجنوبي للمدينة قناة يبلغ طولها حوالي 2 كيلو، كانت ترسو فيها السفن لتفريغ حمولاتها أو تجنباً للأعاصير في الأيام العاصفة.


التنقيب الأثري

كما تم تقسيم التنقيب في الزباره إلى 3 مواسم:

الموسم الأول

 
قلعة النزوة في عمان.

الموسم الأول للتنقيب 22 فبراير – 22 أبريل 1983م، بدء بكشف الإطلال عن هذه المدينة الهامة والمرتبطة ارتباطاً عضوياً بتاريخ قطر والمنطقة المحيطة وحضارتها ن وقد تم اختيار ثلاثة مواقع رئيسية لمباشرة التنقيب فيها للتعرف على مختلف مظاهر العمران في المدينة.

السور

تم كشف ما مساحتة 1900م مربع تقريباً من سور المدينة حيث ظهرت أبراجة الدائرية التي تمتاز بوجود سلم حلزوني داخل كل منها على مسافات متباعدة تتراوح ما بين 90 و 155 م من السور البالغ طوله حوالي كيلومترين كما أظهرت اعمال التنقيب أن السور قد جرى تدعيمة في أماكن ومراحل مختلفة.

البيت الجنوبي

أختير هذا الموقع لارتفاع أطلالة مما أوحى بإمكانية احتفاظ هذا البيت بمعالمة الهندسية والزخرفية، أو إمكانية وجود أكثر من طبقة سكنية، وقد أمكننا خلال الموسم الأول الكشف عن قسم منه برز بكامل دقائقه وتفاصيله والتحويرات التي أدخلت عليه مما يدل على أن البيت ظل قائماً ومأهولاً لفترة طويلة، أما مخططه فهو على نمط البيوت الشرقية، يتألف من حوش مربع تحيط به الغرف من جهاته الأربع.

البيت الشمالي

كان لبروز الأطراف العلوية للأقبية التي غطت أجزاء من هذا البيت الذي تبلغ مساحته الإجمالية حوالي 2000م مربع تم كشف 1200 م منها في الموسم الأول، دلالة واضحة على أهميته وقد أكدتها أعمال التنقيب فيما بعد حيث أظهرت أن البناء هو عبارة عن قصر صغير يضم ثلاثة أحواش تحيط بها الغرف المختلفة الاستعمال، فالمخزن حوى كافة جرار التخزين الطينية والفخارية والخزفية التي إستعملها ساكنوه، إضافة إلى العديد من المواقد والأفران التي استعملت للطهي أو للأغرض الأخرى وكذلك العديد من الأحواض التي ربما كانت تستخدم لسقاية الماشية.

عند كشف الجدران بقصد الوصول إلى الأسس تبين وجود طبقتين سكنيتين، حيث أقيم بيت أحدث عهداً على أنقاض بيت قديم باستعمال بعض حجارة أنقاضة، ويستدل على ذلك من اختلاف مستوى أرضية البيتين واختلاف تصميمها، حيث تتطابق الجدران في بعض الأماكن وتتداخل في أماكن أخرى، ومن الواضح أيضاً أن البيت المتأخر هو أقل انقاضاً من البيت القديم الذي غطيت أرضيته وجدرانه بطبقة من الجص.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الموسم الثاني

الموسم الثاني للتنقيب 1 ديسمبر 1983 إلى فبراير 1984:

تكملة البيت الشمالي

إشتمل الموسم الثاني على تكملة الجزء المتبقي من البيت الشمالي من الجهة الشرقية والجهة الغربية من مساحته الكلية، أما المنطقة الوسطى منه تم كشفها خلال الموسم الأول 1983 م.

التنقيب في البيت الشمالي الشرقي

بعد انتهاء من كشف جميع أجزاء البيت الشمالي، انتقل العمل إلى البيت الشمالي الشرقي وإستغرق شهرين تم خلالها رفع كمية من الأتربة والحجارة التي كانت تغطي معظم أجزاء البيت، وقد ظهرت بوضوح التوزيع العام لهذا لبيت حيث إحتوى على أحواش مربعة ومستطيلة تحيط بها حجرات مستطيلة مختلفة الأحجام، والجديد في هذا البيت هو وجود برج ناصية مربع الشكل في الزاوية الجنوبية الشرقية وكذلك وجود العامود الدائري ذي القاعدة المربعة خلف الجدار الحاجب للمدخل الجنوبي، وقد تركت مساحة بقياس 15 في 20م من البيت الشمالي الشرقي من الجهة الشمالية دون تنقيب، وذلك لانتهاء الموسم.

الموسم الثالث

الموسم الثالث للتنقيب 1 نوفمبر – 31ديسمبر 1984: بعد أن تأكد نجاح الأسلوب الذي سبق وأعتمد في ترميم قبوي البيت الشمالي مع جزء من السور الخارجي للبلدة بطول حوالي 200 م والذي سبق وأن أبتدأ العمل به خلال الموسم الثاني، كما تم ترميم ما سبق أن كشف من البيت الجنوبي خلال الموسم الأول.

حفريات جي فايف

بدأ العمل بحفرية جديدة عند نقطة المساحة جي فايف ضمن أسوار المدينة القديمة في محاولة للوصول على أقدم الطبقات السكنية التي قد تساعد على معرفة تاريخ تأسيس المدينة، وبالفعل تم التأكد من وجود طبقتين مع أن التنقيب لا يزال على ارتفاع عدة أمتار فوق مستوى سطح البحر مما يزيد من احتمال وجود طبقات أخرى.

مروب

نظراً لأهمية هذا الموقع الذي يعود إلى العصر العباسي، ونظراً لأن أعمال التنقيب السابقة التي قامت بها كل من البعثة الدنماركية والفرنسية والتي لم تشمل على أن تدعيم أو ترميم فيه مما جعل جدران الموقع تأخذ بالانهيار فقد إقتضى الأمر ترميم القلعتين المشيدتين الواحدة فوق الأخرى مع كشف أقسام القلعتين التي لم يسبق التنقيب فيها.

المكتشفات الأثرية

  • خاتمان من الفضة
  • ثلاث عملات فضية عثمانية من عهد السلطان سليم الثالث
  • قطعة نقد نحاسية تعود لفترة الأمبراطورية البريطانية لشرق أفريقيا
  • قطعة نحاسية عثمانية مكتوب على أحد الوجهين ضرب في بغداد
  • عملتان نحاسيتان من فئة ملوية الحسا
  • العديد من العملات النحاسية الهندية، جزء منها واضح المعالم
  • قطعة نحاسية منقوش على وجهها نجمية سداسية يتوسطها كلمة يا رب والوجة الاخر توقيع بخط الطغراء (عثمانية).
  • جرة كاملة من الفخار لها 3 مقابض عند الفوهه بيضاوية الشكل ذات قاعدة على شكل زر.
  • طبق متوسط الحجم مصنوع من الفخار المزجج، به زخارف نباتية على صزرة زهره تتوسط قاع الطبق تخرج منه خطوط تلتقي مع حافة الطبق بخطين دائريين، وتحصر الخطوط الخارجة من قاع الطبق بينها أشكال مثلثات.
  • العديد من غلايين التدخيين المزخرفة بعضها بطريقة الحز أو الحفر.
  • إناء من الفخار صغير الحجم يكاد يكون كاملاً
  • قنديل صغير من الفخار مطلي بطلاء أخضر.
  • عدد من الطلقات (البندق) مستديرة الشكل مصنوعة من مادة الرصاص.
  • ملقط من النحاس.
  • مشط شعر خشبي.
  • قدور فخارية ببعضها خطوط ملونه.
  • أغطية من الفخار.
  • طشت صغير الحجم من الفخار.
  • مئات من القطع الخزفية (البورسلين) بعضها ملاعق والبعض الآخر فناجين صغيرة وأخرى أطباق.
  • سلاسل صغيرة من النحاس.
  • أدوات من الحجر (حجر مسن ومدقة صغيرة لطحن المواد) ملتقطات سطحية.
  • أوزان حجرية مختلفة.
  • مدقان من الحجر (هارون).
  • جرة من الفخار المزجج بيضاوية الشكل.
  • العديد من المواقد في أرضيات المطابخ.

الترميم

بعد انتهاء أعمال التنقيب في الموسم الأول تبين أن العوامل الطبيعية من حرارة ورطوبة ورياح وأمطار وبناء المدينة بمجملها على أرض سبخة، إضافة إلى حركة المد والجزر، كان لها تأثير مدمر على الآثار غير المنقولة حيث بدأت الحجارة الهشة في التنقيب كما تلفت أرضيات الغرف، وأخذت الطبقة الجبسية التي تغطي الجدران تتهاوى لأن الأمطار غسلت الطبقة الطينية التي تحتها والتي تفصل بينها وبين حجارة البناء.

إزاء هذا الوضع عدلت خطة التنقيب للموسم الثاني لتشمل ترميم الأبنية مع أعمال الحفر باستعمال نفس الحجارة والمواد الطينية التقليدية في الأماكن الظاهرة بينما استعمل الأسمنت المقاوم للأملاح داخل الجدران والأماكن المخفية لتوقيتها. أما الآثار المنقولة فقد كان يتم ترميمها أولاً بأول حال اكتشافها، في المختبر الميداني الذي أقيم لهذه الغاية مما مكن فريق التنقيب ليس فقط بالحصول على آوان كاملة أو شبه كامله وانما من التعرف على أشكال الآواني وساعد على تحديد الاستعمالاات المختلفة للغرف التي وجدت بها.

المصادر

  1. ^ "نبذة عن وقعة الزبارة". منتديات البحرين العربية. 2012-04-12. Retrieved 2012-08-16.

جسر الصداقة البحريني القطري

يوجد مشروع لانشاء جسر الصداقة البحريني القطري ليصبح عند اكتماله أطول رابط ثابت في العالم، ليصل بين الساحل الشمالي الغربي لقطر بالقرب من الزبارة والمنامة جنوب البحرين. وسوف يقع طرف الجسر من الجانب القطري على بعد كيلومترات من الزبيرة، ليعكس التأثير الثقافي البارز للموقع.

انظر أيضاً

المصادر

قراءات إضافية

  • Abu Hakima, A.M. (1965). History of Eastern Arabia 1750–1800. The Rise and Development of Bahrain and Kuwait. Khayats.
  • Abu-Lughod, J.L. (1987). "The Islamic City — Historic Myth, Islamic Essence, and Contemporary Relevance". International Journal of Middle East Studies. 19/2: 155–176.
  • Al Khalifa, A.b.K.; Hussain, A.A. (1993). "The Utoob in the eighteenth century". In Al Khalifa, A.b.K.; Rice, M. (eds.). Bahrain through the ages: the history. London: Kegan Paul. pp. 301–334.
  • Bibby, G. (1969). Looking for Dilmun. New York: Knopf.
  • Bille, M., ed. (2009). End of the Season Report 2009, Vol. 1. Archaeological Excavations & Survey at az-Zubarah, Qatar. University of Copenhagen/Qatar Museums Authority.
  • Bowen, R. Le B. (1951). "The Pearl Fisheries of the Persian Gulf". The Middle East Journal. 5/2: 161–180.
  • Breeze, P.; Cuttler, R.; Collins, P. (2011). "Archaeological landscape characterization in Qatar through satellite and aerial photographic analysis, 2009 to 2010". Proceedings of the Seminar for Arabian Studies. 41.
  • Brucks, G.B. (1865). "Navigation of the Gulf of Persia". In Thomas, R.H. (ed.). Arabian Gulf Intelligence. Selections from the Records of the Bombay Government. Concerning Arabia, Kuwait, Muscat and Oman, Qatar, United Arab Emirates and the Islands of the Gulf. Cambridge: The Oleander Press. pp. 531–580.
  • Carter, R. (2005). "The History and Prehistory of Pearling in the Persian Gulf". Journal of Economic and Social History of the Orient. 48/2: 139–209.
  • Fuccaro, N. (2009). "Histories of City and State in the Persian Gulf: Manama since 1800". Cambridge Middle East Studies. Cambridge/New York: Cambridge University Press. 30.
  • Lorimer, J.G. (1915). Gazeteer of the Persian Gulf, Oman and Central Arabia. i. Historical. Calcutta: Office of the Superintendent Government Printing.
  • Moulden, H.; Cuttler, R.; Kelleher, S. (2011). "Conserving and Contextualising National Cultural Heritage: The 3D digitisation of the Fort at Al Zubarah and Petroglyphs at Jebel Jassasiya, Qatar". Proceedings of the Seminar for Arabian Studies. 41.
  • Onley, James (2004). "The Politics of Protection in the Gulf: The Arab Rulers and the British Resident in the Nineteenth Century". New Arabian Studies. Exeter University Press. 6: 30–92.
  • Rahman, H. (2005). The Emergence of Qatar: the turbulent years 1627–1916. London: Thames & Hudson.
  • Rees, G.; Walmsley, A. G.; Richter, T. (2011). "Investigations in the Zubarah Hinterland at Murayr and Furayhah, North-West Qatar". Proceedings of the Seminar for Arabian Studies. 41: 309–316.
  • Richter, T., ed. (2010). Qatar Islamic Archaeology and Heritage Project. End of Season Report. Stage 2, Season 1, 2009-2010. University of Copenhagen/Qatar Museums Authority.
  • Richter, T.; Wordsworth, P. D.; Walmsley, A. G. (2011). "Pearlfishers, townsfolk, Bedouin and Shaykhs: economic and social relations in Islamic Al-Zubarah". Proceedings of the Seminar for Arabian Studies. 41: 1–16.
  • Walmsley, A.; Barnes, H.; Macumber, P. (2010). "Al-Zubarah and its hinterland, north Qatar: excavations and survey, spring 2009". Proceedings of the Seminar for Arabian Studies. 40: 55–68.
  • Warden, F. (1865). "Uttoobee Arabs (Bahrein)". In Thomas, R.H. (ed.). Arabian Gulf Intelligence. Selections from the Records of the Bombay Government. Concerning Arabia, Kuwait, Muscat and Oman, Qatar, United Arab Emirates and the Islands of the Gulf. Cambridge: The Oleander Press. pp. 362–425.

وصلات خارجية


Coordinates: 25°58′37.08″N 51°02′43.63″E / 25.9769667°N 51.0454528°E / 25.9769667; 51.0454528