أقتصاد الاحتيال البريء

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الكتب بصيغة pdf
الكتب بصيغة pdf
اقتباس*
اقتباس*
اقتباس
اقتباس
 أقتصاد الاحتيال البريء كتاب تأليف عالم الاقتصاد جون كنث گالبريث

نبذة عن الكتاب

في بداية الكتاب يفسر لنا “جالبريث” التناقض الذي طرحه في عنوان الكتاب عندما وصف الاحتيال بـ”البريء”، فأولًا هذا الاحتيال لا يخرق القانون ولا يسبب أي مشكلة قانونية، بالإضافة إلى أن بعضا منه مشتق من تعاليم الاقتصاد التقليدي، فهو يتم تدريسه وتلقينه أكاديميًا في الجامعات والمدارس،

ومن خلال وسائل الإعلام على ألسنة سياسيي الأنظمة الحاكمة، وثانيًا فكثير من ممارسي هذا الاحتيال يمارسونه وينشرونه عن غير عمد، فهم ليسوا على دراية بطريقة تشكيل رؤاهم وأفكارهم ولا بكيف جُنِّدوا لممارسته ونشره، وبالتالي ليس هناك أي إحساس بالذنب أو المسئولية منهم أو تجاههم، من كل هذا أطلق “جالبريث” صفة البراءة على هذا الاحتيال.

ثم يوصف”جالبريث” طبيعة هذا الاحتيال قائلًا “أما عن طبيعة هذا الاحتيال فيتمثل جوهره في أن لا تسود الحقيقة الحياة الواقعية وإنما تسود الأفكار التي تخدم مصلحة الفئة المهيمنة اقتصاديًا وسياسيًا في المجتمع”،

ويشير “جالبريث” إلى أن المحور الرئيسي في هذه الأطروحة هو الدور المهيمن للكوربوريشن Corporation  (شركة مساهمة ذات مستوى كبير ومتطور من الحجم والنضج والتعقد والهيكل الإداري) في المجتمع الاقتصادي الحديث، والناجم عن انتقال السلطة الحقيقية في ذلك الكيان من ملاكها المساهمين إلى الإدارة أو ما يسميهم جالبريث بالـ”Technostructure”، وهيمنة هؤلاء على السلطة العامة في البلاد، وتدعيمهم للتزوّد بالأسلحة ونشوب الحروب، بغرض فرض السيطرة على الموارد المادية والبشرية وتوسيع نطاقها.

ومن خلال ثمانية فصول يتناول “جالبريث” ثمانية مظاهر يتجلّى فيهم بشدة هذا الاحتيال الاقتصادي غير البريء، سنعرضهم تباعًا.

الاحتيال الأول “إعادة تسمية النظام”

نشأت الرأسمالية كنمط إنتاجي في أوروبا نتيجة لتوسع وازدهار التجارة وما استتبعه من تطور في الصناعة لتنمية حجم الإنتاج ولمواكبة حجم الطلب المتزايد، ومع مرور الوقت تطورت الرأسمالية، وأصبح لملاك رأس المال الصناعي (أو ملاك وسائل الإنتاج) مكانة وسلطة مباشرة وغير مباشرة داخل المجتمع،

ومع مرور الوقت أيضًا تراكم على الجانب الآخر الحشود من العمال الذين يكدحون كدحًا مؤلمًا في مقابل الحصول على ما يكفي للحفاظ على حياتهم، وزاد هذا الاستغلال والقهر بمرور الوقت مع تطور الرأسمالية وزيادة سلطتها، فكانت كلمة “الرأسمالية” تؤكد بجزم بالغ على سلطة الملكية وحجم القهر والاستغلال الهائل للعمالة وبالتالي الاحتمال الكبير لاندلاع ثورة.

وفي نهاية القرن التاسع عشر في الولايات المتحدة كان للرأسمالية مضمون سلبي ليس فقط على مستوى العمال والمتمثل في الأجور المجحفة وظروف العمل السيئة، بل أيضا على مستوى الجمهور عامة نتيجة استغلالهم عن طريق الأسعار بسبب وجود الاحتكار وشبه الاحتكار،

وفي أكتوبر عام 1907 أدى الخطر الذي لاح عن إفلاس واسع النطاق في وول ستريت (فزع 1907 أو أزمة نيكربوكر Knickerbocker crisis) إلى الاعتقاد بأن الرأسمالية ليست مستغِلة فحسب بل أيضًا لها قابلية أكبر لتدمير نفسها، وخلال الحرب العالمية الأولى انتشرت بين الشعوب فكرة تطورت إلى عقيدة مؤداها أن مصدر الصراع والإبادة الجماعية التي انطوت الحرب عليها هو التنافس بين مجمعات الأسلحة والصلب الكبرى في فرنسا وألمانيا، أي أن وراء المذابح يكمن أولئك الذين يصنعون البنادق بغية الربح.

وهكذا بلغت الرأسمالية من سوء، ففي أوروبا أثارت الرأسمالية الثورات والإضرابات، وفي الولايات المتحدة استدعت التشريعات المعاكسة، ثم جاء الانهيار المدوّي العالمي في 1929 ولعشر سنوات طوال كان الكساد العظيم، وصار جليًا أن الرأسمالية لم تكن تعمل بنجاح وباتت غير مقبولة.

وتبع ذلك البحث الجاد عن اسم لطيف خَيِّر كبديل للرأسمالية التي أصبحت اسمًا غير مقبول للنظام الاقتصادي، كان مسمى “المشروع الحر” قد جُرِّب في الولايات المتحدة ولم يحالفه التوفيق،

وفي أوروبا كانت هناك “الديمقراطية الاجتماعية” وهي خليط مؤلف من عناصر رأسمالية واشتراكية، ولكن الاشتراكية لم تكن مقبولة وما زالت في الولايات المتحدة فكان “الإصلاح الجديد New Deal” لفرنكلين روزفلت وجماعته، ثم جاء تعبير “نظام السوق” على نحو سديد حيث إنه لم يكن هناك تاريخ سلبي لهذا المسمى، في الواقع لم يكن أصلًا له تاريخ، وبالفعل لم يكن هناك مصطلح سطحي وغير معبر عن الواقع الاقتصادي أكثر من هذا (نظام السوق)، لذلك تم اختياره.

وبالرغم من أن هناك حاجزا ليس بالكبير أمام إعادة التسمية الكاملة للنظام حيث أنه ما زال لمصطلحات الرأسمالية التجارية والصناعية والمالية استخدام تاريخي في وصف التاريخ الاقتصادي الاجتماعي للأمم وأيضًا استخدام تلميحي في العالم المعاصر، إلا أنه لا يمكن للمرء أن يرتاب في أن إعادة تسمية النظام -التي ولدت من الحاجة إلى الحماية من التجربة غير المحببة للسلطة الرأسمالية وحالة عدم القبول العامة لمصطلح “الرأسمالية”، وأيضًا الحاجة للحماية من تحليل ونقد نمط الإنتاج الرأسمالي وتناقضاته لماركس وإنجلز وتلاميذهما- كانت على نحو ما ناجحة.


مصادر


المصدر: The post اقتصاد الاحتيال البريء (1) appeared first on ساسة بوست.